مي زيادة: بين مجد مصر وخيانة لبنان.. أين تنتمي روحها؟
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
بين شوارع القاهرة القديمة وجبال لبنان الخضراء، تأرجحت روح مي زيادة، الذي يصادف اليوم ذكرى ميلادها في 1886، الكاتبة والأديبة التي خطفت قلوب كبار أدباء عصرها، ولدت لأب لبناني وأم فلسطينية، ونشأت في مصر، لتصبح واحدة من أهم رموز الفكر والأدب في العالم العربي. لكن هذا الانتماء المزدوج أثار تساؤلًا دائمًا: إلى أي وطن تنتمي مي زيادة حقًا؟ هل كانت مصرية بحكم التأثير والحياة، أم لبنانية بحكم الأصل والجذور؟
لبنان: أرض الميلاد والجذورولدت مي زيادة عام 1886 في بلدة الناصرة، التي كانت آنذاك جزءًا من لبنان العثماني، لعائلة متعلمة تهتم بالثقافة واللغات.
في لبنان، تعلمت الفرنسية وأتقنت عدة لغات أخرى، مما فتح أمامها أبواب الأدب العالمي. لكن رغم جذورها اللبنانية، لم تكن بيروت أو الناصرة هما المكان الذي شهد صعودها إلى قمة المجد، بل كانت القاهرة.
مصر: أرض التألق والمجد الأدبيعندما انتقلت مع عائلتها إلى مصر، وجدت مي زيادة نفسها في قلب الحركة الثقافية والفكرية العربية في القاهرة، درست في الجامعة الأهلية، وبدأت تنشر مقالاتها في الصحف المصرية، خاصة في جريدة المحروسة التي كان والدها يعمل بها.
لكن المحطة الأهم في حياتها كانت صالونها الأدبي الشهير، الذي أصبح ملتقى لأعظم أدباء ومفكري عصرها، مثل طه حسين، العقاد، أحمد لطفي السيد، وأحمد شوقي، في هذا الصالون، لم تكن مي مجرد مضيفة، بل كانت عقلًا مفكرًا يناقش ويجادل ويؤثر، مما جعلها تحتل مكانة بارزة في الوسط الأدبي المصري.
بين لبنان ومصر: ازدواجية الانتماء أم وطن بلا حدود؟رغم تألق مي زيادة في مصر، إلا أنها لم تفقد ارتباطها بلبنان، كانت تسافر إليه بين الحين والآخر، وتحافظ على علاقتها بالمثقفين هناك، لكن المفارقة أن لبنان، الذي حملت جنسيته، لم يكن هو المكان الذي منحها المجد، بل كان المكان الذي شهد سقوطها المأساوي.
فعندما فقدت والديها وجبران خليل جبران، وبدأت معاناتها النفسية، لجأت إلى لبنان بحثًا عن العائلة والاحتواء، لكنها وجدت نفسها ضحية للطمع والخيانة، حيث أودعها أقاربها في مستشفى للأمراض العقلية بدعوى فقدانها للعقل، في واحدة من أكثر المحطات المأساوية في حياتها.
وفي المقابل، كانت مصر هي الأرض التي احتضنتها في نجاحها، لكنها أيضًا كانت المكان الذي عاشت فيه وحيدة بعد خروجها من المستشفى، حتى رحلت عام 1941 في صمت، وكأنها لم تكن يومًا صاحبة المجد الأدبي الذي صنعته هناك.
إلى أين تنتمي روح مي زيادة؟اليوم، بعد مرور أكثر من ثمانية عقود على رحيلها، لا يزال التساؤل قائمًا: هل كانت مي زيادة لبنانية بحكم المولد والأصل، أم مصرية بحكم الفكر والتأثير؟ ربما لم تكن مي نفسها تعترف بحدود الوطن، فقد كانت روحها أكبر من أن تُحصر في جنسية أو هوية واحدة.
لكن ما لا جدال فيه، هو أن مصر كانت وطنها الإبداعي، ولبنان كان مسقط رأسها ومكان سقوطها الأخير. وبين هذين البلدين، بقيت روح مي زيادة عابرة للحدود.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: لبنان طه حسين جبران خليل جبران الجامعة الأهلية العقاد مي زيادة الحركة الثقافية الصالون الأدبي المزيد المکان الذی لم تکن
إقرأ أيضاً:
علماء: إنسان نياندرتال كانت لديه قدرات فنية
إسبانيا – أفادت قناة NBC أن فريقا إسبانيا اكتشف أقدم دليل فني معروف لإنسان نياندرتال حتى الآن، حيث عثروا على حجر منقوش عليه رسومات في أحد مواقع استيطان إنسان نياندرتال الأثرية.
كشف الباحثون عن تفاصيل مذهلة للرسم المكتشف، حيث وُجد منقوشا على حجر ذي انحناءات طبيعية تشكّل ملامح تشبه الوجه البشري. وفي مركز هذه “القطعة الفنية البدائية”، لاحظ الفريق وجود نقطة حمراء داكنة وضعت بدقة في موضع الأنف. وأظهر التحليل المخبري أن هذه النقطة صُممت باستخدام أصبع مغموس بالمغرة (صبغة أرضية طبيعية كانت شائعة في عصور ما قبل التاريخ)، وهو ما يستبعد أي احتمال لتشكلها بشكل عشوائي أو طبيعي.
وباستخدام تقنيات تحليل البصمات الدقيقة، استنتج الباحثون أن الفنان النياندرتالي كان على الأرجح ذكرا بالغا. ويفترض الفريق العلمي أن هذا الإنسان القديم قد لاحظ التشابه بين شكل الحجر والوجه البشري، مما ألهمه لإضافة لمسة فنية متعمدة تكمل التشابه. وقد وصف الخبراء هذه القطعة بأنها تمثل “أحد أقدم الأمثلة المعروفة على التجريد الفني والتعبير الرمزي في السجل الأثري”، مما يقدم دليلا جديدا على التطور المعرفي والمعقد لإنسان نياندرتال.
يقلب هذا الاكتشاف المفاهيم السائدة عن تاريخ الفن البشري رأسا على عقب، حيث يُفند الفرضية القائلة بأن الإنسان العاقل (Homo sapiens) كان أول من أبدع أعمالًا فنية. كما يشير إلى وجود قدرات تجريدية متطورة لدى إنسان نياندرتال، مما يدفعنا لإعادة تقييم التطور المعرفي للإنسان القديم.
في سياق متصل، كشفت بحوث أثرية حديثة النقاب عن أدوات عظمية يعود تاريخها إلى 1.5 مليون سنة، تم اكتشافها في الخامس من مارس الماضي. هذا الاكتشاف يؤخر زمن بداية استخدام الأدوات العظمية بمليون سنة عن التقديرات العلمية السابقة، مما يوسع آفاق فهمنا لتطور المهارات التقنية للإنسان البدائي.
المصدر: صحيفة “إزفيستيا”