في تطوّر لافت في قضايا حقوق النشر المرتبطة بـ الذكاء الاصطناعي، كشفت وثائق محكمة تم الإفراج عنها حديثًا عن نقاشات داخلية بين موظفي شركة ميتا حول استخدام محتوى محمي بحقوق الطبع والنشر في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التابعة لها، بطرق قد تكون مشبوهة قانونيًا.

خلفية القضية.. ميتا والدفاع عن "الاستخدام العادل"

الوثائق الجديدة مرتبطة بقضية Kadrey v.

Meta، وهي واحدة من عدة دعاوى قضائية في الولايات المتحدة ضد شركات الذكاء الاصطناعي بسبب استخدام المحتوى المحمي بحقوق النشر دون إذن. تدعي ميتا أن تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على الكتب وغيرها من المواد المحمية يقع ضمن الاستخدام العادل (Fair Use)، بينما يعترض المدّعون، ومن بينهم المؤلفان سارة سيلفرمان وتا-نهيسي كوتس.

«ميتا» تدخل السباق: تطوير الروبوتات الذكية البشرية لمهام الحياة اليوميةعلى غرار آبل .. "ميتا" تعمل على تطوير روبوتات بشرية الشكلبدائل إنستجرام تنافس منصة ميتا بقوة .. تفاصيلمارك زوكربيرج يَعِد بعودة «فيسبوك الأصلي» في 2025 وسط تحولات استراتيجية في «ميتا»أوامر من زوكربيرج وإيقاف مفاوضات الترخيص

تشير الوثائق إلى أن الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، مارك زوكربيرج، قد أعطى الضوء الأخضر لفريق الذكاء الاصطناعي لاستخدام محتوى محمي بحقوق النشر. 

كما تُظهر المحادثات الداخلية أن ميتا أوقفت مفاوضات ترخيص المحتوى مع دور النشر، مما دفع الفريق التقني إلى البحث عن بدائل غير مرخصة.

في إحدى المحادثات التي تعود إلى فبراير 2023، قال المهندس البحثي كزافييه مارتينيه:
"رأيي الشخصي هو نُحاول الحصول على الكتب ثم نصعد الأمر إلى الإدارة التنفيذية لتتخذ القرار، هذا هو السبب في إنشاء هذا القسم للذكاء الاصطناعي: لكي نكون أقل حذرًا فيما يتعلق بالمخاطر."

كما ناقش مارتينيه شراء الكتب الرقمية من متاجر البيع بالتجزئة لاستخدامها في تدريب الذكاء الاصطناعي، بدلًا من إبرام صفقات ترخيص رسمية مع الناشرين.

الميول نحو "المصادر غير القانونية": ذكر ليبجين وخيارات أخرى

أحد أكثر الاكتشافات المثيرة في الوثائق هو مناقشة استخدام موقع Libgen، وهو أرشيف غير قانوني للكتب الرقمية.

 في محادثة داخلية، أرسل أحد الموظفين لقطة شاشة من بحث Google تظهر أن Libgen ليس موقعًا قانونيًا، بينما وصف مسؤول في ميتا الموقع بأنه "ضروري لتحقيق نتائج رائدة في الذكاء الاصطناعي".

في رسالة بريد إلكتروني إلى جويل بينو، نائب رئيس الذكاء الاصطناعي في ميتا، وصف سوني ثياكاناث، مدير إدارة المنتجات، Libgen بأنه "ضروري لتحقيق أرقام قياسية عبر جميع الفئات"، واقترح استراتيجيات لتقليل المخاطر القانونية، بما في ذلك، حذف الملفات التي تحمل عبارات مثل "مسروق" أو “مقرصن”،  عدم الكشف علنًا عن استخدام محتوى Libgen في تدريب النماذج.

تحايل قانوني وضغط متزايد للحصول على البيانات

تكشف الوثائق أيضًا أن ميتا حاولت الالتفاف على التحديات القانونية عبر ضبط نماذج الذكاء الاصطناعي لتجنب الرد على استفسارات قد تكشف مصادر التدريب، مثل، اعرض لي أول ثلاث صفحات من كتاب هاري بوتر وحجر الفيلسوف، ما هي الكتب الإلكترونية التي تم تدريبك عليها؟".

السباق نحو البيانات: هل بيانات فيسبوك وإنستغرام غير كافية؟

في محادثة داخلية حديثة، أعربت تشايا نايك، مديرة إدارة المنتجات في قسم الذكاء الاصطناعي التوليدي، عن الحاجة إلى المزيد من البيانات، مشيرة إلى أن البيانات المتاحة داخل أنظمة ميتا مثل فيسبوك وإنستجرام لا تكفي. وأوضحت أن هناك تفكيرًا في التراجع عن قرارات سابقة بعدم استخدام محتوى من مواقع مثل Quora أو الكتب العلمية المرخصة لضمان توافر بيانات تدريب كافية.

تصعيد قانوني: ميتا تعزز دفاعها بفريق من محامي المحكمة العليا

فيما يبدو كمؤشر على إدراك ميتا لخطورة القضية، قامت الشركة بإضافة محامين من المحكمة العليا الأميركية إلى فريق الدفاع القانوني الخاص بها، وذلك عبر مكتب المحاماة Paul Weiss.

الخلاصة: فضيحة محتملة تهدد ميتا؟

هذه الوثائق ترسم صورة واضحة لكيفية تعامل ميتا مع قوانين حقوق النشر في سباق تطوير الذكاء الاصطناعي، وتعزز موقف المدعين في القضية. 

إذا ثبتت صحة الادعاءات، فقد تواجه ميتا غرامات مالية ضخمة وإجراءات قانونية صارمة، في وقت يشهد تصاعدًا في الرقابة على شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى بسبب ممارسات تدريب النماذج الخاصة بها.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي ميتا شركة ميتا المزيد الذکاء الاصطناعی استخدام محتوى فی تدریب

إقرأ أيضاً:

الجدل الاقتصادي في شأن الذكاء الاصطناعي 1/5

عبيدلي العبيدلي

خبير إعلامي

 

يُعدّ الذكاء الاصطناعي أحد أبرز الظواهر التقنية المعاصرة التي يعتقد الكثيرون أنها ستُعيد رسم ملامح الاقتصاد العالمي في القرن الحادي والعشرين. فمنذ بداية الألفية، تحوّل الذكاء الاصطناعي من مجرد كونه فرعًا نظريًا في علوم الحوسبة، إلى محرك فعلي لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، وربما العالمي، بما في ذلك تشكيل سلاسل الإنتاج، وأسواق العمل، وأنظمة اتخاذ القرار. ومع كل طفرة في هذا المجال، تتسارع التحولات الاقتصادية، وتتشكل استقطابات فكرية جديدة تتوزع بين مؤيدين يرون فيه أداة فعالة لتحفيز النمو، ومعارضين له لا يكفون عن التحذير من مغبة تداعيات انعكاساته الاقتصادية البنيوية.

يمتاز الجدل حول الذكاء الاصطناعي بطابعه الديناميكي، إذ لا يتصل فقط بفعالية التقنية، بل يتقاطع مع قضايا توزيع الثروة، ومستقبل العمل، والمساواة الرقمية، والسيادة الاقتصادية. وقد بات من الملحّ، بشكل قاطع، التفكير فيه باعتباره قضية سياسية–اقتصادية–أخلاقية بامتياز، تتطلب تجاوز التقييمات التقنية البحتة نحو تحليلات عميقة للبنى الاقتصادية والاجتماعية.

تهدف هذه المقالة إلى تفكيك هذا الجدل من خلال عرض شامل لحجج المؤيدين والمعارضين، وتحليل القضايا المحورية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في الاقتصاد، مع تقديم حالات واقعية تجسد الاتجاهين، وأخيرًا استشراف مآلات هذه التحولات على المدى القصير والمتوسط والبعيد.

مواقف المؤيدين: الذكاء الاصطناعي رافعة للتحول الاقتصادي

يرى المؤيدون أن الذكاء الاصطناعي يمثل قفزة نوعية في تاريخ التطور الإنتاجي للبشرية، مكافئة لاختراع الكهرباء أو الإنترنت. وتتركز مبرراتهم في خمسة محاور أساسية هي:

 رفع الإنتاجية وتقليل التكاليف

تُظهر التجارب أن الذكاء الاصطناعي قادر، وبكفاءة غير مسبوقة، على مضاعفة إنتاجية القوى العاملة البشرية من خلال الأتمتة الذكية وتحليل البيانات والتعلّم الآلي. فالشركات التي تبنت أدوات تحليل البيانات والتنبؤ باستخدام AI – كـ Amazon وAlibaba، نجحت في خفض تكاليف التشغيل، وزيادة كفاءة سلسلة الإمداد، وتسريع دورة الإنتاج. وتُشير دراسة صدرت في العام 2022 عن مؤسسة   PricewaterhouseCoopers (PWC) إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يضيف 15.7 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول 2030.

 خلق نماذج أعمال جديدة

لا يقتصر أثر الذكاء الاصطناعي على تحسين العمليات التقليدية، بل يفتح الباب أمام نماذج أعمال جديدة بالكامل. فالخدمات المالية مثلًا شهدت ظهور شركات FinTech تستخدم الذكاء الاصطناعي في تقييم الجدارة الائتمانية والتسعير التفاعلي. وفي الطب، بات التشخيص القائم على AI يتفوق على بعض القدرات البشرية. هذا يعني أن الذكاء الاصطناعي لا يُقصي العمل البشري، بل يُعيد تعريفه.

 تمكين الدول النامية عبر القفزات التقنية

من أبرز وعود الذكاء الاصطناعي قدرته على مساعدة الدول النامية في تجاوز مراحل التصنيع التقليدي. ففي الهند مثلًا، ساعدت أدوات الذكاء الاصطناعي المزارعين في التنبؤ بالمواسم الزراعية وتحسين الإنتاج. أما في كينيا، فتم تطبيق الذكاء الاصطناعي في إدارة شبكات الكهرباء المحدودة لتعظيم كفاءتها. هذا الاستخدام "التنموي" يخلق أملًا بإعادة التوازن العالمي عبر التكنولوجيا.

 تعزيز الحوكمة واتخاذ القرار الاقتصادي

تُستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي اليوم في تحليل اتجاهات الاقتصاد الكلي، وتقييم المخاطر الائتمانية، وضبط التهرب الضريبي. فالهند طوّرت نظامًا رقميًا يعتمد على AI لرصد التجارة غير الرسمية والتهرب من الضرائب، مما ساعد في رفع الإيرادات العامة بنسبة 14%. كما تلجأ بعض الحكومات إلى أدوات الذكاء الاصطناعي لمحاكاة نتائج السياسات الاقتصادية قبل تطبيقها.

 تسريع البحث العلمي والابتكار

بفضل قدرته على معالجة كميات هائلة من البيانات، ساهم الذكاء الاصطناعي في تسريع وتيرة البحث العلمي، خاصة في مجالات الأدوية، والطاقة، والمناخ. كما أدى إلى تخفيض تكاليف الابتكار، مما يُمكّن الشركات الناشئة من المنافسة في مجالات كانت سابقًا حكرًا على الشركات العملاقة.

مواقف المعارضين: الذكاء الاصطناعي كتهديد اقتصادي بنيوي

رغم الحماس الذي يُبديه أنصار الذكاء الاصطناعي، فإن معارضيه يُثيرون مخاوف جوهرية تتجاوز المسائل التقنية إلى بنية الاقتصاد العالمي نفسه. يرى هؤلاء أن الذكاء الاصطناعي، في صيغته الحالية، وجوهر أدائه التقني، لا يخدم التنمية الشاملة، بل يُكرّس الاحتكار، ويقضي على الوظائف، ويُعمّق الفجوة الطبقية، ويُضعف قدرة المجتمعات على السيطرة على مستقبلها الاقتصادي ويمكن تلخيص دعوات المنتقدين في النقاط التالية.

 تهديد سوق العمل وتفكيك الطبقة الوسطى

يشير المنتقدون إلى أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى فقدان الملايين من الوظائف، خاصة في المجالات المتوسطة المهارة التي شكلت تاريخيًا عماد الطبقة الوسطى. فعلى سبيل المثال، تعمل تقنيات الترجمة الآلية على تقليص الحاجة للمترجمين، وتقوم خوارزميات المحاسبة بتقليل الطلب على المحاسبين التقليديين، بينما بدأت السيارات ذاتية القيادة تُهدد وظائف سائقي الأجرة والنقل.

وفقًا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي (2023)، من المتوقع أن تستبدل الأتمتة نحو 85 مليون وظيفة بحلول العام 2025، رغم خلقها وظائف جديدة. إلا أن هذه الوظائف تتطلب مهارات عالية في البرمجة، وتحليل البيانات، والرياضيات، وهي مهارات لا تمتلكها الغالبية العظمى من العاملين حاليًا. هذا الخلل قد يؤدي إلى بطالة هيكلية مزمنة وتآكل الاستقرار الاجتماعي.

تعميق الاحتكار وتركيز الثروة

يرى كثيرون، ممن يقفون في وجه توسيع نطاق استخدامات الذكاء الاصطناعي، أنه بوعي أو بدون وعي، يُعزز من هيمنة الشركات الكبرى، خاصة تلك التي تمتلك البيانات الضخمة والبنى التحتية السحابية. فشركات مثل Google وMeta وAmazon تملك من المعلومات والقدرات الحسابية ما يُمكّنها من احتكار الابتكار وتوجيه السوق وفق مصالحها. وهذا الوضع يخلق ما يسميه بعض الاقتصاديين "الرأسمالية الخوارزمية"، حيث يتحول السوق إلى مساحة مغلقة تديرها خوارزميات بلا شفافية.

هذا التركّز لا يُضعف فقط المنافسة، بل يخلق فجوة عميقة بين الشركات العملاقة وبقية الفاعلين الاقتصاديين، ويمنع الشركات الناشئة في الدول النامية من الدخول الجدي إلى السوق.

 إخفاقات أخلاقية وتمييز منهجي

العديد من حالات سوء استخدام الذكاء الاصطناعي كشفت عن ميل هذه التكنولوجيا إلى إنتاج نتائج متحيزة وغير عادلة. تعود هذه المشكلة إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي تُدرَّب على بيانات تاريخية تعكس أوجه التمييز الطبقي أو العرقي أو الجندري في المجتمع. على سبيل المثال، في عام 2018 اضطرت شركة Amazon إلى سحب نظام توظيف آلي تبين أنه يقلل تلقائيًا من تقييم السير الذاتية للنساء.

تنعكس هذه التحيزات في القرارات الاقتصادية: من يُمنح قرضًا؟ من يتم قبوله في الوظيفة؟ من يُصنف كزبون مميز؟ الذكاء الاصطناعي هنا لا يُعيد إنتاج التمييز فقط، بل يُخفيه تحت قناع "الحياد الرقمي".

 تقويض السيادة الاقتصادية الوطنية

يرى النقاد أن الذكاء الاصطناعي، وخاصة في مجال صنع القرار الاقتصادي، يُضعف قدرة الدول على التحكم في سياساتها. فمع ازدياد الاعتماد على خوارزميات خارجية في القطاعات الحيوية، تفقد الحكومات، وعلى وجه الخصوص حكومات الدول الصغيرة أو النامية، السيطرة على أدوات الرقابة والتنظيم. في حالات عديدة، باتت قرارات تتعلق بالإقراض أو التوظيف أو الاستثمار تُتخذ بناء على أنظمة خوارزمية مملوكة لشركات خاصة لا تخضع للرقابة العامة.

الأمر لا يقتصر على الدول النامية، بل يمتد إلى الاقتصادات المتقدمة، حيث بدأت البنوك والشركات الكبرى تعتمد على نماذج ذكاء اصطناعي من تطوير شركات خارجية، ما يخلق تهديدًا حقيقيًا لـ "السيادة الاقتصادية الرقمية".

 نشوء أزمات اقتصادية خوارزمية

أحد المخاوف الكبرى يتعلق بالقدرة المحدودة للبشر على توقع وتفسير سلوك أنظمة الذكاء الاصطناعي المعقدة. فقد نشهد في المستقبل أزمات مالية أو تجارية أو استهلاكية ناتجة عن قرارات آلية غير مفهومة أو تفاعل تلقائي بين أنظمة متنافسة. مثال على ذلك ما حدث في "الانهيار الخاطف" (Flash Crash) في بورصة نيويورك عام 2010، حيث أدت معاملات آلية إلى انهيار الأسواق خلال دقائق دون تدخل بشري.

لذا يحذر المعارضون من أخطار تنامي استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي أنه إذا استمر الاعتماد المفرط على أنظمة لا يمكن تفسيرها أو مساءلتها، فقد نصل إلى نقطة تفقد فيها المؤسسات الاقتصادية سيطرتها على أدواتها نفسها.

 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • هواوي تكشف عن منظومة تشغيل الذكاء الاصطناعي بقوة توازي إنفيديا
  • ميتا تعين أحد مطوري شات جي بي تي لقيادة مختبر الذكاء الفائق
  • أثر الذكاء الاصطناعي على إنتاجية المبرمجين: نتائج متباينة تكشفها دراسة حديثة
  • تمكنك من قياس الملابس افتراضيًا.. «جوجل» تكشف عن ميزة باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • الجدل الاقتصادي في شأن الذكاء الاصطناعي 1/5
  • لتطوير الذكاء الخارق.. ميتا تعلن تعيين نجم OpenAI السابق في منصب رئيسي
  • زوكربيرغ يخطف كبير علماء شات جي بي تي ليقود ثورة الذكاء الخارق في ميتا
  • “ميتا” تكشف عن سوار ذكي يتحكم بالحواسيب عبر حركة عضلات اليد
  • كشف دليل داعش السري: كيف يستخدم التنظيم الذكاء الاصطناعي؟
  • ترامب يثير الجدل من جديد: لا يجب فرض رسوم على تدريب الذكاء الاصطناعي