أمريكا: لا يمكننا دفع تكاليف مخيمات سجناء داعش في سوريا للأبد
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
قالت دوروثي شيا القائمة بأعمال السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن، أمس الأربعاء، إن المساعدات الأمريكية لإدارة وتأمين المخيمات في شمال شرقي سوريا تضم سجناء مرتبطين بتنظيم داعش "لا يمكن أن تستمر إلى الأبد".
وأضافت أمام المجلس المكون من 15 عضوا "تحملت الولايات المتحدة كثيرًا من هذا العبء لمدة طويلة للغاية.
وأردفت قائلة: "بناء على ذلك نواصل حث الدول على استعادة مواطنيها النازحين والمحتجزين الذين ما زالوا في المنطقة على وجه السرعة"، وفق "رويترز".
ويعجّ مخيم "الهول" بالعائلات المرتبطة بتنظيم داعش بعد الهزيمة التي مني بها في سوريا عام 2019 ويقيم في المخيم نحو 40 ألف شخص.
ويُنظر إلى المخيم على نطاق واسع باعتباره أرضًا خصبة للتطرف ويشكل مصدر قلق أمنيًا للدول الإقليمية، خاصة العراق المجاور الذي سيطر تنظيم داعش ذات يوم على نحو ثلث مساحته.
ولطالما طالبت سلطات المخيم بقيادة "قوات سوريا الديمقراطية"، المدعومة من الولايات المتحدة، وهي قوة يقودها الأكراد وتسيطر على شمال شرقي سوريا، الدول باستعادة مواطنيها في المخيم الذي يستضيف آلاف الأجانب.
وقال مسؤولون عراقيون إن بلادهم استعادت أكثر من 10 آلاف شخص لكن لم يبد إلا عدد قليل من الدول الغربية اهتمامًا باتباع نفس النهج. وقالت سلطات المخيم إن هناك نحو 16 ألف سوري من بين الموجودين حاليًا في المخيم.
وقالت شيا: "المساعدات الأمريكية أدت دورًا محوريًا في إدارة وتأمين مخيمي الهول وروج للنازحين في شمال شرقي سوريا، والأهم من ذلك، المنشآت التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية التي تحتجز الآلاف من مقاتلي داعش، لكن هذه المساعدة لا يمكن أن تستمر إلى الأبد".
وتجري محادثات بوساطة الولايات المتحدة وفرنسا لتحديد مستقبل قوات سوريا الديمقراطية. وقالت السلطات السورية الحاكمة الجديدة إنها ستسعى إلى فرض سيطرتها على كامل البلاد.
وقالت شيا: "الأعمال القتالية المستمرة في شمالي سوريا تثير القلق أيضًا، وستواصل الولايات المتحدة السعي إلى وقف إطلاق النار الذي سيمكن شركاءنا المحليين من التركيز على التصدي لداعش والحفاظ على أمن مراكز الاحتجاز ومخيمات النازحين".
وللولايات المتحدة نحو 2000 جندي في سوريا، معظمهم في الشمال الشرقي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: داعش سوريا تنظيم داعش المزيد الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
متى تتراجع الولايات المتحدة؟
لم تُعرف الولايات المتحدة يوما بتقديم تنازلات سياسية أو إنسانية طوعية، لا تجاه الشعوب ولا حتى تجاه حلفائها. سياستها الخارجية قائمة على منطق الهيمنة، واستخدام كل أدوات الضغط: الحروب، والحصار، والانقلابات، والقواعد العسكرية، والإعلام، والابتزاز الاقتصادي، والاغتيالات. ومع ذلك، يعلّمنا التاريخ الحديث أن هذا الوحش الجبّار لا يعرف الانحناء إلا إذا كُسرت إحدى أذرعه، ولا يتراجع خطوة إلا إذا أُجبر على التراجع.
من فيتنام إلى العراق، ومن أفغانستان إلى غزة واليمن.. أمريكا لا تفاوض إلا تحت النار، ولا تعترف بالخصم إلا إذا فشلت في سحقه.
في غزة.. قنابل أمريكا لا تنتصر
منذ أكثر من عام ونصف، تشنّ إسرائيل حرب إبادة على قطاع غزة، بدعم مباشر من أمريكا عسكريا وسياسيا. مئات آلاف القنابل أُلقيت على السكان المدنيين، عشرات آلاف الشهداء، وتجويع وتدمير ممنهج، ومع ذلك لم تُحقق إسرائيل أيا من أهدافها العسكرية: لا القضاء على حماس، ولا تحرير الأسرى، ولا إعادة السيطرة على غزة.
صمود المقاومة مستمر، والقدرة القتالية لم تنهَر، بل أُعيد تنظيمها رغم شدة الضربات.
الدعم الأمريكي بلغ ذروته: حاملات طائرات، جسر جوي عسكري، فيتو سياسي، ومع ذلك.. الفشل واضح.
ثم جاءت لحظة الاعتراف: "أمريكا تفاوض حماس!" الصفعة الكبرى لهيبة أمريكا جاءت عندما بدأت واشنطن، عبر مدير "CIA" وغيره من الوسطاء، التفاوض غير المباشر مع حماس نفسها -من كانت تصفها بالإرهاب المطلق- بهدف تحرير أسير أمريكي لدى المقاومة.
هنا انكسر القناع: من تقصفه بالصواريخ وبالفيتو، تجلس إليه لتفاوضه من أجل رهينة أمريكية واحدة! وكأن أرواح آلاف الفلسطينيين لا تهم.
وفي اليمن.. من نار الحرب إلى موائد التفاوض
1- الدعم الأمريكي لحرب اليمن: منذ انطلاق "عاصفة الحزم" في 2015، دعمت الولايات المتحدة التحالف السعودي- الإماراتي سياسيا وعسكريا ولوجستيا، عبر صفقات سلاح ضخمة، وتزويد الطائرات بالوقود، وتوفير الغطاء الدولي في مجلس الأمن. الحرب أدّت إلى أكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث، قُتل فيها عشرات الآلاف من المدنيين، ودُمرت البنية التحتية، وفُرض حصار خانق على الشعب اليمني. ورغم كل هذه الأدوات، لم تستطع أمريكا ولا حلفاؤها القضاء على أنصار الله (الحوثيين) ولا السيطرة على الشمال اليمني. بل على العكس، تطورت قدرات الحوثيين لتصل إلى ضرب العمق السعودي والإماراتي، واستهدفت حتى مواقع استراتيجية في أبو ظبي والرياض.
الحصيلة: القوة المفرطة والنتائج الهزيلة.
2- فشل الاستراتيجية الأمريكية وتحول الموقف: مع تراكم الفشل، والانقسام داخل التحالف، والضغوط الحقوقية والإعلامية العالمية، بدأت أمريكا تغير خطابها، وانتقلت من مربع "دعم الحرب" إلى مربع "الدعوة للسلام"، ومن تصنيف الحوثيين كـ"إرهابيين" إلى التفاوض معهم بشكل غير مباشر. تراجعت واشنطن، ودعمت اتفاقيات الهدنة، وبدأت تروج لخطاب "إنهاء الحرب" حفاظا على ماء وجهها، في وقتٍ لم تحقق فيه أية نتائج استراتيجية تبرر كل هذا الدمار والدماء.
3- التفاوض مع الحوثيين بعد التجاهل والتصنيف: من كانت أمريكا تنكر شرعيتهم وتدعو لعزلهم، باتت ترسل عبر وسطاء من سلطنة عمان رسائل تفاوضية مباشرة، بل وتضغط على السعودية للقبول باتفاقات طويلة المدى معهم، بعد أن فشلت في إخضاعهم بالقوة. هذا التراجع لا يعكس تغيرا في المبادئ، بل هو ترجمة عملية لفشل الخيارات العسكرية، وكأن أمريكا تقول: "نحن لا نتحدث معكم إلا إذا فشلنا في سحقكم"، وهذا ما حدث.
أفغانستان والعراق
في أفغانستان: بعد 20 عاما من الاحتلال، وإنفاق تريليونات الدولارات، انسحبت أمريكا ذليلة من كابل، ووقّعت اتفاقية مع "طالبان"، بعد أن فشلت في إنهائها رغم كل التفوق الجوي والتكنولوجي.
وفي العراق: رغم الاحتلال الشامل، ما زالت أمريكا غير قادرة على فرض إرادتها السياسية كاملة، واضطرت إلى الانسحاب جزئيا، بينما تتعرض قواعدها لضربات متواصلة حتى اليوم.
ما الذي نتوقعه؟
من المقاومة:
- الثبات والتطوير.
- عدم الاستسلام للضغوط الدولية.
- تطوير أدوات المقاومة، إعلاميا وعسكريا.
- فضح التناقض في المواقف الأمريكية أمام العالم.
- استخدام كل انتصار ميداني لفرض وقائع سياسية جديدة.
من الشعوب:
- كسر الوهم الأمريكي.
- فضح الهيمنة الأمريكية بوصفها مصدر الحروب والفقر في منطقتنا.
- دعم قضايا التحرر لا كـ"تضامن إنساني" بل كـ"صراع وجودي".
- الضغط على الحكومات المتواطئة، ورفض كل تطبيع أو اصطفاف مع واشنطن.
ومن الحكومات:
- عدم الثقة بالقاتل.
- من يتخلى عن عملائه في كابل وبغداد لن يدافع عنكم إن حانت لحظة الحقيقة.
- الاعتماد على القوة الذاتية والشراكات العادلة، لا على الوعود الأمريكية.
- دعم المقاومة لا يضعف الأمن، بل يُعزز التوازن ويمنع الانهيار الكلي أمام إسرائيل.
الخلاصة: ما جرى ويجري في فيتنام، والعراق، وأفغانستان، وغزة، واليمن؛ يؤكد نفس المعادلة: أمريكا لا تتراجع إلا إذا عجزت عن التقدم خطوة أخرى. فما تسميه "تفاوضا" هو غالبا نتيجة لهزيمة ميدانية أو مأزق سياسي لا مخرج منه إلا ببوابة من كانت تحاربه، بينما التوسل إلى "عدالة واشنطن" هو وهْم سقط في كل الميادين.