داعش الساحل| الفراغ الأمني في غرب إفريقيا يعزز تمدد التنظيم المتطرف
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في منطقة تهزها الاضطرابات السياسية والأمنية، ومع انسحاب القوات الغربية وسيطرة الأنظمة العسكرية، يبرز تنظيم داعش في الساحل كلاعب رئيسي يعيد رسم خريطة النفوذ في غرب إفريقيا.
مستغلًا الفراغ الأمني والفقر الذي ينهش المجتمعات المهمشة، يوسع التنظيم المتطرف نطاق سيطرته ويبتكر وسائل جديدة لكسب القلوب قبل الأرض.
كيف تمكن داعش الساحل من ترسيخ وجوده في هذه المناطق؟ وما الذي يعنيه هذا التحول بالنسبة للأمن الإقليمي والدولي؟
تنظيم داعش الساحل تواصل تمددها على مساحات جديدة، في ظل تدهور الوضع الأمني الناجم عن سيطرة الطغمة العسكرية على الحكم في بوركينا فاسو ومالي والنيجر.
هذا التوسع يحدث في وقت يشهد انسحاب القوات الغربية من المنطقة، إلى جانب انسحاب جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة من مناطق واسعة بالقرب من الحدود بين مالي والنيجر، حيث سبق أن شهدت الجماعتان مواجهات عنيفة في الماضي.
وكان قد أوضح السيد شانتانو شانكار، من وحدة الإيكونوميست للاستخبارات، في حديثه لشبكة "صوت أمريكا"، أن الفراغ الأمني الناتج عن انسحاب الجيشين الفرنسي والأمريكي من المنطقة قد خلق فرصة كبيرة لداعش الساحل.
وأشار إلى أن المرتزقة الروس، الممولين من الحكومات العسكرية المسيطرة، غير قادرين على سد هذا الفراغ بشكل فعال.
ويستغل التنظيم هذه الظروف الأمنية المتردية بالإضافة إلى الفقر وانعدام فرص العمل في المنطقة لتوسيع قاعدته من خلال تجنيد أفراد من المجتمعات المهمشة التي تعاني من الإهمال الحكومي.
وأكد السيد هني نسايبيا، منسق غرب إفريقيا في مشروع بيانات مواقع النزاعات المسلحة وأحداثها، أن الشباب في المناطق الريفية لا يجدون أي فرص تُذكر، خاصة أولئك الذين تعرضت مجتمعاتهم وأسرهم لعمليات قمع من قبل قوات الدولة.
هؤلاء ينظرون إلى الانضمام لداعش كوسيلة لتحقيق الأمن الشخصي، والانتقام، وكسب المكانة.
داعش الساحل ينفذ استراتيجية تحسين العلاقات والسيطرة الاقتصادية لتحقيق النفوذ
كما أظهر تقرير صادر عن المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية أن داعش الساحل يحاول منذ عام 2022 كسب دعم السكان المحليين من خلال تحسين العلاقات معهم.
التنظيم بات يهيمن بشكل شبه كامل على منطقة ميناكا في مالي، باستثناء البلدة نفسها. ومع ذلك، فإنه يسيطر على جميع الطرق المؤدية إليها، ويشرف على حركة الأفراد والبضائع، ويستفيد من جباية الضرائب على الأنشطة المختلفة، سواء القانونية أو غير القانونية.
وفي بداية عام 2023، بدأ التنظيم الانخراط في الأنشطة الاقتصادية الشعبية في المنطقة، حيث أدرك حاجته إلى استعادة الاقتصاد المحلي وسلاسل الإمداد التي تضررت جراء عملياته السابقة.
ويبدو أن تحسين العلاقات مع السكان المحليين أصبح جزءًا من استراتيجيته لتحقيق السيطرة المستدامة على الأراضي.
تنظيم داعش يمارس أنشطة اقتصادية عبر تعدين الذهب والتهريب
يشير تقرير المبادرة إلى أن تنظيم داعش الساحل يقدم نفسه كراعٍ اقتصادي للمجتمعات المحلية، حيث يتغلغل في الأنشطة الاقتصادية الحيوية مثل تعدين الذهب وتهريب السلع.
يهدف التنظيم من خلال هذه الخطوات إلى تعزيز شرعيته كجهة أحق بالحكم في المناطق التي يسيطر عليها.
ولتعزيز وجوده، شجع التنظيم المجتمعات المحلية على العودة إلى مناطقهم عبر توزيع المنشورات، وإلقاء المواعظ في المساجد، واستغلال وسائل الإعلام الاجتماعي لنشر قيمه وأساليبه.
كما وفر الحماية للمجتمعات، وأعاد الماشية المسروقة، واستثمر في إعادة إعمار البنية التحتية التي كان قد دمرها سابقًا.
علاوة على ذلك، اتخذ التنظيم إجراءات صارمة ضد قطاع الطرق والمجرمين غير المنتمين له. وأشار التقرير إلى حادثة وقعت في يوليو 2023، حيث أقدم التنظيم على بتر يدي ورجلي شابين بتهمة فرض ضرائب باسمه على الأهالي.
التقرير يكشف أيضًا عن أدلة تشير إلى انتشار أنشطة التنظيم في مقاطعة عليبوري الواقعة في شمال بنين. هناك، بدأ التنظيم بشراء قوارب صغيرة لتجار التهريب العاملين في نهر النيجر، وفرض الضرائب على المجتمعات المحلية لدخول متنزه "دبليو الوطني" في بنين، بالإضافة إلى جمع الزكاة.
ونظرًا لموقع عليبوري الحدودي مع نيجيريا، يبرز احتمال أن يتحد داعش الساحل مع فرع التنظيم في غرب إفريقيا، مما قد يؤدي إلى تصعيد أنشطة المتشددين في المنطقة.
ويختتم التقرير بالقول: "إن الجهود التي يبذلها داعش الساحل لكسب الشرعية في المناطق التي لم يرسخ فيها سيطرته بعد تشير إلى تحول محتمل في استراتيجيته.
إذا استمر التنظيم في تقليل العنف وتعزيز العلاقات مع المجتمعات المحلية، فقد يمهد ذلك لبقائه وصموده في المنطقة على المدى المتوسط والطويل."
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: داعش الساحل الإفريقي الإرهاب في غرب إفريقيا الارهاب التنظيمات الإرهابية الإفريقية داعش الساحل غرب إفریقیا فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
مقتل دبلوماسيين وتقرير عن الإخوان المسلمين.. هكذا غيّرت غزة الغرب إلى الأبد
لم يعد الصمت ممكنًا حول ما يجري في غزّة، ليس على مستوى الرأي العام الدولي، لأن أثره محدود، ولكن على مستوى أصحاب القرار من القوى العظمى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، والصين، وأوروبا، وعلى مستوى العالم العربي والإسلامي.
لم يعد هناك مجال لدبلوماسية الخطوات الصغيرة، والبلاغات المتزنة، والتصريحات المطمئنة والتي لا تغيّر شيئًا. ينبغي وقف حرب إبادة تتم بأبشع الصور، من خلال التجويع واستمرار الدمار، ويتوجب السماح بدخول المساعدات بلا قيد أو شرط، وضمان توزيعها، من قِبل الأمم المتحدة.
نعم، تمّ تسجيل مواقف تنأى عن السردية الإسرائيلية، على المستوى الغربي، وتصف ما يجري بالوضع اللاإنساني، وغير المقبول، ولكن آلة التقتيل الإسرائيلية تستمر في الإبادة، ولا تأبه بالمواقف الدولية، فلم ترتدع آلة التقتيل الإسرائيلية في حصد القتلى، من المدنيين والشيوخ والأطفال، في الخيام، أو وسط الركام، أو استهداف ما تبقى من المستشفيات.
إثكال آلاء حداد، في تسعة من أبنائها، وترميلها في زوجها، هي صورة لما آلت إليه ماكينة التقتيل الإسرائيلية.. هي صورة معبرة عن الوضع ككل، لأن مأساة الأم حداد، لا تنفصل عن مأساة كل الغزيين.
التجويع أداة في خطة من أجل "تنظيف" غزة، بهدف "الحل النهائي"، وهي الكلمة التي كان يستعملها النازيون للقضاء النهائي على اليهود. نحن في فصل جديد، لـ"الحل النهائي" للفلسطينيين، أي إبادتهم، أو دفعهم للرحيل. وكل ما يقال عن أولوية إطلاق الأسرى، هي ذرائع، لا غير.
إعلانالوضعية الحالية من شأنها أن تسفر عن تداعيات لن تكون في صالح إسرائيل، ولا الغرب. يقرّ إسرائيليون أنفسهم، من سياسيين ومن أصحاب الرأي، أن "رَيع المظلومية" لإسرائيل آخذ في التآكل، وأن الصورة التي تتشكل عن إسرائيل في الغرب، سلبية لما تقترفه في غزة. أما على مستوى العالم العربي، فالشعور المتنامي، لدى الجماهير، هو رفض التطبيع. وحتى لئن ارتبطت إسرائيل بعلاقات مع بعض الدول، فإن المجتمعات ترفض التطبيع، وستبقى في دائرة ما كان يسمى بـ" السِلم البارد".
ينهض جيل جديد، في العالم العربي، يختلف عن الصورة النمطية التي كان يُروّج لها قبل أربع سنوات، حول النظر لإسرائيل، لا علاقة له بالصراع العربي الإسرائيلي، ولا لما كان يُعتبر "أساطير الماضي". الجيل الناهض يمتلئ غضبًا وحنقًا.
أما الغرب، فإنه سيخسر رصيده الأخلاقي، على اعتبار أنه وحدة منسجمة. يتعزز ما يسميه وزير الخارجية الفرنسي السابق هيبير فدرين، بالشلل الإستراتيجي لأوروبا. يترسخ عجزها، مما سيؤثر ليس على صورتها فقط، بل على أدائها وهي تسعى لأن ترسم خطط دفاع مشترك، أمام ما تراه خطرًا روسيًا عليها.
وأما الولايات المتحدة فهي الدولة الوحيدة، التي يمكنها أن توقف عمليات الإبادة والتجويع. استمرار عمليات التقتيل والتجويع، لا يمكن أن يفسر على أنه عجز من الولايات المتحدة، وإنما تواطؤ.
واهمٌ من يعتقد أن الأوضاع ستعود إلى طبيعتها بعد نهاية الحرب. منسوب الغضب لدى الفلسطينيين، وفي العالم العربي، والتذمر لدى فعاليات غربية، سيؤثر على طبيعة العلاقات المجتمعية بداخل الغرب. يمكن أن نستشهد بحدثين يحملان نذر المواجهة، أولهما مقتل دبلوماسيين إسرائيليَيْن قبالة المتحف اليهودي في واشنطن، والثاني نشر تقرير عن الإخوان المسلمين في فرنسا.
الحدث الأول يحمل نُذر العنف بداخل المجتمعات الغربية، والتقرير يحذر من التوتر بداخل هذه المجتمعات، رغم المنطلقات المغرضة التي حملها، ولكن هناك حقيقة لا يمكن أن يُتستر عنها، وأشار إليه التقرير، وهي أثر الحرب في غزة على الجاليات المسلمة في أوروبا.
إعلانيمكن إبطال ما قد يعتمل من نُذر توتر وعنف بوقف الحرب على غزة، والسماح بدخول المساعدات وتوزيعها، وإعادة تعمير غزة، والوقوف ضد مخططات التهجير، والاعتراف بحقوق الفلسطينيين، وإلا فإن العالم سيعرف فصلًا مروعًا وبالأخص في ضفتي البحر الأبيض المتوسط، بداخل المجتمعات الغربية، وبين وحدات الضفة الجنوبية للبحر الأبيض. لسنا في منأى من تحويل بؤرة التوتر من غزة، إلى داخل العالم العربي، في مخططات شيطانية، تأتي على الأخضر واليابس، حتى يتم "تنظيف" غزة، في يُسر. وبتعبير أوضح، خلق بؤر توتر كبرى، تصرف عن النظر عما يجري في غزة.
يشير الغربيون إلى الحرب العالمية الأولى بأنها حرب لم يكن يريدها أحد، وأن القياديين كانوا في حالة من الذهول التي تعتري شخصًا يسير وهو نائم.. وقامت الحرب، وخلّفت من المآسي ما خلفت.
نحن في وضعية مشابهة كمن هو في حالة ذهول، يمشي حتف أنفه نحو الهاوية. الضمير هو ما ينقذنا، ولكن الضمير معطل، وإذا لم يتم تدارك الأمور، في غزة، بوقف آلة الدمار والتقتيل، والسماح بدخول المساعدات، كأولوية، فلا أرى أن العالم سيكون في مأمن من الكارثة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline