على طول محور «نتساريم»، أو ما يعرف بين الغزيين بشارع «صلاح الدين»، الذى يربط شمال قطاع غزة بجنوبه، كانت جثث الشهداء متناثرة، إذ لم يتبقَّ منها سوى رفات وهياكل عظمية وجماجم أحرقتها أشعة الشمس وعبثت بها الكلاب والقطط، أو قطع ملابس بالية كانت هى الدليل الوحيد على صاحبها.

وعلى بعد أمتار من هذا المشهد كانت أسرة «حجازى» تبحث عن رفات أحد أفرادها الذى استهدفته قناصة الاحتلال الإسرائيلى التى كانت تتمركز فى المنطقة، أثناء محاولته العودة إلى منزله فى الشمال مطلع شهر يوليو الماضى، حيث يقف الطفلان «محمد وخالد»، أقارب الضحية العشرينى «فهد»، بينما يمسكان بكفيهما الصغيرين ثلاث جماجم بشرية يقلبانها يميناً ويساراً ولأعلى وإلى أسفل، ويتفحصانها من الداخل والخارج فى سبيل العثور على أى علامة تدلهم على هويته، وما إن كانت تلك الرفات تعود لفقيدهم.

ويحكى «محمد»، بينما ترتسم علامات الحزن على وجهه ويختنق صوته بالدموع: «انصدمنا من كمية بقايا الجثث اللى وجدناها على الطريق، ومش إحنا لحالنا اللى كنا بندور على شهيدنا، بالعكس فيه عالم كتير موجودين فى نتساريم يمكن مئات العائلات بيدوروا على الجثث تبعهم، لأن هذا الشارع كان مكاناً للإعدام الميدانى واصطياد المدنيين، وكل اللى مش لاقى حد من أقاربه بييجى هون للبحث وفيه عائلات صار لها من يوم الهدنة بتدور كل يوم على أولادها أو أى شىء يدل عليهم»، ليصرخ «خالد»: «محمد لقيت علامة وسن مكسور فى هاى الجمجمة وفهد كانت عنده نفس السن معناه إنه هو فهد»، لتجتاح الطفلين مشاعر مختلطة، ويقول «محمد»: «والله مانى عارف أفرح إنى لقيت جزء من جثة قريبى وهدفنها ويصير ليه قبر نزوره، ولا أحزن على فقده وإن إنسان كان كله حياة ونشاط ماضلش منه غير جمجمة مرمية على الطريق، الله يرحم روحه وتكون منعَّمة فى الجنة».

وفى مدينة غزة، وتحديداً فى حى الشيخ رضوان بالقرب من مخيم الشاطئ، كانت تلك وجهة المصور الصحفى الثلاثينى على جاد الله، بمجرد عودته إلى الشمال، حيث قبور أفراد عائلته التى استشهدت منتصف شهر أكتوبر 2023، حيث دفنت جثامين والده وشقيقه التوأم «خالد وصلاح»، وشقيقته «دعاء» تحت الركام، ويقول: «كنت أحلم بالعودة إلى الشمال وزيارة قبور أسرتى، فأنا لم أتمكن من وداعهم ولم أستطع انتشال سوى جثة والدى من تحت أنقاض منزلنا المكون من 3 طوابق وذهبت لدفنه وحيداً، والآن يتوجب أن أذهب لوداعهم وقراءة الفاتحة لهم وطلب الرحمة لأرواحهم».

يجلس «على» على ركبتيه بعد أن خلع درعه الصحفية واضعاً يديه فوق صدره، بينما تنظر عيناه إلى لوح حجرى كبير مكتوب عليه أسماء أشقائه يسبقها كلمة «الشهيد» فيما يحدِّث نفسه بصوت مرتفع: «أبكيكم كأنه اليوم الأول للرحيل، أبكيكم والدمع ينهمر وكأن الأرض كلها ضاقت ولم تبصر عيناى غير هذه الحجارة التى تنزل السكينة على قلبى إنكم ها هنا أحياء ترزقون تسمعوننى وتشعرون بى، وتنتظرون اللقاء كما أنتظر.. اللهم إنى رضيت فى ساعة عزّ علىّ فيها الرضا، فاجمعنى بمن سبقوا فى جنات النعيم واجعل الجنة مستقرنا ومعاشنا ودار الخلود».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: القضية الفلسطينية غزة تصفية القضية الفلسطينية وزارة الخارجية

إقرأ أيضاً:

محافظ القليوبية: 100% نسبة تغطية الصرف الصحي في مدن المحافظة بينما تصل نسبة القرى المخدومة إلى 70%

اطلع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال زيارته اليوم لمحافظة القليوبية على الموقف التنفيذي العام لمختلف المشروعات الجاري تنفيذها بمدن ومراكز المحافظة، في القطاعات الإنتاجية والخدمية بها، من خلال عرض قدمه المهندس/ أيمن عطية، محافظ القليوبية، وذلك خلال القيام بجولة ميدانية في عدد من المشروعات التنموية والخدمية الجاري تنفيذها في عدة قطاعات مختلفة تشمل الإسكان، والتعليم، والصحة، والصناعة، وغيرها.

واستهل محافظ القليوبية عرضه أمام رئيس مجلس الوزراء بالإشارة إلى القطاع الصحي، الذي أوضح أنه يشمل 24 مستشفى حكوميا و27 مستشفى خاصا، و195 وحدة صحية تضم 9885 سريرا، لافتا إلى أن الفترة الأخيرة شهدت طفرة كبيرة ملموسة، من خلال تنفيذ عدد من المشروعات التي سردها، والتي من بينها مستشفيات تم افتتاحها، وهي: قليوب المركزي، والقناطر الخيرية المركزي، وأبو المنجا المركزي، والخانكة المركزي، وقها، وكفر شكر المركزي، بإجمالي عدد 591 سريرا، بجانب مستشفيات تم الانتهاء منها وجار دخولها الخدمة، وهي: مستشفى طوخ المركزي، ومستشفى العبور، بإجمالي 318 سريرا.

كما أشار المحافظ إلى المشروعات الجاري تنفيذها في قطاع الصحة، وتتضمن مستشفى شبين القناطر، ومستشفى بنها الجامعي الجديد، ومستشفى الحروق بالقناطر الخيرية، فضلا عن أن هناك مشروعات جار وضع حجر أساس لها خلال الفترة المقبلة.

كما تناول المهندس أيمن عطية، موقف مشروعات المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" لتطوير قرى الريف المصري، مشيرا إلى أنه تم تنفيذ المرحلة الأولى من المشروعات في شبين القناطر بعدد 9 وحدات محلية، وعدد 36 قرية بإجمالي 703مشروعات، تشمل الصرف الصحي، ومياه الشرب، والكهرباء، والغاز الطبيعي، والاتصالات، والطرق والكباري، والصحة، ومكاتب البريد، والأبنية التعليمية، والشباب والرياضة، والمجمعات الخدمية والزراعية، وغيرها.

ولفت محافظ القليوبية أيضا إلى قطاع مياه الشرب، موضحا أن عدد مشروعات مياه الشرب التي تم الانتهاء منها 25 مشروع إنشاء وتوسعات محطات مياه، وأبرزها (محطة مياه طوخ - توسعة محطة مياه كوم أشفين - محطة مياه المنشأة الكبرى بكفر شكر)، فيما تحظى محافظة القليوبية بخدمات متميزة في قطاع الصرف الصحي، حيث بلغت نسبة الخدمات المقدمة لمدن المحافظة 100%، بينما تصل نسبة القرى المخدومة إلى 70%، وقد تم الانتهاء من تنفيذ حوالي 164 محطة صرف صحي خلال الفترة من عام 2014 حتى الآن.

كما أكد المحافظ أن القليوبية شهدت طفرة غير مسبوقة في قطاع الطرق بعد تنفيذ شبكة متكاملة من الطرق والمحاور الرئيسية الشريانية، التي ربطت مدن المحافظة بمحافظات الجوار وأبرزها (الطريق الإقليمي الدائري - طريق شبرا/ بنها الحر- محور الفريق محمد العصار- محور الفريق إبراهيم العرابي- طريق بنها /المنصورة الحر شرق الرياح التوفيقي- محور الخصوص الجديد)، والتي أسهمت جميعها في تحسين السيولة المرورية، ودعم التنمية الشاملة بالمحافظة.

وفي السياق نفسه، أكد المحافظ أن هناك متابعة مستمرة لتنفيذ مشروعات الخطة الاستثمارية، ومن ذلك أعمال الرصف والتطوير بعدد من الأحياء والمدن، وذلك بهدف تحسين البنية التحتية ورفع كفاءة شبكة الطرق، والتي تتم بتنفيذ وإشراف مديرية الطرق بالقليوبية، لافتا إلى أن هذه الأعمال تأتي في إطار حرص المحافظة على تسريع وتيرة المشروعات التنموية لخدمة المواطنين وتحقيق أهداف التنمية، مشددًا على أن الأجهزة التنفيذية تعمل على تقديم أفضل الخدمات، من خلال شبكة طرق مطورة تسهم في تيسير الحركة المرورية وتخفيف الضغط على الشوارع الرئيسية، وأنه يتم مراعاة الالتزام بالمواصفات القياسية المعتمدة لضمان جودة الأعمال وتحقيق الاستفادة القصوى منها لصالح المواطنين.

وفي الوقت نفسه، تطرق المحافظ إلى المنطقة الصناعية العشوائية بقليوب المقامة منذ أكثر من 20 عاما، والتي يتوافر بها عدد كبير من المصانع المتخصصة في صناعة المسامير والصناعات المعدنية، موضحا أن المنطقة تتمتع بإمكانية وصول عالية، من خلال ارتباطها مباشرة بالطريق الزراعي والطريق الدائري، وقربها الشديد من محافظتي القاهرة والجيزة، كما يتوافد عليها طلب كبير للتوسع الصناعي.

وفي هذا الإطار، لفت المهندس أيمن عطية إلى أنه بعد عرض مقترح على رئيس مجلس الوزراء، ونائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل، بشأن توسعة هذه المنطقة الصناعية، من خلال إنشاء منطقة مخططة داخل الحيز العمرانيّ، تمتد على مساحة 70 فدانا، ويجري الآن اتخاذ إجراءات نقل الولاية لتلك المساحة إلى هيئة التنمية الصناعية، تمهيدا لإقامة المنطقة الصناعية عليها، بالتنسيق بين هيئة التنمية الصناعية، والمركز الوطني لاستخدامات أراضي الدولة.

مقالات مشابهة

  • تريزيجيه: هدفنا التتويج بأمم افريقيا
  • #هذه_أبوظبي.. بعدسة محمد بن خالد
  • قائد أمن إقليم الشمال يزور العميد المتقاعد الشطناوي
  • فى أول زيارة بعد انتخابه مديرا عاما لليونسكو.. وزارة الخارجية تستقبل العناني
  • فى أول زيارة منذ انتخابه مديرا عاما لليونسكو.. وزارة الخارجية تستقبل الدكتور خالد العناني
  • العداء الفلسطيني أبو عمرة: مصر وحدها تدخلت ووقفت بجانبنا بينما كان العالم يشاهد ما حدث في غزة
  • العيد القومي محافظ الإسماعيلية يضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري بميدان الشهداء
  • محافظ القليوبية: 100% نسبة تغطية الصرف الصحي في مدن المحافظة بينما تصل نسبة القرى المخدومة إلى 70%
  • محمد العدل: أغلب الإعلام زملكاوية… والأهلاوية ماسكين العصاية من النص
  • غزة تتنفس .. دموع وامتنان لمصر: شكراً لمن أطفأ النار