ديوكوفيتش: مواجهة ألكاراز ملحمية وأتطلع للقاء زفيريف في نصف النهائي
تاريخ النشر: 21st, January 2025 GMT
علق الصربي نوفاك ديوكوفيتش على فوزه المثير أمام الإسباني كارلوس ألكاراز في ربع نهائي بطولة أستراليا المفتوحة، بنتيجة 3 مجموعات لواحدة، حيث أشاد بأداء منافسه الشاب وأبرز التحديات التي واجهها خلال اللقاء.
إشادة بألكارازفي تصريحاته على أرض الملعب، قال ديوكوفيتش: "أكن الاحترام والإعجاب لكل ما حققه كارلوس، هو شخص رائع ومنافس كبير.
وأضاف: "كنت أتمنى أن تكون هذه المباراة في النهائي. كارلوس لاعب يمتلك طاقة هائلة ومهارات رائعة، ويجبرك على أن تكون في قمة مستواك".
تفاصيل المباراة والإصابةتطرق ديوكوفيتش إلى إصابة تعرض لها في نهاية المجموعة الأولى، قائلاً: "طالما أنني ما زلت في البطولة، لا أريد التحدث عن الإصابة. في بداية المباراة عانيت من بعض المشاكل، وكنت مترددًا في معرفة ما إذا كنت سأستمر لو خسرت المجموعة الثانية، لكن الأمور تحسنت تدريجيًا. شعرت بأن كارلوس بدأ يتردد، واستغليت الفرصة للتحرك بشكل أفضل، وهو ما ساعدني على السيطرة على اللقاء".
وعن ذكريات إصابة مماثلة في نسخة 2023، أوضح: "في 2023 واجهت وضعًا مشابهًا، وتعلمت كيفية التحامل على نفسي. في مثل هذه المباريات، يجب أن تكون هجوميًا وتستفيد من كل فرصة، خاصة أمام منافس بمستوى كارلوس الذي يمتلك الطاقة والمهارات لتغيير مجرى أي مباراة".
مفتاح الفوز أمام زفيريفوعن مواجهته المقبلة مع الألماني ألكسندر زفيريف في نصف النهائي، قال ديوكوفيتش: "التعافي سيكون المفتاح. وجود يوم إضافي للراحة قبل مباراة الجمعة يأتي في وقت مثالي. زفيريف يلعب تنسًا رائعًا الآن، وسأحتاج أن أكون في قمة تركيزي لتحقيق الفوز".
إنجازات تاريخية جديدةوفقًا لإحصائيات "أوبتا"، عادل ديوكوفيتش رقم الأمريكي جيمي كونرز كأعلى نسبة انتصارات (91.7%) في بطولة أستراليا المفتوحة في العصر الحديث.كما أصبح أول لاعب في التاريخ يصل إلى نصف نهائي بطولات الجراند سلام 50 مرة، متصدرًا قائمة الرجال، بينما يحتل المركز الثاني بشكل عام خلف الأمريكية كريس إيفرت (52 مرة).ديوكوفيتش يواصل تعزيز إرثه كلاعب من الطراز العالمي، في رحلة بحثه عن لقب جديد يعزز مكانته كواحد من أعظم لاعبي التنس في التاريخ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: نوفاك ديوكوفيتش ديوكوفيتش بطولة أستراليا المفتوحة المزيد
إقرأ أيضاً:
محرقة غزة تعيد كتابة التاريخ
في زمنٍ تتكسر فيه المدن تحت الأقدام الثقيلة للحرب، وتتماوج الحقيقة بين دخان القصف وضجيج الإعلام، برزت غزة لا كمساحة صغيرة على خارطةٍ محاصَرة، بل كجبهة سردية كبرى تُعاد عبرها صياغة الوعي العالمي. فالمحرقة التي فُتحت أبوابها في أكتوبر 2023 لم تكن مجرد فصل دموي في الصراع، بل لحظة مفصلية انشقّ فيها المشهد السياسي والأخلاقي أمام عدسات العالم، وبدأت رواية جديدة تتشكل من قلب النار.
منذ 1948، نجحت إسرائيل في بناء هيمنة محكمة على الوعي الغربي، عبر شبكة مركّبة من الإعلام والسينما والجامعات واللوبيات. كانت الرواية الصهيونية تُروَّج كقدر تاريخي لا يُناقش: دولة صغيرة محاطة بالأعداء، تناضل للبقاء في مواجهة “تهديد فلسطيني” دائم. لكن حرب السابع من أكتوبر شقّت هذا الجدار القديم، ليس بسلاح المقاومة فقط، بل بقوة الصورة، وقسوة الحقيقة، وسقوط اللغة الرسمية في امتحان الأخلاق.
لم يعد الفلسطيني مجرّد موضوعٍ يُغطّيه مراسل أجنبي؛ صار هو المراسل والشاهد والضحية وصاحب الرواية. من هواتف محمولة ترتجف بين الأنقاض، خرجت صور لا يمكن لأي غرفة أخبار أن تُهذّبها، ولا لأي دعاية أن تطمسها. وفي تلك اللحظة، بدأت توازنات السرد في الانقلاب: شبكات عالمية اضطرت لمراجعة مسلّماتها، وصحف كبرى تخلّت عن كثير من احترازها اللغوي، ومنظمات أممية وجدت نفسها أمام وقائع لا تستطيع أن تُخفيها خلف مفردات “الاشتباكات” و”التوترات”.
في المقابل، واجهت إسرائيل تحديًا وجوديًا في المجال الأهم: المجال الرمزي. فالسردية التي بنتها على مدى عقود—بالقوة والدعاية—بدأت تتهاوى أمام عين طفل يبكي أمام كاميرا هاتفه، وأمام أم تبحث عن فلذات أكبادها تحت الركام. سقطت روايات “تحرير الرهائن” و”القضاء على حماس” أمام الأدلة الدامغة على المجازر؛ وتورّطت منظومة الاحتلال في تناقضات أحرجت حلفاءها قبل خصومها. حتى الإعلام العربي، الذي وقع كثير منه في فخ الحياد المزيّف، بدا عاجزًا عن ملاحقة حجم الحقيقة التي تفجّرت من غزة.
لكن التحول الأكبر تجلّى في الشارع العالمي. من نيويورك إلى باريس، من الجامعات الأميركية إلى النقابات البريطانية، خرجت الجماهير لا بوصفها مؤيدة لفصيل، بل بوصفها شهودًا على جرح إنساني أكبر من كل الحسابات السياسية. لم يعد الدعم لإسرائيل بديهيًا في الغرب، ولا النقد محرّمًا. تفككت القداسة القديمة وعاد السؤال الأخلاقي إلى الواجهة: من يقتل من؟ ومن يعيش فوق دم من؟ وفي هذا السياق، جاء قرار إدارة ترامب بربط المساعدات الفيدرالية للمدن الأميركية بعدم مقاطعة إسرائيل، لا كقانون إداري، بل كوثيقة خوفٍ سياسي من انهيار السردية الصهيونية داخل الحاضنة الغربية نفسها.
في هذه المعركة، لم تنتصر غزة لأنها الأقوى عسكريًا، بل لأنها الأصدق. لأن الرواية حين تخرج من قلب المجزرة لا تحتاج إلى زخرفة أو وسيط. ولأن الدم الذي يصبح صورة، يتحول إلى وثيقة، ثم إلى موقف، ثم إلى تاريخ يُدرَّس للأجيال. لقد أعادت غزة تعريف معنى القوة في زمنٍ تحكمه الصور، حيث لم تعد الغلبة لمن يمتلك الدبابة، بل لمن يمتلك الحقيقة.
اليوم، يقف الكيان الإسرائيلي أمام أخطر تهديدٍ في تاريخه الحديث: فقدان السيطرة على الرواية. فكم من جيش هُزم في الوعي قبل أن يُهزم في الميدان، وكم من دولة سقطت عندما سقطت شرعيتها الأخلاقية أمام العالم. ومع كل مقطع يُبث من غزة، تتراكم حجارة جديدة في جدار الحقيقة، وتنهار طبقات جديدة من الزيف الذي بُني على امتداد عقود.
أما غزة، فهي في هذه اللحظة ليست مدينة محاصرة، بل مركز جاذبية أخلاقية وسياسية. مدينة صغيرة تعيد ترتيب خرائط القوى الكبرى، وتفرض على العالم درسًا جديدًا: أن السردية ليست ملحقًا بالحرب، بل هي الحرب نفسها؛ وأن من يمتلك الحكاية يمتلك التاريخ؛ وأن من يكتب وجعه بيده لا يمكن لأحد أن يسرق صوته.
وهكذا، بينما ينهار الصمت العالمي وتتشكل تحالفات الوعي الجديدة، تكتب غزة—بدم الشهداء وصمود الأحياء—فصلًا جديدًا في ملحمة الإنسانية. فصلًا لا يمكن محوه، ولا يمكن تزويره، لأنه خرج من مكانٍ لا تستطيع الدعاية الوصول إليه: من قلب الحقيقة.
*كاتب ومحلل سياسي فلسطيني