اكتشاف مذهل.. بقايا راهبة مقيدة بالسلاسل في القدس
تاريخ النشر: 19th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أسفر اكتشاف أثري حديث بالقرب من القدس عن مفاجأة غير متوقعة، إذ تبين أن رفات شخص دُفن مقيدًا بالسلاسل – في ممارسة كانت تُنسب تقليديًا للرهبان الزاهدين الذكور – تعود في الواقع إلى امرأة. هذا الاكتشاف، الذي يعيد النظر في دور النساء في التقاليد الدينية خلال القرن الخامس الميلادي، قد يغير الفهم السائد حول الرهبنة النسائية في العصور البيزنطية.
عُثر على هذه البقايا في موقع خربة المصاني الأثري، الواقع في القدس، على بعد بضعة كيلومترات من البلدة القديمة، بالقرب من مستوطنة رامات شلومو المقامة على أراضٍ فلسطينية مصادرة من بيت حنينا وشعفاط، حيث اكتشف علماء الآثار ديرًا بيزنطيًا يعود تاريخه إلى الفترة بين عامي 350 و650 ميلادية.
خلال الحفريات الأخيرة، وُجدت عدة قبور يُعتقد أنها تعود إلى القرن الخامس، كان من بينها رفات شخص مدفون وسط سلاسل حديدية ثقيلة، تُستخدم عادة من قبل الرهبان الزاهدين كوسيلة لتقييد الجسد وتعزيز التقشف الروحي. لكن التحليل العلمي أثبت أن صاحب هذا الدفن لم يكن رجلًا كما كان يُعتقد، بل امرأة.
تحليل علمي يكشف هوية غير متوقعة
كانت العظام المكتشفة في حالة سيئة للغاية، حيث تحلل معظمها لدرجة التفتت عند ملامستها. ومع ذلك، تمكن فريق بحثي بقيادة بولا كوتلي من دراسة البقايا، حيث حللوا ثلاث فقرات عنقية وسنًا واحدة، مما سمح لهم بتحديد عمر صاحبة الهيكل العظمي بين 30 و60 عامًا عند وفاتها.
وللتأكد من هوية الفرد، استخدم العلماء تحليل الببتيدات Peptide analysis)) على مينا السن المتبقية، في الفك العلوي. وأظهرت النتائج عدم وجود ببتيدات مرتبطة ببروتين AMELY، الموجود على الكروموسوم Y، في حين تم اكتشاف وجود كبير لبروتين AMELX المرتبط بالكروموسوم X، مما أثبت أن الهيكل العظمي يعود إلى امرأة، وليس لرجل كما كان يُعتقد في البداية.
دور النساء في الرهبنة البيزنطية
يعد هذا الاكتشاف أول دليل أثري على مشاركة النساء، إلى جانب الرجال، في ممارسات الرهبنة القاسية التي تضمنت ارتداء سلاسل حديدية ثقيلة. ومن المعروف أن النساء في الإمبراطورية الرومانية بدأن في ممارسة الزهد والرهبنة منذ القرن الرابع الميلادي، ومن بين الشخصيات البارزة ميلانيا الكبرى، وهي قديسة مسيحية من عائلة نبيلة ثرية، وحفيدتها ميلانيا الرومانية، اللتان مارستا التقشف والزهد كوسيلة لتحقيق السمو الروحي.
لكن هذا القبر الفريد يسلط الضوء على أن بعض النساء لم يكتفين بالزهد التقليدي، بل خضن أيضًا ممارسات التقشف المتطرفة المشابهة لما كان يفعله الرجال، مما يعيد النظر في الأدوار التي لعبتها النساء داخل المجتمعات الدينية في العصر البيزنطي.
الموقع ودلالاته التاريخية
يقع الدير الذي اكتُشف فيه القبر على طول طريق الحج المسيحي إلى القدس، التي كانت قد أصبحت مركزًا دينيًا رئيسيًا خلال الفترة البيزنطية، حيث استقبلت الحجاج من جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية. ولم تكن الأديرة مجرد أماكن للعبادة، بل كانت أيضًا محطات استراحة للحجاج الباحثين عن الطمأنينة الروحية. وفي هذا السياق، يشير وجود راهبة زاهدة مارست أشكالًا صارمة من التقشف إلى أن النساء ربما كن أكثر انخراطًا في هذه المجتمعات مما كان يُعتقد سابقًا.
أهمية الاكتشاف
يطرح هذا الاكتشاف أسئلة جديدة حول دور النساء في التقاليد الدينية المتطرفة خلال العصور القديمة، ويؤكد أنهن لم يكنّ مجرد متعبدات في الأديرة، بل شاركن أيضًا في ممارسات روحية صارمة، مماثلة لما كان يقوم به الرجال.
هذه النتائج نُشرت في مجلة Journal of Archaeological Science: Reports، ما يفتح الباب لمزيد من الدراسات حول الرهبنة النسائية في العصر البيزنطي.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أقباط أقباط الإرثوذكس النساء فی ی عتقد
إقرأ أيضاً:
بحجم إصبع وبثلاث عيون.. اكتشاف مفترس عاش قبل 500 مليون سنة
قد تخبّئ الكائنات الصغيرة قصصا عظيمة، وهذا ما ينطبق تماما على اكتشاف نادر وفريد لمفترس صغير الحجم لكنه مهيب بخصائصه، عاش قبل أكثر من نصف مليار عام.
وعثر الباحثون من متحف مانيتوبا ومتحف أونتاريو الملكي بكندا على هذا المفترس، الذي لا يتجاوز طوله حجم إصبع السبابة، في صخور بورغيس شيل، وهي منطقة شهيرة في كندا بحفرياتها العائدة إلى العصر الكمبري.
وكانت المفاجأة أنهم وجدوا أنفسهم أمام نوع غير معروف من قبل من المفترسات البحرية، يتميز بتركيبة فريدة، إذ كان يمتلك ثلاث عيون حادة ومخالب مسننة وفما دائريا محاطا بأسنان، إضافة إلى زعانف جانبية تساعده على السباحة بمرونة وسرعة.
ووثّق الباحثون لهذا الاكتشاف في دورية "رويال سوسايتي أوبن ساينس"، ومنحوا الكائن المكتشف الذي عاش قبل 506 ملايين سنة اسم "موسورا فينتوني"، وقالوا إنه ينتمي لمجموعة من الكائنات المنقرضة تُسمى "الراديوكونتس".
وهي المجموعة نفسها التي ينتمي إليها المفترس الشهير "أنومالوكاريس الكندية"، لكن ما يميز "موسورا" عن باقي أفراد هذه المجموعة هو وجود منطقة في الجزء الخلفي من جسمه مكونة من عدة فقرات متراصة، تشبه إلى حد ما البطن لدى بعض الحيوانات الحديثة مثل العقارب البحرية والصراصير.
واهتم الباحثون بهذه الميزة الجديدة، واكتشفوا أن الفقرات الأخيرة تحتوي على خياشيم تساعد في التنفس، مما يشير إلى تكيف فريد ربما مرتبط ببيئة أو سلوكيات معينة تتطلب تنفسا أكثر كفاءة.
إعلانبالإضافة إلى ذلك، سمح حفظ الحفريات بشكل استثنائي بدراسة التفاصيل الداخلية لجسم "موسورا"، مثل الجهاز العصبي والدوراني والهضمي، حيث رأى الباحثون أدلة على وجود أعصاب متجمعة في العيون تشبه في عملها أعصاب الحيوانات المفصلية الحديثة، كما وجدوا أن "موسورا" يمتلك جهازا دورانيا مفتوحا، حيث يضخ القلب الدم إلى تجاويف داخلية كبيرة بدلا من الأوعية الدموية المغلقة، كما هو الحال في الإنسان.
يقول جو مويسيوك، الأمين العام للحفريات والجيولوجيا في متحف مانيتوبا والباحث الرئيسي للدراسة، في بيان نشره الموقع الإلكتروني للمتحف إن "هذا الكائن يمثل مثالا رائعا للتقارب التطوري مع الحيوانات الحديثة، حيث يمتلك 16 قطعة متقاربة ومبطنة بالخياشيم في الجزء الخلفي من الجسم، تجعله قريبا من السلطعونات الحصانية وقمل الخشب والحشرات التي تمتلك أيضا قطعا تحمل أعضاء تنفسية في الطرف الخلفي".
ويشير مويسيوك إلى أن الحفريات المحفوظة جيدا لهذا الكائن أظهرت تجاويف واضحة في جسده، وهي فراغات داخلية كانت تمتلئ بالدم في الكائنات التي تملك جهازا دوريا مفتوحا، كما في بعض المفصليات اليوم.
ويضيف "هذه الهياكل شوهدت من قبل في حفريات أخرى، لكنها لم تكن واضحة، وقد دار جدل طويل حول ما إذا كانت جزءا من الجهاز الدوري أم مجرد أثر طبيعي، لكنّ التفاصيل التي كشفتها حفريات موسورا ساعدت العلماء على تأكيد أن هذه الهياكل تنتمي حقا للجهاز الدوري، مما يثبت أن هذا النوع من الدورة الدموية "المفتوحة" تطور منذ أكثر من 500 مليون سنة، أي أن أصولها قديمة جدا".