تركيا تواجه تحديات هيمنتها على زراعة الشعر مع انخفاض تكلفتها في أوروبا
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
إذا كنت من بين ملايين السياح الذين يزورون إسطنبول سنويا، فمن المؤكد أنك لاحظت رجالا يتجولون في شوارعها المزدحمة وقد غُطِّيت فروة رؤوسهم بضمادات طبية، مما قد يثير التساؤلات لدى غير الملمّين بالأمر. هؤلاء الرجال لم يأتوا لمجرد السياحة، بل قصدوا المدينة خصيصا لإجراء عمليات زراعة الشعر، بعدما أصبح الصلع يؤرقهم.
تعدّ إسطنبول مركزا عالميا رائدا في مجال زراعة الشعر، إذ تضم نحو 5 آلاف عيادة متخصصة تستقبل المرضى من مختلف أنحاء العالم. وعلى الرغم من شهرتها الواسعة، فإن هناك تساؤلات عن مدى قدرتها على الاحتفاظ بهذه الصدارة في المستقبل.
يشهد فصل الشتاء ذروة الإقبال على عيادات زراعة الشعر في إسطنبول، حيث تعمل هذه المرافق بأقصى طاقتها خلال هذه الفترة. ومن بين الراغبين في الاستفادة من خدماتها، الشاب آيدين كيستي القادم من زيورخ السويسرية، وعمره 27 عاما.
استلقى كيستي مسترخيا على أريكة العلاج بينما يزرع الطاقم الطبي بصيلات الشعر بدقة في رأسه، متحدثا عن رغبته في تحسين مظهره، وواصفا تجربته في العيادة بأنها "رائعة تماما". وللاستفادة من رحلته، اغتنم فرصة زيارته المدينة للاستمتاع بجولة سياحية.
لم تقتصر خدمات عيادات إسطنبول على زراعة شعر الرأس فقط، بل توسعت لتشمل زراعة شعر اللحية والشارب والحواجب، وأحيانا شعر الصدر، وفقا لتقارير طبية. إلى جانب ذلك، تقدم بعض المراكز عمليات تجميلية أخرى مثل جراحات الأنف وتحسين الملامح.
تشير عيادة "سيركان آيغين" إلى أن الإقبال على زراعة الشعر شهد ازديادا كبيرا في الأعوام الأخيرة. ويجلس المرضى داخل مقهى العيادة في انتظار استكمال مراحل علاجهم، بينما يكشف مظهر فروة رؤوس بعضهم عن مراحل التعافي من الجراحة.
إعلانوقد كانت زراعة الشعر تُجرى سابقا في سرية، لكنّ الأمر تغيّر مع انتشارها الواسع، حتى صار معتادا أن يُشارك الأشخاص تجاربهم على وسائل التواصل الاجتماعي. كما لجأت العيادات إلى الاستعانة بالمؤثرين على هذه المنصات للترويج لخدماتها.
وعلى عكس الاعتقاد السائد أن هذه العمليات تقتصر على الرجال، فإن الطلب المتزايد من النساء على زراعة الشعر غير هذه الصورة النمطية.
وتعد تركيا إحدى الوجهات الرائدة في مجال السياحة العلاجية، إذ استقبلت خلال عام 2023 نحو 1.5 مليون زائر لهذا الغرض، وفق بيانات هيئة السياحة التركية "تورساب"، وتأتي زراعة الشعر في المرتبة الثانية من حيث الطلب.
ومع ذلك، يشكك بعض الخبراء في قدرة تركيا على الحفاظ على هذه المكانة، ومنهم مؤسس عيادة "أسميد" الطبيب كوراي أردوغان، إذ أشار إلى تفاوت جودة العيادات بين الممتازة والمتواضعة.
التقنيات الحديثة ودور تركيا في تطويرهاعند تأسيس أردوغان عيادته عام 2001، كانت زراعة الشعر تعتمد على إزالة شرائح من الجلد، مما يترك ندبات واضحة. لكن مع حلول العقد الأول من الألفية الجديدة، تطورت التقنيات إلى زراعة البصيلات الفردية دون ترك آثار ملحوظة.
وصف أردوغان هذه الطريقة بأنها "ثورة في زراعة الشعر"، مشيرا إلى أن تركيا تبنتها بسرعة، في حين قابلتها أوروبا والولايات المتحدة بشكوك.
وعندما قدمها في بوسطن عام 2011، لم تحظ بقبول فوري، لكن هذا التردد منح تركيا ميزة تنافسية، بفضل تبنيها الابتكارات وانخفاض تكاليف العمليات مقارنة بالدول الغربية.
مخاوف من نهاية العصر الذهبيورغم الدور البارز الذي لعبته تركيا في مجال زراعة الشعر، فإن مستقبل هذه الهيمنة يواجه تحديات، حيث لم تحقق السياحة العلاجية في البلاد التوقعات المرجوة. وتُظهر بيانات وزارة الصحة التركية تراجعا في أعداد السياح القادمين لهذا الغرض مقارنة بما كان متوقعا.
كما تشير أرقام الهيئة الوطنية للإحصاء إلى أن عائدات تركيا من السياحة العلاجية بلغت 2.3 مليار دولار عام 2023، وهو رقم أقل بكثير من التوقعات التي وضعتها "تورساب" قبل 10 سنوات، والتي كانت تتراوح بين 21 و26 مليار دولار بحلول العام ذاته.
أردوغان لفت إلى أن بعض المستشفيات في أوروبا أصبحت توفر زراعة الشعر بأسعار تصل إلى 2000 دولار فقط، وهو تطور لم يكن متاحا قبل سنوات قليلة.
ومع تنامي البدائل داخل أوروبا، أصبحت الحاجة إلى السفر إلى تركيا لهذا الغرض أقل إلحاحا، مما يعزز الاعتقاد بأن "العصر الذهبي لتركيا في مجال زراعة الشعر قد يكون في طريقه إلى الأفول" بحسب أردوغان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات السیاحة العلاجیة على زراعة إلى أن
إقرأ أيضاً:
تركيا.. تدني شعبية الحركة القومية يضع تحالف أردوغان أمام خيارات صعبة
أنقرة (زمان التركية)- يكشف استطلاع رأي حديث نشرته مؤسسة”سونار” للأبحاث عن تراجع تاريخي في شعبية حزب الحركة القومية، الشريك الرئيسي لحزب العدالة والتنمية في “تحالف الشعب” الحاكم، حيث سجل الحزب نسبة تأييد بلغت 4.4%، وهو أدنى مستوى له خلال الـ 25 عامًا الماضية.
ويُزعم أن هذا التدهور قد تسبب في استياء كبير لدى الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يُقال إنه يبحث عن استراتيجية جديدة لمواجهة هذا الوضع.
وأشار هاكان بايراكجي، رئيس شركة سونار، إلى أن نسبة التصويت المُقاسة في الاستطلاع الأخير هي الأقل لحزب الحركة القومية على مدى ربع قرن.
ووفقًا لتقرير ميرفي كيليتش في صحيفة “جمهوريت”، تتزايد حدة التقييمات المتعلقة بحزب الحركة القومية داخل أروقة الحزب الحاكم (العدالة والتنمية)، خاصة في الأسبوعين الأخيرين.
وتُفيد التقارير أن بعض القياديين في حزب العدالة والتنمية قد لخّصوا وضع التحالف في اجتماعات مغلقة بالقول: “لم يعد حزب الحركة القومية يضيف أصواتًا، بل على العكس، أصبح يُفقِدنا إياها. التكاليف الاقتصادية تُحمّل علينا، بينما الجدل حول الأمن والقضاء يُبعد الناس عن حزب الحركة القومية. لقد اختلت الموازين”.
وتُشير المعلومات الواردة في التقرير إلى أن بعض كبار المسؤولين في حزب العدالة والتنمية أبلغوا أردوغان بأن التحالف مع حزب الحركة القومية قد وصل إلى طريق مسدود على مستويي الإدارة والخطاب.
وتتركز الانتقادات داخل حزب العدالة والتنمية في نقطتين رئيسيتين:
– تصاعد ردود الفعل في القاعدة الشعبية ضد “عملية الانفتاح” (إشارة إلى بعض سياسات سابقة).
– تضييق حزب الحركة القومية الخناق على حزب العدالة والتنمية في سياسات القضاء والدستور والبيروقراطية.
ويُزعم أن أحد مديري حزب العدالة والتنمية صرّح لمقربيه بالقول: “لا يمكن خوض الانتخابات بهذه النسب. نحن نخسر أصواتًا أكثر مما يخسر حزب الحركة القومية”.
وتُفيد مصادر مطلعة من حزب العدالة والتنمية بأن الرأي السائد في القصر الرئاسي هو أن فقدان حزب الحركة القومية للأصوات أصبح “مزمنًا”، مما يستلزم إعادة كتابة سيناريوهات الانتخابات.
وقُدمت لأردوغان اقتراحات من بعض مستشاريه تشمل:
– توسيع التحالف: فتح الباب أمام قوى سياسية جديدة في يمين الوسط لتوسيع القاعدة الآخذة في الانكماش.
– نموذج التحالف المُخفف: الحفاظ على الشراكة الرسمية مع حزب الحركة القومية، مع إنشاء تحالفات بديلة في الدوائر الانتخابية.
– البحث عن شريك جديد: تقليل تأثير حزب الحركة القومية الذي يضيق المجال السياسي في يمين الوسط، والتوجه نحو أحزاب أخرى.
ويُشير مراقبون سياسيون إلى أن الانخفاض الحاد في أصوات حزب الحركة القومية قد أحدث “صدعًا يصعب إصلاحه” داخل التحالف.
ويُتوقع أن يُسرّع أردوغان من خطوات “إعادة الهيكلة” لاستراتيجية التحالف في الفترة المقبلة. ويسود في أنقرة رأي مفاده أن هذا التراجع لن يقتصر على مجرد بيانات استطلاع، حيث يمكن لأردوغان اتخاذ خطوات تُعيد تشكيل كل من إدارة الحزب واستراتيجية التحالف.
ويُذكر أن بعض المسؤولين داخل الحزب قد أبلغوا أردوغان بأن تراجع أصوات الحركة القومية قد دفع إجمالي أصوات “تحالف الشعب” إلى ما دون الـ 40%، وأن “خوض الانتخابات بهذه الحسابات محفوف بالمخاطر”.
Tags: أردوغانالحركة القوميةتحالف السعبتركيادولت بهتشلي