لجريدة عمان:
2025-12-13@05:47:34 GMT

لماذا لا تُصدق الضحية؟

تاريخ النشر: 19th, February 2025 GMT

اهتمامي بسؤال لماذا يتعاطف الناس مع الجناة قادم في الحقيقة من زاوية معاكسة، ألا وهي: لماذا لا يصدق الناس الضحايا على نحو فطري؟ لماذا لا يصدقون الناجين ببساطة؟ لماذا تحتاج مجتمعاتنا لحملات من نوع «صدقوا الضحية»، «صدقوا الناجيات»؟ مجرد وجودها يعني أن ثمة نمطا سائدا للتشكيك بشهادات الضحايا تريد الناشطات ويريد الناشطون تغييره.

خصوصا عندما نتحدث عن أنواع التجاوز التي تحدث في الفضاءات الخاصة، ولا يمكن للضحية إثباته، بل وأحيانًا يصعب على الضحية تسميته.

لـروبرت ب. شوماكر Robert B. Shoemaker ورقة منشورة في 2020 بعنوان: التعاطف مع المجرم «Sympathy for the criminal». وشوماكر هو بروفيسور تاريخ، متخصص في انجلترا في القرن الثامن عشر. وهو يتتبع في ورقته مشاهير المجرمين بلندن في القرن الثامن عشر، أو ما يطلق عليه القرن الثامن عشر الطويل والذي يُقصد به الأعوام من حوالي 1660 إلى 1830.

يُعرّف شوماكر المشاهير تعريفًا طريفًا حيث يقول: إن المشهور هو شخص معروف بمعروفيته، بمعنى آخر، معروف باعتباره شخصا ذائع الصيت. ويتحدث عن الطبيعة غير الخطية لتاريخ المشاهير، من رؤيتهم كتمثيل مطلق للشر حُبا في الشر إلى أناس لديهم دوافع لا يجب أن تُهمل تسوغ ارتكابهم للجرم. التعاطف مع الجناة يأتي مشفوعًا بالطبيعة الإنجليزية (التي ستغزو العالم) للابتهاج برؤية المشاهير - أيًّا كانوا - إن كانوا ينتمون للعائلة الحاكمة أو كانوا قطاع طرق. إذ يرى الجمهور قيمة في الشهرة بحد ذاتها. يتجلى هذا النمط في التفكير أيضًا في كيف تُتلقى «العبقرية» على نحو منفصل عن الأخلاق. باعتبارها أمرا مقدّرا ينظر إليها بإعجاب، حتى وإن كانت تُستغل للأذية، وارتكاب الشرور.

ظهر مع الطباعة - ولأول مرة - قدر من السيطرة على الصورة التي يظهر بها الجناة أمام العامة، وتوفرت لهم إمكانية أن يخبروا قصتهم، وأن يتحدثوا عن مشاعرهم ودوافع الجرم الذي ارتكبوه. هذا الانكشاف على حياتهم باعتبارهم أناسا وليس مجرد مجرمين خلق وهم الحميمية مع الجمهور. عزز هذا رواج البورتريهات، التي -وأخيرا- صورت المجرمين، بل وصورتهم بقدرات فنية عالية. ثمة رسمة لمجرم اسمه جاك شيبارد رسمها فنان الملك جورج الأول شخصيًّا. ظهور أعمال أدبية تعالج سير المجرمين، منحهم أيضًا سردية بديلة تستدر التعاطف. وبهذا يكونون ولأول مرة في التاريخ قد مُنحوا بُعدا آخر بجانب البعد الشرير، منحوا البطولة. كان بعض الجناة واعين بشهرتهم، واستثمروها حق استثمار بما يصب لصالح إطلاقهم أو التخفيف من العقوبة قدر الإمكان. فظهروا في محاكماتهم مهندمين، وسلكوا سلوكا يعكس مواقع اجتماعية رفيعة. لابد أن نتذكر هنا الربط التاريخي بين قباحة الشكل وسوء الخلق، والاعتقاد بأن التشوهات الجسمانية تعكس اعتلالاً في الشخصية.

ما عزز التصور الذهني ببطولة الجناة وقتها قادم أيضًا من رفض الضحايا مقاضاة المجرمين، وشهادات من عرفوهم أو من شهدوا الحوادث بحسن سيرتهم، فضلا عن التماسات العفو التي قُدمت عبر النخب التي تزور المجرم المشهور، أو تحضر محاكمته. التماسات مشفوعة بإظهار نساء النخبة «المحترمات» حساسية وتعاطفا مع الأشقياء، الذين ابتلوا بسوء الحظ.

ثمة عامل آخر لا يجب إهماله ألا وهو التطلع إليهم باعتبارهم شجعانا جريئين، عاصين، أحرارا، رافضين للقيود الاجتماعية، وفي أحيان كثيرة سعاة لتحقيق العدالة بأيديهم، في عالم ينتصر للأثرياء والمتنفذين.

تضيء لنا هذه الورقة شيئًا عن التعاطف القادم من توهم العلاقة الحميمة مع الجاني. لهذا عندما تتهم امرأة غير معروفة رجلاً ذا مكانة وسلطة، يتم التشكيك بروايتها. ليس لأنه يرى على أنه محاولة استرزاق، وأن دوافعه قد تكون الطمع في التعويضات، ولكن للمعرفة المتوهمة التي تجمعهم بالجاني. وإذا كان هذا هو الحال بالنسبة لمن كان الإجرام سبب شهرته، فما بالك بمن جمعته علاقة بالجمهور قبل مثوله أمام القضاء.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الخارجية: نرفض أي إجراءات أحادية في القرن الأفريقي والبحر الأحمر

عرضت قناة القاهرة الإخبارية خبرا عاجلا يفيد بأن وزير الخارجية بدر عبد العاطي، قال لرئيس أنجولا، إننا ندعم الحفاظ على سيادة الدول ووحدة مؤسساتها الوطنية.

وزير الخارجية: تدشين تحالف من الشركات المصرية للاستثمار في أنجولاوزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي لنظيره الأنجولي


وأضاف وزير الخارجية، أننا نرفض أي تدخلات خارجية في شؤون أفريقيا ونؤكد أولوية الحلول السياسية للأزمات.


وأوضح أننا نرفض أي إجراءات أحادية في منطقتي القرن الأفريقي والبحر الأحمر قد تسهم في زيادة التوتر أو تهديد الأمن الإقليمي.

الخارجية 


وصرح السفير تميم خلاف المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية بأن الوزير عبد العاطي قدم التهنئة لنظيره الأنجولي بمناسبة مرور ٥٠ عاماً على استقلال أنجولا، مشيداً بالجهود الحثيثة التي تبذلها أنجولا خلال رئاستها الحالية للاتحاد الأفريقي، وكذا على التنظيم الناجح لقمة تمويل البنية التحتية والقمة الأفريقية الأوروبية، مثنياً على النشاط الدبلوماسي المتميز والاجتماعات رفيعة المستوى التي نظمتها أنجولا طوال العام الجاري.

أشاد الوزير عبد العاطي بالزخم الذي تشهده العلاقات الثنائية بين البلدين، مشيداً بمخرجات زيارة الرئيس الأنجولي إلى القاهرة في أبريل ٢٠٢٥، مؤكداً الحرص على مواصلة التعاون والتنسيق في القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، مشيراً إلى اصطحاب وفد من رجال الأعمال والمستثمرين وممثلي القطاع الخاص والشركات المصرية خلال الزيارة لتشجيع الشركات المصرية على الاستثمار في أنجولا واستغلال الفرص المتاحة استغلالاً للخبرات الكبيرة التي يتمتع بها القطاع الخاص المصري في العديد من المجالات ذات الأولوية بما يسهم في تحقيق استراتيجية تنويع مصادر الدخل التي تتبعها أنجولا في القطاعات ذات الأولوية

طباعة شارك الخارجية وزير الخارجية أنجولا القاهرة الإخبارية

مقالات مشابهة

  • جنش: نهائي القرن أكثر هزيمة وجعتني مع الزمالك
  • مؤشر توتر مع إثيوبيا.. إريتريا تتحلل مجددا من روابط الإيغاد
  • إريتريا تنسحب رسميًا من الإيغاد.. توترات تاريخية وتأثيرات إقليمية متوقعة
  • انهيار أحد أبواب المسجد العمري الكبير في مدينة غزة بفعل الأمطار
  • بعد ساعات من اختفائه.. أمن سوهاج يعيد طفلًا خطفه 3 متهمين بالعسيرات
  • كاسبرسكي تحذر من المجرمين السيبرانيين الذين يستخدمون الكتب التركية والعربية الرائجة كطعمٍ لسرقة البيانات الشخصية
  • الخارجية: نرفض أي إجراءات أحادية في القرن الأفريقي والبحر الأحمر
  • ترتيب الجناة الرئيسيين خلف مقتل 67 إعلاميا وفقا لمراسلون بلا حدود؟
  • صديق الضحية فسخ خطوبة: الخناقة بدأت بسبب ركوب العربية مع البنت
  • خنق المجني عليه.. تنفيذ حكم القتل قصاصًا بأحد الجناة في منطقة عسير