بقناعة راسخة وبإيمان حقيقى بالعدالة كقيمة عظيمة للبشرية، درست القانون واخترت مهنة المُحاماة، وبذلت فى سبيلها الوقت والجهد والكد.
وكُنت وما زلت أرى أن أعظم قيمة يُمكن للشعوب والأمم العظيمة أن تكافح فى سبيلها، هى قيمة العدالة، بمعنى منح صاحب الحق حقه ولو بعد حين، وإزالة الظُلم بعد التبرؤ منه، وانصاف مَن يستحق الانصاف.
وهذا فى ظنى هو سبب صلابة وحيوية القضية الفلسطينية وأحد مبررات بقائها نابضة بالحياة رغم مرور أكثر من قرن على بدايات الاستيطان الصهيونى، ونحو ثمانية عقود على شرعنة الاحتلال الإسرائيلى وتحوله إلى كيان رسمى بإعلان قيام دولة إسرائيل.
فقضية فلسطين هى قضية عدالة فى المقام الأول، بمعنى أن التمسك بالدولة الفلسطينية، والتصدى للجرائم الإسرائيلية، ومكافحة طمس الحقيقة، وتزوير الواقع هو سعى حثيث من أجل العدالة بغض النظر عن الانتماء العرقى أو الدينى.
وما حدث فى فلسطين، هو مُسلسل من الجرائم المتتالية فى حق الإنسان فى العيش على أرضه، وبين أهله، ووفق ما ورثه عن أجداده من تقاليد وأعراف وثقافة. فالخلاف ليس على حدود ومكاسب مادية وعينية بقدر ما هو على حق مسلوب ينافح أصحاب الضمائر لإعادته إلى أصحابه.
وهذا ما يغيب عن السيد دونالد ترامب، الرئيس الأمريكى، الذى يُحكّم معايير التجارة والمنافع المتبادلة والمصالح دون أى اعتبار لعدل وظلم، أو حق وباطل، أو صواب وخطأ. يجهل الرجل المُمثل لرأسمالية متوحشة، ومادية صماء لا تعترف بقيم أو تراعى مبادئ، أن قضية فلسطين ليست سوى قضية عدالة منشودة، وأنه لا يُمكن محو القضية أو طمسها بجرة قلم أو قرار سلطوى أو حتى حرب إبادة، لأنها تحيى فى نفوس ملايين البشر، ليس فقط المنتمين للشعب الفلسطينى العظيم، وإنما الشعوب العربية كلها وكافة أصحاب الضمائر الحية، والمقاومين للظلم والطغيان فى كل مكان.
وانطلاقا من العدل المنشود، فإن موقف مصر استند مُنذ البدايات على هذا المعنى أولا، فالشعب الفلسطينى كان وما زال هو الضحية، والمجنى عليه، وهو الذى تعرّض للعدوان والاستيلاء على حقوقه. ومن أجل هذا الحق خاضت مصر حروبًا قاسية، وقدمت شهداء من خيرة بنيها، ومنحت تضحيات عظيمة عن طيب خاطر.
لذا، أتفهم بشكل واضح عبارة السيد رئيس الجمهورية فى إطار رده على دعوات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بتهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، والتى يقول فيها «إن مصر لن تشارك فى ظُلم الشعب الفلسطيني». فمصر منذ فجر التاريخ لم تقف إلى جوار طغيان، ولم تشارك فى إبادة شعب، ولم تساند ظلمًا أو عدوانًا ضد أبرياء، واتسقت كل مواقفها مع قيمها العظيمة وقيم شعبها فى صون العدالة وتحرى الإنصاف.
إن العدل يتحقق ولو بعد حين، ولا يضيح حق وراء مُطالب، فكل سعى حثيث وحقيقى ومخلص من أجل الحق لا يضيع هباءً، وكافة الحقوق تصل لمستحقيها بالمثابرة والاصرار والتكتل والسعى الدائم، واكتساب التعاطف. وهذا ما يجعلنى متفائلًا بمستقبل القضية الفلسطينية، مؤمنًا أنه لن يتحقق السلام إلا بحل الدولتين، وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية. وهذا هو الموقف المصرى الواضح كالشمس.
وسلامٌ على الأمة المصرية
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د هانى سرى الدين قيمة العدالة
إقرأ أيضاً:
الجزائر تجدّد التزامها بدعم قضايا الشباب الإفريقي
شاركت وزارة الشباب، ممثَّلةً في “دحمان عظيمي”، المكلَّف بتسيير الأمانة العامة للوزارة، نيابةً عن وزير الشباب، في أشغال الاجتماع الوزاري للدورة الخامسة للجنة الفنية المتخصصة حول الشباب والثقافة والرياضة التابعة للاتحاد الإفريقي، بمدينة بوجمبورا بجمهورية بوروندي.
وقد تميّز اليوم الافتتاحي بانعقاد جلسة رسمية تحت شعار “استعادة الكرامة وتعزيز العدالة التعويضية من خلال الشباب والثقافة والرياضة”. وذلك انسجاما مع موضوع الاتحاد الإفريقي لسنة 2025 المتعلق بتحقيق العدالة للأفارقة وللأشخاص المنحدرين من أصل إفريقي.
وشهدت أشغال اليوم الأول الاستماع إلى الكلمات الافتتاحية للمسؤولين الأفارقة. مع التأكيد على الدور المحوري للشباب والثقافة والرياضة في ترسيخ قيم العدالة التعويضية وتعزيز التماسك المجتمعي.
بالإضافة إلى عرض ومناقشة تقرير اجتماع الخبراء الذي سبق اللقاء الوزاري، تمهيدًا لاعتماده.
وتقييم التقدّم المحرز في تنفيذ مقررات الدورة الرابعة للجنة، واستعراض آفاق تطوير آليات المتابعة والتنسيق.
وإطلاق النقاش حول الاحتفال بمرور 20 سنة على ميثاق الشباب الإفريقي ومسار مراجعته. بما يعزّز تمكين الشباب ويوسّع مشاركتهم في مسارات صنع القرار على المستوى القاري.
وتقييم مبادرة “المستوى القادم لمبادرة المليون” (One Million Next Level). حيث أبرز ممثل الوزارة في هذا الصّدد، التقدّم الذي حققته الجزائر في تنفيذ أهدافها. من خلال استعراض جملة من التدابير التي اتخذتها القيادة السياسية للبلاد. وعلى رأسها رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون”، لتمكين الشباب الجزائري في مختلف المجالات.
وخلال مختلف النقاشات، جدّد ممثل الجزائر التأكيد على التزامها الثابت بدعم العمل الإفريقي المشترك. ومواصلة الإسهام الفعّال في صياغة سياسات قارية مندمجة تُعلي من مكانة الشباب الإفريقي، وتُثمّن طاقاته، وتُعزّز هويته. بما ينسجم مع أجندة الاتحاد الإفريقي 2063. ورؤية الجزائر القائمة على جعل الشباب ركيزة أساسية للتنمية والاستقرار.
هذا وتتواصل أشغال الاجتماع في يومه الثاني بمناقشة استراتيجيات تسريع تنمية الشباب في إفريقيا، واعتماد القرارات والتوصيات.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور