قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء إن إنكار السنة النبوية بدأ بطرق وأساليب مختلفة على مر العصور، وكانت البداية مع الخوارج الذين يعتبرهم البعض أسلافًا لما يسمى "الخوارج النابتة" في عصرنا الحالي.

 

وجاء ذلك خلال ندوة ( القرآنيون.. لماذا أنكروا السنة؟) في  جناح الازهر بمعرض الكتاب 2025، وتابع جمعة إنه مع أن الخوارج في العصور الأولى أنكروا السنة، إلا أنهم تمسكوا بالإجماع وتشدّدوا في الدين، مما جعلهم لا يزالون من أهل القبلة.

 

 

ولكن، في العصر الحديث، بدأ من يسميهم "القرآنيون" إنكار السنة بشكل مختلف، إذ تجرؤوا على رفضها بشكل مباشر بل وادّعوا أن القرآن الكريم وحده هو المصدر الوحيد للتشريع، متجاهلين السنة النبوية.

مراحل إنكار السنة

يمكن تقسيم مراحل إنكار السنة إلى فترتين رئيسيتين:

الفترة الأولى: كانت في العصور الإسلامية المبكرة حيث أنكر الخوارج السنة ولكن لم ينكروا الإجماع.الفترة الثانية: بدأت في القرن الرابع الهجري ولكن لم يظهر جليًا الفكر القرآني إلى القرن الثالث عشر الهجري، حيث بدأ يظهر فكر القرآنيين الجدد الذين تمسكوا برفض جميع المصادر الإسلامية التي تعتمد على السنة.أبرز الشخصيات التي أنكرت السنة

من أبرز الشخصيات التي ساهمت في إنكار السنة هم:

أحمد خان (1817-1898م): المفكر الهندي الذي دعا إلى إنكار السنة رغم أنه لم ينكر الإجماع.عبد الله جكرا لوي (1830-1914م): الذي أسس جماعة "أهل الذكر والقرآن" في باكستان.غلام أحمد برويز: أستاذ الحديث الذي انتقل إلى إنكار السنة بعد فشله في الرد على الشبهات الفكرية.محمد توفيق صدقي (1881-1920م): الطبيب المصري الذي نشر مقالًا عام 1906 "الإسلام وحده القرآن"، ثم تراجع عن إنكاره بعد مناقشات علمية.أحمد صبحي منصور: المفكر الذي بدأ إنكار السنة في التسعينيات، وأسّس مركزًا لمناهضة السنة بعد فصله من جامعة الأزهر.أسباب إنكار السنةالصدام الحضاري: تزايد التأثر بالثقافات الغربية دفع بعض المسلمين إلى إنكار بعض الأحكام الإسلامية.الجهل العقلي والنفسي: قد يكون البعض غير قادر على معالجة الشبهات الفكرية مما يدفعهم للإنكار.التوجهات الفكرية والسياسية: تأثر البعض بالفكر الاستشراقي أو الفلسفات الحديثة أدى إلى تبني أفكار مناهضة للسنة.الرغبة في الشهرة والتميّز: بعض الأفراد يسعون للشهرة عبر تبني آراء شاذة.الجهل بالدين: يعتبر الجهل بالدين من أبرز العوامل التي أدّت إلى إنكار السنة.خطورة إنكار السنة

إن إنكار السنة لا يقتصر على مسألة فكرية، بل يعدّ محاولات لتشويه فهم الإسلام. فالسنة النبوية هي المصدر الثاني بعد القرآن الكريم في التشريع، ولا يمكن معرفة كيفية أداء العبادات مثل الصلاة والصيام إلا من خلالها. 

كما أن إنكار السنة يؤدي إلى التشكيك في القرآن نفسه، حيث اعتبر الإمام الرازي في تفسيره للآية "مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ" أن السنة هي تفسير للقرآن، وليست خارجة عنه.

كيفية التصدي لهذا الفكر

وللتصدي لهذا الفكر المنكر للسنة، يجب العمل على نشر الوعي العلمي والديني من خلال:

تعليم الشباب التوثيق العلمي: من خلال علوم الحديث وأسانيد النقل.نشر الوعي عبر وسائل الإعلام: مثل المجلات والمقالات التي تصدرها المؤسسات العلمية كالأزهر الشريف.توفير مرجعيات علمية موثوقة: لتعريف الناس بجهود العلماء في حفظ السنة النبوية.الاهتمام بالسند: التأكيد على أهمية تواتر السند العلمي في نقل السنة. 

إن إنكار السنة النبوية ليس مجرد اختلاف فكري، بل هو محاولة لضرب الأساس التشريعي للإسلام. يتراوح المنكرون بين من لديهم شبهات علمية قابلة للنقاش، وبين من يحملون أجندة فكرية تهدف إلى هدم الدين من الداخل.

 ومن الضروري أن نتصدى لهذه الأفكار من خلال تعزيز الثقافة العلمية الصحيحة والإيمان العميق بمكانة السنة النبوية في الإسلام.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: السنة السنة النبوية جمعة ندوة هيئة كبار العلماء الدكتور مفتي الجمهوري معرض الكتاب 2025 السنة النبویة إلى إنکار من خلال

إقرأ أيضاً:

الحدود وإشكاليّة دخول الكتاب

نعيش اليوم في عالم رقميّ متداخل على بعضه، وبضغطة زر يمكن أن تحصل على أيّ كتاب تريده، وبأيّ لغة شئت، وممكن أن تترجمه بسهولة؛ فلم يعد الكتاب ولا الحصول عليه ولا التّعامل مع لغته حاجزا عن المشتغل بالثّقافة والمعرفة، أو حتّى على مستوى العاشق الهاوي لها، أو لجمع الكتاب. ومع هذا الانفتاح العالميّ والرّقميّ إلّا أنّ التّفكير الوظيفيّ في الحدود يتعامل مع حامل الكتب وكأنّه قبل ثلاثين أو أربعين سنة خلت، ولا أتحدّث هنا عن التّاجر أو الموزع، لكنّي أتحدّث عن الفرد الّذي يخرج من بلده بصفة شخصيّة، ويرجع محمّلا بمجموعة من الكتب لأغراض شخصيّة وليست تجاريّة، والثّانية فيها لائحة منظمة قديما وحديثا، والّذي يدخل ضمن قانون المطبوعات والنّشر الّذي صدر قديما برقم (49) لعام 1984م، وعدّل حديثا برقم (95) لعام 2011م، ووفق المادّة (16) «لا يجوز لأحد أن يزاول مهنة استيراد أو بيع أو توزيع أو نشر مطبوعات أو إنشاء دار نشر أو دار توزيع أو مكتبة قبل الحصول على ترخيص بذلك من الجهة المختصّة بوزارة الإعلام متضمّنا البيانات اللّازمة الّتي تحدّدها اللّائحة التّنفيذيّة لهذا القانون».

ورغم ما نشرته أثير في موقعها الإلكتروني عن وزارة الإعلام بتأريخ 18 فبراير 2021م «بأنّ استيراد الكتب للاستخدام الشّخصيّ لا يحتاج إلى موافقات مُسبقة أو تصريح من الوزارة»، «وأكدت الوزارة في تنبيه لها رصدته أثير بأنّ التصريح المُسبق يسري فقط على استيراد الكتب لغرض النّشر والتّوزيع»؛ ففي الواقع اليوم نجد عكس ذلك تماما، فلي مثلا سفرات خمس أخيرة إحداها جوّا، وأربع منها برّا، ففي الجو رفضوا إدخالها، وكانت لا تصل عشرين كتابا في الأديان، وأخبرتهم أن هذه الكتب لا تصل إلى عُمان، وأحتاج إليها في اهتمامي بفلسفة الأديان، وكانت غير مكرّرة، وللاستعمال الفرديّ، لكنّهم يحتجّون بتوجيهات تمنع دخول الكتب بدون تصريح عن طريق وزارة الإعلام. وأمّا برّا فمعاناتها أشدّ؛ فقد تحتاج الانتظار لساعات في أماكن غير مهيأة للانتظار، وصلت إحداها أربع ساعات لأجل بضعة كتب، وهم يستخدمون ذات الحجّة.

الإشكاليّة أنه لا يوجد قانون منظّم - حسب علمي-، ولمّا تناقش أدنى حججهم «هناك توجيهات بعدم إدخال الكتب بدون ترخيص مسبق من جهة الإعلام»، وبعضهم يقول: إذا جاوزت خمسة عشر كتابا، وأحيانا من يعمل هناك من الجهات الشّرطيّة لا علاقة له بالكتب، لا قراءة ولا هواية، ولا يوجد مسؤول مختصّ من الإعلام يمكن أن يعالج الموضوع في حينه، وأحيانا تضطر إلى تغيير معبر الدّخول، وتجد الوضع أسهل من غيره، وقد يكون بنفس التّشديد أو أشدّ. هذا الوضع يحتاج إلى معالجة من قبل الجهات المختصّة؛ فهذا التّشديد لم أكن أعهده سابقا، وإن كان لابدّ من إفصاح عن الكتب فالمسألة ليست صعبة اليوم إذا نظّمت في الأماكن الحدوديّة وبشكل سريع، مع توفر الأجهزة الرّقميّة، ووجود عاملين مختصّين من جهة الإعلام.

وبعض حججهم - كما أسلفت - كثرة الكتب، مع أني في إحداها كنت حاملا مع أحد الإخوة أقلّ من خمسة كتب، واشتريتها من عُمان مسبقا، وحملتها معي، لكنّي تأخرت لسببها، ثمّ لا يمكن مثلا عند الذّهاب لمعارض مجاورة برّا كمعرض الشّارقة، أو أبو ظبيّ، أو الرّياض، أو الدّوحة مثلا أن تقطع هذا الطّريق وترجع بكتاب أو كتابين، وإذا كان معك من يرافقك؛ فإن قلنا كلّ واحد يشتري عشرين كتابا، ونحن أربعة فجميع ما نحمله ثمانون كتابا على الأقل. كذلك إذا ذهبت إلى معارض دوليّة كالقاهرة وتونس والرّباط وغيرها، فلا يمكن عقلا أن ترجع بكتاب أو كتابين، وأنت قطعت وقتك وجهدك للوصول إليها. كذلك من الطّبيعيّ أن تزور كتّابا ومؤلفين، فتكون حاملا من تأليفاتك لإهدائهم، ويبادلونك بإهداء كتبهم، فترجع محمّلا بالكتب؛ لهذا اضطررنا في بعض الفترات الأخيرة أن نرجعها شحنا جوّا أو بحرا أو برّا، ليس لعدم وجود مكان، بل لمنع دخولها، فهناك مشقّة لإدخالها عند الحدود -وهي كتب شخصيّة- ليست للبيع أو التّوزيع.

في السّابق كان الوضع أسهل بكثير، وكنّا نفخر بتيسير الأمر في منافذنا مقارنة بغيرها، لكن اشتدّ هذا الأمر في السّنوات الأخيرة، وليس منضبطا أو مقننا، فأحيانا تحمل كتبا عديدة، وتدخل بسهولة، ولا تسأل عنها، ولماذا حملتها، وعن ماذا تتحدّث، وأحيانا تحمل أقلّ منها بكثير، فتنظر لساعتين أو أكثر حتى يأتيك ردّ بدخولها أو عدمه، فإن كان هناك توجيه مانع فلا أقل من أن ينظّم في تطبيقه في وقت سهل التّنظيم، فلا يحتاج معرفة الكتاب المسموح به من غيره لهذا الوقت، وممكن فتح نافذة رقميّة تشعرهم مسبقا بذلك، ويكون الرّدّ سريعا. كما ينبغي أن يكون هناك تعاون خليجيّ على مستوى الأمن أو الإعلام لعلاج هذا الوضع وتقنينه.

على أنّ الحصول على الكتاب اليوم أسهل بكثير، والمعرفة أصبحت متاحة، ولا أحد يستطيع حدّها، وممكن أن تشتريه رقميّا، وتخرجه ورقيّا وأنت لا تفارق منزلك، فلا معنى من الخوف من الكتاب، وكأنّه سوف يغيّر فكر المجتمع، فلأفكار المجتمعات اقتضاءات تغيّرها وتطوّرها؛ فإن كانت معرفيّة فالمعرفة مشاعة اليوم للجميع، والتّفكير بلغة المنع دلالة ضعف، لكن التّفكير بلغة التّفاعل والتّنظيم والتّدافع عنصر قوّة، وما يطرح معرفيّا اليوم كان مرئيّا أو مسموعا أشدّ تأثيرا ممّا تبطنه هذه الكتب من معارف.

مقالات مشابهة

  • ما الذي دفع ترامب لتغيير موقفه من المجاعة في غزة خلال 48 ساعة؟
  • 4 آلاف وثيقة بمعرض "ذاكرة وطن في أرض اللُبان" بصلالة
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • وزيرة التضامن تكشف حجم المساعدات التي قدمتها مصر لـ غزة خلال 4 أيام
  • من 3 مراحل و12 منتخباً.. تفاصيل النظام الجديد لبطولة غرب آسيا تحت 23 عاماً
  • مركز جمعة الماجد يقدّم ورشة عمل حول الحوكمة
  • مخالفة في الجامعة اللبنانية... نائب يكشفها!
  • الحدود وإشكاليّة دخول الكتاب
  • على خطاه.. تقنية سعودية حديثة للتعريف بالهجرة النبوية وترسيخها.. ما هي؟
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)