الصراع بين البرهان والإسلاميين
التوتر المتصاعد بين الفريق عبد الفتاح البرهان والحركة الإسلامية يعكس تصادمًا بين طموحات البرهان في الانفراد بالسلطة ورغبة الإسلاميين في استعادة نفوذهم الذي فقدوه بسقوط نظام عمر البشير. البرهان يدرك جيدًا أن دعمه السابق للإسلاميين كان تكتيكيًا وليس استراتيجيًا، حيث استغلهم لتثبيت سلطته بعد انقلاب أكتوبر 2021، لكنه يعي الآن أنهم يشكلون تهديدًا وجوديًا لطموحاته.



البرهان وتشكيل المليشيات الموالية
في إطار محاولاته للسيطرة، سعى البرهان لتشكيل ميليشيات تدين له بالولاء، مثل "درع السودان" و"الأورطة الشرقية"، لكنه عمد في سياق الحرب الأخيرة إلى تقليص دورها. الهدف من هذا الإجراء كان إعطاء الأولوية لتصفية الحركات المسلحة وإنهاء حضور السلفية الجهادية الإسلامية، التي لطالما كانت مصدر قلق كبير له. يبدو أن هذه الخطوة جاءت بناءً على مشورة استخباراتية من حلفائه الإقليميين والدوليين، الذين يرون ضرورة القضاء على الجماعات المسلحة والإسلامية الراديكالية كجزء من استقرار السودان.

الإسلاميون وتحركاتهم المضادة
الحركة الإسلامية، من جهتها، لم تقف مكتوفة الأيدي. تسعى لاستخدام نفوذها داخل الجيش والمؤسسات الحكومية، كما لجأت إلى حشد الدعم الشعبي والتظاهر ضد العقوبات الدولية، في محاولة لتأجيج المشاعر الوطنية وعرقلة أي محاولات للبرهان للتواصل مع القوى الدولية مثل الولايات المتحدة. حرق العلم الأمريكي في مظاهرات بورتسودان يُظهر مدى إصرارهم على تقويض جهود البرهان لبناء علاقات خارجية قد تقوي موقفه ضدهم.

البرهان بين الضغوط الداخلية والخارجية
البرهان يواجه معضلة معقدة؛ داخليًا، يعاني من تراجع الدعم الشعبي والمؤسسي بسبب اعتماد الإسلاميين عليه في السابق وضعف إنجازاته السياسية. خارجيًا، العقوبات الأمريكية الأخيرة التي خففت عليه مقارنة بخصومه لم تكن دعمًا بقدر ما كانت إشارة بأنه لا يزال قيد المراقبة. هذه العقوبات، وإن بدت محدودة، إلا أنها تعزز شعور الإسلاميين بأن البرهان قد يتجه نحو تعاون أوسع مع القوى الغربية.

نصائح الحلفاء الإقليميين للبرهان
أحد أبرز أسباب تحول استراتيجية البرهان كان نصائح استخباراتية من حلفائه الإقليميين. تشير التقارير إلى أنهم أوصوه بتصفية الإسلاميين والسلفية الجهادية تدريجيًا، بهدف تقليل مصادر التهديد الداخلي وضمان استمرار الدعم الخارجي. لكن هذه الاستراتيجية تحمل مخاطر كبيرة، إذ تعني صراعًا مفتوحًا مع الإسلاميين الذين يمتلكون قاعدة جماهيرية وشبكات نفوذ واسعة.

استنتاجات مستقبلية
الصراع بين البرهان والإسلاميين يظل مفتوحًا على عدة سيناريوهات وهي -
تصعيد داخلي: قد يواجه البرهان تمردًا من الإسلاميين أو محاولات انقلابية، خاصة إذا تمادى في إضعافهم دون توفير بدائل سياسية قوية.
انفصال تحالفي تام: الإسلاميون قد يقدمون البرهان كـ"كبش فداء"، مثلما فعلوا مع البشير، لإعادة تنظيم صفوفهم دون تحمل تبعات الفشل.
نظام استبدادي جديد: إذا تمكن البرهان من قمع الإسلاميين واستمالة المجتمع الدولي، قد يسعى لبناء نظام استبدادي يعتمد على الميليشيات القبلية والدعم الخارجي.

البرهان والإسلاميون يشكلون أطرافًا متصارعة على النفوذ في مرحلة حساسة من تاريخ السودان. سيعتمد مصير الصراع على قدرة كل طرف على استثمار أدواته المحلية والخارجية، بالإضافة إلى استجابة الشعب السوداني الذي يبحث عن مخرج من دائرة العنف والانقسامات.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

السودان.. منظمات أجنبية ضالعة في الحرب

وكالات- متابعات تاق برس- اتهمت مفوضة مفوضية العون الإنساني السوداني سلوى آدم بنية بعض المنظمات الأجنبية بمساعدة ما يعرف بقوات الدعم السريع في حربها ضد الجيش والمواطن السوداني.

وقالت بنية إن مليشيا الدعم السريع ساهمت في تجويع المواطنين ونهب ثرواتهم ومكتسباتهم الشخصية والعامة.

وأفادت في اجتماع مشترك مع والي الخرطوم أن هناك بعض المنظمات تستغل المعابر التي حددتها الدولة لتوصيل الدعم والأسلحة إلى مواقع الدعم السريع وتمنع وصول الإغاثة لمدينة الفاشر المحاصرة.

وتهمت الحكومة السودانية، مؤخرا، دولًا لم تسمِّها ومنظمات دولية باستخدام معبر ‘أدري” الحدودي مع دولة تشاد دون إخطارها واستغلاله في نقل عتاد حربي ووقود لمليشيا الدعم السريع تحت غطاء العمل الإنساني.

وكان مندوب السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس قد قال سابقا خلال مخاطبته جلسة لمجلس الأمن بشأن الوضع الانساني في السودان إن “معبر أدري بولاية غرب دارفور، والحدودي مع دولة تشاد، ظل مستخدمًا دون إخطار الدولة أو موافقتها بدخول المعدات والأسلحة والوقود تحت غطاء إدخال المساعدات الإنسانية لمصلحة مليشيا الدعم السريع المتمردة”.

ونفت بنية وجود أي مجاعة في السودان، قائلة أن هناك “سياسة تجويع” تمارسها مليشيا الدعم السريع على السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

السفير الحارث إدريسالسودانمعبر أدري

مقالات مشابهة

  • الخرطوم تصعّد ضد كينيا والإمارات.. وتشدد على حماية سيادتها
  • السودان.. منظمات أجنبية ضالعة في الحرب
  • خبراء لـ "الفجر": السودان بين جحيم الحرب وبوادر التحول السياسي
  • إبراهيم عيسى: الصراع الحالي لا ينفصل عن الاستخدام السياسي للدين لإيران وإسرائيل
  • هل تمهّد التطورات الاخيرة في إنهاء حرب السودان المنسية؟
  • “تضامن السودان حكومة وشعباً”.. رئيس مجلس السيادة يجري اتصالا هاتفيا مع أمير دولة قطر
  • السودان: كامل إدريس يعيّن وزيرين جديدين للدفاع والداخلية
  • بعد شربه القهوة معهم في الشارع.. ماذا قال البرهان للمواطنين ببورتسودان..؟
  • المستشار السياسي لحركة جيش تحرير السودان قيادة – مناوي: الانحياز للشعب موقف وطني راسخ لا حياد فيه ولا تراجع
  • حميدتي: سيطرة «الدعم السريع» على المثلث الحدودي تهدف لتأمين السودان ومحاربة التهريب