بغداد اليوم -  بغداد

لا تزال أزمة الكهرباء في العراق واحدة من أبرز التحديات التي تواجه البلاد منذ سنوات طويلة، حيث لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين والاقتصاد الوطني. ومع اقتراب فصل الصيف، تتزايد المخاوف من تكرار السيناريو المعتاد لانقطاع التيار الكهربائي، مما يفاقم معاناة العراقيين.

وفي هذا السياق، أكد رئيس مركز اليرموك للدراسات والتخطيط الاستراتيجي، عمار العزاوي، في حديثه لـ"بغداد اليوم"، أن تجاوز هذه الأزمة يتطلب تخطيطًا استراتيجيًا ممنهجًا، بعيدًا عن الحلول الترقيعية التي لم تؤدِّ إلى أي تقدم ملموس خلال العقود الماضية.


التخطيط الاستراتيجي أساس الحل

يرى العزاوي أن المشكلة الرئيسية في ملف الكهرباء في العراق تكمن في غياب التخطيط الصحيح ووضع جداول إنجاز واضحة، مشيرًا إلى أن الدول التي تمكنت من معالجة أزماتها في قطاع الطاقة وضعت خططًا طويلة الأمد، والتزمت بتنفيذها ضمن سقوف زمنية محددة.

وأشار إلى أن ملف الطاقة، سواء الكهرباء أو الغاز أو النفط، يجب أن يكون في صدارة أولويات الدولة، مع إشراف مباشر من الجهات العليا، وتحديد نسب الإنجاز بشكل دقيق، لضمان تحقيق تقدم حقيقي ينعكس على حياة المواطنين.

ويؤكد العزاوي أن من أهم عوامل نجاح أي مشروع استثماري أو بنيوي هو وجود رؤية واضحة، وخطط مدروسة، والتزام حقيقي من الجهات المعنية، لافتًا إلى أن الاستمرار في تكرار الخطط القديمة التي لم تحقق أي نتائج ملموسة سيؤدي إلى تفاقم المشكلة بدلاً من حلها.


المشاكل الرئيسية التي تعيق حل أزمة الكهرباء

هناك العديد من العوامل التي ساهمت في استمرار أزمة الكهرباء في العراق، أبرزها:

1. غياب التخطيط الاستراتيجي: لم تكن هناك خطط طويلة الأمد قائمة على أسس علمية واقتصادية واضحة، مما جعل المشاريع السابقة غير قادرة على تلبية احتياجات المواطنين.

2. الفساد الإداري والمالي: يعد ملف الكهرباء من أكثر القطاعات التي شهدت هدرًا ماليًا كبيرًا بسبب الفساد، حيث تم إنفاق مليارات الدولارات دون تحقيق نتائج فعلية.

3. تهالك البنية التحتية: يعاني قطاع الكهرباء في العراق من شبكات قديمة ومولدات غير كفوءة، مما يؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من الطاقة المنتجة.

4. الاعتماد على استيراد الكهرباء والغاز: لا يزال العراق يعتمد بشكل كبير على استيراد الطاقة من دول الجوار، مما يجعله عرضة لأي ضغوط سياسية أو اقتصادية تؤثر على إمدادات الكهرباء.

5. عدم الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة: رغم امتلاك العراق إمكانات هائلة في مجال الطاقة الشمسية والرياح، إلا أن الاستثمار في هذا القطاع لا يزال محدودًا جدًا.


ما المطلوب لحل الأزمة؟

من أجل تجاوز أزمة الكهرباء في العراق، يرى الخبراء أن هناك مجموعة من الخطوات الأساسية التي يجب اتخاذها، أبرزها:

-إعادة هيكلة قطاع الكهرباء بشكل شامل، مع تبني نهج جديد يقوم على إدارة حديثة ومستقلة بعيدًا عن التدخلات السياسية.

-الاعتماد على الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، خصوصًا الطاقة الشمسية، التي يمكن أن تسهم في تقليل الضغط على الشبكة الوطنية.

-تحسين البنية التحتية لشبكات النقل والتوزيع، وتقليل نسبة الهدر في الطاقة المنتجة، التي تصل إلى نسب مرتفعة بسبب تردي خطوط النقل.

-تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مجال الطاقة، من خلال تقديم تسهيلات وضمانات تشجع الشركات العالمية على الدخول إلى السوق العراقية.

-إيجاد حلول بديلة للمولدات الأهلية، التي أصبحت عبئًا اقتصاديًا على المواطنين، من خلال توفير بدائل حكومية بأسعار مدعومة.

-إقرار سياسات واضحة لترشيد استهلاك الكهرباء، ورفع الوعي بأهمية تقليل الهدر في الطاقة.


أزمة الكهرباء في العراق ليست وليدة اليوم، ولكنها نتيجة سنوات من سوء الإدارة والفساد وغياب التخطيط الاستراتيجي. وإذا أرادت الحكومة العراقية تجاوز هذه المشكلة بشكل جذري، فلا بد من نهج جديد قائم على التخطيط السليم والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة. فبدون حلول حقيقية وملموسة، سيبقى المواطن العراقي الضحية الأولى لانقطاع الكهرباء، وسيظل ملف الطاقة أحد أكبر التحديات التي تواجه العراق في المستقبل القريب.


المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: أزمة الکهرباء فی العراق التخطیط الاستراتیجی

إقرأ أيضاً:

العراق.. كشف شبكة إجرامية ضخمة تخطط لاغتيالات تهدد أمن البلاد

أعلنت قيادة جهاز المخابرات العراقي، عن نجاح عملية استباقية مهمة أسفرت عن اعتقال شبكة إجرامية كانت تخطط لتنفيذ سلسلة عمليات اغتيال وزعزعة الأمن العام في العراق.

وأكد البيان الرسمي الصادر عن الجهاز أن العملية جاءت بعد تنسيق دقيق مع الجهات القضائية، مستندة إلى معلومات استخبارية دقيقة ورصد ميداني مكثف.

وأشار البيان إلى أن العملية الأمنية استندت إلى متابعة متواصلة لمحاولة شروع بالقتل استهدفت إحدى الإعلاميات العراقيات في شهر فبراير الماضي، حيث مكنت هذه المعلومات من كشف امتدادات الشبكة داخل البلاد وكذلك صلاتها الخارجية، ما شكّل تهديداً مباشراً لأمن واستقرار العراق.

وبحسب البيان، بعد استحصال الموافقات القضائية اللازمة، تم تحديد مواقع المطلوبين بدقة، لتنطلق مداهمات أمنية متزامنة في عدة محافظات عراقية، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية من اعتقال جميع أفراد الشبكة الإجرامية. واعتبر البيان هذه العملية إنجازاً أمنياً يعكس قدرة جهاز المخابرات على التصدي بفاعلية لأي محاولات تهدد أمن البلاد وسلامة المواطنين.

وتعهد جهاز المخابرات العراقي بمواصلة جهوده الحثيثة في حماية أمن الوطن، وضمان استقرار المجتمع العراقي، من خلال رصد أي نشاطات إرهابية أو تخريبية والعمل على إحباطها قبل وقوعها.

ويأتي هذا الإعلان في ظل تقارير وتحليلات أمنية سابقة تشير إلى تصاعد محاولات استهداف شخصيات إعلامية وأمنية في العراق، ما يعكس التحديات الأمنية الكبيرة التي تواجهها البلاد في مسيرتها نحو الاستقرار.

مقالات مشابهة

  • العراق.. كشف شبكة إجرامية ضخمة تخطط لاغتيالات تهدد أمن البلاد
  • الأونروا: آلية توزيع المساعدات الجديدة بغزة مضيعة للوقت وتُعرض حياة المواطنين للخطر
  • بعد عقود من الجمود.. الغاز يقرب العراق وأذربيجان بشكل مؤقت
  • فيديو أشعل السوشيال ميديا.. ضبط قائد سيارة عرض حياة المواطنين للخطر بالجيزة
  • الذخائر غير المنفجرة تهدد حياة سكان غزة
  • صحة غزة: نعمل ضمن خيارات محدودة إثر أزمة توفير الكهرباء للمستشفيات
  • وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود “إماراتية”
  • كوالكوم تواجه أزمة قانونية تهدد مستقبل معالجات Snapdragon وسط خسائر
  • أسعار النفط تتراجع بأكثر من 1% بفعل مخاوف الطلب الصيني وترقب عقوبات جديدة على روسيا
  • الساعة التي أنقذت حياة حاج.. تدخل طبي سعودي دقيق في قلب مكة