المنخفض الجوي المنعزل.. كيف وصل الضيف الثقيل إلى قطاع غزة؟
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
تعرض سكان قطاع غزة منذ الأربعاء "للمنخفض الجوي المنعزل"، ويتسبب هذا المنخفض الذي يزور القطاع ضمن جولة إقليمية في موجة شديدة من البرودة المصحوبة بسقوط الأمطار، والتي أدت إلى غرق العديد من الخيام التي تؤوي النازحين في مدينتي رفح وخان يونس جنوبي قطاع غزة.
وترددت بعض المعلومات الخاطئة على مواقع التواصل الاجتماعي حول علاقة بين هذه الموجة الباردة و"ظاهرة الأوج"، وهي النقطة التي تكون فيها الأرض عند أبعد مسافة عن الشمس، لكن الحقيقة أن هذه الظاهرة ستحدث في 3 يوليو 2025، وحتى في حال حدوثها لا يكون لها أي تأثير على الطقس في الأرض.
وبينما وصف هذا المنخفض إعلاميا بأنه "غير مسبوق"، تقول عضوة المكتب الإعلامي لهيئة الأرصاد الجوية المصرية الدكتورة منار غانم في تصريحات للجزيرة نت إنه "معتاد" خلال ذروة فصل الشتاء التي نعيشها حاليا، ومن المحتمل أن تتكرر زيارته مجددا خلال الشتاء، مشيرة إلى أن تأثيراته السلبية على أهلنا في قطاع غزة بسبب الإقامة في خيام النزوح هي التي أعطت اهتماما كبيرا بمتابعة تأثيراته السلبية.
ولفهم كيفية تشكل هذا المنخفض، تقترح غانم تشبيه التيار النفاث الذي يعمل كتيار هوائي سريع في الغلاف الجوي العلوي بنهر سريع يحمل القوارب (أنظمة الضغط المنخفض)، فعندما تسير القوارب في النهر تتحرك بسرعة إلى الأمام، لكن إذا حدث سد في النهر أو انخفضت سرعة تدفقه فجأة قد يعلق أحد القوارب على جانب النهر ويتوقف عن الحركة، وهنا يصبح هذا القارب منعزلا، ولا يتحرك إلا ببطء شديد أو يبقى ثابتا في مكانه، مما يؤدي إلى تأثيرات مستمرة في المنطقة التي علق فيها، وهذا ما يحدث أيضا عندما ينفصل المنخفض الجوي عن التيار ويصبح "منعزلا" وغير متصل بالحركة العامة للغلاف الجوي.
وتوضح غانم أن "انفصال (أنظمة الضغط المنخفض) عن التيار النفاث يحدث طوال العام، لكنها تصبح أكثر تكرارا وتأثيرا خلال فصل الشتاء لجملة أسباب، منها: "اختلاف درجات الحرارة الكبير بين القطبين وخط الاستواء"، إذ يتعرض القطب الشمالي في فصل الشتاء لأشعة شمس أقل أو تنعدم كليا، مما يجعله باردا جدا مقارنة بخط الاستواء الذي يظل دافئا نسبيا، وهذا الفرق الكبير في درجات الحرارة بين القطبين وخط الاستواء يؤدي إلى زيادة شدة التيار النفاث، لكن هذه الشدة المتزايدة قد تتسبب في تموّج التيار النفاث بشكل كبير".
وتضيف أن "التموجات الكبيرة في التيار النفاث تؤدي بدورها إلى تشكيل أحواض ونتوءات، وهي مناطق يتجه فيها التيار النفاث نحو الجنوب أو الشمال، وعندما يتشكل حوض عميق يمكن أن ينفصل جزء من المنخفض الجوي ويصبح منعزلا أو مقطوعا".
إعلانويزيد أيضا من فرص تشكل هذه الظاهرة شتاء أن فصل الشتاء يشهد زيادة الرطوبة الجوية، خاصة فوق المحيطات الكبيرة مثل المحيط الأطلسي والمحيط الهادي، وهذا يؤدي بدوره إلى تشكل منخفضات جوية قوية محملة بالرطوبة.
وتقول غانم إنه "عندما يتموج التيار النفاث فوق المحيطات يمكن لهذه المنخفضات الجوية الغنية بالرطوبة أن تصبح معزولة بسهولة أكبر وتؤدي إلى هطول أمطار غزيرة أو ثلوج كثيفة في المناطق التي تتعرض لها".
من جنوب تركيا إلى المنطقة العربيةووفقا لخبراء مركز طقس العرب الإقليمي، المعني بمتابعة الأحوال الجوية في المنطقة العربية، فإن هذه الحالة الجوية التي شرحتها غانم تشكلت في جنوب تركيا عندما اندفعت كتلة هوائية شديدة البرودة من أصول قطبية إلى هناك يوم الأربعاء 5 فبراير/شباط 2025، وانفصلت عن الكتلة الهوائية الأم، مما أدى إلى تشكيل منخفض جوي امتد تأثيره إلى بلاد الشام والعراق وشمال مصر، ووصل إلى ذروة التأثير يوم الخميس، ومن المتوقع أن ينخفض تأثيره الجمعة.
وقال المركز إن الطقس خلال هذه الحالة الجوية شهد انخفاضا كبيرا في درجات الحرارة، مع رياح عاصفة، إضافة إلى هطول أمطار غزيرة على المناطق الساحلية مثل قطاع غزة.
وشهد القطاع هبوب رياح باردة وعاصفة تلامس سرعتها 100 كم/ساعة، وتعدّ الأشد منذ بداية الموسم، ونتج عنها ارتفاع حاد لأمواج البحر وصل إلى قرابة 5 أمتار.
وأوضح المركز أن الجبال في سوريا ولبنان وشمال العراق شهدت تساقطا كثيفا للثلوج، أدى إلى تراكمها على المرتفعات.
وشهدت مصر انخفاضا ملموسا في درجات الحرارة لتكون أقل من معدلاتها خاصة يوم الخميس، وسادت خلال النهار أجواء باردة في مختلف المناطق الشمالية بما فيها العاصمة القاهرة، في حين كانت الحرارة معتدلة في المناطق الجنوبية.
لا يفضل خبراء الطقس الربط بين حدوث هذه الحالة الجوية وتغيرات المناخ، ذلك لأنها كما قالت الدكتورة منار غانم إنها ليست حالة جديدة على المنطقة، لكن الدراسات التي تبحث في العلاقة بين الظواهر الجوية وتغير المناخ ترى أن هناك علاقة غير مباشرة.
إعلانفوفقا لدراسة نشرت في دورية "إنترناشونال جورنال أوف كلايمتولوجي"، تناولت حصرا هذه الظاهرة في جنوب أفريقيا، من حيث الموسمية (متى تحدث) والتكرار (عدد المرات التي تحدث فيها) والمدة والموقع والحجم، وذلك خلال الفترة من 1973 إلى 2002، وجد الباحثون أنها تصبح أكثر تكرارا في سنوات "لانيينا"، بينما سنوات "النينيو" لم تظهر التأثير نفسه.
ويشير مصطلح "لانيينا" إلى فترة من التبريد غير المعتاد في درجة حرارة سطح البحر في المنطقة الاستوائية من المحيط الهادي الشرقي، والتي تمتد من شواطئ أميركا الجنوبية إلى وسط المحيط الهادي.
وأثناء لانيينا، تزداد الرياح التجارية قوة، فتدفع المياه الدافئة إلى الغرب نحو آسيا وأستراليا، وهذا يؤدي إلى انخفاض في درجة حرارة سطح البحر في الجزء الشرقي من المحيط الهادي (قرب سواحل أميركا الجنوبية)، حيث تصبح التيارات الباردة أكثر وضوحا.
وبعكس "لانيينا"، فإن "النينيو" هي ظاهرة مناخية طبيعية تحدث في المحيط الهادي وتؤدي إلى ارتفاع غير طبيعي في درجات حرارة سطح البحر في المنطقة الاستوائية من المحيط الهادي، وتحديدا في الجزء الشرقي من المحيط بالقرب من سواحل أميركا الجنوبية.
وأثناء "النينيو"، تصبح التيارات التجارية التي عادة ما تدفع المياه الدافئة نحو الغرب (نحو آسيا وأستراليا) أضعف، مما يسمح بتجمع المياه الدافئة في المنطقة الشرقية من المحيط الهادي.
كذلك وجدت الدراسة أيضا أن هناك تغيرات موسمية في توقيت حدوث المنخفضات المعزولة، فقد انتقل التوقيت المفضل من مارس/آذار-مايو/أيار إلى يونيو/حزيران-أغسطس/آب في الثمانينيات، وهو ما يتزامن مع تغييرات في الأنماط المناخية مثل التذبذب نصف السنوي.
و"التذبذب نصف السنوي" هو ظاهرة مناخية جوية تشير إلى التغيرات الموسمية في الأنماط الجوية على مستوى الغلاف الجوي للأرض، وتحدث مرتين في السنة، ويتميز بتغيرات في الضغط الجوي في الطبقات العليا من الغلاف الجوي (مثل طبقة الستراتوسفير) بين النصفين الشمالي والجنوبي للكرة الأرضية، ويلاحظ حدوث زيادة وانخفاض في الضغط بشكل متناوب في الفترات الزمنية نصف السنوية، إذ يتحرك الضغط بين أعلى مستوياته وأدناها بشكل دوري.
إعلانورصدت دراسة أسترالية نشرت في دورية " أستراليان ميتيورولوجيكال ماجزين" علاقة أخرى مع المناخ، فقد وجد الباحثون أن المتغيرات المناخية مثل درجة حرارة سطح البحر يمكن أن تؤثر على توزيع هذه المنخفضات وشدتها.
وتوضح الدراسة أنه "عندما تكون درجة حرارة البحر أعلى، يتم تسخين الهواء الذي يلامس سطح البحر، مما يجعله أكثر دفئا وأخف، فيصبح الهواء قادرا على الارتفاع بسهولة، وهذا يؤدي بدوره إلى زيادة التبخر وتكوين الرطوبة في الجو، مما يعزز تكوين المنخفضات الجوية".
وفي المقابل، عندما تكون درجة حرارة سطح البحر منخفضة يبرد الهواء السطحي، مما يقلل من إمكانية الرفع الرأسي للهواء، ومن ثم يقلل من قدرة الأنظمة الجوية على التكون والتطور.
ويبدو من الدراسات أن تغير المناخ سيزيد من مرات زيارة الضيف الثقيل (المنخفض الجوي المنعزل) للمنطقة، وهو ما يستدعي تعزيز الاستعدادات لمواجهة تأثيراته السلبية على أهل قطاع غزة، خاصة في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشها المواطنون هناك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات درجة حرارة سطح البحر من المحیط الهادی المنخفض الجوی درجات الحرارة التیار النفاث فی المنطقة فصل الشتاء فی درجات قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
الشركة السعودية للصناعات العسكرية تُشارك في معرض باريس الجوي 2025
تشارك الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI)، في معرض باريس الجوي (2025م) من (16) إلى (22) يونيو لهذا العام, وذلك انطلاقًا من مكانتها ودورها المتنامي بصفتها شركة رائدة عالميًا في مجالي الدفاع والفضاء.
وتهدف شركة "SAMI" من هذه المشاركة؛ إلى تعزيز شبكة شراكاتها الدولية في قطاع الصيانة والإصلاح وعمرة الطائرات، حيث تُعدُّ عبر شركاتها وقطاعاتها شريكًا إستراتيجيًا في قطاع الإصلاح وصيانة الطائرات الخاصة والعسكرية وأنظمة الهبوط, وتتطلع من خلال مشاركتها في معرض باريس الجوي إلى لقاء المصنعين الأساسيين للطائرات من الشركات العالمية لتباحث الفرص المستقبلية، وإيجاد أفضل الحلول والخدمات الفنية لصالح عملائها في المملكة من القطاعين الأمني والمدني، ونقل المعرفة في مجالي الطيران والفضاء، وذلك بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030.
وأكّد الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) المهندس ثامر بن محمد المهيد، أهمية المشاركة في معرض باريس الجوي؛ لتعزيز التعاون الدولي والنمو المتبادل، بوصفهما ركيزتين أساسيتين لدفع عجلة الابتكار، وتبادل المعرفة، وتطوير قطاع الطيران والفضاء في المملكة بما ينسجم مع مستهدفات رؤية 2030.
وأشار إلى أن المشاركة تمثل فرصة نوعية للاطلاع على أحدث التطورات في أنظمة الدفاع الجوي والتقنيات المستقبلية ذات الصلة، والتواصل المباشر مع روّاد القطاع لكون شركة "SAMI" شريكًا إستراتيجيًا لهم في المملكة".
وانطلاقًا من موقعها بصفتها الشريك الوطني الرائد لقطاع الدفاع والأمن في المملكة العربية السعودية، تجسد مشاركة شركة SAMI في معرض باريس الجوي (2025)، التزامها بدعم تحقيق مستهدفات رؤية (2030) المتمثل في توطين (50%) من الإنفاق العسكري للمملكة, وتسلط الشركة من خلال مشاركتها، الضوء على النمو والتحول الملحوظ في قطاع الدفاع في المملكة، وتعزيز الابتكار، وتمكين الكوادر الوطنية، وترسيخ مكانة المملكة العربية السعودية على الساحة العالمية.
ويُشكل معرض باريس الجوي حدثًا بارزًا ومؤثرًا في قطاع الطيران والفضاء على مستوى العالم, ومن المتوقع أن يستقطب في نسخته لهذا العام أكثر من (2500) عارض من (48) دولة، ما يجعله منصة رفيعة المستوى لاستعراض أحدث الابتكارات التقنية، ومتابعة العروض الجوية الحيّة، إضافة إلى تعزيز التعاون وبناء شراكات فاعلة في هذا القطاع مع مختلف الجهات العالمية.
الشركة السعودية للصناعات العسكريةأخبار السعوديةأخر أخبار السعوديةمعرض باريس الجوي 2025قد يعجبك أيضاًNo stories found.