ليست حربًا عادية، بل جريمة إبادة منظمة! قطاع غزة يشهد اليوم واحدة من أبشع الجرائم في التاريخ الحديث، حيث يتعرض الشعب الفلسطيني لعدوان همجي غير مسبوق، يستهدف وجوده بالكامل، لم يعد الاحتلال الإسرائيلي يكتفي بالقصف والتدمير، بل يسعى إلى فرض التهجير القسري كأمر واقع، في ظل دعم أمريكي غير محدود، وصمت دولي وعربي مخزٍ.


في كلمته يوم الخميس 15 شعبان 1446هـ / 13 فبراير 2025م، قدّم قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي تحليلًا دقيقًا لهذا العدوان، مشيرًا إلى أن ما يجري اليوم في غزة ليس مجرد حرب، بل “جريمة القرن”، حيث انتقل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من مشروع “صفقة القرن” في ولايته الأولى، الذي كان يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية سياسيًا، إلى تنفيذ “جريمة القرن” في ولايته الثانية، عبر دعم الإبادة الجماعية والتهجير القسري للشعب الفلسطيني.
أوضح القائد السيد عبدالملك الحوثي أن هذا العدوان ليس فقط مخططًا إسرائيليًا، بل هو مشروع أمريكي صهيوني متكامل، يهدف إلى إعادة رسم خريطة فلسطين عبر إبادة شعبها أو تهجيره قسرًا، وأكد أن هذه الجريمة تُنفذ تحت غطاء أمريكي مباشر، حيث لم تكتفِ واشنطن بالدعم السياسي والمالي، بل وفرت الغطاء العسكري والدبلوماسي الكامل لجرائم الاحتلال.
لأكثر من خمسة عشر شهرًا، شنّ الاحتلال الإسرائيلي حربًا شاملة على قطاع غزة، لم تكن مجرد رد عسكري، بل حملة إبادة جماعية متكاملة، استهداف المدنيين كان ممنهجًا، وقصف الأحياء السكنية جرى بشكل متعمد، وفرض الحصار والتجويع كان سياسة مقصودة تهدف إلى كسر إرادة الفلسطينيين وإجبارهم على الرحيل، كل ذلك تم وفق رؤية واضحة، هدفها إفراغ الأرض الفلسطينية من سكانها الأصليين، وفرض معادلة جديدة في المنطقة قائمة على الإرهاب والقتل الجماعي.
لفت القائد السيد عبدالملك الحوثي في كلمته إلى أن هذه الجرائم لم تكن لتستمر لو لا تواطؤ بعض الأنظمة العربية التي خضعت للإملاءات الأمريكية، وأشار إلى أن الولايات المتحدة لم تعد تستخدم أسلوب الحوار والإقناع، بل انتقلت إلى فرض الأوامر المباشرة، حيث قال ترامب بصراحة: “عليهم أن يفعلوا، وسيفعلون”، وهذا يكشف أن ما يجري ليس فقط حربًا على فلسطين، بل هو مخطط أمريكي لإعادة ترتيب المنطقة وفق رؤية تخدم مصالح واشنطن وتل أبيب.
رغم كل هذا الإجرام، ورغم الدعم الأمريكي غير المحدود، لم ينجح الاحتلال في تحقيق أهدافه.. خمسة عشر شهرًا من الحرب الشرسة لم تُضعف إرادة الفلسطينيين، ولم تدفعهم إلى التخلي عن أرضهم، بل على العكس، زادتهم صلابة وإصرارًا، غزة اليوم ليست مجرد مدينة محاصرة، بل رمز للمقاومة والتحدي في وجه أكبر مشروع استيطاني استعماري في العصر الحديث.
شدد السيد عبدالملك الحوثي على أن صمود الشعب الفلسطيني هو أكبر عائق أمام نجاح هذا المخطط، مشيرًا إلى أن ما يحدث اليوم هو اختبار حقيقي لمصداقية الشعوب والأنظمة العربية والإسلامية، فإما أن تتحرك الأمة لوقف هذه المجازر، أو أن تكون شريكة في الجريمة بصمتها وتواطؤها.
لقد حاول الاحتلال بكل وسائله أن يمحو الوجود الفلسطيني، لكنه فشل، حاول أن يُجبر الفلسطينيين على الرحيل، لكنهم بقوا، واليوم، يحاول فرض التهجير القسري بمساعدة بعض الأنظمة المتواطئة، لكنه لن ينجح، فكما فشلت “صفقة القرن”، ستسقط “جريمة القرن”، وسيبقى الفلسطينيون في أرضهم، يدافعون عنها بدمائهم وصمودهم الأسطوري.
المعادلة اليوم واضحة.. إما أن يكون العالم جزءًا من العدالة، أو شريكًا في أكبر جريمة تطهير عرقي في القرن الحادي والعشرين، لكن الحقيقة الوحيدة التي لا يمكن إنكارها هي أن فلسطين باقية، والاحتلال إلى زوال.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

نسرين مالك: المجاعة في غزة جريمة متعمّدة… الأفعال أبلغ من الكلام

قالت الكاتبة والصحفية السودانية البريطانية نسرين مالك، في مقال نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، إن العبارات السياسية المكررة وبضع شاحنات من المساعدات لن تنقذ الأطفال الذين يموتون الآن في غزة، لكنها على الأقل تكشف أن القادة لا يمكنهم تجاهل الرأي العام إلى الأبد.

وأشارت الكاتبة إلى أن الأطفال هم أول من يموت في ظروف المجاعة، نظرا لاحتياجاتهم الغذائية العالية مقارنة بالبالغين، وضعف أجهزتهم المناعية التي لم تكتمل بعد، موضحة أن نوبة إسهال واحدة قد تكون قاتلة، وأن جروحهم لا تلتئم، وأنهم لا يستطيعون حتى الرضاعة لأن أمهاتهم لم يأكلن. وتابعت: "هؤلاء يموتون بمعدل يفوق ضعف معدل وفيات البالغين".

وأضافت أن 21 طفلا في غزة قضوا بسبب الجوع وسوء التغذية خلال 72 ساعة فقط من الأسبوع الماضي، لافتة إلى أن طريق الموت جوعا بطيء ومؤلم، لا سيما في منطقة تعاني من نقص شامل في الغذاء والدواء والماء النظيف والمأوى. 

وقد تجاوز عدد الوفيات بسبب الجوع 100 شخص نهاية الأسبوع، 80 منهم أطفال. ونقلت عن عامل إغاثة أن أطفالا في غزة باتوا يقولون لذويهم إنهم يريدون الموت والذهاب إلى الجنة، لأن "الجنة على الأقل فيها طعام".

مجاعة "متوقعة" و"متعمدة"
وأكدت الكاتبة أن كل هذه الوفيات، وتلك التي ستتبعها، "كان من الممكن تفاديها". فبحسب منظمة الصحة العالمية، المجاعة في غزة "من صنع الإنسان"، لكنها، تضيف الكاتبة، أكثر من ذلك: "إنها متوقعة، وبالتالي متعمّدة". 

وأوضحت أن الحصار الإسرائيلي حال دون دخول آلاف الأطنان من المساعدات أو توزيعها على المحتاجين، وفق ما أفادت به منظمات إنسانية تعمل في القطاع.

وانتقدت ما يسمى بـ"التوقف التكتيكي" للعملية العسكرية الإسرائيلية لبضع ساعات يوميا في ثلاثة مناطق داخل القطاع، للسماح بدخول جزء من المساعدات، قائلة إن ذلك لا يخفف من أزمة تفاقمت عبر الزمن. ووصفت المجاعة بأنها "المرحلة الأخيرة من حملة امتدت لعامين، وصلت إلى حدّ لا تصفه الكلمات".

وقالت الكاتبة إن ما يحدث في غزة "لا يمكن اختزاله بمجرد مفاهيم كالإبادة الجماعية أو التطهير العرقي أو العقاب الجماعي"، مشيرة إلى أن كل هذه الأوصاف لا تعبّر بشكل كامل عن بشاعة الواقع، حيث يُقتل الفلسطينيون في بيوتهم، وخيامهم، وعلى أسرّة المستشفيات، ويُطلق النار عليهم أثناء انتظارهم للطعام، والآن… يتضوّرون جوعا.

وتابعت: "لم يعد مهما الاسم الذي نُطلقه على ما يجري. يكفي أن ترى عظام طفل بارزة من جلده الرقيق، يُمنع عنه الغذاء من قبل جنود إسرائيليين، لتدرك أن ما يحدث جريمة تتطلب تحركا فوريا".


التنديد اللفظي لا يطعم جائعا
وانتقدت الكاتبة مواقف القادة الغربيين، واصفة إياها بـ"التهويل اللفظي" دون فعل حقيقي. ولفتت إلى منشور لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على منصة "إكس"، قالت فيه إن الصور الواردة من غزة "لا تُطاق"، وإنها دعت الاحتلال الإسرائيلي إلى "الوفاء بتعهداتها". وعلّق أحد مسؤولي منظمة "أوكسفام" على ذلك، واصفًا التصريحات الأوروبية بأنها "جوفاء" و"محيرة".

وأضافت أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أثبت مرارا وتكرارا أنه لا يعتزم الالتزام بأي وعود. وذكّرت بتصريحات وزير في حكومته قال فيها: "لا توجد دولة تغذي أعداءها"، و"نحن نندفع نحو إبادة غزة"، وأن سكان القطاع "ربّوا أجيالهم على فكر كتاب كفاحي"، في إشارة إلى أدبيات النازية.

ورأت الكاتبة أن "الحقيقة هي أن الحكومة الإسرائيلية لا تملك هدفا استراتيجيا واضحا لهزيمة حماس، بل تواصل تغيير أهدافها، فيما يربط نتنياهو بقاءه السياسي باستمرار الحرب إلى أجل غير مسمى".

فجوة تتسع بين الشارع والمؤسسات
وفي ظل استمرار القتل والمجاعة، أشارت مالك إلى أن حالة الاستنزاف في غزة أصبحت عاملا مزعزعا للاستقرار الإقليمي والدولي، مضيفة: "كلما انكشف حجم الدعم الغربي الصلب والبارد لأفعال إسرائيل، تراجعت مصداقية هذا الدعم وشرعيته".

ورأت أن هناك مواجهة تتبلور بين المؤسسات السياسية والجمهور، في ظل واقع لم يعد يُحتمل. واعتبرت أن التصريحات الأخيرة لقادة سياسيين كزعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر، التي جاءت في شكل "كلام عاطفي" عن غزة، ليست سوى محاولة لتنفيس الغضب الشعبي، ومنع تحوّل الأزمة إلى مشكلة سياسية داخلية لحكومات محاصَرة شعبيًا.

وقالت الكاتبة إن هذا النوع من الخطاب ليس إلا "جزءًا من لعبة مكشوفة، تهدف إلى الحفاظ على صورة إسرائيل كفاعل أخلاقي مهما بلغت انتهاكاتها، مع الإيهام بأن أي تجاوز ستتم محاسبته". لكنها أوضحت أن اللعبة تقوم على تأجيل المواجهة الحقيقية باستمرار، عبر رسم "خطوط حمراء" جديدة، ونقاط تحول متكررة، مما يجعل "نقطة القطيعة الضرورية" مع الاحتلال الإسرائيلي بعيدة باستمرار.

وأضافت: "في كل مرة تقتل فيها إسرائيل عمال الإغاثة، أو طالبي المساعدات، أو تجوّع أطفالًا حتى الموت، يبدأ الغرب موجة جديدة من التلويح بالأصابع… ثم لا يحدث شيء".


الاحتجاج.. رغم كل شيء
وفي ختام مقالها، شددت نسرين مالك على أن الاحتجاج، رغم ما يبدو عليه من ضعف أو قلة تأثير، يبقى الوسيلة الوحيدة المتاحة للضغط على القوى القادرة على كبح الاحتلال الإسرائيلي، من خلال وقف التعاون العسكري والتجاري معها.

وكتبت: "قد يبدو الاحتجاج كأنه صرخة في الفراغ، لكن التغيير الطفيف الذي حدث – مثل دخول بضع شاحنات مساعدات إلى غزة – تحقق فقط بفضل ضغط الناس في الشوارع".

وأضافت أن من الصعب التنبؤ بكيفية ترجمة هذا الضغط إلى تغيير حقيقي، خاصة بعد سنوات من الرضوخ لأساليب التهدئة الشكلية، والتي تسببت في إنهاك نفسي وذهني جماعي. وقالت: "في كل مرة نُقنع أنفسنا بأن الأمور ستتغير، يمرّ بعض الوقت، ثم نكتشف أنها لم تتغير فقط، بل ساءت".

وختمت مالك بالقول إن الهدف من هذا الخطاب الغربي الزائف هو "إسكات الجماهير بالضجيج الكلامي، وتشتيت انتباهها ببعض الانتصارات الوهمية، مثل الاعتراف بدولة فلسطينية لا تملك أي أدوات سيادية". 

وأضافت: "إنها ممارسة للتغطية على الجرائم، وتبييض للسمعة، وإدارة للرأي العام، فيما الأبرياء يموتون جوعًا. وكل ما ليس فعلاً… هو مجرد ضجيج".

مقالات مشابهة

  • كاتب بريطاني: الغرب شريكٌ في جريمة تجويع غزة
  • الحوثي تكشف أهداف عملياتها الأخيرة ضد الاحتلال الإسرائيلي
  • رؤية قرآنية تصنع أمة مجاهدة لا تخاف الموت .. الشهادة والشهداء في فكر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)
  • القضية الفلسطينية في ضمير ووجدان السيد القائد!!
  • الاستكبار الصامت والمصير الأبدي .. قراءة قرآنية دلالية للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه
  • الشعب الجمهوري: كلمة الرئيس السيسي عبرت عن خارطة طريق واضحة لدعم الشعب الفلسطيني
  • التجويع الممنهج في غزة.. جريمة مكتملة الأركان تُدار بوعي سياسي!..
  • نادر السيد: الزمالك سيحصل على تعويض في صفقة تيدي أوكو
  • نسرين مالك: المجاعة في غزة جريمة متعمّدة… الأفعال أبلغ من الكلام
  • حماة الوطن: كلمة الرئيس السيسي جسدت ثوابت الدولة في دعم الشعب الفلسطيني