المدينة المأهولة منذ أكثر من 2500 سنة تضمّ مساجد ومنازل تشبه الأبراج مبنية من الطوب اللبن، لكنّها تواجه راهناً تهديدات مباشرة بالتعرض لضربات جوية وتهديدات غير مباشرة مرتبطة بغياب الصيانة.

أمضت دعاء الواسعي سنوات طويلة تعمل بسرور مرشدةً سياحيةً في صنعاء القديمة، تدلّ الأجانب على الحمّامات المخفيّة في العاصمة اليمنية وتصحبهم إلى أسواقها حيث متاجر المصنوعات الفضّية والتوابل والبهارات.

اعلان

وبعد مرور حوالى عقد من الحرب في أفقر دول شبه الجزيرة العربية، تبدو تلك الحياة ذكرى بعيدة والمدينة القديمة حيث نشأت الواسعي، شبه معزولة عن العالم، في حين أنّ مبانيها المشيّدة من حجر الآجر منذ آلاف السنين، متردّية.

وقالت الواسعي (40 عامًا) بالإنكليزية لوكالة فرانس برس إنّ "السياحة فتحت عينيّ على ثقافتي"، مشيرةً إلى أنّها باتت تقدّر أكثر الزيّ التقليدي والأطباق اليمنية من خلال شرحها تراث بلادها للأجانب.

وبعد أن كانت تتحدّث اللغتين الإنكليزية والألمانية بطلاقة، باتت مهاراتها اللغوية تتراجع.

وأضافت "ليست هناك كلمات تعبّر عن كارثتنا، باللغة الإنكليزية أو الألمانية أو حتى الفرنسية".

شاهد: انهيار مبانٍ تاريخية جرّاء الأمطار والسيول في صنعاءفي شوارع صنعاء المنهكة بالحرب.. مقاه جديدة تقدّم القهوة اليمنية للذواقة

وصُنّفت مدينة صنعاء القديمة المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي "في خطر" منذ 2015، بعيد تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري دعمًا للحكومة اليمنية في نزاعها مع المتمرّدين الحوثيين الذي اندلع عام 2014.

والمدينة المأهولة منذ أكثر من 2500 سنة تضمّ مساجد ومنازل تشبه الأبراج مبنية من الطوب اللبن، لكنّها تواجه راهناً تهديدات مباشرة بالتعرض لضربات جوية وتهديدات غير مباشرة مرتبطة بغياب الصيانة.

وبينما كانت تنتظر بفارغ الصبر انتهاء الحرب، احتفظت الواسعي بسجلات مؤلمة عن تدهور المدينة القديمة، وجداول بياناتها تضمّ المنازل المنهارة والفنادق المتصدّعة. وهي الآن عاقدة العزم على الاستفادة من الوقت الضائع، إذ تسعى للحصول على درجة الماجستير في السياحة من جامعة صنعاء على أمل أن تتمكن يومًا من المساعدة في تعافي المدينة القديمة، وهو أمر لا يمكن أن يحدث قريبًا.

أمريكا تعيد إلى عهدة السلطات اليمنية 77 قطعة أثرية منهوبةشاهد: أطفال اليمن يتحملون الكَبَد في السير لمسافات لتأمين المياه بدلًا من الذهاب إلى المدرسة

وقالت الواسعي "نحن نفقد صنعاء القديمة. أنا حزينة للغاية لقول ذلك".

وفي الأشهر الأولى من الحرب، أمطرت الضربات الجوية البلدة القديمة، وحوّلت المنازل والحدائق إلى أنقاض.

سمعت الواسعي قصصًا عن القصف خلال حرب أهلية سابقة في ستينيات القرن المنصرم ، لكنها لم تعتقد أبدًا أنها ستشاهدها يومًا ما بنفسها.

وتساءلت "لماذا يهاجمون مدينتنا؟".

اعلان

وتابعت "لا أسلحة في صنعاء القديمة، وممنوع مهاجمة تاريخنا. إنّهم يدمّرون تاريخنا".

ونفى التحالف الذي تقوده السعودية ويقاتل المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والذين يسيطرون على العاصمة منذ 2014 مسؤوليته في ذلك الوقت.

لكنّ المخاطر تزايدت مع استمرار الحرب.

من جهته، قال محمد الجابري، منسق المشروع في اليونسكو، إن منازل البلدة القديمة، بزخارفها المميزة من الجبس الأبيض، "هشة للغاية وتتطلب صيانة مستمرة".

لكن ثبت أنّ ذلك شبه مستحيل بالنسبة للعديد من العائلات وسط أزمة اقتصادية حادّة ورواتب قلّما تدفع ومواد غذائية لا تنفكّ أسعارها ترتفع.

اعلان

وقال الجابري "تقليديا كان أصحاب المنازل يقومون بأعمال الصيانة".

وتابع "يتخذ الناس خيارًا صعبًا بين وضع الطعام على المائدة (لعائلاتهم) والحفاظ على سقف فوق رؤوسهم".

كما عانت البنية التحتية للصرف الصحّي من الإهمال، مما جعل مباني المدينة القديمة عرضة للانهيار أثناء الفيضانات المفاجئة.

وتراجعت حدة القتال بشكل كبير في معظم أنحاء اليمن منذ سريان هدنة في نيسان/أبريل 2022.

ومع ذلك، فقد أدى عدم وجود وقف دائم لإطلاق النار إلى توقف العديد من مؤسسات البلاد، بما في ذلك هيئة الحماية العامة المكلفة بإنقاذ المواقع التاريخية، ولكنها، مثل الهيئات الحكومية الأخرى، محرومة من تدفق الأموال.

اعلان

وازداد اليأس في نيسان/ابريل عندما قُتل أكثر من 80 شخصًا في تدافع أثناء توزيع منحة نقدية في نهاية شهر رمضان في مدرسة بالمدينة القديمة.

ولم يكن مبلغ الصدقة يتجاوز خمسة آلاف ريال يمني، أي حوالى 8 دولارات فقط.

ورغم هذه المآسي المتراكمة، يتمسّك سكان المدينة القديمة بالأمل في إمكان إحياء أمجاد الماضي.

وقال عبد الله عصبة (البالغ 28 عامًا)، مشيرًا إلى شتول الطماطم والكراث "كانت هذه المزرعة مثل الجنة... لم يكن بإمكانك حتى أن تمشي فيها بسبب العشب، لقد كانت خضراء قبل الحرب".

ويقع الحقل بالقرب من مبنى دمّرته غارة جوية عام 2015، لكنّ عصبة، الذي تزرع عائلته المحاصيل في هذا الحقل منذ عقود، قال إنهم "يحاولون إعادة تأهيله، خطوة بخطوة".

وقرب بوابة اليمن التاريخية في المدينة القديمة، في المتجر الذي يبيع فيه زيوت العلاج التقليدية، يعمل صلاح الدين تحت صورة للرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران أثناء زيارته البلدة القديمة في التسعينات، في وقت كانت فيه رؤية الأجانب في شوارع صنعاء مشهداً مألوفاً.

وأعرب صلاح الدين عن ثقته بعودة تلك الأيام الخوالي، مشبّهاً المدينة القديمة بمريض في المستشفى.

وقال "عاجلاً أم آجلا، سوف تتعافى. الحرب مرض، لكنّنا سنتعافى".

المصادر الإضافية • أ ف ب

شارك في هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية دراسة: ارتفاع درجات الحرارة يخفض ساعات النوم بالفيديو: انهيار عدة مبان تاريخية في البلدة القديمة بالعاصمة اليمنية صنعاء شاهد: أول رحلة تجارية منذ ست سنوات تغادر العاصمة اليمنية صنعاء الحرب في اليمن اليمن الحوثيون صنعاء اعلاناعلاناعلاناعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليوم كرة القدم الحرب الروسية الأوكرانية الاحتباس الحراري والتغير المناخي رياضة فلسطين فلاديمير بوتين حرائق باكستان روسيا الضفة الغربية فرنسا Themes My Europeالعالممال وأعمالرياضةGreenNextسفرثقافةفيديوبرامج Servicesمباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Games Job offers from Jobbio عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعونا النشرة الإخبارية Copyright © euronews 2023 - العربية EnglishFrançaisDeutschItalianoEspañolPortuguêsРусскийTürkçeΕλληνικάMagyarفارسیالعربيةShqipRomânăქართულიбългарскиSrpskiLoaderSearch أهم الأخبار كرة القدم الحرب الروسية الأوكرانية الاحتباس الحراري والتغير المناخي رياضة فلسطين فلاديمير بوتين My Europe العالم مال وأعمال رياضة Green Next سفر ثقافة فيديو كل البرامج Here we grow: Spain Discover Türkiye Algeria Tomorrow From Qatar أزمة المناخ Destination Dubai Angola 360 Explore Azerbaijan مباشرالنشرة الإخباريةAll viewsنشرة الأخبارجدول زمني الطقسGames English Français Deutsch Italiano Español Português Русский Türkçe Ελληνικά Magyar فارسی العربية Shqip Română ქართული български Srpski

المصدر: euronews

كلمات دلالية: الحرب في اليمن اليمن الحوثيون صنعاء كرة القدم الحرب الروسية الأوكرانية الاحتباس الحراري والتغير المناخي رياضة فلسطين فلاديمير بوتين حرائق باكستان روسيا الضفة الغربية فرنسا كرة القدم الحرب الروسية الأوكرانية الاحتباس الحراري والتغير المناخي رياضة فلسطين فلاديمير بوتين المدینة القدیمة البلدة القدیمة

إقرأ أيضاً:

انهيار عقارين غير مأهولين بالسكان وجزء من آخر في مصر القديمة

شهد شارع الملك الصالح بمنطقة مصر القديمة، انهيار كلي لعقارين غير مأهولين بالسكان وجزء من عقار آخر، فيما لم يسفر الانهيار عن وقوع إصابات أو خسائر في الأرواح.

كانت البداية عندما تلقت غرفة عمليات النجدة أمس إخطارا بانهيار عقار مكون من 3 طوابق، وهو ما ترتب عليه إخلاء العقارات المجاورة بسبب تصدعها جراء الانهيار، وانهيار مجاور وجزء من عقار ثالث صباح اليوم.

وانتقلت الأجهزة الأمنية على الفور إلى محل البلاغ، وتواصل قوات الحماية المدنية جهودها لإزالة أنقاض الحادث، كما أمرت الجهات المختصة بإجراء معاينة لباقي العقارات المحيط بمحل الانهيار، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.

اقرأ أيضاًسعرها وصل لـ95 ألف جنيه.. «المرور» تطرح التزايد على لوحة سيارة مميزة

لمدة شهر إضافي.. «الداخلية» تواصل فعاليات مبادرة كلنا واحد لتوفير السلع بأسعار مخفضة

لـ ذوي الهمم وكبار السن.. «الجوازات» تواصل إجراءات تسهيل الحصول على خدماتها

مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. ظهر سعيداً وسط شباب الحي.. لاعب المريخ يصل الخرطوم ويتفقد منزله بالصحافة لأول مرة بعد الحرب ويتوجه للدامر للإنخراط في معسكر فريقه
  • بافليوتشينكوفا تقاوم السرقة في «ويمبلدون»!
  • مظاهرات حاشدة في عواصم عالمية تدعو لوقف مجازر الاحتلال في غزة (شاهد)
  • شاهد.. مظاهرات عالمية تطالب بوقف الإبادة في غزة
  • الجزيرة تبث مشاهد حصرية لكمينين نفذتهما القسام ضد الاحتلال في خان يونس
  • "حماس" تدعو الدول العربية والإسلامية للتحرك إثر "المجازر اليومية لحرب حكومة مجرم الحرب نتنياهو"
  • الجزيرة: توفير سكن آمن وصحي وفق خرط موجهة لكل مواطن
  • انهيار عقارين غير مأهولين بالسكان وجزء من آخر في مصر القديمة
  • الجزيرة: خطورة المتعاونيبن والمندسين والخلايا النائمة
  • الجزيرة والنصر.. «السيناريو المكرر» في «انطلاقة المحترفين»