6 فبراير، 2025

بغداد/المسلة: تتصاعد المخاوف في العراق من اتساع دائرة التدخين رغم المحاولات الرسمية للحد منه، إذ يتجاوز إنفاق العراقيين على منتجات التبغ مليوني دولار يوميًا، مما يجعله نزيفًا مستمرًا للعملة الصعبة.

و بات انتشار السجائر والأرجيلة، التقليدية منها والإلكترونية، يستدرج المراهقين وصغار السن، في ظل غياب تطبيق صارم لقوانين مكافحة التدخين، وهو ما يثير تساؤلات حول فعالية السياسات المتبعة وقدرة الجهات الرسمية على مواجهة هذه الظاهرة.

و يؤدي غياب آليات واضحة لفرض الضرائب على التبغ إلى تفاقم الأزمة، رغم إصدار وزارة المالية العراقية قرارًا يقضي بفرض ضرائب بنسبة 100% على السجائر المستوردة.

ولم ينعكس هذا القرار  بشكل ملموس على الأسواق، حيث يسيطر إقليم كردستان على جزء كبير من تجارة السجائر، ما يجعل تطبيق القوانين المركزية أكثر تعقيدًا.

ويجد المهربون والتجار غير الشرعيين في هذه الفوضى فرصة ذهبية لتوسيع نفوذهم، بينما لا تزال الأسواق الرسمية عاجزة عن ضبط الأسعار أو السيطرة على تدفق المنتجات.

و حذر وسيم كيلان، معاون مدير برنامج مكافحة التبغ بوزارة الصحة، من أن استمرار هذا النزيف الاقتصادي يضر البلاد، حيث تذهب معظم أموال شراء السجائر إلى شركات أجنبية، ما يعني خروج مليارات الدنانير كعملة صعبة دون أي فائدة اقتصادية محلية.

و تعكس هذه المعطيات خللًا اقتصاديًا لا يتعلق فقط بالاستهلاك، بل يمتد إلى عدم استثمار هذه الأموال في قطاعات تنموية أكثر إنتاجية.

و يؤكد مصطفى حنتوش، الباحث في الشؤون المالية، أن سوق السجائر يمثل أحد القطاعات الخاسرة اقتصاديًا، رغم حجمه الكبير.

و يعرقل ضعف الرقابة وتداخل المصالح بين الجهات الرسمية والتجار غير النظاميين أي إصلاح حقيقي.

و توفر التعديلات المقترحة لقانون التدخين، التي من المفترض تقديمها إلى البرلمان قريبًا، حلولًا جزئية، لكن نجاحها يبقى مرهونًا بمدى قدرة السلطات على تنفيذها بصرامة.

و محاولات وضع ضوابط واضحة لتسهيل دخول السجائر عبر المنافذ الرسمية، مع تشديد الإجراءات لمنع التهريب، قد تسهم في تقليل اعتماد الأسواق على السلع المهربة، إلا أن هذا الحل لا يمكن أن يكون كافيًا ما لم يترافق مع حملات توعية حقيقية، وإجراءات أكثر صرامة لمكافحة التدخين، خاصة بين الفئات الأصغر سنًا.

ويعكس انتشار التبغ المسخن والسجائر الإلكترونية بين الشباب فجوة في التوعية الصحية، وغياب سياسات فعالة لوقف انتشار هذه المنتجات التي تقدم نفسها كبدائل “أقل ضررًا”، بينما تشير الدراسات إلى مخاطرها المحتملة.

يشير الواقع إلى أن العراق لا يواجه فقط مشكلة في استهلاك السجائر، بل في منظومة كاملة تتداخل فيها العوامل الاقتصادية والاجتماعية والتجارية.

و ما لم تكن هناك استراتيجية شاملة تربط بين فرض الضرائب، والتوعية، والرقابة الصارمة، فإن سوق التبغ سيظل واحدًا من أبرز مظاهر الخلل في السياسات الاقتصادية والصحية على حد سواء.

 

 

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

كربلاء.. خطة أمنية ولوجستية مع قرب وصول خمسة ملايين زائر أجنبي

28 يوليو، 2025

بغداد/المسلة: أكدت لجنة الأمن والدفاع النيابية، اليوم الاثنين (28 تموز 2025)، أن الخطة الخاصة بزيارة الاربعينية أصبحت جاهزة للتنفيذ، فيما توقعت أن يتجاوز عدد الزوار القادمين من خارج العراق خمسة ملايين زائر خلال موسم الزيارة.

وقال عضو اللجنة، ياسر إسكندر، إن “اللجنة المركزية المشرفة على الزيارة استكملت جميع الإجراءات التنظيمية والميدانية، بما في ذلك توزيع المهام على كافة المعابر الحدودية، وزيادة إمكانياتها في تفويج مئات الآلاف من الزوار يومياً، مع تحديد نقاط التفويج المركزية باتجاه العتبات المقدسة، سواء عبر ديالى أو الكوت أو واسط أو ميسان أو باقي المنافذ الأخرى”.

وأشار إسكندر إلى أن “وزارة الداخلية تبذل جهوداً استثنائية من أجل تأمين وتنفيذ المتطلبات الأساسية لنجاح الخطة، التي أصبحت الآن جاهزة بالكامل بانتظار الضوء الأخضر للتنفيذ الرسمي”.

وأضاف أن “عدد الزوار من البلدان الإسلامية قد يتجاوز الخمسة ملايين زائر هذا العام، نظراً لتحسن الأوضاع الأمنية والاستقرار العام، ما سيساعد في تنفيذ خطط التفويج عبر عشرة مسارات مباشرة نحو العتبات المقدسة في كربلاء”.

وتعتبر زيارة أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) من أكبر التجمعات الدينية في العالم، حيث يشارك فيها ملايين الزوار من داخل العراق وخارجه.

وتشهد مدينة كربلاء خلال هذه المناسبة تدفقاً هائلاً للزائرين، ما يستدعي جهوداً تنظيمية وأمنية ولوجستية استثنائية لضمان سلامة وانسيابية حركة الزوار.

ويرى متتبعون أنه وعلى مدى السنوات الماضية، تحولت هذه الزيارة إلى تحدٍ كبير للأجهزة الأمنية والخدمية في العراق، لا سيما مع ارتفاع أعداد الزائرين الأجانب، خاصة من إيران وباكستان والهند ودول الخليج، إضافة إلى الزوار القادمين من أوروبا وأميركا.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • الحكومة اليمنية: مليشيا الحوثي تنهب نصب مليار دولار من عائدات التبغ
  • فحص بجهاز “إيكوغرافي” يكشف محاولة إمرأتين تهريب قرابة 12 ألف أورو بمناطق حساسة من جسمهما بوهران
  • احباط محاولة امرأتين تهريب 11 ألف و600 أورو إلى تركيا عبر مطار وهران
  • قائمة السفراء: دبلوماسية العراق تختزل بعائلات السلطة
  • تنفس السُمّ في صمت.. بغداد في قبضة الكبريت
  • البرلمان الإيراني يوافق على حذف أربعة أصفار من العملة
  • العراق والمخدرات: قراءة في منظومة الحرب الناعمة على المخدرات
  • القضاء يكتب السطر الأخير في فوضى خور عبد الله.. ما هو قانوني وما هو مزايدة
  • السوداني: منعنا محاولات إطلاق صـواريخ ومسـيّرات من داخل العراق
  • كربلاء.. خطة أمنية ولوجستية مع قرب وصول خمسة ملايين زائر أجنبي