إذا كنت من بين ملايين السياح الذين يزورون إسطنبول سنويا، فمن المؤكد أنك لاحظت رجالا يتجولون في شوارعها المزدحمة وقد غُطِّيت فروة رؤوسهم بضمادات طبية، مما قد يثير التساؤلات لدى غير الملمّين بالأمر. هؤلاء الرجال لم يأتوا لمجرد السياحة، بل قصدوا المدينة خصيصا لإجراء عمليات زراعة الشعر، بعدما أصبح الصلع يؤرقهم.

تعدّ إسطنبول مركزا عالميا رائدا في مجال زراعة الشعر، إذ تضم نحو 5 آلاف عيادة متخصصة تستقبل المرضى من مختلف أنحاء العالم. وعلى الرغم من شهرتها الواسعة، فإن هناك تساؤلات عن مدى قدرتها على الاحتفاظ بهذه الصدارة في المستقبل.

يشهد فصل الشتاء ذروة الإقبال على عيادات زراعة الشعر في إسطنبول، حيث تعمل هذه المرافق بأقصى طاقتها خلال هذه الفترة. ومن بين الراغبين في الاستفادة من خدماتها، الشاب آيدين كيستي القادم من زيورخ السويسرية، وعمره 27 عاما.

استلقى كيستي مسترخيا على أريكة العلاج بينما يزرع الطاقم الطبي بصيلات الشعر بدقة في رأسه، متحدثا عن رغبته في تحسين مظهره، وواصفا تجربته في العيادة بأنها "رائعة تماما". وللاستفادة من رحلته، اغتنم فرصة زيارته المدينة للاستمتاع بجولة سياحية.

لم تقتصر خدمات عيادات إسطنبول على زراعة شعر الرأس فقط، بل توسعت لتشمل زراعة شعر اللحية والشارب والحواجب، وأحيانا شعر الصدر، وفقا لتقارير طبية. إلى جانب ذلك، تقدم بعض المراكز عمليات تجميلية أخرى مثل جراحات الأنف وتحسين الملامح.

تعدّ إسطنبول مركزا عالميا رائدا في مجال زراعة الشعر وتضم نحو 5 آلاف عيادة متخصصة (شترستوك) إقبال متزايد وتغيير في المفاهيم

تشير عيادة "سيركان آيغين" إلى أن الإقبال على زراعة الشعر شهد ازديادا كبيرا في الأعوام الأخيرة. ويجلس المرضى داخل مقهى العيادة في انتظار استكمال مراحل علاجهم، بينما يكشف مظهر فروة رؤوس بعضهم عن مراحل التعافي من الجراحة.

إعلان

وقد كانت زراعة الشعر تُجرى سابقا في سرية، لكنّ الأمر تغيّر مع انتشارها الواسع، حتى صار معتادا أن يُشارك الأشخاص تجاربهم على وسائل التواصل الاجتماعي. كما لجأت العيادات إلى الاستعانة بالمؤثرين على هذه المنصات للترويج لخدماتها.

وعلى عكس الاعتقاد السائد أن هذه العمليات تقتصر على الرجال، فإن الطلب المتزايد من النساء على زراعة الشعر غير هذه الصورة النمطية.

وتعد تركيا إحدى الوجهات الرائدة في مجال السياحة العلاجية، إذ استقبلت خلال عام 2023 نحو 1.5 مليون زائر لهذا الغرض، وفق بيانات هيئة السياحة التركية "تورساب"، وتأتي زراعة الشعر في المرتبة الثانية من حيث الطلب.

ومع ذلك، يشكك بعض الخبراء في قدرة تركيا على الحفاظ على هذه المكانة، ومنهم مؤسس عيادة "أسميد" الطبيب كوراي أردوغان، إذ أشار إلى تفاوت جودة العيادات بين الممتازة والمتواضعة.

التقنيات الحديثة ودور تركيا في تطويرها

عند تأسيس أردوغان عيادته عام 2001، كانت زراعة الشعر تعتمد على إزالة شرائح من الجلد، مما يترك ندبات واضحة. لكن مع حلول العقد الأول من الألفية الجديدة، تطورت التقنيات إلى زراعة البصيلات الفردية دون ترك آثار ملحوظة.

وصف أردوغان هذه الطريقة بأنها "ثورة في زراعة الشعر"، مشيرا إلى أن تركيا تبنتها بسرعة، في حين قابلتها أوروبا والولايات المتحدة بشكوك.

تشير أرقام الهيئة الوطنية للإحصاء إلى أن عائدات تركيا من السياحة العلاجية بلغت 2.3 مليار دولار عام 2023 (غيتي إيميجز)

وعندما قدمها في بوسطن عام 2011، لم تحظ بقبول فوري، لكن هذا التردد منح تركيا ميزة تنافسية، بفضل تبنيها الابتكارات وانخفاض تكاليف العمليات مقارنة بالدول الغربية.

مخاوف من نهاية العصر الذهبي

ورغم الدور البارز الذي لعبته تركيا في مجال زراعة الشعر، فإن مستقبل هذه الهيمنة يواجه تحديات، حيث لم تحقق السياحة العلاجية في البلاد التوقعات المرجوة. وتُظهر بيانات وزارة الصحة التركية تراجعا في أعداد السياح القادمين لهذا الغرض مقارنة بما كان متوقعا.

كما تشير أرقام الهيئة الوطنية للإحصاء إلى أن عائدات تركيا من السياحة العلاجية بلغت 2.3 مليار دولار عام 2023، وهو رقم أقل بكثير من التوقعات التي وضعتها "تورساب" قبل 10 سنوات، والتي كانت تتراوح بين 21 و26 مليار دولار بحلول العام ذاته.

أردوغان لفت إلى أن بعض المستشفيات في أوروبا أصبحت توفر زراعة الشعر بأسعار تصل إلى 2000 دولار فقط، وهو تطور لم يكن متاحا قبل سنوات قليلة.

ومع تنامي البدائل داخل أوروبا، أصبحت الحاجة إلى السفر إلى تركيا لهذا الغرض أقل إلحاحا، مما يعزز الاعتقاد بأن "العصر الذهبي لتركيا في مجال زراعة الشعر قد يكون في طريقه إلى الأفول" بحسب أردوغان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات السیاحة العلاجیة على زراعة إلى أن

إقرأ أيضاً:

تحذير من الأرصاد الجوية التركية: إسطنبول على موعد مع أمطار غزيرة

في ظل استمرار موجة الحر الشديدة والرطوبة العالية في إسطنبول، أعلنت هيئة الأرصاد الجوية التركية أن الطقس سيشهد تغيرًا اعتبارًا من يوم غد، حيث من المتوقع هطول أمطار رعدية غزيرة على عموم المدينة. وأفادت الهيئة أن درجات الحرارة ستنخفض بمعدل يتراوح بين 5 و7 درجات، مع احتمال حدوث أمطار قوية بعد الظهر.

وقد حذرت الجهات المعنية من مخاطر الفيضانات المفاجئة، والصواعق، والرياح العاتية، داعية المواطنين إلى توخي الحذر، لا سيما السائقين الذين عليهم توخي اليقظة أثناء القيادة.

الليالي الحارة مستمرة
وقال خبراء الأرصاد إن الأجواء في إسطنبول خلال الليل لا تزال حارة، على غرار المناطق الاستوائية، حيث تبقى درجات الحرارة فوق 20 درجة مئوية. ورغم التراجع الطفيف في درجات الحرارة غدًا، إلا أن الشعور بالبرودة سيكون محدودًا.

ارتفاع الحرارة مستمر في الداخل
وبحسب تقرير التوقعات الأسبوعية للأرصاد للفترة ما بين 28 يوليو و3 أغسطس، فإن درجات الحرارة ستبقى أعلى من معدلاتها الموسمية في معظم أنحاء البلاد، مع ازديادها بنحو 3 إلى 5 درجات في مناطق وسط الأناضول، وجنوب شرق، وشرق تركيا.

نظرة سريعة على الطقس في المناطق:

مرمرة: مشمس إلى غائم جزئيًا في الغرب. إسطنبول 33°، أدرنة 37°

إيجة: أجواء مشمسة بوجه عام. إزمير 38°، دنيزلي 41°

اقرأ أيضا

جريمة موثقة بالصوت والصورة: إشعال متعمد للحرائق في إسطنبول…

الثلاثاء 29 يوليو 2025

البحر الأبيض المتوسط: زخات محلية شرقًا. أضنة 36°، أنطاليا 32°

مقالات مشابهة

  • قمة ثلاثية ليبية تركية إيطالية في إسطنبول لبحث ملفات استراتيجية مشتركة
  • تركيا ترحب بالخطوات المتخذة للاعتراف بالدولة الفلسطينية
  • ختام مسابقة الأندية للإبداع الثقافي بمحافظة ظفار
  • منذ مطلع يوليو.. أوروبا تواجه موجة جفاف غير مسبوقة
  • انخفاض مبيعات غوتشي 25% في الربع الثاني مع استمرار تحديات كيرينغ
  • تركيا تعتقل 20 متهماً جدد في تحقيق فساد بلدية إسطنبول
  • تركيا تشن حملة أمنية موسعة.. اعتقال 77 مشتبهاً بـ«تنظيم غولن» في 26 ولاية
  • تركيا تعتقل 20 مشتبها بهم في مداهمات جديدة ببلدية إسطنبول
  • سوق العصرونية.. قلب دمشق النابض رغم تحديات العصر (صور)
  • تحذير من الأرصاد الجوية التركية: إسطنبول على موعد مع أمطار غزيرة