شهدت الليلة الأخيرة التي تسبق دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ العديد من الأحداث، منها أخطر 6 ساعات داخل أروقة حكومة الحرب في إسرائيل، وكابوس مرعب يلاحق نتنياهو، وكوارث طبيعية تلاحق تل أبيب وأمريكا، وقرار غير متوقع من ترامب بشأن حفل تنصيبه.

أخطر 6 ساعات في إسرائيل

يبدو أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة أثار غضب العديد من أعضاء حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وعلى رأسهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وفقًا لتقرير لقناة «القاهرة الإخبارية».

بن جفير يبدي يهدد بالاستقالة

بن جفير الذي أبدى انزعاجه من فرحة مواطنين غزة والضفة الغربية بانتهاء الحرب ومأساتهم معها، هدد نتنياهو بالاستقالة من حكومته حال إتمام الصفقة، التي وصفها بالسيئة، مطالبًا بضرورة مواصلة اتباع النهج ذاته في منع وعرقلة إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع.

وتحت مزاعم ضمان أمن إسرائيل، كان خيار بن جفير الأوحد هو استمرار الحرب والقتال، فضًلا عن رفض الانسحاب من محور فيلادلفيا.

تهديدات بن جفير لنتنياهو، دفعت زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، للتعليق وإعلان دعمه لنتنياهو للمرة الأولى، إذ طلبه بإتمام الصفقة، وعدم الرضوخ للضغوط، مؤكدًا توفير كل سبل الأمان لتحقيق ذلك دون أي خوف.

أكبر كوابيس نتنياهو

حقيقة الأمر وفقًا للخبراء أن مخاوف نتنياهو لم تكمن في تلك الاستقالة المحتملة التي كان على مسبق بها، ولا في التهديدات ذاتها، لكونها لن تؤثر في بقاء حكومته من عدمه، إذ أن لديه 6 مقاعد بالكنيست، وهو ما يبقا مع 62 مقعد، حيث تحتاج إلى 61 فقط، من أصل 21 لتضمن بقائها.

لكن ما يخيف نتنياهو ويعيد أكبر كوابيسه، الاستقالة المحتملة لوزير المالية وزعيم حزب الصهيونية الدينية، بتسليل سموتريتش، لأن استقالته ستؤدي إلى إفقاد نتنياهو مقعد الأمان بالكنيست وبالتالي إسقاط حكومته.

ذلك التصدع الجديد، يكشف حجم الخلافات التي حاولت حكومة تل أبيب إخفائها، زادتها توترًا تلك الصفقة التي أزعجت اليمين المتطرف، ودفعته للكشف عن نواياه الشيطانية في استكمال الحرب وسفك الدماء وسلب الفلسطينيين أحلامهم وأراضيهم.

تفاصيل أصعب 6 ساعات لحكومة الحرب الإسرائيلية

شهدت الساعات القليلة الماضية العديد من الأحداث الهامة منها، تفاصيل اجتماع الكابينت الإسرائيلي قبل اتفاق غزة.

أفادت تقارير صحفية بموافقة مجلس الوزراء الإسرائيلي، في اجتماع طارئ ليلة الجمعة، على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وفقًا لما ذكرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية.

وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فجر السبت، أن مجلس الوزراء وافق على اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس، والذي يتضمن إطلاق سراح المحتجزين من غزة، وذلك قبل ساعات قليلة من موعد بدء تنفيذه.

وذكر مكتب نتنياهو أن اجتماع الكابينت الذي ناقش الاتفاق استمر أكثر من 6 ساعات، وشهد نقاشات مكثفة وصراعات بين أعضاء الحكومة.

وأشار بيان الحكومة إلى الموافقة على خطة إعادة الرهائن، مع تأكيد بدء تنفيذ الاتفاق يوم الأحد.

كوارث طبيعية تهدد الاحتلال الإسرائيلي

أفاد تقرير لصحيفة «يديعوت أحرنوت» العبرية بأن إسرائيل تواجه خطرًا متزايدًا من حدوث كوارث طبيعية، مثل حرائق الغابات المدمرة التي شهدتها لوس أنجلوس خلال الأيام الماضية، كما أن التنسيق الضعيف بين السلطات يزيد من خطورة هذه الكوارث، بينما يعيق نقص التمويل جهود مكافحة الحرائق.

وفي مواجهة الفيضانات، يعاني الاحتلال الإسرائيلي من قصور في التنسيق لمواجهة المياه الغزيرة، وفي حالة حدوث زلازل، يمتلك السكان ثوانٍ معدودة للنجاة، ما يوضح هشاشة الاستعدادات الإسرائيلية لمواجهة مثل هذه السيناريوهات.

مخاطر تنتظر سكان لوس أنجلوس

أوصت حكومة مدينة لوس أنجلوس النازحين بسبب حرائق الغابات، بعدم العودة إلى منازلهم لمدة لا تقل عن أسبوع، وذلك بهدف تمكين فرق الطوارئ من إزالة المخلفات الخطرة وإصلاح مرافق الكهرباء والغاز المتضررة، حسبما ذكرت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية.

وتهدد الانهيارات الأرضية المتكررة التلال المتضررة، حيث لم تعد المباني المهدمة قادرة على حماية التربة، وتزيد مياه الأمطار وخراطيم الإطفاء من خطر الانهيارات، ما يضاعف معاناة السكان الذين يواجهون أسوأ كارثة طبيعية شهدتها المنطقة على الإطلاق.

الأرجنتين تشهد حرائق غابات

بسبب موجة الحر الشديدة، شهدت الأرجنتين اندلاع عدد من الحرائق في الغابات، وطالت النيران منطقة باتاجونيا، ما اضطر مئات العائلات إلى إخلاء منازلها، حسبما ذكرت صحيفة في «Citizen Tribune» الأمريكية.

تسببت الرياح القوية ودرجات الحرارة المرتفعة في نشوب حريق مزق الأراضي العشبية والغابات بالقرب من قرية إيبوين النائية، ما قلل مناطق البرية وحولها إلى خراب.

ووصف حاكم الإقليم إجناسيو توريس حجم حرائق الأرجنتين بأنها كارثية، مشيرًا إلى أن الحرائق التي اجتاحت المنطقة امتدت بسرعة هائلة، حيث التهمت مساحة تعادل 1600 ملعب كرة قدم خلال 5 ساعات فقط بفعل سوء الأحوال الجوية.

كارثة جديدة في كاليفورنيا

اندلع حريق هائل في أحد أكبر مصانع تخزين البطاريات في العالم بولاية كاليفورنيا، ما دفع السلطات لإصدار أوامر إخلاء عاجلة لمئات الأشخاص في شمال الولاية، حسبما ذكرت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية.

وأصدرت السلطات أوامر إخلاء طارئة لنحو 1500 شخص في موس لاندينج ومنطقة الكورن سلو، بعد تصاعد ألسنة اللهب والدخان الكثيف في سماء المنطقة مساء الخميس، دون أي بوادر على احتواء الحريق.

اندلع حريق هائل في أحد أكبر مصانع تخزين البطاريات في العالم بولاية كاليفورنيا، ما دفع السلطات لإصدار أوامر إخلاء عاجلة لمئات الأشخاص في شمال الولاية، حسبما ذكرت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية.

حرائق كاليفورنيا

وأصدرت السلطات أوامر إخلاء طارئة لنحو 1500 شخص في موس لاندينج ومنطقة الكورن سلو، بعد تصاعد ألسنة اللهب والدخان الكثيف في سماء المنطقة مساء الخميس، دون أي بوادر على احتواء الحريق.

ويقع مصنع موس لاندينج باور، وهو منشأة تابعة لشركة فيسترا إنرجي التي تتخذ من تكساس مقرًا لها، على بعد مسافة تقدر بحوالي 124 كيلومترًا جنوب مدينة سان فرانسيسكو، ويحتوي على مخزون ضخم من بطاريات الليثيوم، كما لم يُعرف بعد سبب اندلاع الحريق، والذي يصعب إخماده نظرًا لطبيعة البطاريات.

غير عادي

إخلاء السكان بعد إندلاع حريق في محطة "موس لاندينغ" للطاقة في كاليفورنيا والتي تعتبر إحدى أكبر منشآت تخزين بطاريات الليثيوم في العالم pic.twitter.com/lf50PPwzeB

— موسكو MOSCOW NEWS (@M0SC0W0) January 17, 2025 عملية إجلاء جميع الأفراد

وأكدت شركة فيسترا، في بيان لها، أن عملية إجلاء جميع الأفراد من الموقع تمت بسلامة بعد رصد الحريق.

وفي وقت سابق من عام 2021 و2022 وقعت حرائق في مصنع فيسترا بسبب عطل في نظام رذاذ الحرائق، تسبب في ارتفاع درجة حرارة بعض الوحدات، حسبما ذكرت صحيفة «ذا ميركري نيوز».

ترامب يصدر تعليمات بإقامة خطاب التنصيب داخل قاعة روتونداو

للمرة الأولى منذ 40 عامًا، ستُقام مراسم تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب، يوم الاثنين، داخل مبنى الكابيتول بدلًا من الهواء الطلق بسبب البرد القارس، حسبما ذكرت وكالة «رويترز».

أصدر ترامب، عبر منصته «Truth Social»، تعليمات بإقامة خطاب التنصيب، إلى جانب الصلوات والخطابات الأخرى، في قاعة روتوندا بمبنى الكابيتول في الولايات المتحدة.

وكانت آخر مرة نُقلت فيها مراسم تنصيب رئيس إلى الداخل بسبب البرد القارس عام 1985، خلال أداء الرئيس رونالد ريجان اليمين الدستورية الثانية، إذ وصلت درجات الحرارة إلى ما بين -23 و -29 درجة مئوية.

وأفادت تقارير الأرصاد الجوية الأمريكية بتوقع طقس بارد في واشنطن يوم الاثنين، إذ ستسجل درجة الحرارة حوالي 19 درجة فهرنهايت (-7 مئوية)، مع برودة الرياح التي ستزيد من الشعور بالبرد خلال أداء ترامب للقسم الرئاسي.

هل سيتمكن الجميع من حضور مراسم التنصيب؟

وأعلن ترامب أن مؤيديه، الذين لن يتمكنوا من حضور مراسم التنصيب مباشرةً، سيكون بإمكانهم مشاهدتها على شاشات كبيرة في صالة «Capital One Arena»، وهي صالة رياضية في وسط واشنطن تتسع لما يقارب 20 ألف شخص.

وأضاف أن العرض الرئاسي، الذي كان من المقرر أن يشمل فرق موسيقية ومجموعات مسيرة تتقدم عبر شارع بنسلفانيا إلى البيت الأبيض، سيُنقل إلى «Capital One Arena». ولم يُتضح بعد كيف سيتم تنظيم الموكب داخل الساحة الرياضية.

وأشار ترامب إلى أنه سينضم إلى الحشد في الساحة بعد أداء القسم الرئاسي.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مفاوضات غزة ترامب ونتنياهو بن غفير يهدد الحرب في غزة حرائق كاليفورنيا تسونامي أمريكا اتفاق وقف إطلاق النار أوامر إخلاء حسبما ذکرت سکای نیوز بن جفیر

إقرأ أيضاً:

هذا هو عقاب هارفارد والجامعات التي خانت طلابها

تبنّت وسائل الإعلام والجامعات والحزب الديمقراطي والليبراليون فكرة "معاداة السامية المتفشية"، فمهّدوا الطريق لهلاكهم بأنفسهم. جامعتا كولومبيا وبرينستون، حيث درّست، وجامعة هارفارد، التي درستُ فيها، ليست حواضن للكراهية تجاه اليهود.

وصحيفة نيويورك تايمز، التي عملت بها لمدة خمسة عشر عامًا، والتي يصفها ترامب بأنها "عدو الشعب"، تخضع طوعًا للرواية الصهيونية. ما تشترك فيه هذه المؤسسات ليس معاداة السامية، بل الليبرالية. وهذه الليبرالية، بعقيدتها القائمة على التعددية والشمول، مستهدفة من نظامنا السلطوي للمحو التام.

إن الخلط بين الغضب من الإبادة الجماعية ومعاداة السامية هو حيلة دنيئة لإسكات الاحتجاج، وإرضاء المتبرعين الصهاينة، وطبقة المليارديرات والمعلنين.

هذه المؤسسات الليبرالية، من خلال تسليح مصطلح "معاداة السامية"، قمعت وطردت النقّاد، وحظرت مجموعات طلابية مثل "الصوت اليهودي من أجل السلام"، و"طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، وسمحت للشرطة باعتقال المئات من المحتجين السلميين في الحرم الجامعي، وفصلت أساتذة، وتذللت أمام الكونغرس. استخدم مصطلحات مثل "أبارتهايد" أو "إبادة جماعية"، وسيتم فصلك أو تشويهك.

في هذه الرواية الخيالية، يُصوَّر اليهود الصهاينة كمضطهدين. أما اليهود الذين يحتجون على الإبادة الجماعية، فيُشوَّهون ويُعاقبون. هناك "يهود جيدون" و"يهود سيئون". فئة تستحق الحماية، وأخرى تُقدّم للذئاب. هذا الانقسام الكريه يفضح المسرحية كلها.

إعلان

في أبريل/ نيسان 2024، أدلت رئيسة جامعة كولومبيا، نعمت شفيق، بشهادتها أمام لجنة التعليم في مجلس النواب الأميركي، برفقة عضوين من مجلس الأمناء وأستاذ قانون. قبلت شفيق فرضية أن معاداة السامية تمثّل مشكلة كبيرة في كولومبيا ومؤسسات التعليم العالي الأخرى.

وعندما قال ديفيد غرينوالد، الرئيس المشارك لمجلس أمناء كولومبيا، إن شعارات مثل "من النهر إلى البحر" و"تحيا الانتفاضة" معادية للسامية، وافقته شفيق، وقامت بالتخلي عن الطلاب والأساتذة، بمن فيهم البروفيسور يوسف مسعد.

في اليوم التالي لجلسة الاستماع، أوقفت شفيق جميع الطلاب المشاركين في الاحتجاجات، واستدعت شرطة نيويورك (NYPD)، التي اعتقلت ما لا يقل عن 108 طلاب. كتبت شفيق في رسالتها للشرطة: "لقد قررت أن المخيم والاضطرابات المرتبطة به تمثل خطرًا واضحًا ومباشرًا على الوظيفة الأساسية للجامعة".

لكن رئيس شرطة نيويورك، جون تشيل، قال للصحافة: "الطلاب الذين تم اعتقالهم كانوا سلميين تمامًا، ولم يُبدوا أي مقاومة، وكانوا يعبّرون عن آرائهم بطريقة سلمية".

في الجلسة، سألت النائبة إليز ستيفانيك: "ما الإجراء التأديبي الذي اتُخذ ضد تلك الأستاذة؟"، مشيرة إلى أستاذة القانون كاثرين فرانكي. فأجابت شفيق بأن فرانكي، وهي يهودية وقد درّست في كلية القانون 25 عامًا، طُلب منها مغادرة منصبها، وأنها، إلى جانب أساتذة آخرين، تخضع للتحقيق.

وأشارت كذلك إلى البروفيسور الزائر محمد عبدو، وقالت إنه "تم فصله"، وتعهدت بأنه "لن يُدرّس في كولومبيا مرة أخرى". عبدو يقاضي الجامعة بتهم التشهير والتمييز والتحرش والخسائر المالية والمهنية.

كتب مركز الحقوق الدستورية عن خيانة فرانكي: "في هجوم صارخ على حرية الأكاديميا والدعوة لحقوق الفلسطينيين، دخلت جامعة كولومبيا في "اتفاق" مع كاثرين فرانكي لمغادرة منصبها التدريسي بعد مسيرة حافلة استمرت 25 عامًا. هذه الخطوة -بحسب فرانكي- كانت فصلًا تم تغليفه بعبارات مقبولة".

إعلان

وقد ارتكبت "جريمتها"، حين أعربت عن قلقها من فشل الجامعة في التصدي لتحرشات طلاب إسرائيليين قادمين من الخدمة العسكرية بمؤيدين لحقوق الفلسطينيين، بعد أن رش الإسرائيليون المتظاهرين بمادة كيميائية سامة.

على إثر ذلك، تم التحقيق مع فرانكي بتهمة التحرش، وتقرر أنها انتهكت سياسات كولومبيا. السبب الحقيقي لإقصائها كان قمع المعارضة في الجامعة عقب احتجاجات تاريخية ضد إبادة الفلسطينيين في غزة. وقد تم حسم مصير فرانكي عندما تخلّت عنها شفيق خلال شهادتها الجبانة أمام الكونغرس.

رغم خضوعها للوبي الصهيوني، استقالت شفيق بعد عام وبضعة أشهر من توليها المنصب. لكن القمع استمر؛ تم اعتقال نحو 80 شخصًا، وتعليق أكثر من 65 طالبًا في أوائل مايو/ أيار بعد احتجاج في مكتبة الجامعة. رئيسة الجامعة المؤقتة، الصحفية السابقة كلير شيبمان، أدانت الاحتجاج بقولها: "لن يتم التسامح مع أي تعطيل للأنشطة الأكاديمية.. كولومبيا تدين بشدة العنف في حرمها، ومعاداة السامية وكل أشكال الكراهية والتمييز".

بالطبع، الاسترضاء لا ينفع. لم تكن هذه الحملة، سواء تحت إدارة بايدن أو ترامب، قائمة على حسن النية. بل كانت تهدف لقطع رؤوس منتقدي إسرائيل، وتهميش الطبقة الليبرالية واليسار. إنها مدفوعة بالأكاذيب والتشهير، التي لا تزال هذه المؤسسات تتبناها.

مشاهدة هذه المؤسسات الليبرالية، التي تعادي اليسار، وهي تُشهر بها إدارة ترامب بتهم "الماركسيين المجانين" و"اليساريين المتطرفين" و"الشيوعيين"، تكشف فشلًا إضافيًا لهذه الطبقة. كان بإمكان اليسار إنقاذ هذه المؤسسات أو على الأقل تزويدها بالتحليل والشجاعة لاتخاذ موقف مبدئي. اليسار على الأقل يسمّي الأبارتهايد أبارتهايد، والإبادة الجماعية إبادة جماعية.

تنشر وسائل الإعلام مقالات وآراء تقبل دون تمحيص مزاعم طلاب وأكاديميين صهاينة. لا تميز بين اليهودي والصهيوني، وتشيطن المحتجين، ولا تغطي المخيمات الطلابية بصدق، حيث اتحد يهود ومسلمون ومسيحيون من أجل قضية واحدة. شعارات مناهضة للصهيونية ومؤيدة للتحرر الفلسطيني تُصنّف باعتبارها خطاب كراهية أو معاداة للسامية أو سببًا لشعورالطلاب اليهود بعدم الأمان.

إعلان أمثلة من الصحف:  نيويورك تايمز: "لماذا تُقلق الاحتجاجات في الحرم الجامعي؟"، "أنا أستاذ في كولومبيا. ما يحدث ليس عدالة"، "ما الذي يجعل احتجاجًا معاديًا للسامية؟". واشنطن بوست: "سمّوا الاحتجاجات الجامعية كما هي"، "اعذروا الطلاب، لا الأساتذة". ذي أتلانتيك: "المخيمات الاحتجاجية غير أخلاقية"، "مشكلة كولومبيا مع معاداة السامية". سلايت: "متى تتجاوز الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين حدود معاداة السامية؟". فوكس: "موجة متصاعدة من معاداة السامية في الجامعات خلال احتجاجات غزة". ماذر جونز: "كيف أشعلت الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين معاداة السامية في الجامعات؟". ذا كت: "مشكلة احتجاجات فلسطين في الحرم الجامعي". ديلي بيست: "طفرة في معاداة السامية خلال احتجاجات الجامعات الأميركية".

ووفقًا لمذكرة داخلية حصل عليها موقع ذا إنترسبت، طلبت صحيفة نيويورك تايمز من مراسليها تجنّب استخدام كلمات مثل: "مخيمات اللاجئين"، "الأراضي المحتلة"، "مجزرة"، "ذبح"، "إبادة جماعية"، و"تطهير عرقي" عند الحديث عن فلسطين. بل إنها تثني عن استخدام كلمة "فلسطين" في النصوص والعناوين.

في ديسمبر/ كانون الأول 2023، أرسلت حاكمة نيويورك الديمقراطية كاثي هوشول رسالة لرؤساء الجامعات تحذر فيها من الفشل في إدانة معاداة السامية، متوعدة بعقوبات شديدة.

وفي أكتوبر/ تشرين الثاني 2024، قالت في مناسبة تأبينية: "هناك قوانين – قوانين حقوق إنسان، قوانين فدرالية وولائية – سأطبقها إذا سمحتم بالتمييز ضد طلابنا، حتى باستخدام عبارات مثل: "من النهر إلى البحر"، فهي دعوات صريحة لإبادة اليهود".

وضغطت هوشول بنجاح على جامعة مدينة نيويورك لإلغاء وظيفة دراسات فلسطينية بسبب مصطلحات مثل: "استعمار استيطاني"، و"إبادة جماعية"، و"أبارتهايد".

في كتابه الجديد؛ "معاداة السامية في أميركا: تحذير"، يقود زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر حملة الحزب الديمقراطي لإدانة المحتجين على الإبادة الجماعية باعتبارهم يمارسون "افتراء دمويًا ضد اليهود". ويكتب: "بغض النظر عن وجهة نظرك بشأن الحرب في غزة، لم تكن سياسة الحكومة الإسرائيلية أبدًا إبادة الشعب الفلسطيني"، متجاهلًا مئات التصريحات من مسؤولين إسرائيليين تدعو إلى محو الفلسطينيين.

إعلان

لكن الحقيقة؛ الوحشية مختلفة تمامًا، ومعترف بها من مسؤولين إسرائيليين أنفسهم. قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش: "نحن نفكك غزة، ونتركها كأنقاض، دمار شامل لا سابقة له عالميًا. والعالم لا يوقفنا". وقال عضو الكنيست زفي سوكوت للقناة 12: "قتلنا نحو 100 فلسطيني الليلة الماضية… ولا أحد يهتم. تعوّد العالم على قتل 100 فلسطيني في ليلة واحدة خلال الحرب دون أن يكترث أحد".

الاستمرار في ترويج خرافة معاداة السامية المنتشرة- التي توجد، ولكن لا تُغذى أو تُشجع من هذه المؤسسات- ورفض قول الحقيقة الموثقة على الهواء مباشرة، حطّم ما تبقى من سلطة أخلاقية لتلك المؤسسات والليبراليين، ومنح مصداقية لمساعي ترامب لتدمير مؤسسات الديمقراطية الليبرالية.

يحيط بترامب متعاطفون مع النازيين الجدد، وفاشيون مسيحيون يدينون اليهود لأنهم صلبوا المسيح. لكن معاداة السامية من اليمين تمرّ دون مساءلة لأن هؤلاء "المعادين الجيدين للسامية" يدعمون المشروع الصهيوني الاستيطاني للإبادة: مشروع يرغب هؤلاء الفاشيون في تطبيقه على السود والملونين باسم "نظرية الاستبدال العظيم". ويروج ترامب لفكرة "إبادة البيض" في جنوب أفريقيا. وفي فبراير/ شباط، وقّع أمرًا تنفيذيًا يُسرّع هجرة الأفريكانيين (البيض الجنوب أفريقيين) إلى الولايات المتحدة.

جامعة هارفارد، التي تحاول إنقاذ نفسها من هجوم إدارة ترامب، كانت متواطئة تمامًا في هذه الحملة. فقد أدانت رئيسة الجامعة السابقة كلودين غاي شعار: "من النهر إلى البحر" بوصفه يحمل "دلالات تاريخية محددة توحي لكثيرين بإبادة اليهود".

وفي يناير/ كانون الثاني 2024، شدّدت الجامعة قواعد الاحتجاجات، وزادت الوجود الأمني، ومنعت 13 طالبًا من التخرج، ووضعت أكثر من 20 آخرين في "إجازة قسرية"، وطردت بعضهم من السكن الجامعي.

إعلان

هذه السياسات انتشرت في جامعات أخرى. ورغم كل هذه التنازلات والقمع لحرية التعبير والنشاط المؤيد لفلسطين منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، لم تسلم الجامعات من الهجوم.

منذ تولي ترامب منصبه، تم تعليق أو تجميد ما لا يقل عن 11 مليار دولار من المنح والعقود الفدرالية البحثية، بما في ذلك 3 مليارات لهارفارد، و400 مليون لكولومبيا، و175 مليونًا لجامعة بنسلفانيا، و6-7.5 ملايين سنويًا لجامعة برانديز.

وفي 22 مايو/ أيار، صعّدت إدارة ترامب من هجومها على هارفارد بإلغاء قدرتها على تسجيل طلاب دوليين (يشكّلون نحو 27% من عدد الطلاب).

قالت كريستي نويم، وزيرة الأمن الداخلي، على منصة إكس: "هذه الإدارة تحاسب هارفارد على تحريضها على العنف، ومعاداة السامية، وتنسيقها مع الحزب الشيوعي الصيني في حرمها". وأضافت: "ليكن هذا تحذيرًا لجميع الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في البلاد".

لقد أساءت هارفارد، مثل كولومبيا والإعلام والحزب الديمقراطي والطبقة الليبرالية، قراءة موازين القوة. ومن خلال رفض الاعتراف بالإبادة الجماعية في غزة، واضطهاد من يفعل، قدمت الذخيرة لجلاديها.

وها هي تدفع ثمن غبائها وجبنها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • 4 أشخاص يتحر.شون بالفتيات أمام حديقة بالقاهرة.. وقرار عاجل من النيابة
  • هذا هو عقاب هارفارد والجامعات التي خانت طلابها
  • كندا تحترق.. آلاف السكان يفرّون من جحيم حرائق الغابات التي تلتهم البلاد
  • عاجل | بيان مصري قطري يؤكد تكثيف الجهود لتذليل العقبات التي تشهدها مفاوضات غزة
  • صحيفة إسرائيلية: تركيا أصبحت القوة الجديدة التي تُقلق إسرائيل في الشرق الأوسط!
  • ملف المخدرات في السودان يُعد من أخطر الملفات التي واجهت البلاد
  • عاجل || وفاة أسطورة إنتر ميلان قبل ساعات من نهائي دوري أبطال أوروبا
  • ترامب: هدنة مرتقبة بين حماس وإسرائيل خلال ساعات
  • رئيس عمليات جيش الاحتلال السابق يتهم نتنياهو وسموتريتش بتوريط إسرائيل
  • شروط ترامب أو نيران نتنياهو.. كشف فحوى رسالة سعودية لخامنئي