من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. الأماكن كلها مشتاقة لك
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
#الأماكن_كلها_مشتاقة_لك
من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ .. 5 / 5 / 2008
رفع رأسه من تحت غطاء البكم بعد أن تفقّد ماء الروديتر ، مسح مؤشر الزيت بخرقة لا تقل سواداً عن لون الزيت المحروق، أغلق الغطاء وأدخل إبريق الوضوء الى الداخل ، ثم طلب من ابنته (عيشة) أن تغسل الأرجيلة جيداً وتضع بعض معسّل التفاحتين بورقة قصدير.
.
أخرج يحيى حصيرة من بيت الدرج ،نفضها من غبرة الفصول ثم وضعها في صندوق البكم ، بينما كانت تسكب أم يحيى الشاي المغلي في السخّانة / ماركة الطاووس.. كان (عايش) يجلس قبالتها وهو يرتدي فردة واحدة من الجوارب ويهدد بمنتهى الجديّة : لدّي، إذا ما بخليني شلاش..البس البوط الأزرق ترى بلعن اللي هَهَ ..فتردّ الأم بمنتهى طولة الروح ، وهي تدوّر غطاء السخّان باتجاه عقارب الساعة : ( قلّه اذا اجت أمي هسع ، بتشلّخ نياعك)..
فور خروجهم من البيت يخفض #ابو_يحيى صوت الراديو قليلاً ويستفتي العائلة سائلاً سامعين في صوت طقّة؟) ، أم يحيى تنفي ، يحيى يشكك، عيشة تؤّكد ، عيّاش يستبعد ، شايش يرجّح، شلاش يأمل، بينما عايش لا يعلق كونه خارج قمرة القيادة فهو يجلس في الصندوق الخلفي..كل مئة متر تقريباً يخفض ابو يحيى صوت الراديو ويسألهم: (سامعين في صوت طقّة بالبكم ؟)..وتعود أم يحيى للنفي ، ويحيى للتشكيك، وعيشة للتأكيد ، وعياش للاستبعاد ، وشلاش للأمل، وعايش للصمت ..بينما رسمية وعبّود يلتهيان بأغنية متعب السقار (لدّ لدّ تشيفنّه)..
فوق كل مطب أو حفرة تعود أم يحيى لتضبط سخّان الشاي بين قدميها جيداً نتيجة الحركة المفاجئة، أما الأرجيلة فلم تزل بحضن عيشه بالكرسي الخلفي والماسورة مصوبة باتجاه الوالد..
عند أقرب مسطح حرجي وتحت أول شجرة شاغرة ، أوقف أبو يحيى بكمه ..نزل أولاً عايش من الصندوق بفردة جواربه ، حاملاً بين ذراعيه الحصيرة ، تبعه بالنزول رسمية وعبّود ، ثم شلاش وهو يرتدي البوط الأزرق وبيده جركن ماء ، ثم نزلت عيشه وهي مسكونة بحياء الصبايا وبيدها العهدة( الأرجيلة) ثم نزلت أخيراً أم يحيى وبيدها سخّان الشاي..
أثناء قيام ابو يحيى بتجميع الأرجيلة قال من باب إحماء الوجه: هيك الطشّة أحسن بدون شوي ..فردّت أم يحيى وهي تستخرج الأكواب من كيس بلاستيكي : الله يقطع اللحم والجاج ،زهقناه ..ثم انضمّت عيشة الى الأوركسترا وقالت: آه والله!! احنا طالعين انطش ولا نوكل؟؟ ..ثم علق يحيى بمنتهى النفاق: هيك بنكسب الوقت أحسن من قرف الهش والنش ..أما عايش فقد تمتم أول كلمتين بصوت منخفض ثم أكمل العبارة بسرّه : بدّي ألعن اللي..هه..هسع الشاي أحسن من الشوي ؟ .
طلب أبو يحيى من شلاش أن يأتيه بقبس من جمر من أحدى الأماكن القريبة ، ذهب الى العائلة الأولى وعاد محبطاً: زيّنا، قاعدين بشربوا شاي، فيش فحم ..ذهب الى الشجرة الأبعد قليلاً ، ثم عاد بالمنقل فارغاً وقال: هظول كمان بشربوا قهوة سادة ،بيش فحم ، نظر أبوه نظرة دائرية في المنطقة ثم بعثه الى عائلة تجلس قرب سيارة مرسيدس حديثه..غاب شلاش ثم عاد خائباً للمرة الثالثة : هظول بشربوا شنينة وبوكلوا معها خبز، مش مولعين شوي ..وقف أبو يحيى فوق تلة قريبة فشاهد مجموعة من الرجال على بعد كيلو يجلسون بوقار قرب باص كيا ارزق ويرتدون الدشاديش البيضاء..فسلّمه رسالة خطية وابتعثه الى أولئك المشايخ، بعد نصف ساعة عاد شلاش وهو يضرب المنقل بركبته قائلاً: هظول يابا قاعدين بسبّحوا.. بس معاهم مسابح ومية زمزم .. تأمل أبو يحيى جميع الأماكن المحيطة ..فلم يجد أي من المتنزهين يشعل نار الشواء ..ثم بدأ يغني للّحم الغائب وهو يفك أجزاء الأرجيلة : الأماكن كلها مشتاقة لك ..
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: ابو يحيى أبو یحیى أم یحیى
إقرأ أيضاً:
أبرد الأماكن على كوكب الأرض.. حياة مزدهرة تحت الصفر
لا تنعم جميع مناطق العالم بـ المناخ الشتوي نفسه، فهناك بقاع تتحول فيها البرودة إلى نمط حياة يتجاوز حدود التخيل أماكن ينخفض فيها الزئبق إلى عشرات الدرجات تحت الصفر، ورغم ذلك ينجح الإنسان في التأقلم، بل وبناء مجتمعات نابضة بالحياة والثقافة.
بعض هذه المناطق لا ينتهي فيها الشتاء فعليا، لكن البشر فيها استطاعوا تحويل الظروف القاسية إلى جزء طبيعي من يومهم، وفق تقرير Times of India.
أبرد المناطق المأهولة بالسكان في العالمتتصدر أويمياكون قائمة أبرد المواقع المأهولة على وجه الأرض، حيث تم تسجيل درجات حرارة قياسية بلغت 67 درجة مئوية تحت الصفر يمتد الشتاء تسعة أشهر، وتصبح أبسط المهام تحديًا يوميًا، مثل تشغيل السيارة الذي يتطلب مرائب مُدفأة أو إبقاء المحرك يعمل باستمرار ورغم قسوة المناخ، يعيش نحو 500 شخص يعتمدون على الصيد والحياة التقليدية وروح المجتمع.
نوريلسك (روسيا) مدينة صناعية في قلب الجليدتقع فوق الدائرة القطبية الشمالية، وتُعد من أبرز المدن المأهولة في أقصى الشمال تصل الحرارة إلى 40 درجة تحت الصفر، وتغرق المدينة في ظلام طويل بفعل الليل القطبي، ورغم ذلك تتربع نوريلسك كواحدة من أهم المراكز الصناعية في روسيا.
بارو (أوتكياغفيك) ألاسكا شمس تغيب 65 يومًاقد يكون اسمها صعبًا، لكن شتاءها أصعب تتراوح درجات الحرارة بين 20 و30 درجة مئوية تحت الصفر، وتغرب الشمس في نوفمبر لتعود بعد 65 يومًا تعيش قبيلة الإينوبيات هناك منذ قرون، متكيفة مع البرد القطبي القاسي.
فيرخويانسك (روسيا) مدينة الأرقام القياسيةتهبط درجات الحرارة فيها إلى ما دون 50 درجة مئوية تحت الصفر وتُعد واحدة من الأماكن القليلة التي سجلت أرقامًا قياسية في البرودة والحرارة معًا يسكنها أكثر من ألف شخص يتأقلمون مع شتاء سيبيري لا يرحم.
هاربين (الصين) عاصمة الجليد الساحرةتشتهر هاربين بمهرجان الجليد والثلج العالمي تصل الحرارة إلى 30 درجة تحت الصفر، وتتحول المدينة إلى لوحة فنية متجمدة من القصور والمنحوتات الجليدية المضيئة، ما يجعلها مقصدًا سياحيًا عالميًا في الشتاء.
روفانييمي (فنلندا) موطن سانتا كلوزتنخفض الحرارة إلى 25 درجة مئوية تحت الصفر، ويغطي الثلج المنطقة لنصف العام تمتاز المدينة بطبيعتها القطبية الساحرة من غابات متجمدة وأنهار جليدية، ما يمنحها طابعًا شتويًا فريدًا.
تصنف كأبرد مدينة رئيسية مأهولة على الإطلاق، حيث تصل الحرارة إلى 45 درجة مئوية تحت الصفر أو أقل تُبنى المنازل فوق طبقة التربة الصقيعية باستخدام أسس خاصة تمنعها من الذوبان أو الغرق، في تحدٍ هندسي استثنائي.
يلو نايف (كندا) سماء مثالية لرؤية الشفقإحدى أبرد المدن الكندية، إذ تتدنى الحرارة فيها إلى ما دون 40 درجة تحت الصفر تُعرف بأنها مركز للتعدين واستكشاف الشمال، وتتميز شتاءً بسماء صافية تُعد من أفضل الأماكن عالميًا لمشاهدة الشفق القطبي.
نوك (جرينلاند) مزيج بين الحداثة وثقافة الإنويتتشهد نوك شتاءً طويلًا تتراوح فيه الحرارة بين 15 و25 درجة تحت الصفر تجمع المدينة بين الطابع الإسكندنافي الحديث وتراث الإنويت، وتشتهر بمنازلها الملونة وسط خلفية ثلجية ساحرة.
ترومسو (النرويج) مدينة لا تنام رغم الظلامتنخفض درجات الحرارة إلى ما بين 10 و20 درجة تحت الصفر، وتعيش المدينة في ظلام شبه كامل لمدة شهرين شتاءً ومع ذلك، تظل نابضة بالفعاليات الثقافية والمهرجانات والمقاهي التي تضيف إليها دفئًا وحيوية.