من غزة إلى جنين.. التصعيد الإسرائيلي يثير قلق المجتمع الدولي
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
في ظل المحاولات العربية والدولية لتهدئة الأوضاع في المنطقة العربية، تصدرت القضية الفلسطينية المشهد الدولي مجددًا بعد التصعيد الإسرائيلي في منطقة جنين، وفي هذا السياق ألقى الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، كلمة أمام مجلس الأمن، محذرًا من أن إهدار الحقوق الفلسطينية يمثل تهديدًا للأمن والسلم الدوليين.
هذا التحدي يتفاقم في ظل تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية، مما جعل المجتمع الدولي، وخاصة الدول الغربية، تحت ضغوط متزايدة لمراجعة مواقفها تجاه النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي. وذكرت تقارير صحفية ومقالات رأي في صحف مثل The Guardian وNew York Times إلى أن الوضع الحالي يتطلب تدخلًا عاجلًا، محذرة أن عدم التعامل بجدية مع القضايا العربية، وخاصة القضية الفلسطينية، سيؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية والسياسية في المنطقة.
وقد أوضحت التقارير أن تعزيز الدعم للأونروا ودعم حقوق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة يمثلان خطوات أساسية نحو تحقيق الاستقرار.
في جلسة مجلس الأمن التي عُقدت يوم 23 يناير 2025، برئاسة أحمد عطاف وزير خارجية جمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية بصفتها رئيس المجلس لهذا الشهر، أكد أبو الغيط على أهمية الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بعد خمسة عشر شهرًا من العنف الذي شهدته المنطقة. وصرح بأن الحلول المؤقتة لن تكون كافية، حيث يجب أن يحصل الفلسطينيون على حقوقهم الكاملة في إقامة دولة مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. محذرًا من أن إهدار الحق الفلسطيني يمثل تهديدًا ماثلًا للسلم والأمن الدوليين.
كما تناول أبو الغيط الوضع في سوريا، مؤكدًا دعم الجامعة العربية لإرادة الشعب السوري، ودعا إلى ضرورة الالتزام باتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 في الجولان، محذرًا من الأطماع الإسرائيلية، مشيراً الى ان احتلال الجولان لا مبرر له سوى الرغبات التوسعية لإسرائيل.
وصرح جمال رشدي المتحدث الرسمي باسم الامين العام أن أبو الغيط حرص خلال كلمته أمام مجلس الأمن على استعراض كافة القضايا العربية الرئيسية، مُتناولاً مواقف الجامعة العربية وأولوياتها حيال كل قضية، لا سيما القضايا التي تقتضي عملاً مشتركاً بين الجامعة ومجلس الأمن.
وعبرّ أبو الغيط عن تأييد الجامعة العربية لإرادة الشعب السوري وتطلعاته إلى حياة أفضل بعد معاناة عاشها الشعب على يد النظام السابق، مؤكداً دعم الجامعة لعملية انتقال سياسي ناجحة دون تدخلات أو إملاءات خارجية مع الحفاظ على وحدة البلاد وسيادتها على كامل أراضيها.
وقال جمال رشدي إن أبو الغيط حرص على ضرورة الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل وتمديده عبر التنفيذ الدقيق للقرار 1701 بتحقيق الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية، وانتشار الجيش اللبناني في المناطق التي يجري الانسحاب منها.
وأوضح المتحدث الرسمي أن أبو الغيط أشار في كلمته إلى خطورة الوضع في السودان مؤكداً على دعم الجامعة العربية للدولة السودانية التي تخوض حرباً هي الأشد كلفة من الناحية الإنسانية على صعيد العالم، مشدداً على وحدة السودان ووحدة مؤسساته الوطنية. ودعا أبو الغيط الأطراف السودانية إلى العودة الى مسارات التهدئة والحوار البناء القائم على الحكمة وروح الوطنية تغليباً للمصلحة العليا للسودان واستقراره.
وفيما يتعلق بليبيا، دعا أبو الغيط إلى توحيد أطياف المجتمع الليبي تحت قيادة موحدة وطالب مجلس الأمن بالقيام بوجباته حيال دعم ليبيا للخروج من أزمتها السياسية المعقدة بعيداً عن تأثير الأجندات بما يحفظ وحدة ليبيا وسيادتها وأمنها واستقرارها
وقال رشدي إن كلمة الأمين العام للجامعة حملت تحذيراً شديداً من خطورة الخطط والقرارات الإسرائيلية الرامية إلى تقويض الأونروا والقضاء على دورها المهم –والذي لا بديل عنه- في خدمة اللاجئين الفلسطينيين، مؤكداً على أن وكالة الأونروا تعد ركيزة أساسية للاستقرار في المنطقة، ومطالباً مجلس الأمن بالقيام بوجباته نحو الدفاع عن هذه المنظومة الإنسانية الهامة.
في سياق متصل، محمد بن أحمد اليماحي أدان رئيس البرلمان العربي، التصعيد الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، مشيرًا إلى الهجوم العسكري الوحشي على مدينة جنين، والذي أسفر عن سقوط العشرات من الضحايا المدنيين. ودعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات عاجلة لوقف هذه الانتهاكات وتوفير الحماية الدولية للفلسطينيين.
وأوضح اليماحي رئيس البرلمان العربي، أن الهجوم الإسرائيلي الوحشي على مدينة جنين ومخيمها، يُنّذِر بتفجر الأوضاع الأمنية والإنسانية، وتدمير كل الجهود الرامية للسلام ووقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، محملًا حكومة كيان الاحتلال المسؤولية عن هذا التصعيد.
وقال اليماحي، أن ما يحدث في مدينة جنين والتي باتت شاهدة على جرائم وانتهاكات كيان الاحتلال ومستوطنيه ضد أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل، هو استكمال لحرب الإبادة الجماعية التي بدأها في قطاع غزة، وانتهاك صارخ للقانون الدولي والإنساني وقرارات الشرعية الدولية، مطالبًا المجتمع الدولي ومجلس الأمن، والإدارة الأمريكية، بالتدخل الفوري والعاجل لوقف هذا التصعيد، ووضع حد لجرائم وانتهاكات حكومة الاحتلال ومستوطنيها، ومحاسبتهم على جرائمهم المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.
ودعا رئيس البرلمان العربي، المجتمع الدولي ومجلس الأمن بضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، والتدخل الفوري لإجبار كيان الاحتلال على وقف جميع انشطته الاستعمارية، ووقف جرائم مستوطنيه، والعودة إلى الانخراط الجَديّ في المفاوضات لتحقيق السلام العادل والشامل، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها مدينة القدس.
تشير تحليلات الخبراء إلى أن التصعيد العسكري في الضفة الغربية يعكس فشل المجتمع الدولي في معالجة القضايا الأساسية التي تؤدي إلى هذه التوترات. وقد أكدت التقارير الأجنبية، بما في ذلك من France 24 وMiddle East Eye، أن استمرار الانتهاكات الإسرائيلية يشكل عقبة أمام أي جهود للسلام.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المحاولات العربية القضية الفلسطينية التصعيد مجلس الأمن أحمد أبو الغيط جنين القضية الجامعة العربیة المجتمع الدولی مجلس الأمن أبو الغیط
إقرأ أيضاً:
معاريف: الأمراض النفسية للجنود وباء صامت يقوّض المجتمع الإسرائيلي
يلفت الكاتب والمحلل الإسرائيلي إفرايم غانور إلى أن الانفجارات وأصوات القصف التي اعتاد عليها الإسرائيليون منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة ليست سوى المقدمة لصدى آخر أشد وطأة، يتمثل في صرخات عشرات الآلاف من المصابين نفسيا من الجنود، والذين سيحملون آثار الحرب في ذاكرتهم وأجسادهم ما بقي لهم من عمر.
ويركز الكاتب، في مقال له بصحيفة معاريف، على ما يسمى بـ"اضطراب ما بعد الصدمة" كمرض نفسي متفاقم ينتشر بين الجنود الإسرائيليين بسبب خدمتهم العسكرية في غزة وارتكابهم للفظائع بحق المدنيين أو بسبب مواجهاتهم الصعبة مع مقاتلي المقاومة الفلسطينيين الذين يفاجئونهم من الأنفاق.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إعلام إسرائيلي: إسرائيل أصبحت دولة جرباء وهي تعيش انحطاطا غير مسبوقlist 2 of 2صحف عالمية: إسرائيل جوّعت سكان غزة عمدا وبموافقة الغربend of listويصف غانور هذا المرض بأنه "وباء صامت" يتسلل بهدوء إلى عمق المجتمع، وسيتجلى على نحو أكثر وضوحا وخطورة بعد توقف العمليات القتالية وهدوء أصوات المدافع.
ضغط نفسي غير مسبوق
ويشير الكاتب إلى أن كل حرب تخلف وراءها جنودا يعانون اضطرابات عقلية ونفسية متفاوتة، حتى بين المقاتلين الأكثر صلابة. في بعض الحالات، تلتئم الجروح النفسية بمرور الوقت، لكن في حالات أخرى تبقى ملازمة لصاحبها حتى وفاته. إلا أن ما يميز الحرب الجارية، كما يقول، أنها تشهد قتالا مستمرا منذ ما يقارب العامين في ظروف استثنائية.
ويقول غانور إن الجنود الإسرائيليين يخوضون في معظم الأحيان حرب عصابات ضد ما وصفه بعدو غير مرئي لا يعرفون من أين يخرج لهم ويهاجمهم، مضيفا أنه "في كثير من الحالات، يفعلون ذلك في قلب السكان المدنيين، بما في ذلك الأطفال والنساء وكبار السن، ويكون هؤلاء المقاتلون أكثر عرضة للصدمات ومشاكل الصحة العقلية من المقاتل الذي يحارب ضد جيش مفتوح ومنظم".
ويرى أن هذا النوع من القتال يختلف جذريا عن الحروب التقليدية التي خاضتها إسرائيل في الماضي ضد جيوش نظامية كالمصرية والسورية والأردنية، إذ كانت نسبة الإصابات النفسية في تلك الحروب أقل بكثير مما هو عليه الحال اليوم في المواجهات مع حركات المقاومة، كحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة وحزب الله في لبنان.
إعلانوبحسب المعطيات التي أوردها غانور، والتي سبق أن كشفت عنها وسائل إعلام إسرائيلية، فإن أكثر من 10 آلاف جندي لا يزالون يعالجون من ردود الفعل العقلية واضطراب ما بعد الصدمة، فيما تم الاعتراف فقط بـ3769 جنديا على أنهم يتأقلمون مع اضطراب ما بعد الصدمة، ويتلقون علاجا متخصصا.
كما أشار في تقريره إلى أن عدد الجنود الجرحى والمعاقين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى الآن وصل إلى 18500 جندي من الجيش وقوات الأمن، منهم آلاف يعانون من أضرار نفسية حادة معظمهم من فئة الشباب، لا سيما من صفوف الاحتياط.
ويشير الكاتب إلى أن الأخطر أن 45 جنديا أقدموا على الانتحار منذ بدء الحرب، وهو رقم يثير قلقا بالغا داخل المؤسسة العسكرية والمجتمع الإسرائيلي على حد سواء.
ضعف الاستعداد المؤسسي
ويتساءل غانور بجدية: "هل أن الجيش الإسرائيلي، ودائرة إعادة التأهيل، مستعدون للتعامل مع هذه الأزمة الآخذة في التوسع؟"، فالتعامل مع اضطراب ما بعد الصدمة يتطلب ميزانيات ضخمة، وأطباء ومعالجين متخصصين قادرين على الاستجابة السريعة والفعالة، لكنه يشكك في أن الدولة ستتعامل مع الظاهرة بالجدية المطلوبة، خاصة في ظل تاريخ من الإهمال أو التقليل من شأنها.
ويضرب مثالاً على ذلك بقضية 4 جنود من لواء ناحال أعلنوا مؤخرا رفضهم العودة إلى القتال في قطاع غزة، نتيجة التجارب النفسية القاسية التي مروا بها خلال خوضهم المعارك لفترات طويلة. هنا يطرح سؤالا حرجا: هل يتم التعامل مع هؤلاء الجنود كمصابين بحاجة إلى علاج ودعم، أم كفارين من القتال يستحقون العقوبة والسجن؟
ويروي الكاتب من تجربته الشخصية في الماضي كمجند، يتعامل القادة العسكريون مع الجنود الذين يبدون علامات الانهيار النفسي بأسلوب قاسٍ وساخر، ويقللون من شأن معاناتهم ويدفعونهم إلى العودة إلى المعركة فورا، لكن في الحروب الحديثة.
وحسب الكاتب، فإن هذه المعضلة تصبح أكثر إلحاحا في ظل حقيقة أن تجاهل أو إساءة التعامل مع الجنود المصابين بصدمة نفسية قد يؤدي إلى نهايات مأساوية، كما حدث بالفعل في حالات انتحار لجنود لم يجدوا من يفهم معاناتهم أو يقدم لهم المساعدة المناسبة.
وعلى الرغم من أن الجيش الإسرائيلي طوّر قدرات كبيرة في مجال إخلاء الجرحى من ساحات القتال وعلاج الإصابات الجسدية بسرعة وفاعلية، فإن الكاتب يرى أن الوضع مختلف تماما على صعيد الإصابات النفسية. فلا توجد آليات فعالة لتشخيص اضطراب ما بعد الصدمة مبكرا أو للتعامل معه بشكل شامل، ما يجعل الأزمة مفتوحة على احتمالات أكثر سوءا مع مرور الوقت.
ويخلص غانور إلى أن "الوباء الصامت" لاضطراب ما بعد الصدمة ليس مجرد قضية فردية تخص الجنود المصابين، بل هو تحدٍّ وطني يمس المجتمع الإسرائيلي بأسره، وسيترك بصماته العميقة على النسيج الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لإسرائيل في السنوات المقبلة، إذا لم يتم التعامل معه كأولوية وطنية عاجلة.