مصرُ تبقى: قراءة في قصيدة ضاحي خلفان «مصرُ العُلا والعزِ والفخرِ التليدِ»
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
مصرُ، يا أمَّ الحضارات، يا مهدَ التاريخ، يا أرضَ الأنبياء والرسالات. يا من شهدت على مر العصور صعودَ الأمم وانهيارها، وبقيت شامخةً، عصيةً على الزوال. يا من ارتوت أرضُها بدمِ الأبطال، وسطرتْ صفحاتِ المجدِ بأحرفٍ من نور. يا مصرُ، يا قلبَ العروبة النابض، يا رمزَ العزة والفخر.
في هذا السياق التاريخي العظيم، وفي خضم الأحداث المتسارعة التي تشهدها المنطقة، يطل علينا الشاعر الإماراتي ضاحي خلفان بقصيدة وطنية جديدة عن مصر، تحمل عنوان «مصرُ العُلا والعزِ والفخرِ التليدِ».
«مصرُ العُلا والعزِ والفخرِ التليدِ»:
تتجاوز هذه القصيدة مجرد كونها قصيدة وطنية، فهي بمثابة مرثية شعرية لأمجاد مصر وتاريخها العريق، وتعبير عن أمل متجدد في مستقبلها. لنخض في تحليل أعمق لبعض جوانبها:
* البناء الفني للقصيدة:
* التكرار: يلاحظ تكرار بعض الكلمات والعبارات، مثل «مصر»، «العز»، «الفخر»، وهذا التكرار ليس مجرد حشو لغوي، بل هو تأكيد على المعاني المراد إيصالها، وترسيخها في ذهن المتلقي. كأنه يلح على هذه المعاني لتتجذر في الوجدان.
* التضاد: استخدام بعض الكلمات المتضادة، مثل «العلا» و«الحسود»، يبرز قوة مصر وعظمتها في مواجهة التحديات والمتربصين بها. هذا التضاد يخلق ديناميكية في القصيدة ويجعلها أكثر تأثيرًا.
* الصورة الشعرية: تعتمد القصيدة على صور شعرية قوية وموحية، مثل تشبيه النيل بـ «عزٍ دائمٍ متدفق»، وتشبيه الأهرام بـ "شماء لا تنحني للعاصفات". هذه الصور تمنح القصيدة جمالًا فنيًا وتأثيرًا عاطفيًا.
* الأبعاد التاريخية والحضارية:
* مصر كمهد للحضارات: يشير الشاعر إلى مصر كـ «قبلة التاريخ»، وهذا يعكس إدراكًا لأهمية مصر في تاريخ البشرية، ودورها في نشأة الحضارات وتطورها.
* الأهرام كرمز للعظمة: تعتبر الأهرام رمزًا لعظمة مصر وقوتها، وهي شاهد على إبداع المصريين القدماء وتقدمهم في مختلف المجالات. تأتي هنا كرمز للبقاء والصمود.
* النيل كشريان للحياة: يُعد نهر النيل شريان الحياة في مصر، ومصدرًا للخير والبركة. يشير إليه الشاعر كرمز للاستمرار والعطاء.
* الأبعاد الوطنية والقومية:
* الانتماء والولاء: تعبر القصيدة عن مشاعر الانتماء والولاء لمصر، وحب الوطن. هذه المشاعر تتجسد في كل بيت من أبيات القصيدة، وتؤكد على عمق العلاقة بين الشاعر ومصر.
* الفخر بالأمجاد: يفخر الشاعر بأمجاد مصر وتاريخها العريق، ويشيد بدورها في الدفاع عن العروبة ومواجهة التحديات.
* التأكيد على الصمود: يؤكد الشاعر على صمود مصر وشعبها في وجه الصعاب، وقدرتهم على تجاوز المحن.
* الأبعاد المعاصرة:
* جيش الكنانة: يشير الشاعر إلى جيش مصر بـ "سيوفٍ تحمي العرينَ من الحسود"، وهذا يعكس إدراكًا لأهمية الجيش المصري العظيم في حماية الوطن ومواجهة التهديدات المعاصرة. هناك إشارة ضمنية إلى التحديات التي تواجهها مصر في الوقت الحالي، كالمؤامرات المحدقة بأمن مصر والإرهاب والتطرف.
* الدعاء بالمستقبل: يختتم الشاعر قصيدته بالدعاء لمصر بأن تظل عزيزة، وهذا يعكس أملًا في مستقبل مشرق، يسوده الأمن والسلام والازدهار.
* الرسالة:
القصيدة تحمل رسالة واضحة، وهي أن مصر، بتاريخها العريق وحضارتها الغنية، وشعبها الأصيل، قادرة على مواجهة أي تحديات، وصنع مستقبل مشرق. هي دعوة للفخر بالوطن، والاعتزاز بأمجاده، والعمل على بنائه وتطويره.
وفي الختام:
قصيدة ضاحي خلفان «مصرُ العُلا والعزِ والفخرِ التليدِ» ليست مجرد قصيدة وطنية، بل هي عمل فني متكامل، يحمل أبعادًا تاريخية وحضارية ووطنية ومعاصرة. إنها تعبير عن حب عميق لمصر، وإيمان راسخ بقدرتها على تجاوز التحديات، وتحقيق مستقبل مشرق.
وللشاعر العظيم ضاحي خلفان نقول:
يا ضاحيَ الأمجادِ يا لسانَ العروبةِ
أنتَ في الشعرِ بحرٌ وفي النثرِ دروبُ
مصرُ في قلبِكَ قصةٌ لا تنتهي
وفي كلماتِكَ لحنٌ يَطربُ القلوبُ
صبرة القاسمي يكتب: «هدايا الرئيس في عيد ميلاده»
في بلاغ للنائب العام.. صبرة القاسمي يتهم قيادات الأهلي بالإساءة للأسرة المصرية (تفاصيل)
صبرة القاسمي يحرر بلاغا جديدا ضد البلوجر «هدير عبد الرازق» (تفاصيل)
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مصر صبرة القاسمي أم الحضارات مهد التاريخ ضاحی خلفان
إقرأ أيضاً:
قراءة في زيارة الرئيس الأمريكي للخليج
د. أحمد بن علي العمري
زار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دول مجلس التعاون الخليجي؛ حيث بدأ زيارته بالمملكة العربية السعودية في أول رحلة خارجية له منذ توليه الرئاسة في فترته الثانية.
وخلال هذه الزيارة، اجتمع بقادة دول المجلس في القمة الخليجية الأمريكية، لكن لم يُذكر اسم غزة الملتهبة إلا في كلمة سلطنة عُمان، ولم تتم الإشارة، ولو بإيجاز، إلى المبادرة العربية المطروحة على الطاولة منذ عقود، والتي تبناها الملك عبد الله بن عبد العزيز -رحمه الله-. حتى خلال القمة العربية الـ34 في بغداد، لم يرد أي ذكر لهذه المبادرة، وكأنها أصبحت طيّ النسيان، شيئًا من الماضي مع "كان" وأخواتها.
ثم انتقل ترامب إلى دولة قطر، ليختتم زيارته للمنطقة في دولة الإمارات العربية المتحدة. لقد كنا نأمل ونتطلع إلى أن يعترف بالدولة الفلسطينية، كما اعترف بالقدس عاصمةً لإسرائيل خلال فترته الأولى، ولكن ذلك لم يحدث. وكنَّا نرجو أن يضع حدًا للحرب الجائرة والظالمة على غزة، ويفك حصارها المخجل، وينقذ ما يمكن إنقاذه، خاصة أنه كان يلوّح بالسلام منذ خطاب تنصيبه، ولكن هذا أيضًا لم يتحقق.
لقد قدم ترامب غصن الزيتون للجمهورية الإسلامية الإيرانية، لكنه لم يقدمه لغزة أو فلسطين أو للعرب، حتى ولو غصن زعتر. صحيحٌ أنه لم يزر إسرائيل كما جرت العادة في فترته الأولى ومع جميع الرؤساء الأمريكيين السابقين، وصحيحٌ أنه أكد بأنه سيرفع العقوبات عن سوريا بجهد متميز من صاحب السمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وله كل الشكر والتقدير. هذا خبر يثلج الصدر، لكننا نأمل ألا يكون ذلك مقدمةً لاتفاقيات تجر سوريا إلى الاتفاقية الإبراهيمية، كما يحلو له تسميتها، والتي قد تنتهي بالتنازل عن الجولان وضمها لإسرائيل، فيحدث ما لا يُحمد عقباه بعد هذا العناء الطويل.
إن الرجل يفكر بعقلية التاجر، وهي مهنته التي تجري في شرايينه؛ فهو يحسب الأمور بدقةٍ متناهية وبأرقامٍ ثابتةٍ لا شك فيها. لربما فكّر أن إسرائيل تستنزف منَّا المليارات، بينما نحن من يدعمها دائمًا، حتى في حروبها المستمرة التي لا تهدأ. في المقابل، العرب يُقدمون التريليونات، ونحن المستفيدون. وصحيحٌ أن ترامب أبدى تعاطفًا ملحوظًا مع العرب، وأشاد كثيرًا بقادة الدول التي زارها، وصرّح بأنَّ زيارته للمنطقة تاريخيةٌ وممتازة؛ بل وتحدث عن الحضارة العربية ومكنونها، وأبدى انبهاره وإعجابه بها بشكلٍ ملفت.
وصحيحٌ أنه أعاد تركيز الولايات المتحدة على المنطقة بعد فترةٍ من التراجع، حيث قال: "أمريكا غابت عن الشرق، ولكننا سنعوض ذلك"، وهذا يُحسب من مكاسب الزيارة. لقد حصل الرجل على التريليونات المُذهّبة، وباشر هوايته المفضلة في عقد الصفقات، فأبرم العديد من الاتفاقيات في مختلف المجالات الدفاعية والسياسية والعسكرية والاقتصادية، وعاد بسلةٍ مليئةٍ بالأموال وبما لذَّ وطاب، ناهيك عن الهدايا المجزية التي فاقت كل التوقعات وتجاوزت حدود الخيال.
والآن، بعد مُغادرته المنطقة وعودة الفكرة بعد زوال النشوة، لو حكمنا عقولنا، ألا يتضح لنا بعض الاندفاع المغلّف بالحماس والعاطفة؟ ألا يبدو أننا وضعنا بيضنا في سلة واحدة؟ أليس من الأفضل لو أبقينا بعض البيض للصين وروسيا، فقد نحتاج إليهما يومًا ما إن دعت الحاجة؟
إنَّ الرئيس الأمريكي يتغير كل أربعة أعوام، وقد يأتي من يقلب الطاولة رأسًا على عقب. لقد علمتنا الأيام والتجارب أن أمريكا، عند بوادر أي خلاف، تتجه مباشرةً إلى تجميد الأصول وحجز الأموال، كما حدث مع العديد من الدول من قبل، أبرزها ليبيا وإيران والصين وروسيا. فهل ستتردد في الحجز على أموالنا إن تطلب الأمر؟ بإمكانها اختلاق الأعذار، وما أسهل ذلك عليها.
فهل تسرّعنا بالاندفاع تحت وطأة النشوة والحماس والعاطفة؟ وهل استجبنا لعواطفنا على حساب عقولنا؟
ربنا يحفظ ويستر، ولله في خلقه شؤون.
رابط مختصر