د. سالم بن محمد عمر العجيلي **

لا يخفى على أحد إنجازات التعليم في سلطنة عُمان، والتي ما تزال في تطوُّر وتقدم تصاعدي، وينبغي أن نشير أنه منذ نعومة أظفارنا ونحن نرى التطور الهائل في هذا المجال؛ فمن تحت ظل الشجرة إلى حيث المدارس الفارهة الحديثة الحالية على مستوى السلطنة بشكل عام، ونحن نشهد ونشيد بهذا التسارع المستمر وفق رؤى وثوابت نموذجية.

ومع هذه الطفرة والتسارع كان لا بد أن تكون هناك خطوات يجب مراعاتها ومراجعتها متى ما دعت الحاجة إلى ذلك، وهنا يجب أن نسلط الضوء إلى جانب واحد من هذا التطور وهو المنهج الدراسي التعليمي لدينا. ورغم الارتقاء الكبير في هذا المجال وتوسع وتعاظم قدرات هذا المنهج الدراسي، إلّا أن الواقع الدراسي الحالي على الأغلب لم يراع العوامل النفسية والبيئية والحياتية المحيطة بنا، والظروف المتقلبة وإمكانات الزمان والمكان في وقتنا هذا؛ حيث إن قدرات الطالب العُماني يجب دراستها والنظر فيها بتمعن، فلربما أن الطالب يملك مقومات كبيرة للتطور والاستيعاب كون أن البيئة العُمانية مساعدة على ذلك، ولكننا نعلم كذلك أن البيئة المحيطة بالفرد تؤثر فيه ويؤثر هو فيها، وهذا مربط الفرس.

هل نحن بحاجه لطالب يحفظ ويلزم بواجبات يومية مضاعفة؟ أم نحن بحاجة إلى الفهم وترسيخ المعلومة؟ الحفظ جيد، لكنه مع مرور الأيام يفقد الإنسان الكم الكثير من هذه المعلومات وتطوى إلى طي النسيان، عدا كتاب الله المنزل القرآن الكريم الذي قد تكفل الله به وحفظه جلت قدرته، بينما بالفهم والفطنة تثبت المعلومة بلا شك. والوضع الحالي يقول إن الطالب يجب أن يحفظ ويتم تزويده أحيانًا كذلك بواجبات يومية مكثفة ومعقدة تفوق وتتعدى قدراته ومستواه، لتعقد المنهج الواقعي للطلاب بالسلطنة الذي تطور ولكنه لم يراع المستوى النفسي الملموس لهذا الطالب وإمكانياته؛ فالمستوى تطور، لكنه في مستوى متقدم وأعلى من الإمكانيات والقدرات الحقيقية لهذا الطالب في كل مرحلة دراسية، وهذا ما جعل أغلب الأسر مضطرة ما بين خيارين، أن الوالدين وخصوصا الأم هي من تقوم بحل هذه الواجبات بدلًا عنه، أو من كان مُقتدرًا فبإمكانه تلقي دروس خصوصية مراعاة لوضعه الذي يواجهه.

وقد كان لنا في تجربة فترة جائحة كورونا البائسة عِبرة في كيفية تطوير التعليم وآلياته والاستفادة من التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد؛ حيث كان الأجدر بنا أن نستثمر ونستمر على هذا المنوال في خط متصاعد مراعاةً للظروف الراهنة وللتقدم الحديث والاستدامة ودمج التعليم الحديث بالتعليم الحالي، وعن الحفظ والفهم كان يجب أن نتوجه لأسلوب الفهم الذي يتعاظم بقدرة ومستوى الذكاء للطالب؛ فالقراءة التصويرية التي تقوم على المشاهدة بالعين المجردة بمشاهد أو بصور قد تثبت المعلومة بصورة كبيره، فالكائن البشري يتطور أسرع كلما شاهد ورأى بأم عينه وخصوصًا مع التكنولوجيا الحديثة وتقنيات التواصل الاجتماعي الجديدة، بعكس الحفظ الذي قد يندثر بتوالي الأيام ولا يدوم.

ففي الدول المتطورة في التعليم مثل المملكة المتحدة، نرى في معظم مناهجهم التعليمية بما فيها تعلم اللغة الإنجليزية، يعتمدون كثيرًا على المشاهدة المرئية عبر التلفاز أو الفيديوهات أو غيرها من تقنيات ووسائل حديثة، والاستعانة أحيانًا بالاستماع والقراءة والإنصات؛ ما يعمل على تطور هذا الطالب بسرعة فائقة والارتقاء به إلى مراتب ومستويات أخرى؛ كونها تعتمد على المشاهدة والفهم والاستيعاب.

وهناك أفضل الدول المتقدمة في ممارسة التعليم المتطور وعلى رأسها فنلندا، التي لم تتبع الكثير من المبادئ العالمية لإصلاح التعليم، فلا توجد اختبارات قياسية مُوحَّدة أو عمليات تفتيش على المدارس؛ فنظام التعليم يعتمد على المساءلة الذكية، وتتميز بتوفير تعليم شامل ومتكامل يُركِّز على تطوير مهارات التفكير النقدي والإبداع لدى الطلاب. وتُستخدم الممارسات والتقنيات الحديثة في التعليم التي منها الشاشات الذكية في مدارسها بدلًا من التقليدية، ويستخدم الطلاب الأجهزة اللوحية الإلكترونية بها والتقليل من كم الواجبات المنزلية عليهم، وغير ذلك من أسلوب تعليمي حديث مشوق جعلها تتربع في صفوة الدول المتقدمة في هذا المجال في العالم.

وهناك أيضًا سنغافورة التي تقدمت وأصبحت من الدول الرائدة في مجال التعليم، ومثالًا يحتذى به؛ حيث تتميز بنظام تعليم متطور يُركِّز على تطوير مهارات العلوم والتكنولوجيا والرياضيات وجودة المدارس والمعلمين والمناهج.

ونحن هنا في عُمان بحاجة إلى مثل هذه الآليات والممارسات والإمكانيات المتطورة للنهوض بالتعليم لدينا؛ فنحن وطن النهضة ونحن مدرسة للأجيال ونحن نهضة متجددة، نسعى بكل قوة للتصدر والتفوق والاهتمام بتنمية كل ما هو جديد ومفيد للنهوض بهذا المجتمع وهذا المواطن وصولًا به لتحقيق السعادة وجودة الحياة له. وبكل تأكيد إن الجهات المعنية بالتعليم لدينا سعت وتسعى للتطور، وقد حصدت أعلى الشهادات والاعترافات الدولية لعل من أبرزها شهادة الآيزو العالمية التي لا تُمنح إلّا لمن حقق التفوق في أنظمة الآيزو العالمية ووصلت مستوى جودة الخدمات به لمرحلة الريادة والرفاهية. ولكن هناك بعض اللمسات كالبلسم التي إن تم ضبطها لأضافت للتعليم رونقًا ووسامًا خالصًا، مع الاهتمام النوعي بالجانب النفسي والبيئي والظرفي للطلبة وعدم الإغفال عنه في مجتمعنا؛ فهذا هو الواقع، وصولًا للتطلعات والمأمول لدرجة أقل ما نصفها بالكمال وهي النقطة الصعبة البعيدة التي يحلم بها الجميع.

إنَّنا على ثقة ويقين بقدرة مؤشرات التعليم لدينا بالوصول إلى بر الأمان، وإلى ذلك المستوى من الرقي والازدهار في عُمان المجد وعُمان المستقبل، ولن ننسى ما حيينا تلك المقولة الرنانة التي ترددت على ذهن كل عُماني "سنُعلِّم أبناءنا ولو تحت ظل شجرة".     

** خبير الجودة والتميز المؤسسي والتخطيط الاستراتيجي

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

محافظ المنوفية يفتتح مركز الثقافة الإسلامية لنشر المنهج الوسطى وتدريس علوم الأزهر

افتتح اليوم اللواء إبراهيم أبو ليمون محافظ المنوفية مركز الثقافة الإسلامية التابع لمديرية أوقاف المنوفية بنطاق حي غرب مدينة شبين الكوم.

جاء ذلك بحضور الدكتور محمد رجب خليفة مدير مديرية الأوقاف بالمحافظة، الدكتور محمد الشنوانى عميد المركز ، صفوت توفيق مدير المركز، سيد شعبان رئيس حي غرب.

وتفقد محافظ المنوفية مبنى المركز الثقافي، الذى يضم 4 فصول وقاعة رئيسية.

وأشار مدير مديرية الأوقاف إلى أن المركز الثقافي يضم معهدين الأول "معهد الدعاة" ويتم الدراسة به لمدة عامين للمؤهل الأعلى و3 أعوام للمؤهل المتوسط، والثاني معهد "إعداد محفظى القرآن الكريم" ويستوعب المركز الثقافي 250 طالب خلال العام الواحد.

باتوا عند أمهم.. أب يعذب أطفاله في المنوفية ووالدتهم: عاوزة حقهمإحالة أوراق المتهم بالتعدي على طفلة في المنوفية إلي فضيلة المفتيأوصى العريس بحسن معاملتها| شاهد.. محافظ المنوفية وكيلاً لعروس يتيمةاستجابة فورية من محافظ المنوفية لاستغاثة فتاتين من ذوي الهمم بالبتانون

وتفقد المحافظ قاعات المركز الخاصة بالمحاضرات وتقديم الأنشطة المتنوعة واستمع إلى توضيح الهدف الأساسي من إنشاء المركز، الذى يهدف إلى نشر المنهج الوسطى وتدريس علوم الأزهر الشريف وعلوم القرآن والقضايا الفكرية المعاصرة والتعمق في فهم مقاصد الدين الحنيف وتصحيح المفاهيم المغلوطة ومقاومة الفكر المتطرف والمتشدد وتجديد الخطاب الديني وتنمية الوعى الوطني والاهتمام بقضايا الشباب والمرأة.

وقدم مدير مديرية الأوقاف بالمحافظة شكره وتقديره لمحافظ المنوفية على افتتاح مركز الثقافة الإسلامية وتقديم كافة أوجه الدعم الكامل لأنشطة المركز وللأئمة والدعاة وتوفير المناخ المناسب لهم ضمن استراتيجية الجمهورية الجديدة لبناء الإنسان في ظل القيادة الرشيدة للرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية.

من جانبه أعرب محافظ المنوفية عن سعادته بافتتاح مركز الثقافة الإسلامية بالمحافظة، مؤكداً أهمية الدور الذى تقوم به وزارة الأوقاف في نشر تعاليم الدين الإسلامي الوسطية السمحة وكذا تحقيق السلام والتعايش السلمي بين جميع أطياف المجتمع المصري.

وأكد على تقديم الدعم الكامل لتنظيم العديد من الفعاليات والبرامج التدريبية التي تهدف إلى مواكبة التطور والتحديث في أداء رسالتها المنشودة.

طباعة شارك محافظة المنوفية المنوفية المركز الإسلامي اخبار محافظة المنوفية افتتاح

مقالات مشابهة

  • لجان خاصة|متحدث التعليم يكشف تفاصيل قرار جديد بشأن الغشاشين بلجان الثانوية العامة
  • التعليم تنبه الطلبة الدوليين: طلباتكم مصيرها الرفض إذا قُدِمت عبر منصة قبول
  • وزارة التعليم: تحويل الطالب الذي يتم ضبطه في حالة غش إلى لجنة خاصة
  • عبد اللطيف: تحويل الطالب الذي يتم ضبطه في حالة غش أثناء أداء الامتحان إلى لجنة خاصة لاستكمال الامتحانات بها
  • محافظ المنوفية يفتتح مركز الثقافة الإسلامية لنشر المنهج الوسطى وتدريس علوم الأزهر
  • "عنصر" تستشرف مستقبل التعليم بالتقنيات المتقدمة في "مؤتمر التكنولوجيا للتعلم"
  • وزير الداخلية السيد أنس خطاب ورئيس جهاز الاستخبارات العامة السيد حسين السلامة، يعقدان جلسة طارئة، للوقوف على آخر مجريات التحقيقات المتعلقة بالتفجير الإرهابي الغادر، الذي وقع يوم أمس في كنيسة القديس مار الياس بدمشق.
  • التربية واليونسكو تناقشان الواقع التعليمي في سوريا
  • وزير التعليم ومعاون وزير الصحة يطمئنان على المصابين جراء التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس بالدويلعة
  • كيف ستعاقب التعليم مصوري امتحان عربي الثانوية العامة ؟ .. تفاصيل كاملة