سيناريو كارثي منتظر إذا ضرب كويكب بينو الأرض بعد 157 عاما
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
تُعرف كويكبات "أبولو" بمداراتها التي تتقاطع مع مدار الأرض أثناء دورانها حول الشمس، ويعد كويكب "بينو" واحدا من أبرز هذه الأجرام الفريدة، إذ يقترب من الأرض كل 6 سنوات، مشكّلا تهديدا محتملا يستدعي اهتمام العلماء.
وبناء على المحاكاة الرياضية، تُقدّر احتمالية اصطدامه بالأرض في عام 2182 بنسبة 1 من 2700، وهي نسبة رغم ضآلتها، لا يمكن تجاهلها نظرا للعواقب المحتملة لمثل هذا الحدث.
ولا يقف الأمر فقط على الدمار المباشر إثر اصطدامه بالكوكب، بل حتى التداعيات المناخية الطويلة الأمد، إذ تشير عمليات المحاكاة الحاسوبية إلى أن اصطدام كويكب بحجم بينو، الذي يبلغ قطره نحو 500 متر، قد يؤدي إلى إطلاق ما يتراوح بين 100 و400 مليون طن من الغبار في الغلاف الجوي.
وسيؤدي هذا الانبعاث الهائل إلى ما يُعرف بـ"الشتاء التصادمي"، حيث ستنخفض مستويات ضوء الشمس وتنخفض درجات الحرارة، كما ستتأثر أنماط هطول الأمطار على نحو كبير.
في السيناريو الأسوأ الذي حدده الباحثون في الدراسة المنشورة حديثا في دورية "ساينس أدفانسس"، قد تنخفض درجة حرارة سطح الأرض بمقدار 4 درجات مئوية، مما يؤدي إلى انخفاض معدل هطول الأمطار بنسبة تصل إلى 15%.
إعلانوالأخطر من ذلك، أن عملية التمثيل الضوئي للنباتات قد تنخفض بمقدار 20% إلى 30%، في حين أن طبقة الأوزون قد تتآكل بنسبة تصل إلى 32%، مما يزيد من تعرض الكوكب للإشعاعات فوق البنفسجية الضارة.
كما أن الاصطدام الأولي سيؤدي إلى موجات صدمية هائلة، وزلازل عنيفة، وحرائق واسعة النطاق، فضلا عن إرسال كميات ضخمة من الحطام إلى الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى اضطرابات مناخية تستمر لسنوات.
وستكون العواقب البيئية والحيوية لهذا الحدث عميقة وطويلة الأمد، ففي حين أن النباتات على اليابسة قد تحتاج إلى عامين كاملين للتعافي، تشير التقديرات إلى أن النظم البيئية البحرية قد تشهد انتعاشا أسرع، فالعوالق النباتية قد تتعافى خلال 6 أشهر فقط، بل قد تشهد بعض أنواع الطحالب ازدهارا غير مسبوق نتيجة ترسب الغبار الغني بالحديد في المحيطات.
ومع ذلك، فإن هذا التعافي الجزئي في البيئات البحرية لن يمنع حدوث أزمة غذائية على اليابسة، إذ ستؤدي الآثار الطويلة الأمد إلى اضطرابات في الزراعة، مما يهدد الأمن الغذائي العالمي.
وبالنظر إلى تاريخ الأرض الضارب في القدم، لا يعد بينو أول كويكب يشكل تهديدا للكوكب، فقد اصطدم كويكب أكبر بكثير، يتراوح قطره بين 10 و15 كيلومترا، قبالة ساحل شبه جزيرة يوكاتان في المكسيك قبل 66 مليون سنة، مما تسبب في انقراض الديناصورات ونحو 75% من أشكال الحياة على الكوكب. ورغم أن اصطدام بينو لن يكون بالدرجة نفسها من التدمير، فإن قدرته على التأثير على الإنتاج الغذائي العالمي واستقرار المناخ تثير تساؤلات حول مدى جاهزية البشرية لمثل هذه التهديدات الفضائية.
رغم أن النيزك الذي أباد الديناصورات فيما سبق لا يسقط على كوكب الأرض إلا في فترات متباعدة تقدر بمرة واحدة كل 100 مليون سنة، فإنه بحسب دراسة النيازك وارتباطها بسطح الأرض وجد العلماء أن هناك نيازك تسقط بشكل دوري في فترات زمنية أقصر خلال 200 عام.
إعلانوفي إطار جهود التصدي لتهديدات الكويكبات، شرعت ناسا في اختبار إستراتيجيات الدفاع الكوكبي، ومن أبرزها المسبار الحركي الذي يعتمد على التصادم غير المتفجر لتغيير مسار النيزك.
وقد اختُبر هذا المبدأ عام 2005 في مهمة "ديب إمباكت"، حيث أطلقت ناسا قذيفة نحو مذنب "تمبل 9″، مما أحدث حفرة في سطحه، وهي تقنية مشابهة لما يمكن استخدامه مع الكويكبات الخطرة. كما نجحت مهمة "دارت" عام 2022 في تغيير مسار الكويكب "ديمورفوس"، مما أثبت إمكانية حرف مسار أي كويكب يهدد الأرض عند توفر التحضير الكافي.
ومن بين الحلول الأخرى المطروحة، اقتُرح استخدام الصواريخ النووية، إلا أن هذا السيناريو ظل أقرب إلى أفلام الخيال العلمي، إذ قد يؤدي الانفجار النووي إلى تفتيت النيزك بدلا من إبعاده، مما يزيد من خطر اصطدام عدة شظايا بالأرض. كما أن بعض هذه الشظايا قد تعود مستقبلا عبر ما يُعرف بـ"ثقب المفتاح الجاذبي"، وهي منطقة صغيرة في الفضاء حيث تؤدي جاذبية الأرض إلى تغيير مدار كويكب عابر، مما يجبره على العودة في المستقبل إلى مسار يؤدي إلى اصطدامه بالأرض.
وهناك أيضا طرق تعتمد على الجاذبية، إذ يمكن لمركبة فضائية ضخمة التحليق قرب الكويكب، مما يؤدي إلى انحرافه التدريجي بفعل جاذبيتها، إلا أن هذه الطريقة تتطلب سنوات من التأثير المستمر لإحداث تغيير بسيط في المدار.
كما يمكن الاستفادة من "تأثير ياركوفسكي"، الذي اكتشفه العالم الروسي إيفان ياركوفسكي في القرن الـ19، حيث يؤدي الإشعاع الحراري المنبعث من الأجسام الفضائية إلى تعديل مساراتها تدريجيا مع مرور الوقت. وقد اقترح العلماء استغلال هذا التأثير عبر تغيير لون النيزك، إذ تمتص الألوان المختلفة الحرارة بمعدلات متفاوتة، مما يمكن أن يعزز أو يقلل من تأثير ياركوفسكي. ومع ذلك، يتطلب تنفيذ هذا الحل موارد ضخمة، مما يجعله تحديا لوجستيا كبيرا.
إعلانورغم أن احتمالية اصطدام بينو بالأرض لا تتجاوز 0.037%، فإن العلماء يؤكدون أن حتى هذه النسبة الضئيلة تستدعي الاهتمام، ويشير عالم الفيزياء المناخية أكسل تيمرمان في بيان صحفي رسمي إلى أن التأثيرات المحتملة لمثل هذا الاصطدام قد تشبه التغيرات المناخية التي أعقبت بعض أكبر الثورات البركانية خلال المئة ألف سنة الماضية، مما يؤكد الحاجة إلى مزيد من البحث في مجال الدفاع الكوكبي.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
طبيبة إيطالية متطوعة بغزة: المستشفيات تقصف والوضع فيها كارثي
قالت الطبيبة الإيطالية المتطوعة في مستشفيات قطاع غزة تيزيانا روجيو، إن الوضع في المستشفيات "كارثي حقا"، وإن مستشفيات القطاع تقصف مما يضطرهم إلى إجلاء المرضى والجرحى.
وأضافت روجيو في حديث للجزيرة، من مستشفى ناصر بخان يونس، أن "الجيش الإسرائيلي كان يقصف قريبا من المستشفى" مؤكدة أن إخلاء المستشفى يعني أن "المرضى والمصابين لن يكون لديهم أي مكان يتوجهون إليه".
وأشارت الطبيبة الإيطالية إلى أن مستشفى ناصر هو "الوحيد في جنوب غزة" الذي لديه القدرة على استقبال أكثر من 200 مريض، ويضم أربع قاعات للجراحة ومولدات كهرباء وأكسجين.
وأعربت روجيو عن قلقها الشديد من امتداد القصف قائلة "كنا نشعر بقلق شديد الأيام الماضية بسبب الوضع" مضيفة أنه في حال اضطروا لإخلاء مستشفى ناصر فإن المرضى "لن يكون لديهم أي مكان يتوجهون إليه".
وعن تأثير إغلاق المعابر أكثر من 90 يوما، أكدت روجيو أنهم يحتاجون إلى "المعدات الطبية والأدوية" بداية من الأمور البسيطة مثل "القفازات والمعدات والمعقمات" التي يحتاجونها قبل العمليات الجراحية.
وأوضحت أن الأغطية الطبية نفدت لديهم مما اضطرهم إلى "استخدام كثير من الأشياء البديلة"، مشيرة إلى عدم توفر "قفازات للاستخدام مرة واحدة"، واستخدمنا قفازات "قدمها لنا السكان المحليون".
إعلان وضع معقدوشكت الطبيبة من النقص الحاد في "المضادات الحيوية والمعقمات والمهدئات للألم" مؤكدة أن الوضع "كارثي حقا حاليا" بسبب نقص هذه المستلزمات الأساسية.
وحذرت من خطورة الوضع في حال إخلاء مستشفى ناصر، مشيرة إلى أن "المستشفيات الأخرى المتوافرة هي المستشفيات الميدانية" التي "ليس لديها مولدات أكسجين" مما يجعل الوضع أكثر تعقيدا.
وأشارت إلى أن الحالات التي "نستطيع علاجها بسهولة في بلداننا، مثل الولايات المتحدة حيث كنت أعمل "إنها هنا غير ممكنة" بسبب نقص التجهيزات الطبية الأساسية.
وكشفت روجيو عن حالات مأساوية قائلة "فقدنا طفلا صغيرا الأسبوع الماضي بسبب مضاعفات كثيرة لعدم وجود مضادات حيوية لعلاجها" مؤكدة، أن هناك "التهابات وإصابات" يصعب علاجها.
ولفتت إلى طبيعة الإصابات الخطِرة التي يتعاملون معها، موضحة أن "الجروح عميقة وشديدة وأيضا ملوثة" بسبب طبيعة الانفجارات والقصف الإسرائيلي.
ويشهد القطاع الصحي في غزة انهيارا كاملا جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل، حيث خرجت معظم المستشفيات عن الخدمة وقصفت وحوصرت، بينما تواجه المستشفيات العاملة نقصا حادا في الوقود والأدوية والمعدات الطبية، مما يهدد حياة آلاف المرضى والجرحى في ظل استمرار منع دخول المساعدات الطبية.
يشار إلى أن إسرائيل ترتكب بدعم أميركي مطلق منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 177 ألف فلسطيني شهداء وجرحى، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.