صدى البلد:
2025-06-27@14:13:16 GMT

مصطفى الشيمى يكتب: وحيد

تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT

"عم صابر" رجلٌ اختار الوحدة والهروب من صخب الحياة وعبثها. لم يكن ذلك مجرد قرار بالانعزال، بل كان رحلة بحث واعٍ عن موقف تجاه الحياة بكل تعقيداتها. فرض على نفسه عزلة صارمة، وابتعد عن أي صورة تجمعه مع الآخرين. ربما لم يمنح أحدًا فرصة للاقتراب منه، معتقدًا أن النجاة تكمن في عشرة نفسه.


هذا الرجل الذي عاش ومات وحيدًا، لم يكن هاربًا من الناس فحسب، بل كان يبحث عن ذاته في عزلة لم يُرِد أن يشاركه فيها أحد.

قبيل وفاته ، اشترى مقبرة جديدة لم يسبق أن سكنها أحد. وحتى بعد موته، لم يكن مستعدًا لأن يصبح جزءًا من إرث مزدحم. عاش وحيدًا، ومات وحيدًا، وقضى في قبره خمسين عامًا حتى عاد ليستنشق هواء الدنيا بطريقة مختلفة، حين وضعوا بين أكنافه طفلًا لم يعش سوى سبع ساعات.


وجود الطفل لم يكن مصادفة ؛ بل كان تجسيدًا رمزيًا لفكرة الحياة والموت، والبدايات التي لا تكتمل. رغم قصر حياته، كان هذا الملاك نقطة تحول في مكان العزلة .  كأن حضوره السريع جاء ليضع بصمة إنسانية خاطفة ، لكنها عميقة. تركت أثرًا ربما يتجاوز أعمارًا كاملة. سبع ساعات فقط، لكنها حملت معنى الولادة، البراءة، و التسامح بين الحياة والموت.


حين وضعوا الطفل بين ذراعي الرجل الوحيد، بدا كأن الحياة أرادت أن تكسر عزلته حتى بعد موته، ولكن بطريقة هادئة لا تحمل أي صخب. ربما كان الطفل رمزًا يذكّر بأن الحياة عابرة، لكنها دائمًا تترك أثرًا. أو ربما أرادت الحياة أن توصل رسالة مفادها أن الوحدة ليست مطلقة، وأن أكثر الأرواح عزلة قد تجد نفسها في لحظة اتصال عابرة، ولو للحظات قصيرة.
ومع مرور الوقت، غطت الأشجار المكان، ونبتت بصيلات الأمل من الربيع والنرجس والريحان. بقي أهل القرية يتساءلون من الذي زرع الحياة في هذا المكان الصامت.


شاء الرجل أن يحيا وحيدًا في مكان لا يشاركه فيه أحد، وحتى بعد موته، لم يكن مستعدًا لأن يصبح جزءًا من إرث مزدحم. لكن، مثل هؤلاء الذين يختارون الابتعاد عن صخب الحياة، يتركون خلفهم إرثًا مختلفًا. إرثًا لا يُقاس بالكلمات أو الأفعال المباشرة، بل بأثر صامت يتحدث عنه الزمن، كما تحدثت عنه الزهور التي غطت المكان.


هؤلاء الذين تجاهلوا الحياة بكل مغرياتها وعبثها، هم من ألقوا عليها وردة، رغم أنها أمطرتهم وابلاً من الرصاص. فهم من عرفوا مبكرًا سر الحياة وكيف ستتخلى عنهم.

هنيئًا لهم...

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الريحان الربيع النرجس المزيد لم یکن وحید ا

إقرأ أيضاً:

د.حماد عبدالله يكتب: الإدارة.. الإدارة.. الإدارة !!


 

لا حل للخروج من مأزق التخلف الذى نعانيه فى مناحى الأنشطة الحياتية فى مصر سواء كان ذلك فى مجال الإقتصاد أو الإجتماع أو السياسة إلا بحسن إختيار "مدير ناجح" يعلم أدوات الإدارة المعاصرة.

فلا شيىء تقدم فى مصر أو فى العالم إلا بحسن إختيار المدير-وتشكيل الإدارة لأى مرفق إقتصادى أو تعليمى أو صحى أو أجتماعى أو سياسى !!

ولعل بعض النماذج "الإدارية المؤسسية" فى مصر –الناجحة –والتى تعانى من الحرب التى يشنها عليها الحاقدين وضعفاء النفوس والفاسدين !! خير دليل على أن مجتمع المحروسة يعانى بشدة من فقر فى الإدارة المحترمة !!
وهذا لا يعنى إفتقارنا إلى الإفراد والشخصيات المدربة –والمتعلمة –والمؤهلة للإدارة !!
ولكن نحن نفتقر للشفافية –نفتقر للصفوف الثانية فى كل الإدارات القائمة –نفتقر للضمير الذى "نام وشبع نوم" فى مراحل الحياة المصرية المعاصرة !!
فالقتل للمتميزين يوميًا فى الجامعات وفى الحكومة –وفى المؤسسات العامة –القتل لكل كفاءة وتكفيرها فى حياتها اليومية قائم !!
والهجوم على كل ناجح وكل بادرة أمل فى أى وزارة أو مؤسسة -له تنظيمات وله أنياب وله أقلام فى الصحف –وله أصوات فى البرامج الإعلامية !!

التخلف أقوى من التقدم –لأن المتخلفون والفاسدون يستطيعوا أن يجتمعوا وأن يقتربوا من بعضهم البعض بأسرع مما يتخيله البشر –والمثل الشعبى المصرى صادق 100% (البيض الممشش يتدحرج على بعضه أو بجانب بعض ) إن التخلف والفساد شيىء واحد – عملة واحدة –يدافع عن وجوده بشكل منظم وشرعى –أما الخير وأما التميز وأما الشيىء الناجح النافع –فلا شيىء يجمعهم –ولا شيىء يحفزهم فى مجتمع –أطلق عليه د/صبرى الشبراوى –أستاذ التنمية البشرية –بالجامعة الأمريكية أن المصريون "بيدلعوا التخلف " هذه المقولة حقيقية –وإن كانت تحتاج لبعض التطوير والتوصيف الأكثر !!

إن الفساد والتخلف لهم منابع مستمرة –ولعلنا حينما نرى من يحتل المناصب –ومن يحتل منصب مساعد لتلك المناصب –مجموعة من المتخلفين الغير قادرين على الإبداع والذين يتحولون فى مراحل متفدمة إلى فاسدين –ومفسدين !
ولا أمل على الإطلاق فى مستقبل يتحكم فيه فاسد أو خامل أو غبى !!
كلهم أسماء لشخص واحد !1 وللأسف الشديد هم المسئولين عن تقدم الأمة !!
نجدهم فى أشد المناصب حساسية والتى تحتك بالجمهور يوميًا من خلال إدارة سيئة –إدارة جائت بالواسطة أو بالصدفة أو بخفة الدم أو مكافأة لقيامه بنفاق أو رياء أو مكافأة نهاية خدمة !!
لن تتقدم مصر إلا بإدارة ناجحة-لها معايير عالمية مثل كل شعوب الأرض الناجحة والناجعة !

  أ.د/حمــاد عبد الله حمـــاد

مقالات مشابهة

  • هآرتس: الدعوة لإلغاء محاكمة نتنياهو ربما تورطه في قضية جديدة
  • عبد السلام فاروق يكتب: عصر الفتن
  • د.حماد عبدالله يكتب: الإدارة.. الإدارة.. الإدارة !!
  • نتنياهو يرى فرصة لتوسيع اتفاقات السلام بعد الحرب مع إيران
  • وزراء في حكومة العدو: ما فعلناه في غزة لم يحقق نتائج
  • ما ارتداه رئيس أوكرانيا بقمة الناتو يشعل تكهنات بأن ترامب هو السبب
  • ترامب يقترح إعادة لقب "وزير الحرب" بدلا من وزير الدفاع
  • ???? حمدوك يثني على الامارات ولكنه قال أن السعودية طردت السودانيين والكويت أيضا !
  • صعوبة الحياة وتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة
  • بلال قنديل يكتب: مش من حقك