"التنمية الاجتماعية" تحتفي بروّاد المسؤولية الاجتماعية تقديرًا لإسهاماتهم في تنمية المجتمع
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
◄ الشامسي: "التنمية" تسعى لتطوير حوكمة برامج المسؤولية الاجتماعية عبر منصة وطنية موحدة
◄ السالمي: مركز مُتخصص في بورصة مسقط لتعزيز الاستثمار المُستدام
◄ الغريبي: 21 مليون ريال دعم مقدم لمؤسسات المجتمع المدني خلال 10 سنوات
◄ اليوم.. انطلاق 3 حلقات عمل متخصصة في المسؤولية الاجتماعية
مسقط- الرؤية
كرّمت وزارة التنمية الاجتماعية صباح أمس روّاد المسؤولية الاجتماعية، ضمن أعمال ملتقى "روّاد المسؤولية الاجتماعية" الذي تنظمه الوزارة على مدى يومين بشراكة استراتيجية مع جريدة الرؤية.
ويهدف الملتقى إلى تحقيق عدد من الأهداف؛ منها: زيادة نشر الوعي العام حول مفهوم المسؤولية الاجتماعية، وتطوير مشاريع المسؤولية الاجتماعية وتنظيمها على مستوى يضمن تطبيقها على أكمل وجه، وخلق شراكات وبرامج مسؤولية اجتماعية تحقيقًا لرؤية "عُمان 2040"، وإبراز دور المؤسسات والشركات في هذا المجال، وتسليط الضوء على تجارب القطاعات الحكومية والخاصة وغير الربحية في هذا المجال، وتحقيق التنمية المستدامة في المسؤولية الاجتماعية، والتكامل بين القطاعات الثلاثة (العام والخاص والأهلي) في مجال المسؤولية الاجتماعية، إلى جانب الخروج بحزمة من التوصيات الطموحة التي من شأنها النهوض بقطاع المسؤولية الاجتماعية.
ورعى افتتاح الملتقى معالي الدكتور خلفان بن سعيد الشعيلي وزير الإسكان والتخطيط العمراني، بحضور معالي الدكتورة ليلى بنت أحمد النجار وزيرة التنمية الاجتماعية، وعدد من المدعوين.
وقدم سعادة الشيخ راشد بن أحمد الشامسي وكيل وزارة التنمية الاجتماعية كلمة الوزارة قال فيها: "تسعى وزارة التنمية الاجتماعية إلى تطوير مشروع حوكمة برامج المسؤولية الاجتماعية ليساهم في تحقيق رؤية ’عُمان 2040‘ وأهداف التنمية المستدامة، وأن يتم ربط هذه البرامج والمتطلبات التنموية في مختلف المحافظات عبر منصة وطنية إلكترونية موحدة، وسيساعد هذا النظام على أن تكون عملية التواصل والتمويل وإدارة المشاريع أكثر كفاءة وفعالية وشفافية في ممارسات إدارة التمويلات الخاصة بها، ويعزز من تحقيق العدالة الاجتماعية، وخلق فرص العمل، وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام.
من جهته، أكد هيثم بن سالم السالمي الرئيس التنفيذي لبورصة مسقط أن دور البورصات والأسواق المالية لم يُعد مُقتصرًا على الجوانب الاقتصادية والاستثمارية؛ بل تجاوز ذلك لتكون هذه البورصات فاعلًا رئيسيًا في تعزيز الاستدامة ودعم المجتمعات والوصول لما هو أبعد من العوائد المالية، مشيرًا إلى أن بورصة مسقط عكفت خلال الفترة الماضية على أداء دورها في هذا الجانب؛ حيث أنشأت مركزًا مُتخصصًا للاستثمار المُستدام؛ ليتبنى نهجًا جديدًا يُركِّز على دعم المشاريع التنموية المستدامة، عوضًا عن التبرعات التقليدية، ويتماشى مع استراتيجية دعم التغيير الإيجابي والمساهمة في النمو الوطني، وتعزيز التعاون مع مختلف الأطراف، وتشجيع الموظفين على المشاركة الفعّالة. وأوضح السالمي أن بورصة مسقط دشّنت الدليل الاسترشادي للحوكمة الثلاثية، والذي يضم 30 معيارًا، بما فيها معيار مختص بالمسؤولية الاجتماعية الذي يتيح للشركات المساهمة العامة لتقديم تقارير واضحة ومتسقة حول مساهماتها في المسؤولية الاجتماعية.
وفي كلمة وحدة متابعة تنفيذ رؤية عُمان 2040، قدّم فضيلة الدكتور يوسف بن سالم الفليتي المشرف العام على فريق دعم أولوية التشريع والقضاء والرقابة، استعراضًا للأهداف الاستراتيجية لأولوية الرفاه والحماية الاجتماعية، والتي تتمثل في مجتمع مُغطى تأمينيًا بشبكة أمان اجتماعية فاعلة ومُستدامة وعادلة، ومجتمع واعٍ متماسك مُمكَّن اجتماعيًا واقتصاديًا، خاصةً المرأة والطفل والشباب وذوي الإعاقة والفئات الأكثر احتياجًا، علاوة على تقديم خدمات وبرامج اجتماعية مُتطوِّرة ومُلبِّية لاحتياجات المجتمع.
وشهد افتتاح الملتقى، تقديم عرض مرئي بعنوان "أوفياء للمجتمع"، والذي أُعلن خلاله عن عدد من مشاريع وزارة التنمية الاجتماعية التي تنتظر الدعم نظير المسؤولية الاجتماعية لمختلف الجهات.
وألقى المهندس محمد بن أحمد الغريبي مدير الشؤون الخارجية والعلاقات الحكومية والاتصالات بشركة تنمية نفط عُمان، كلمةً، استعرض خلالها تجربة شركة تنمية نفط عُمان في مجال دعم مؤسسات المجتمع المدني؛ باعتبارها ركيزة أساسية للتنمية المُستدامة.
وأشار الغريبي إلى أن ما يُميِّز مؤسسات المجتمع المدني- كالجمعيات الأهلية والخيرية وجمعيات المرأة العُمانية والفرق التطوعية- أنّها تتناول مجالات وفئات من المجتمع بطريقة مركزة ومتخصصة، فهذه المؤسسات يجمعها البعد الطوعي. وقال مدير الشؤون الخارجية والعلاقات الحكومية والاتصالات بشركة تنمية نفط عُمان إن الشركة تفخر بدعم أكثر من 180 طلبًا لمؤسسات المجتمع المدني طوال السنوات العشر الماضية بمبلغ إجماليٍ تجاوز 21 مليون ريال عُماني، وقد تنوّعت المجالات التي تلقت الدعم فشملت الصحة والسلامة، وإدارة البيئة، وتمكين الشباب والمرأة، والحملات الخيرية وهذه الأخيرة تتم بالتنسيق مع الهيئة العُمانية للأعمال الخيرية.
وأشار الغريبي إلى أن آخر دراسة أجرتها جهة مستقلة لقياس أثر العائد الاجتماعي على عينة من مشاريع للاستثمارِ الاجتماعي، توضح أن العائد يبلغ حوالي 36 ريالًا عُمانيًا مُقابل كل ريال يُنفق على تلك المشاريع، وهو ما ينم عن فعالية مشاريع الشركة.
وتضمن الملتقى عرضًا مرئيًا حول حوكمة المسؤولية الاجتماعية بعنوان "نحو الإطار الوطني للمسؤولية الاجتماعية في سلطنة عُمان"، والذي استعرض أبرز الممارسات الدولية لتنظيم المسؤولية الاجتماعية للشركات، والركائز الأساسية للمسؤولية الاجتماعية للشركات ودوافع ممارستها والمتمثلة في الاستدامة الاقتصادية، والإدارة البيئية، والتنمية الاجتماعية، والحوكمة والمساءلة.
عقب ذلك، كرَّم راعي حفل الملتقى، روّاد المسؤولية الاجتماعية؛ وهم: شركة تنمية نفط عُمان، ومؤسسة سعود بهوان للأعمال الخيرية، والشركة العُمانية الهندية للسماد "أوميفكو"، وبنك مسقط، ومؤسسة إشراقة لتنمية المجتمع التابعة لـ"كيمجي رامداس"، ومجموعة أوكيو، وأوكيو للاستكشاف والإنتاج، وأوكيو للصناعات الأساسية، وبرنامج الخليج العربي للتنمية "الأجفند"، ومؤسسة محمد البراوني للأعمال الخيرية، وشركة خط الأعمار الوطنية، وشركة ميتسوي آي آند بي الشرق الأوسط، ومؤسسة الجسر للأعمال الخيرية، والشركة العُمانية القطرية للاتصالات "أوريدو"، وشركة المطاحن العُمانية، وشركة دليل للنفط، والشركة العُمانية للاتصالات "عُمانتل"، وشركة أوكسيدنتال عُمان إنكربوريتد، والشركة العُمانية العالمية للتنمية والاستثمار "أومنفيست"، وشركة ظفار لتوليد الكهرباء، وشركة صلالة لخدمات الموانئ، وبنك صحار الدولي، وشركة شل العُمانية للتسويق، وأسياد للنقل البحري، والمدينة المستدامة "يِتِّي"، وشركة شناص لتوليد الكهرباء، والشركة العُمانية للتنمية السياحية "مجموعة عمران"، والبنك الأهلي، والشركة الوطنية للتمويل، وشركة آرا للبترول، وشركة عُمان للاستثمارات والتمويل، وشركة إدفاريو تيرمينالز، وشركة رئيسي وشريكه للتجارة، وبنك نزوى، علاوة على تكريم الشركات الراعية لتنظيم هذا الملتقى، ومقدمي الحلقات التدريبية في الملتقى.
ويَستكمل الملتقى فعالياته اليوم الإثنين، بعقد عدد من حلقات العمل التي تُناقش موضوعات تصميم استراتيجيات المسؤولية الاجتماعية وآليات التنفيذ، والمسؤولية الاجتماعية والحوكمة من منظور قيادي، إضافة إلى آليات وطرق تسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
جهود عُمانية في تعزيز الوعي الفلكي وبناء جيل مُستكشف للفضاء
"العُمانية" تعدُّ سلطنة عُمان موطنًا للعديد من المراصد الفلكية، من خلال دراسة الظواهر السماوية وتعزيز المعرفة الفلكية، كمرصد "الساعة" في محافظة مسقط، الذي يُستخدم لدراسة حركة الكواكب والنجوم، ويُعد مركزًا تعليميًّا للطلاب وهواة الفلك.
وتقوم الجمعية العُمانية للفلك والفضاء، نظرًا لأهمية هذا المجال، بعدة أدوار مهمة في تعزيز الوعي الفلكي، منها التعليم والتوعية، حيث تقدم الجمعية محاضرات وحلقات عمل دورية تتناول مواضيع فلكية متنوعة، بالإضافة إلى تنظيم الفعاليات مثل: ليالي الرصد الفلكي، والاهتمام بالبحث العلمي.
وتُشجع الجمعية على البحث العلمي في مجالات الفلك، كما تُسهم في توفير الموارد اللازمة للباحثين والمهتمين، ومن أدوارها أيضًا التعاون مع المؤسسات التعليمية؛ إذ تعمل الجمعية على التعاون مع المدارس والجامعات لتعزيز المناهج الدراسية المتعلقة بالفلك، والمشاركة في المناسبات العالمية مثل "اليوم العالمي للفضاء"، وإصدار المنشورات والكتب التي تتعلق بالفلك، مما يوفر مصادر تعليمية للمهتمين.
وقد حَظِي علم الفلك باهتمام واسع من قبل العُمانيين، إذ لعب دورًا محوريًا في تسيير أمور الحياة اليومية منذ وقت طويل، ونظموا من خلاله شؤون حياتهم من ترحال وزراعة وصيد؛ فلتقسيم مياه الأفلاج نهارًا، أوجدوا نظام "المزولة الشمسية"، والمعروفة محليًّا باسم "اللمد"، وهو نظام قائم على حركة ظل شاخص (من الحديد أو الخشب أو الصخور) من طلوع الشمس إلى غروبها، وجعلوه مؤقتًا لحصص المزارعين من ماء الفلج في النهار، وأطلق عليه "محاضرة النهار"، تمييزًا عن "محاضرة الليل"، التي تشير دائمًا إلى استخدام النجوم لاستكمال عملية توزيع الحصص في الفترة المسائية. وهذه النجوم معروفة بين المزارعين، ويبلغ عددها حوالي 24 نجمًا في بعض الولايات و26 نجمًا في ولايات أخرى، وقد يزيد هذا العدد في حالات تُعد استثناء، ومن هذه النجوم: الصارة الأولى، الصارة الثانية، الكوي، الدبران، المياثيب، الظلمي، وغيرها. ولتوخي الدقة في توزيع هذه الحصص، أوجد المزارعون نجم "المنصف"، ويكون ظهوره إعلانًا عن انتصاف "الأثر" وهو الوحدة المستخدمة لتقسيم مياه الفلج، وتعادل نصف ساعة تقريبًا.
ويُعدُّ التدرج في الزراعة في المرتفعات الجبلية كالجبل الأخضر خير شاهد على الاستغلال الأمثل لميلان سقوط أشعة الشمس، مما يُسهم في تنوع المزروعات اعتمادًا على قياسات محددة مسبقًا.
أما في المجال البحري، فقد عُرف العُمانيون بأنهم ربابنة السفن، وليس أحمد بن ماجد السعدي وناصر بن علي الخضوري إلا مثالين من بين آلاف البحارة والنواخذة الذين سطّروا بحروف من ذهب معرفتهم بالطرق والنجوم ومواسم الصيد والترحال، إذ جعلوا من النجوم علامة يهتدون بها في ظلمات البحر، ومواقيت لمواسم السفر والصيد. كما أنهم عرفوا "ضربات البحر"، وهو مصطلح يُستخدم في الثقافة الشعبية العُمانية والخليجية لوصف ظواهر بحرية عنيفة أو مفاجئة تُحدث اضطرابًا في مياه البحر، مثل الأمواج العاتية أو التيارات القوية أو العواصف البحرية، ولا يركب البحّارة البحر في هذه المواقيت لا لسفر ولا لصيد، وهي معروفة لديهم بطلوع النجم أو غروبه في بعض الحالات.
ومن أهم "الضربات" المعروفة عند أهل عُمان قديمًا: "ضربة الأحيمر"، وهو نجم يميل لونه إلى الحمرة، ومن هنا يحدث الاختلاف في ماهية هذا النجم تحديدًا، فالبعض يعد "اللحيمر" نجم "قلب العقرب" في كوكبة العقرب، والبعض الآخر يرى أنه "السماك الرامح" في كوكبة العوَّاء، ومطلع كلا النجمين في ذات التوقيت. ومن الضربات المعروفة: "ضربة الشلي"، وهي ضربة التسعين من المئة الثالثة في "حسبة الدرور"، وتُعد الأقوى والأعنف بين الضربات المعروفة، وتستمر بين أربعة إلى خمسة أيام. كما أن ضربات "حويطم"، و"اللكيذب"، و"الكوي"، من الضربات ذات التأثير الخطير على مرتادي البحر، لذلك وقّت العُمانيون مواسمها وعرفوا مواعيدها من خلال مطالع النجوم.
وقال الدكتور إسحاق بن يحيى الشعيلي، رئيس مجلس إدارة الجمعية العُمانية للفلك والفضاء: إن "الأمثال العُمانية حفظت الموروث بشكل مبسط يحمل الفكاهة في جانب والمعرفة في جانب آخر؛ فبدء انكسار شدة الحر يصاحبه ظهور نجم سهيل، لذلك يقال: (إذا طلع سهيل، برد الماء والليل)، و(يوم يطلع الكوي، قطع القضيمة وشوي)، وهذا كناية عن استواء البُر وحان حصاده. إلى غيرها من الأمثال التي تحمل الموروث الفلكي للأجيال، مغلفة بخبرات السنين ومعارف الأجداد". كما أن للحكايات الشعبية نصيبًا من المعرفة، فمقتل "نعش" على يد "سهيل" وفراره للجنوب، وحمل بناته لنعشه (بنات نعش)، والحب الأبدي بين "سهيل" و"الشعرى (الغميصاء)"، و"العقرب في الجنوب" وارتباطها بالموروث المروي، كلها ترسّخ في جوانبها هذه المعارف ويبقى امتدادها على طول الزمان.
ورأى الشعيلي أن تضافر الجهود بين مختلف المؤسسات التعليمية، والمجتمع المدني، والجهات ذات العلاقة بالعلوم والتقنية، عبر توسيع نطاق الأنشطة العلمية والمساهمات في تعزيز التقدم في قطاعات الفلك والفضاء، يسهم في تعزيز الوعي الفلكي والفضائي لدى الجيل الجديد في سلطنة عُمان، بما يتماشى مع أهداف "السياسة الوطنية للفضاء"، وذلك من خلال دمج علوم الفلك والفضاء في المناهج الدراسية وتطويرها لتعريف الطلبة بأساسيات علم الفلك وتطبيقاته، وربطهم باستكشاف الفضاء بشكل مبكر. كما أن إدخال موضوعات مثل الأقمار الصناعية، النيازك، الروبوتات الفضائية، ومهام الاستكشاف البشرية، من شأنه تحفيز الفضول العلمي لدى الطلبة في مختلف المراحل الدراسية.
وأوضح أن للأنشطة العملية والمجتمعية دورًا كبيرًا في تجسيد المفاهيم النظرية وتوضيحها، والتي تتمثل في حلقات الرصد الفلكي العلمية، والزيارات للمراصد الفلكية، والمسابقات العلمية الفلكية، والمخيمات الصيفية الفلكية، وغيرها من المناشط التي تسهم في أن يعيش المشارك التجربة الفلكية بكل تفاصيلها، مع تفعيل دور الإعلام العلمي عبر إنتاج برامج وثائقية تعليمية ومحتوى رقمي يُبرز أهمية الفلك والفضاء في حياتنا اليومية، ويُوضح تأثير ودور التطبيقات الفضائية في مختلف مجالات الحياة، ويُساهم في تحسين قطاعات جوهرية مثل الزراعة، الاتصالات، الملاحة، وإدارة الكوارث. كما أن الشراكة مع الجمعيات والمؤسسات العلمية المختصة في مجال الفلك والفضاء له الأثر في تعزيز التثقيف المجتمعي، والذي يتضمن الشراكة مع مراكز البحث العلمي والجمعية العُمانية للفلك والفضاء، وذلك للتعاون في المبادرات العلمية المتنوعة للجمهور، مثل ليالي الرصد، والمهرجانات الفلكية في الجامعات والمدارس.
وفي السياق ذاته، أشار عمر بن حمدان الحوسني، عضو مجلس إدارة الجمعية العُمانية للفلك والفضاء، إلى أن "تأهيل المعلمين وتدريبهم في مجال الفلك والفضاء يُعد استثمارًا استراتيجيًّا في نشر الوعي الفضائي في المجتمع ككل، حيث يلعب المعلّم دورًا جوهريًّا في نقل الشغف بالعلوم، لذا فإن تأهيلهم في مجالات الفلك والفضاء، وتزويدهم بالوسائل التعليمية الحديثة، يُساهم في تعزيز الوعي المجتمعي".
وأشار الحوسني إلى أن علوم الفلك والفضاء تشهد تحولًا عالميًا كبيرًا، يتمثل في دخول عدد متزايد من الدول إلى هذا المضمار، مستفيدة من التطور التكنولوجي، لا سيما عبر الأقمار الصناعية الصغيرة (الكيوبسات) ومشاريع الفضاء التجارية. ومن هذا المنطلق، يمكن لسلطنة عُمان مواكبة هذه التحولات من خلال تبني "السياسة الوطنية للفضاء"، وهذا ما قامت به وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات عبر "البرنامج الوطني للفضاء"، حيث تم اعتماد السياسة الوطنية للفضاء، والتي ترتكز على دعم البحث العلمي، وتطوير البنية الأساسية اللازمة، بالإضافة إلى تأهيل الكفاءات الوطنية في قطاع الفضاء.
وبيّن أن الدخول في مشاريع تعليمية فضائية له أثر كبير في تطوير قطاع الفضاء المحلي، كتصميم وتصنيع أقمار صناعية تعليمية بالتعاون مع الجامعات في سلطنة عُمان، وهو ما يمكن أن يُسهم في تدريب الطلبة على أنظمة الفضاء بكل مراحلها، من التصميم والتصنيع والفحص إلى استقبال وتحليل البيانات الفضائية. إن الإسهام في تعزيز دور سلطنة عُمان لتكون مركزًا إقليميًا للبحث والتطوير في مجالات الفلك والفضاء من شأنه تمكين الكفاءات الوطنية في المشروعات العلمية والابتكارية.
وأكد عمر الحوسني على أن الاستثمار في القدرات البشرية يأتي عبر تشجيع الانخراط في برامج وكالات الفضاء العالمية، ويُعد من ضمن مبادرات التدريب الشبابية في مجالات الفضاء، كما أن ربط الاستفادة من التطبيقات الفضائية بخدمة التنمية، يُسهم في رفع كفاءة القطاعات الحكومية والخاصة في مجال الفضاء، وذلك مثل استخدام الصور الفضائية في مراقبة التغيرات البيئية، وإدارة الموارد المائية، وتخطيط المدن، ورصد حركة السفن، وغيرها من الخدمات التي يمكنها خدمة التنمية وتحسينها. فضلًا عن الدخول في شراكات مع وكالات فضاء عربية وعالمية، والاستفادة من التجارب السابقة في مجالات الفضاء، وتبادل الخبرات الفنية والتقنية، يساهم في دعم خطط التنمية المستدامة من خلال توظيف تقنيات الفضاء الحديثة بكوادر عُمانية وطنية. ويمكن لاحتضان ريادة الأعمال الفضائية أن يفتح آفاقًا اقتصادية جديدة في سلطنة عُمان، عبر إنشاء حاضنات ومسرّعات أعمال متخصصة في التقنيات الفضائية والذكاء الاصطناعي المرتبط بها.
كما أكد على أن دخول سلطنة عُمان في مشاريع فضائية ليس خيارًا ترفيهيًّا، بل هو توجّه استراتيجي يُعزّز موقع سلطنة عُمان ضمن اقتصاد المعرفة، ويهيّئ الجيل القادم لوظائف المستقبل في مجالات الملاحة الفضائية، البيانات الفضائية، وتصنيع الأنظمة الذكية.