ـ بين العام الذي ودعنا بكل أفراحه وأتراحه.. بين منغصاته وأحلامه التي وُلدت والتي لم يكتب لها الحياة والعام الجديد المُعلّقة أيامه على جبين الغيب خيط رفيع.. رفيع للغاية.
ـ فكرة وضع خريطة طريق لما نريد أن نكونه أو أن يكون لدينا أو نتمنى أن يتحقق في العام الجديد فكرة جوهرية يجب أن تكون أولوية؛ فالتخطيط المُسبق هو أساس أي عمل ناجح، أما أن يكون ما سيأتي رهن المصادفة فهو تخبط مردوده لا ريب كارثي.
ـ ونحن نرتب أهداف عامنا الجديد لن نغفل بطبيعة الحال عن كل ما يمُت بصِلة إلى استقرارنا المالي وما يدور في فَلكه كبدء مشروع صغير يدرُّ دخلًا إضافيًّا أو أن نتخلّص من تبِعات قرض استهلاكي مُرهق أو نقوم بشراء سيارة سعرها لن يتسبب لنا في إشكال مادي، لكننا ربما نغفل عن إدراج هدف مهم ضمن الأجندة وهو إعادة ترتيب نفسياتنا المُتعبة.. لن يحظى هذا الجانب ولو ببعض اهتمامنا، بل سيجد نفسه خارج أسوار الاهتمام.
ـ ألا يتذكر الإنسان أن يُعيد تشكيل علاقته بخالِقه وأن يُرمم الصدوع التي آذته.. ألَّا يكون هذا الهدف رئيسيًّا يعني أنه يواصل المُضي في طريق المجهول ولن يهتدي إلى طريق الخلاص أبدًا.. فلأنه خطّاء لم يغادره عامه دون أن تتضرر هذه العلاقة وسط عالم تحاصره المُغريات من كل اتجاه.
ـ قبل أن يرتب أولويات عامه الجديد قرّر أن يتوقف طويلًا عند أيام وأشهر العام الذاهب إلى غير رجعة، تلك التي انفلتت من بين يديه دون أن يشعر.. تساءل: أي مبرر يدفع بالإنسان إلى تقطيع وشائج رائعة مع أُناس أحبهم يومًا من الأيام طالما أن الإنسان مجبول على ارتكاب الهفوات؟ قرّر وهو يستشرف العام الجديد أن يُعيد بناء ما انهدم من علاقات ويرمم ما هو آيل للسقوط قبل أن يصحو من خدره يومًا وقد اختفى أحبابه للأبد.
ـ وأنت تضع الخطوة الأولى على طريق عامك الجديد تذكر أن تعيش متصالحًا مع نفسك راضيًا بما تملك.. ارسم أهدافك بواقعية ولا تشطُط فكل ما تملكه أُعطيته مُمتحَنًا وكل ما حُجب عنك مُنعتهُ خِيرة ومحبة.. في العام الجديد لك الحق كل الحق أن تحلم وتحلم وتحلم لكن المنجزات لا تُبنى بالأحلام وحدها.
ـ يقول وعينه على العام الجديد.. سأُعيد الهدوء إلى روحي المُرهقة بعد معارك حياتية مضنية ربما لأنه لا شيء يستحق دخول المعارك وإن خرج الإنسان منتصرًا.. سأُذكِّر نفسي بين اللحظة والأخرى أنني لن أكون بحاجة إلى سنة تضج بالمناكفات، بل إلى عام من السلام الداخلي والحب والرضا.
النقطة الأخيرة..
«أصدقائي، لا تموتوا مثلما كنتم تموتونَ
رجاءً لا تموتوا، انتظروني سنةً أُخرى
سنة
سنةً أُخرى فقط.
ربما أُنهي حديثًا قد بَدأ
ورحيلًا قد بدأْ
ربما نستبدلُ الأفكارَ بالمشي على
الشارعِ
أحرارًا من الساعة والرايات
هل خُنَّا أحدا
لنُسمّي كل أرضِ، خارج الجرح،
زبدْ ؟»
محمود درويش
عُمر العبري كاتب عُماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العام الجدید
إقرأ أيضاً:
الوكيل العام الجديد للملك يؤكد على استقلال القضاء ويعلن عن تحديث النيابة العامة لتعزيز العدالة
أكد هشام البلاوي الوكيل العام الجديد للملك لدى محكمة النقض، بصفته رئيسًا للنيابة العامة، اليوم الأربعاء، بمناسبة تنصيبه، على التزامه الراسخ بتكريس استقلال السلطة القضائية والنيابة العامة، والسهر على التطبيق السليم والعادل للقانون.
جاء ذلك في كلمة شدد فيها على أهمية العدالة في « مستوى الرهانات » التي تمر بها البلاد، مستشهدًا بالخطاب الملكي السامي لعام 2009 الذي دعا إلى « قضاء فعال ومنصف، باعتبار حصنا منيعا لدولة الحق ».
وأعلن الوكيل العام للملك عن خطط لمراجعة النظام الهيكلي لمصالح النيابة العامة ليتواكب مع الصلاحيات القانونية الواسعة الموكلة لقضاتها. كما أشار إلى أن رئاسة النيابة العامة ستعمل على تدعيم مواردها البشرية بالتعاون مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ووزارة العدل، وتسعى جاهدة لإرساء حكامة جيدة والارتقاء بمستوى أداء القضاة وتحسين الخدمات المرفقية.
وتتطلع النيابة العامة، تحت قيادة الوكيل العام الجديد، إلى وضع مخطط استراتيجي لعملها خلال الأشهر القليلة القادمة، واعتماد منهجية التعاقد والعمل بالأهداف والتخطيط الاستراتيجي لرفع فعالية الأداء القضائي.
أكد الوكيل العام للملك على أن مؤسسة النيابة العامة ستكون مؤسسة مواطنة منفتحة على محيطها، تنافح عن حقوق وحريات الأشخاص، تستمع لتظلماتهم، وتتواصل مع الرأي العام عند الضرورة. وفي هذا الصدد، سيتم تسطير برنامج تكويني في مجال التواصل للمسؤولين القضائيين والقضاة الناطقين باسم النيابة العامة.
واستحضارًا للدور المحوري للقضاء في تحقيق التنمية، سيعمل الوكيل العام للملك على تفعيل دور النيابة العامة في مجال حفظ النظام العام الاقتصادي وتشجيع الاستثمار، باعتباره مدخلاً أساسياً لرفع النمو الاقتصادي في المملكة.
وفيما يتعلق بمكافحة الجريمة، شدد الوكيل العام للملك على عزم كافة مكونات النيابة العامة على التصدي للجريمة ومعاقبة مرتكبيها، مع الحرص التام على حماية حقوق وحريات الأشخاص وكرامتهم. وأكد على ترشيد استعمال الآليات القانونية المقيدة للحرية، وضمان حقوق الدفاع، والالتزام بالأجل المعقول في تدبير الإجراءات، وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة. كما سيتم التركيز على تعزيز قدرات قضاة النيابة العامة في مجال حقوق الإنسان من خلال برامج تكوينية مستمرة.
كلمات دلالية هشام البلاوي، النيابة العامة،