تدمير الاحتلال لمستشفى الطب النفسي بغزة يُخلف مرضى خطيرين دون رعاية
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
غزة- تعرضت شابة فلسطينية في نهاية العقد الثالث من عمرها لنوبة مرضية حادة نتيجة إصابتها باضطراب ثنائي القطب، مما أدى لتصرفها بصورة غير لائقة داخل مخيم الإيواء الذي كانت تقيم فيه جنوب قطاع غزة.
وشتمت الشابة ذويها ومن حولها، ودخلت في نوبة صراخ دون تمكنهم من السيطرة عليها.
ومع تهاوي مبنى مستشفى الطب النفسي في مدينة غزة منذ الشهر الأول للعدوان الإسرائيلي على القطاع، تُركت الحالات المرضية المزمنة تتألم دون رعاية.
وتعمدت قوات الاحتلال الإسرائيلي تدمير المستشفى الوحيد المتخصص في قطاع غزة الذي يقدم خدمات المبيت للمرضى النفسيين الذين يعانون من انتكاسات نفسية حادة، مما شكّل خطورة على حياتهم وباتوا يواجهون مصيرا مجهولا.
وألقت الحرب الإسرائيلية على غزة عبء المرضى النفسيين على ذويهم، الذين اضطروا للتناوب على مراقبة سلوكهم وحالتهم النفسية وتحمل الكثير من مصاعب التعامل معهم، في الوقت الذي ازدادت حالتهم سوءا بفعل القصف والمواقف المؤلمة التي تعرضوا لها.
سارع والدا الشابة المصابة باضطراب ثنائي القطب للبحث عن مكان يقدم علاجا نفسيا لابنتهما التي انقطعت عن المتابعة مع الأطباء المختصين نتيجة الحرب على قطاع غزة، حتى وصلا إلى عيادة حكومية ميدانية تقدم خدمات الطب النفسي.
إعلانخضعت المريضة للمتابعة الطبية لأكثر من 6 ساعات، حصلت خلالها على الأدوية المهدئة قبل أن تعود لخيمتها بسبب خروج مستشفى الطب النفسي المخصص للمبيت عن الخدمة، ولم يعد هناك من يتابع حالتها النفسية على مدار الساعة.
وإلى العيادة ذاتها وصل شاب في الثلاثين من عمره لديه أفكار انتحارية، حيث تستدعي حالته المكوث داخل المستشفى تحت المراقبة، لكن تدميرها حال دون ذلك، مما دفع الأطباء للتعامل معه ميدانيا، رغم أن علاجه يحتاج وقتا لسريان مفعوله.
ويشير الأطباء الذين أطلعوا الجزيرة نت على تفاصيل الحالات السابقة إلى أن أصحاب هذه الأمراض لا يمكن أن يتركوا وحدهم لأنهم يؤذون أنفسهم والآخرين، كما أن معاناة المرضى النفسيين الذين يصنفون تحت إطار الحالات المزمنة كبيرة جدا، وتحتاج عناية خاصة داخل المستشفى.
ولفت هشام المدلل، مدير دائرة التخطيط وتطوير الصحة النفسية بوزارة الصحة إلى معاناة ذوي المرضى النفسيين بسبب تدمير مستشفى الطب النفسي وعدم وجود أماكن لمبيت الحالات المرضية المزمنة.
وقال في حديث مع الجزيرة نت "لا يستطيع ذوو المرضى السيطرة عليهم بسبب الانتكاسة التي تعرضوا لها، وفي كثير من الأوقات افتقدنا الأدوية الخاصة بهم ولا سيما الحقن طويلة الأمد، مما ضاعف من أعباء المحيطين بالمريض، خاصة في ظل النزوح وحالة عدم الاستقرار".
بحث عن بديل
أنشئ مستشفى الطب النفسي عام 1980 في حي النصر بمدينة غزة، بهدف تقديم خدماته العلاجية للمرضى النفسيين في مختلف محافظات القطاع.
وتبلغ السعة الاستيعابية للمستشفى 30 سريرا للمبيت، علاوة على المترددين عليه بشكل يومي، حسب هشام المدلل.
وأوضح المدلل، في حديث للجزيرة نت، أن المستشفى سجل في عام 2022، الذي سبق الحرب على غزة، دخول 719 حالة مبيت لمستشفى الطب النفسي، وذلك من بين 3500 مريض كانوا قد ترددوا عليه طلبا للعلاج.
إعلانوبحسب المدلل فإن الوضع الصادم في قطاع غزة والذي تزامن مع نقص أدوية الأمراض النفسية أدى لانتكاسات خطيرة لدى المرضى، الذين زاد ترددهم على عيادات الطب النفسي.
ويعتقد، المتحدث ذاته، أن عدد المرضى النفسيين في قطاع غزة في ارتفاع نظرا لآثار الحرب الكارثية على الفلسطينيين الذين تعرضوا لصدمات نفسية عنيفة، مرجحا أن الحالات التي باتت تحتاج إلى مبيت في مستشفى خاص بالطب النفسي ارتفعت إلى 900 حالة سنويا، بمعدل 3 حالات يوميا، ومع ذلك لم تعد الخدمات متوفرة كالسابق.
وشدد المدلل على أن الحاجة لدخول المستشفى يأتي نتيجة تهيج المريض بسبب تطور حالته الصحية، والتي تصل لأفكار انتحارية، مما يستدعي خضوعه لعلاج مكثف للسيطرة عليه.
من جهته، قال الدكتور خليل الدقران الذي شغل منصب مدير عام الصحة النفسية بوزارة الصحة إن هناك جهودا حثيثة تبذلها منظمة الصحة العالمية مع مؤسسة العون الطبي للفلسطينيين (MAPUK) لتجهيز قسم مبيت خاص بمرضى الأمراض النفسية في عيادة مسقط بمنطقة قيزان النجار جنوب مدينة خان يونس.
وأوضح، في حديثه للجزيرة نت، أن محاولات أخرى تجري لإنشاء مستشفى ميداني بمدينة غزة خاص للأمراض النفسية، في إطار تقديم خدمة أفضل للمرضى الذين ازدادت أعدادهم بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مستشفى الطب النفسی المرضى النفسیین قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
جامعة الأزهر تستقبل وفدًا من مستشفى روجين شنغهاي لتعزيز التعاون الطبي مع الصين
استقبلت جامعة الأزهر وفدًا رفيع المستوى من مستشفى روجين التابع لكلية الطب بجامعة شنغهاي جياو تونغ—أحد أهم المستشفيات الجامعية في آسيا—برئاسة الأستاذ الدكتور نينج جوانج، مدير المستشفى عضو الأكاديمية الصينية، وأحد أبرز العلماء في تخصص الغدد الصماء والسكري عالميًّا.
وضم الوفد شخصيات علمية مرموقة من الصين، من بينهم اثنان من أعضاء الأكاديمية الصينية (Academicians)، إضافة إلى مسؤول العلاقات الدولية بالأكاديمية الصينية للهندسة، والسيدة لين، مديرة التعاون الدولي بمستشفى روجين، إلى جانب متخصصين في أمراض القلب وجراحة المخ والأعصاب والهندسة الطبية والذكاء الاصطناعي والعلاقات الدولية.
وجاءت الزيارة في إطار مساعٍ مشتركة لتعزيز التعاون الطبي والبحثي والتعليمي بين المؤسستين، وفتح آفاق جديدة للتبادل الأكاديمي وتطوير البرامج التدريبية المتقدمة.
وعقدت جلسات المباحثات بحضور الدكتور سلامة داود، رئيس الجامعة، والدكتور محمود صديق، نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث، والدكتور سيد بكري، نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب، والدكتور ياسر حلمي، مدير مركز التميز الدولي والتطوير المؤسسي، والدكتور حسين أبو الغيط، عميد كلية الطب للبنين، والدكتورة إيمان الشال، عميدة كلية الطب للبنات، والدكتور وائل المهندس، عميد كلية طب الأسنان، والدكتور محمد منصور، مدير التعاون الدولي بمركز التميز، والدكتور محمد فاروق، ممثل منصة التعاون الصيني، والأستاذ أسامة الدقن، مدير عام العلاقات العلمية والثقافية بالجامعة، إلى جانب أعضاء مركز التميز.
وخلال اللقاء رحب الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس الجامعة، بالوفد الصيني في جامعة الأزهر، مشيدا بالتعاون المشترك، وموضحًا أن جامعة الأزهر وصلت إلى تصنيف متميز حيث ظهرت في تصنيف شنغهاي للجامعات ضمن أفضل 100 جامعة على مستوى العالم وكانت في المرتبة (98)، مشيرًا إلى أن الطب يدرس بها منذ مئات السنين، والشيخ الدمنهوري أحد مشايخ الأزهر الشريف بجانب تميزه في العلوم العربية والشرعية تميز كذلك في علوم الطب، حيث ألف في علم التشريح كما ألف في علم طبقات الأرض.
وأضاف أن جامعة الأزهر يتردد على مستشفياتها الجامعية الخمس سنويًّا نحو 5 ملايين مريض، ونحو 15 ألف مريض يوميًّا، وتضم 5800سرير، وأكثر من 500 سرير رعاية مركزة، وتجرى بها سنويا نحو 100 ألف عملية جراحية في مستشفيات الجامعة في القاهرة ودمياط وأسيوط، وتتميز جامعة الأزهر وهي الجامعة الحكومية الوحيدة بوجود جهاز الجامانايف في مستشفى الجامعة بدمياط، ومستشفيات الجامعة مجهزة بأحدث الأجهزة والتقنيات الحديثة.
وشهد الاجتماع مناقشة سبل تعزيز البرامج التدريبية المتبادلة؛ حيث اتفق الجانبان على تدريب أطباء جامعة الأزهر في الصين على أحدث تقنيات جراحات الروبوت داخل مستشفى روجين، الذي يعد من أبرز مراكز الروبوت الجراحي عالميًّا، وكذلك تدريب الأطباء الصينيين في مستشفيات جامعة الأزهر على التعامل مع الحوادث الكبرى والإصابات المتعددة والطوارئ؛ استنادًا إلى الخبرة الطويلة لمستشفيات الأزهر في هذا المجال.
وتناولت المباحثات فرص التعاون في البحث العلمي والتقنيات الطبية الحديثة، بما في ذلك التقديم المشترك لمنح بحثية دولية، وإنشاء مختبرات بحثية مشتركة، وتطوير شبكة للطب عن بُعد بين القاهرة وشنغهاي، وتنفيذ تجارب سريرية متعددة.
وفي ختام الزيارة، وقع الطرفان خطاب حسن نوايا يمهد لتوقيع مذكرة تفاهم شاملة بعد استكمال الإجراءات الرسمية في كلا البلدين، لتصبح إطارًا دائمًا للتعاون في التعليم الطبي والبحث العلمي والتدريب المتقدم.
وأكد الجانبان أن خطاب النوايا غير ملزم قانونيًّا، لكنه يعكس التزامًا صادقًا بتأسيس شراكة استراتيجية طويلة الأمد تسهم في الارتقاء بمنظومة الرعاية الصحية والبحث العلمي في مصر والصين.