سودانايل:
2025-07-29@10:00:48 GMT

الوجود الأجنبي .. التفريط .. التلاعب بهويّة الدوله

تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT

محمد عبد الله الصايغ

عندما كانت الدانات والصواريخ الأولى تُعانق سَماء الخرطوم وأبريل العام ٢٠٢٣ يكاد أن ينتصِف ؛ وعندما كانت الأرضُ تهتز بِقوَّةِ النيران على خلافِ ما شَهِدَتهُ أجيالُنا من إنقلاباتٍ عسكريه كانت هُنالك بصّات أنيقه تحوي في جَوفِها ( الوُّجود الأجنبي ) في السودان مَحروسةً بِخَوفِ طَرَفَي الحرب مِن التَعَرُّض لها.

إستَمَرّت عمليّة الإجلاءِ هذه لفترةٍ تؤكّد أنّ الأعداد من الضخامة بحيثُ أنّها تتجاوز المسموح بِهِ قانوناً وأخلاقاً حسب التوصيف المُتعارف عليه بين الدوَل حمايةً لأمنِها واقتصادِها والحفاظ على سيادتِها. هذا التدافُع للمُغادَره حتّمَتهُ ظروف الحرب المُفاجِئه وهو الذي أعطى لهذه الدراسه الأمينه العَفويه مصداقيتَها لما كانَ عليهِ حال الوجود الأجنبي ببلادِنا ( الهامِلَه ) الذي إمتَدّ بين الأعوام ١٩٨٩ وحتى قيام الحرب.

إضطُرِرنا لمغادَرة منزلنا بحي العمارات في اليوم الأول للحرب بعد أن وقعت دانه على المنزل وحطمت جزءاً كبيراً منهُ ورَعتنا العنايه الإلهيه. عُدنا للمنزل بعد أيّام راجلين لأخذ بعض حوائجِنا وكان حي العمارات خالياً بحكم استهدافه. وجدنا أعداداً من ( تسعه طويله ) في مختلف الأعمار وهم يجلسون على الشوارع عند ما يبدو أنّها مراكز تجميع للمنهوبات ( أشكالاً وألواناً ). كان من الصعب تحديد ( الدوَل )التي ينتمون إليها من واقع اللهجه التي كانوا يتحدثونَ بها. كانَ حي مايو ، بحُكم الموقع الجغرافي ، هو الحاضنه وحسبما أفادوا.

في طريقنا بالحافله إلى ام درمان للمغادره للشماليه مررنا بالمنطقه الصناعيه الخرطوم بحري. لن اجد توصيفاً أعبّر به عمّا رأيت من مظاهرٍ للنهب خلاف الجراد. لم يكن هنالك شبراً واحداً على كلّ تلك المساحه الشاسعه ليس فيه طفل او رجل او إمرأه او عربة كارو وهم يحملون المنهوبات ويُهَروِلون مُسرِعين ليس خوفاً وإنّما ليتمكّنوا من العوده مراتٍ ومرّات وكان كل ذلك يحدُثُ في وسطِ قصفٍ بالأسلحةِ الثقيله… وكانت منطقة العِزبه هي مربط الفرس.

قبل الحرب كانت مدن العاصمه الثلاث تكتظُّ تقاطعات شوارعها بالمتسوّلين رجالاً ونساءً وأطفالاً وجميعهُم أجانب ينتمون لدولٍ أخرى حتى أنّ ذلك شكّل ظاهرةً خطيره أمنيّاً وصحيّاً لكنّهُ لم يُشَكّل أي هاجس بالنسبةِ للسلطات زمن الإنقاذ أو ( إمتدادِها ) المُستَحّق حكومة الإنتقال.

ينسى الكثيرون من ( قادة ) القوات النظاميه ( القانون المُغَلَّظ ) الذي ردّدوه واليد اليُمنى على المصحف والأُخرى شاخصه إلى السماء الذي يقول ( أن أطيع في كلّ الأوقات الأوامر ( القانونيه ) الصادره إليّ من ضابطيَ الأعلا. ) وهُم يغضّونَ الطّرف عن الجريمه الكامنه خلف صرف الرقم الوطني إذا صادَفَ ، توصيف قائد الدعم السريع عبارة ( ضابطيَ الأعلا ) أمّا الفعل فهو لا علاقةَ له بتوصيف ( القانوني ) الوارده بذلك القَّسَم فهو يستوجِبَ الرَّفض أيّاً كانَ مُصدِرُهُ.
كم نحنُ في حَوجّةٍ لِمَن يقولونَ لا ويذهَبونَ ( مَطرودينَ إلى منازِلِهِم يستطيعونَ النظر في عيونِ أطفالِهِم بِفَخر.

شعبنا الكريم المضياف التلقائي ، الذي لم يسأل يوما عن أصول شخصٍ ، وهوَ يُكرِمَهُ ، ينتشر اليوم في أرجاءِ العالَم. رأى بأُمّ عينيه ( القيود ) التي تُكَبّل دخولَهُ وحركَتَهُ ورأى ( المهانَه ) في منسوبيه الذين يُبعَدون يوميّاً للوطنِ أو لِما تَبقّى منهُ ويُلقى بهم إلى النقاط الحدوديه في أسوأِ حال.

قبل العام ١٩٨٩ لم يكن لأجنبي أن يتواجد داخل السودان إلّا لأسبابٍ قانونيه مقبوله ومستوفية المستندات وكانَ مكان إقامَتِه معروفاً للسلطات وكذلك زمن مغادرته. كانت عربة الشرطه تقف امام نُزُلِه فورَ إخلالِه بأيّ شرطٍ من شروط الإقامه أو المغادره. كان أيضاً للسودانيين من اصحاب الجنسيات الأخرى إقامات قانونيه تُعطى وتُجدَّد وتُنزَع حسب الحال.

تعوّدَ الكثيرون ، بعدَ رحيل أعِزّاءٍ لَهُم ، أن يَعُضّوا أيادي النّدَم على أبٍ ، قَريبٍ أو صديقٍ فقدوه ولم يُبِرُّوه أو يُحسنوا إليه. كانَ الوطنُ كريماً على امتدادِ تأريخِه مَعَ أبنائهِ. احتمَل الكثير من عقوقِهِم وذِلّتِهِم لَهُ وتمثيلِهِم بهِ ومرمَغة كرامَتِهِ بالوحل.غابت التربيه الوطنيه فصار المال العام هدفاً ستراتيجياً وصارت ( العماله ) للأجنبي شيئاً عاديّاً وصار حُكّام الأمر الواقع يُدينون بالولاء كُلٌّ إلى دولَةٍ ما ولم نَسلَم حتّى من إسرائيل عَلَناً و ( قوّة عين ) ولم يعض أحدٌ أصابعهُ ندماً عندما ، أخيراً ، مات الوطن… ذهب الجميع إلى الأوطان البديله أمّا البقيه فقد احتاطوا في الكثير من الدول بالقصور وبالشقق فذهبوا إليها واستمرّ الحُكام في حُكمِهِم ( كأنّ شيئاً لم يَكُن ) وذهب الشعب إلى المطاحن والمحارق.

لا نُطالب ، إن سَلِمَتِ الجَرّه هذه المره ، سوى أن نَعتَبِر بِحجم عَصفِ الكارِثَه .. فرُبّما تكون الإنذار الأخير.

[email protected]  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

خبير اقتصادي: مصر الأولى إفريقيًا في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر

أكد المهندس إيهاب محمود، الخبير الاقتصادي، أن مصر تولي اهتمامًا بالغًا بزيادة حصتها من التجارة الدولية، وتسعى لتحويل نفسها إلى مركز عالمي للتصنيع والخدمات اللوجستية.

وقال «محمود»، خلال لقائه عبر قناة «النيل للأخبار»، إن الدولة المصرية، انطلاقًا من رؤية الجمهورية الجديدة وتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، أولت اهتمامًا خاصًا بتطوير البنية التحتية للموانئ البحرية والجافة، بالإضافة إلى شبكة الطرق اللوجستية، وقد شمل هذا التطوير جميع الموانئ على مستوى الجمهورية، مستغلة الموقع الجغرافي المتميز لمصر على البحرين الأحمر والمتوسط.

وأوضح أن إنشاء الهيئة الاقتصادية لقناة السويس يهدف إلى استقطاب أكبر قدر من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتي ستدر عائدات دولارية وعملات أجنبية لمصر، وقد ساهمت هذه الخطوات بالفعل في وضع مصر بالمركز الأول أفريقيًا في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بفضل ما لمسته الشركات العالمية والخطوط الملاحية من حجم التطوير الحاصل في الموانئ والمحطات الجديدة، مثل محطتي «تحيا مصر 1 و2»، وتطوير موانئ الإسكندرية، والدخيلة، والسخنة، ودمياط.

ولفت إلى أن مصر تستهدف الوصول إلى 30 مليون حاوية ترانزيت بحلول عام 2030، كما تركز على زيادة صادراتها من الحاصلات الزراعية، والصناعات الغذائية، والبتروكيماويات، والصناعات التعدينية، مشددًا على أن المنتج المصري، عندما يحمل شعار «صنع في مصر» ويصل للأسواق العالمية بسعر تنافسي وفي توقيته، يعكس صورة إيجابية عن استقرار مصر الاقتصادي والسياسي.

ونوه بأن مشروع القطار الكهربائي السريع يلعب دورًا حيويًا في منظومة الشحن واللوجستيات، موضحًا أن هذا المشروع يختصر الوقت وينقل العنصر البشري «المستثمر، والعامل، والمهندس» إلى أماكن حيوية في وقت قصير وبشكل آمن، مما يشجع المستثمرين على التوسع في استثماراتهم داخل مصر.

اقرأ أيضاًتركيب قضبان مشروع القطار الكهربائي السريع العين السخنة-مطروح «فيديو»

موعد تشغيل القطار الكهربائي السريع.. يربط الجيزة بأسوان مرورًا بـ 36 محطة

تعرف على محطات القطار الكهربائي السريع بالأقصر

مقالات مشابهة

  • وزير الداخلية يلتقى معتمد معتمدية اللأجئين واللقاء يناقش قضايا اللأجئين بالبلاد
  • تحذيرات إسرائيلية من مخاطر الوجود التركي في سوريا خلفا لإيران
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • في حملات تموينية.. الداخلية تضبط 6 أطنان دقيق مدعم خلال 24 ساعة
  • خبير اقتصادي: مصر الأولى إفريقيًا في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر
  • 13 ألف حالة| تنظيم الاتصالات يكشف مفاجأة عن حوكمة أجهزة المحمول
  • من التعيين إلى التلاعب..الانتخابات موسم المتاجرة بالآمال
  • كاتب بريطاني: إبادة غزة كانت متوقعة نظرا لخطاب صراع الحضارات والإسلاموفوبيا لسنوات
  • الداخلية تضبط 6 أطنان دقيق مدعم خلال حملات تموينية على الأسواق
  • كانت ستجنب العراق ويلات الحرب.. الكشف عن مبادرة عربية رفضها صدام حسين