وزير الخارجية السوداني يبدأ زيارة رسمية لطهران بعد روسيا.. هل تعود إيران بقوة إلى السودان؟
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
بدأ وزير الخارجية السوداني علي يوسف، الأحد، زيارة رسمية لإيران، بعد أيام قليلة من زيارته روسيا، والاتفاق على منحها قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر، فيما تذهب قراءات عدد من المحللين السياسيين والعسكريين إلى أن هذه التحركات تثير مخاوف أميركا ودول غربية وعربية، من سعي إيران المتزايد إلى إيجاد موطئ قدم في البحر الأحمر، وتعزيز نفوذها العسكري في المنطقة بعد أن فقدت أذرعها القوية في سوريا ولبنان إثر تداعيات الحرب في غزة.
وقال سفير السودان لدى إيران، عبد العزيز حسن صالح، لوكالة أنباء السودان الرسمية (سونا)، إن وزير الخارجية سيلتقي، خلال الزيارة، نظيره عباس عراقجي وعدداً من المسؤولين في الحكومة الإيرانية، «لإطلاعهم على التطورات في السودان، وتعزيز العلاقات بين البلدين وتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية».
واتفق السودان وإيران في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على استئناف العلاقات الدبلوماسية بعد 8 سنوات من القطيعة، وقد سعى إلى ذلك الجيش السوداني لكسب حلفاء في حربه مع «قوات الدعم السريع».
وفي وقت سابق، اتهمت دول غربية إيران بدعم الجيش السوداني عسكرياً بأسلحة نوعية أسهمت في تحقيق أول انتصار عسكري في الحرب، باستعادة مدينة أم درمان، ثانية كبرى مدن العاصمة السودانية الخرطوم.
وأثار هذا التقارب كثيراً من التساؤلات بشأن توجهات الجيش السوداني إلى استئناف العلاقات مع إيران بهذه العجالة، مما قد يُحول الصراع في السودان إلى مسرح لصراع إقليمي ودولي يقف ضد أي نفوذ روسي وإيراني، يزيد من تعقيدات الأزمة في السودان ومنطقة الشرق الأوسط.
كان السودان قد رفض في مارس ( آذار) 2024 طلباً بإنشاء قاعدة بحرية لطهران على ساحل البحر الأحمر، على الرغم من تزويدها الجيش السوداني بطائرات مسيّرة متفجرة لاستخدامها في قتاله ضد «الدعم السريع».
وفي حين لم يصدر أي تعليق رسمي من الإدارة الأميركية الجديدة بخصوص إعلان السودان التوصل إلى «اتفاق كامل» مع روسيا بشأن القاعدة البحرية في البحر الأحمر، لكن الدبلوماسي الأميركي السابق، كاميرون هدسون، توقع في مقابلة مع «الشرق الأوسط» نُشرت السبت، أن تكون ردة الرئيس دونالد ترمب قوية إن تأكدت صحة هذا الاتفاق.
وذكر أن أميركا «بقدر اهتمامها بالسودان فهي أيضاً تهتم بدرجة أكبر بأمن البحر الأحمر، وأن تظل روسيا وإيران بعيدتين عن المنطقة، وحماية حركة الملاحة فيها».
وأوضح مصدر عليم أن تحركات السلطة في بورتسودان «رسالة إلى الغرب ودول في المنطقة، بأنها قادرة على التحرك في كل المحاور بما يحقق مصالحها».
وفسّر المصدر، الذي طلب حجب اسمه، زيارة وزير الخارجية السوداني علي يوسف، طهران بعد أيام قليلة من زيارته موسكو، والاتفاق على منحها قاعدة عسكرية في بورتسودان، «بأن هذا نهج موروث من الإسلاميين منذ عهد الرئيس السابق عمر البشير، الذي كان عندما تسوء علاقاته مع الغرب، يلجأ إلى محور روسيا وإيران لدعمه».
وقال لــ«الشرق الأوسط» إن «الزيارة قد تحمل أيضاً مطالب سودانية بمواصلة الدعم العسكري، باعتبار أن الحرب في البلاد لم تنتهِ بعد لصالح الجيش السوداني، وربما تطول لمدى زمني غير محدد».
ورأى بشأن إمكانية منح إيران منفذاً بحرياً على ساحل البحر الأحمر، أن «قائد الجيش السوداني، الجنرال عبد الفتاح البرهان، يعلم أنه يقود مرحلة أشبه بالفترة الانتقالية في البلاد، لا يملك فيها حق التقرير في غياب حكومة تنفيذية فاعلة وبرلمان يمثل الشعب السوداني، لكن هذا قد لا يحد من اتخاذه أي قرار بحجة أن البلاد في حالة حرب».
وعدَّ هذه التحركات «من قبيل المناورة والضغط على الغرب في آن واحد، وذلك لإصراره طيلة عامين من الحرب، على وضع الجيش السوداني و(قوات الدعم السريع) في كفة واحدة، وعدم الاعتراف بشرعيته في تمثيل السودان».
لكنَّ المصدر نبَّه إلى «أن توجه السلطة القائمة في بورتسودان بقيادة الجيش إلى المحور الإيراني، قد يُخرجها تماماً من الاتفاقيات الإبراهيمية التي تسعى إدارة الرئيس دونالد ترمب إلى المواصلة في توسيعها في المنطقة العربية خلال فترة ولايته الحالية».
بدوره رأى المستشار في «الأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية»، اللواء معتصم عبد القادر، في الزيارتين إلى موسكو وطهران، تحولاً استراتيجياً للجيش السوداني من المعسكر الغربي، الذي لطالما بذل كل جهده لعدم قطع الصلة به.
وقال لــ«الشرق الأوسط» إن هذا الموقف «جاء نتيجة لما تراه الحكومة السودانية من تبني أميركا وبريطانيا ودول غربية أخرى مواقف عدائية ضدها، لذلك كان عليها الاتجاه إلى محور روسيا وإيران، وإلى حدٍّ ما قطر».
ومن المعروف أن إيران باعت للجيش السوداني طائرات مُسيرة من طراز «مهاجر»، وهو ما خلق التوازن العسكري على الأرض مع « قوات الدعم السريع».
وقال عبد القادر: «ربما يوجد تفاهم مسبق بين السودان ومصر وإلى حد ما إريتريا، على وجود القاعدة الروسية اللوجيستية، لكنَّ دولاً مؤثرة في المنطقة تعارض بشدة أي وجود روسي في المياه الدافئة».
وعدَّ هذا التوجه أنه ثمن ابتعاد الغرب وعدائه للسودان، وهو ما دفع القيادة السودانية إلى اللجوء إلى هذه المحاور المناوئة للسياسات الغربية في المنطقة. وأكد أن أي وجود إيراني في البحر الأحمر، مع ارتباطاته بحلفائه الحوثيين في اليمن، وبقية جيوبه في سوريا، «يشكل مصدر خطورة كبيرة على المصالح الغربية في المنطقة».
وقال المحلل السياسي، الجميل الفاضل، «إن قادة الجيش السوداني يئسوا من كسب مواقف الغرب لصالحهم، ويرغبون جدياً في التوجه إلى روسيا وإيران لممارسة أكبر ضغط على أميركا ودول أوروبا لفتح قنوات رسمية معها، أو المضي في هذه التحالفات إلى النهاية».
وتوقع «المضي في التقارب أكثر مع هذه المحاور، خصوصاً أنهم يحتاجون إلى السلاح والتكنولوجيا العسكرية لحسم الحرب مع (الدعم السريع)، ولن يتوفر لهم هذا الدعم إلا من روسيا وإيران».
وأشار إلى «أن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، بعد العقوبات الأميركية الأخيرة عليه، وجد نفسه مجبراً على التقارب أكثر مع روسيا وإيران، مدفوعاً من حلفائه الإسلاميين الذين تربطهم علاقات وثيقة وقديمة مع إيران».
لكنَّ المحلل السياسي، الجميل الفاضل، رأى في تقارب سلطة الجيش في بورتسودان مع روسيا وإيران، «ما يمكن أن يعده بعض الدول الغربية تحدياً لها، مما قد يدفعها لتوفير أشكال الدعم المباشر أو غير المباشر لـ(قوات الدعم السريع) وحلفائها الذين ينوون تشكيل حكومة موازية خلال الأيام المقبلة، في مواجهة ما كان يطلق عليه سابقاً (محور الشر) الذي تمثله إيران».
وحسب السفير السوداني، من المقرر أن يبحث الجانبان الموضوعات ذات الاهتمام المشترك ثنائياً وعالمياً، وسيوقِّع الوزيران على مذكرة تفاهم لإنشاء لجنة للتشاور السياسي بين البلدين والتنسيق والتفاهم في مختلف الموضوعات عبر آليات العمل الدبلوماسي والسياسي.
نيروبي: الشرق الأوسط: محمد أمين ياسين
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الجیش السودانی وزیر الخارجیة البحر الأحمر الشرق الأوسط روسیا وإیران فی بورتسودان فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
محافظ مطروح والسفير السوداني يشهدان حفل تخرج جامعة الأحفاد للبنات
شهد اللواء خالد شعيب، محافظ مطروح، والسفير الفريق أول عماد الدين مصطفى عدوي، سفير جمهورية السودان بالقاهرة، احتفال جامعة الأحفاد للبنات بالسودان بتخرج دفعة جديدة من طالبات الدراسات الطبية بالتعاون مع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري بمدينة العلمين.
جاء ذلك بحضور الفريق الركن ياسر محمد عثمان، مدير عام الإدارة العامة لمعابر والمنافذ الحدودية بجمهورية السودان، الأستاذ الدكتور إسماعيل عبد الغفار إسماعيل فرج رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، والأستاذ الدكتور قاسم بدري، رئيس جامعة الأحفاد للبنات بجمهورية السودان، والدكتور ياسر السنباطي، نائب رئيس الأكاديمية للتعليم وشؤون الطلاب، والدكتورة آمنة بدري، نائب رئيس جامعة الأحفاد للبنات بجمهورية، والدكتور محمد هشام، عميد كلية الطب البشري بالعلمين، الدكتورة إيناس عزيز مالك، عميد كلية الطب بجامعة الأحفاد للبنات بجمهورية السودان، الدكتور محمود الزلباني عميد القطاع الطبي بفرع الأكاديمية بالعلمين، الدكتور أحمد سعد مدير المستشفيات بالأكاديمية، مدير والدكتور إسلام عساف، وكيل وزارة الصحة بمطروح، والدكتور طارق كاسح، نقيب أطباء مطروح.
في كلمته، أثنى، اللواء خالد شعيب محافظ مطروح، على الدور الحيوي للأكاديمية العربية في إنجاح هذا التعاون الأكاديمي، مؤكدًا أن هذا التخرج ليس نهاية لمرحلة دراسية، بل "بداية لمسيرة مهنية وإنسانية عظيمة في مهنة الطب التي تجمع بين المهارة والمسؤولية بين العقل والقلب."
وشدد "شعيب" على أهمية هذا التعاون بين "الصرح التعليمي الرائد في السودان" والأكاديمية العربية التي "كانت ولا تزال منارة للعلم والمعرفة وتجسد طموحنا العربي المشترك نحو تعليم نوعي حديث ومتكامل."
من جانبه، أعرب سفير جمهورية السودان بالقاهرة، سعادة السفير عماد الدين مصطفى عدوي، عن سعادته البالغة بهذا الاحتفال الذي يحمل "أكثر من مدلول"، مشيدًا بمدينة العلمين وتطورها العمراني والتنموي.
وخص الأكاديمية العربية ورئيسها، الدكتور إسماعيل عبد الغفار، بالشكر على "التسهيلات الكبيرة التي قدمت للطلاب والطالبات السودانيين طيلة الفترة الماضية." ووجه السفير رسالة للخريجات مفادها أن هذا "ليس النهاية ولكنها البداية"، داعيًا إياهن لمواصلة الاطلاع والتحصيل، ومؤكدًا أن "المعرفة هي أساس كل شيء" وأن الدراسات الطبية "أمانة في المقام الأول."
واختتم كلمته بتوجيه الشكر الجزيل لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ونائب رئيس الوزراء الفريق كامل الوزير ولكل من ساهم في إنجاح هذه الشراكة، مشيرًا إلي أن هذا التخرج يمثل شهادة حية على قوة التعاون العربي وقدرة الإرادة على تجاوز التحديات.
رحب الدكتور إسماعيل عبد الغفار إسماعيل فرج، رئيس الأكاديمية، بالحضور، مؤكدًا أن هذا الإنجاز لم يكن ليتحقق لولا الشراكة الاستراتيجية بين الأكاديمية وجامعة الأحفاد، والتي وصفها بأنها "تجاوزت كونها تعاونًا أكاديميًا إلى كونها تعبيرًا صادقًا عن وحدة المصير العربي."
وأشار إلى أن الأكاديمية فتحت أبوابها للطالبات السودانيات في ظل الظروف الاستثنائية الصعبة التي يمر بها السودان، موفرة "بيئة تعليمية متكاملة" ودعمًا يشمل كافة أوجه الحياة الجامعية، لتكون الأكاديمية "بيتًا ثانيًا لطالباتنا العزيزات."
وبدوره قدم الدكتور محمد هشام، عميد كلية الطب بفرع الأكاديمية بمدينة العلمين الجديدة، قدم تهانيه للخريجات، واصفًا إياهن بـ "النخبة المتفوقة".
وأشاد بالدعم اللامحدود من محافظة مطروح ووكيل وزارة الصحة بالمحافظة، اللذين أتاحا فرص التدريب للطالبات، وشكر أساتذة الكلية على جهودهم.
من جانبها وصفت الدكتورة إيناس، عميد كلية الطب بجامعة الأحفاد، هذا اليوم بـ "العظيم وطال انتظاره"، مؤكدة أن هذه الشراكة في "الوطن الثاني مصر" عززت الثقة والتمكين للطالبات.
من جهتها أوضحت الدكتورة آمنة بدري نائب رئيس جامعة الاحفاد للبنات، أن الاتفاقية مع الأكاديمية العربية كانت بمثابة "طوق نجاة" في ظل ظروف الحرب، موجهة الشكر لأعضاء هيئة التدريس والأكاديمية وجامعة الدول العربية، واختتمت كلمتها بالشكر الجزيل لـ "مصر وأهل مصر الكرماء" الذين هيأوا للطالبات "اندماجًا سلسًا وناعمًا في المجتمع المصري."