عندما يكون المجرمُ قاضيًا والشيطان قدِّيسًا
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
د. شعفل علي عمير
لنبدأ بالحليفَينِ اللذَينِ ربما لم يخدمهما التاريخُ ضد قضاياهما: الولايات المتحدة و”إسرائيل”. تشتهر الولايات المتحدة بقوتها العسكرية والاقتصادية، لكنها أَيْـضًا تتبنى أفكارَ الهيمنة والسيطرة بحُجّـة نشر “الديمقراطية” و”الحرية”.
بيد أن “الإجرام” الأمريكي لم يكن يومًا مستترًا؛ إذ يكمنُ في سياساتها الخارجية العدوانية تجاه الدول بحجّـة حماية الأمن القومي أَو محاربة “الإرهاب”.
لكن الحقيقة المُرة تتجلى في كونها تسعى خلفَ مصالح اقتصادية ونفوذ سياسي دونَ اعتبار لحياة الشعوب وحقوقها، عندما يتجسد الإجرام الأمريكي بشكل واعظ، وَيظهرُ الشيطان الإسرائيلي قديسًا، تغيب العدالة ويسود التوحش.
وعلى الجانب الآخر، تأتي “إسرائيل” بقناع القديس، تتبنى خطاب الحق التاريخي وتصف نفسها بِواحة الديمقراطية في الشرق الأوسط رغم أنها تستمر في ممارسة سياسة التمييز العنصري والاحتلال العسكري في تصرفاتها تجاه الفلسطينيين، وهذا يعد انتهاكا صارخًا للقوانين الدولية.
يُغلَّفُ هذا الشيطان بثوب ضحية الهولوكوست ليكسب تعاطفًا عالميًّا، في حين يغفل العالم عن مشاهد القمع والاعتداء اليومي على أصحاب الأرض، نحن نعيش في زمن تتلبّد فيه غيوم الظلم والتوحش، وحينما تتحطَّمُ أحلام البسطاء تحت أقدام الغطرسة والطغيان يأتي تصنيفُ الجهات المتحرّكة المناهضة لظلم الطامعين.
وبين الحين والآخر، تبرز جدلية تصنيف “الإرهابي” عندما تتعلق الأمور بجماعات تعارضُ سياسة الأطماع الأمريكية أَو تتحدى هيمنتها، كاليمن تلك القوة التي تحظى بتأييد شعبي منقطع النظير ظهرت كقوة فرضت معادلةَ صراع جديدة مع الكيان الصهيوني في وقوفها بقوة مع مظلومية الشعب الفلسطيني ويستند الدعم والتأييد الشعبي لقرارات القيادة في اليمن إلى اعتبارات دينية وإنسانية، لكن وقوفها وتحديها للغطرسة الأمريكية والإسرائيلية تعتبر من وجهة نظر أمريكا تصادمًا مع مصالح الرياض وواشنطن. كما أن تصنيف حركات المقاومة في فلسطين، من قبل أمريكا وبعض الأنظمة العربية يُلقي الضوء على ازدواجية وسلوكيات متناقضة مع الواقع ومتناغمة مع المطامع، فعلى مدى عقود، دعمت الولاياتُ المتحدة “إسرائيل” دعمًا مطلقًا وكأنها جزيرة ديمقراطية وسط محيط من الديكتاتوريات الظلامية. بينما تُصنّف حركات المقاومة الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي ضمن قوائم الإرهاب، تجمع تلك الحركات بين المطالب الشعبيّة بالاستقلال والتحرّر وبين النموذج العسكري لمقاومة الاحتلال.
في الساحة الفلسطينية، يبرز النفاق الأمريكي بشكل أوضح. تدعم الولايات المتحدة “إسرائيل” دون تردّد، في حين تُلقي بلائمة الإرهاب على الشعب الفلسطيني الذي يقاوم الاحتلاَل الوحشي.
أمريكا غير مهتمة بمعاناة الفلسطينيين اليوميّة تحت نير ونار الاحتلال، بل وتمد الكيان الصهيوني بكل أنواع الدعم العسكري والاقتصادي.
وأية محاولة لمقاومة هذا الاحتلال مساندةً للشعب الفلسطيني من قبل إخوانه في الدين والعروبة تُقابَل باتّهامات باطلة ووصمها بالإرهاب كحال اليمن، في حين تُعتبر جرائم الحرب والإرهاب والإبادة التي ترتكبها بعض الدول الحليفة لأمريكا مثل الكيان الصهيوني آمنة ومأمونة من النقد أَو العقاب.
يجب أن يتذكر العالم دومًا أن العدالة قد تتأخر، لكنها لا تموت أبدًا، وأن فجرًا جديدًا لا بد أن يبزُغَ في يومٍ من الأيّام، حاملًا في طياته الأملَ لإنهاء التوحُّش واستعادة القِيَم الإنسانية.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
نواب البرلمان البريطاني يرحبون بدعم الحكم الذاتي وينشدون تصنيف البوليساريو تنظيم إرهابي
زنقة 20 | الرباط
عبّر عدد من أعضاء البرلمان البريطاني من مختلف الأحزاب عن دعمهم الواضح والصريح لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب كحل نهائي للنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، معتبرين أن المقترح المغربي يُعد الإطار الواقعي الوحيد القابل للتنفيذ من أجل تحقيق تسوية دائمة وتعزيز الاستقرار في المنطقة.
As Chair of Labour Friends of Morocco I am really pleased to see this significant step forward in the UK-Morocco partnership, including supporting Morocco's autonomy plan for Western Sahara, economic growth, energy and of course the 2030 World Cup https://t.co/F0owAKMPci
— Joe Powell MP (@josephpowell) June 1, 2025
وعبّر النائب العمالي جوزيف إدوار باول، عن ترحيبه الكبير بموقف الحكومة البريطانية، واصفًا إياه بـ”الخطوة المهمة في مسار الشراكة الاستراتيجية بين المملكة المتحدة والمغرب”.
وأشار باول، الذي يرأس مجموعة “أصدقاء المغرب في حزب العمال” التي تم إطلاقها مطلع العام الجاري، إلى أن هذا التعاون يشمل أيضًا مجالات الطاقة والنمو الاقتصادي، ويؤسس لشراكات مستقبلية في أفق احتضان المغرب لكأس العالم 2030.
كما رحب تشارلز فلاناغان، وزير العدل الأيرلندي السابق، بموقف المملكة المتحدة، واصفًا مقترح الحكم الذاتي المغربي بأنه “الخيار الأكثر مصداقية وواقعية وقابلية للتنفيذ”، معتبرًا الخطوة البريطانية تطورًا نوعيًا في مسار حل النزاع. وانضم إليه عدد من السياسيين الأيرلنديين الذين تفاعلوا مع الإعلان عبر حساباتهم الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي.
ليام فوكس، النائب البريطاني وعضو مجلس العموم ووزير الدفاع الأسبق، أشاد في تغريدة على موقع x ، بإعلان بريطانيا دعمها لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء.
(1/2) The UK has finally grasped that the Moroccan initiative on Western Sahara is the only game in town and caught up with our American and some European allies. ????????????????
— Sir Liam Fox (@LiamFox) June 1, 2025
فوكس، المعروف بدعمه لوحدة أراضي المغرب، أكد أن المملكة المتحدة أدركت أخيرا أن المبادرة المغربية بشأن الصحراء هي الخيار الوحيد القابل للتطبيق.
و كتب يقول :” حان الوقت لدعوة جميع حلفائنا وشركائنا في دول الكومنولث إلى تبني نفس الموقف”
وبدوره، أكد النائب تشارلي ديوهيرست أن دعم لندن لمقترح الحكم الذاتي سيعزز العلاقات الثنائية مع المغرب، ويفتح الباب أمام فرص اقتصادية واعدة، خاصة في أقاليمه الجنوبية، داعيًا المستثمرين البريطانيين إلى اغتنام هذه الدينامية الجديدة.
وعبر عن دعمه الصريح للمقترح المغربي، مشبها جبهة البوليساريو بحركتي “حماس” و”حزب الله”، وداعيًا إلى تصنيفها كتنظيم إرهابي.
وفي السياق ذاته، أشار النائب البريطاني أندرو موريسون، الوزير السابق وعضو مجلس العموم، إلى أن اللقاءات الأخيرة شكلت فرصة لإطلاع صناع القرار البريطانيين على حجم الأوراش التنموية التي يشهدها جنوب المملكة. ودعا حكومة بلاده إلى الاقتداء بالدول الغربية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، في دعمها الصريح للمبادرة المغربية.
ويعكس هذا الدعم المتنامي من المؤسسة السياسية البريطانية لمبادرة الحكم الذاتي المغربية تحولا ملحوظا في الموقف الأوروبي تجاه ملف الصحراء، ويؤكد مكانة المغرب كشريك إستراتيجي موثوق به في شمال إفريقيا.