الكتابة ما بعد الحرب: عن المواطن والمواطنة
تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT
تطرق كثيرون إلى قضية الهوية في السودان، وأسهبوا في تحليلها، لكن مسألة المواطنة تظل ذات أهمية خاصة، لا سيما في ظل الحرب الأخيرة وما أفرزته من تحديات. من أبرز تلك التحديات ظهور عناصر من أصول غير سودانية ضمن قوات الدعم السريع، وهي ظاهرة بلا شك ستظل مصدرًا للتوتر بعد انتهاء هذا النزاع الذي فرض على المواطن السوداني دون مبرر.
المواطنة في السودان: المفهوم والتحديات
المواطنة، بوصفها مفهومًا قانونيًا واجتماعيًا، تحدد العلاقة بين الفرد والدولة، بما يشمل الحقوق والواجبات. غير أن التطبيق العملي لهذا المفهوم ظل يعاني من إشكاليات عديدة نتيجة للتقلبات السياسية والاجتماعية التي مرت بها البلاد.
تأثير الحرب على المواطنة
عانى السودان من نزاعات طويلة الأمد، تفاقمت مع الحرب الأخيرة، مما أعاد تشكيل مفهوم المواطنة لدى كثيرين. فقد أدى انهيار المؤسسات واشتداد الانقسامات إلى بروز هويات فرعية طغت على الهوية الوطنية الجامعة. في ظل هذه الظروف، شعر العديد من المواطنين بالتهميش أو فقدوا الثقة في الدولة كمصدر للحماية والحقوق، مما زاد من هشاشة مفهوم المواطنة.
التحديات التي تواجه المواطنة في السودان
1. التحديات السياسية والتاريخية: شهد السودان فترات طويلة من عدم الاستقرار السياسي والانقسامات العرقية والدينية، مما أثر سلبًا على فهم المواطنة وتطبيقها، وأحيانًا تم توظيفها كأداة سياسية.
2. التنوع العرقي والديني: رغم أن التعدد الثقافي يمكن أن يكون مصدر قوة، إلا أنه أدى في بعض الأحيان إلى تفاوت في فهم المواطنة وحقوق الأفراد.
3. غياب القوانين الواضحة أو سوء تطبيقها: رغم وجود نصوص قانونية تُعرّف المواطنة والحقوق، فإن ضعف تطبيقها أو استخدامها لأغراض الإقصاء فاقم شعور بعض الفئات بعدم المساواة.
4. النزاعات الداخلية وتأثيراتها الاجتماعية: ساهمت النزاعات المسلحة، مثل تلك التي شهدتها دارفور وجنوب السودان قبل الانفصال، في تعقيد مفهوم المواطنة، ما جعل بعض الفئات تشعر بأنها غير معترف بها من قبل الدولة.
أمثلة واقعية على أزمة المواطنة
يمكن النظر إلى أوضاع النازحين داخليًا، الذين يواجهون صعوبات في إثبات هويتهم القانونية والحصول على حقوقهم الأساسية. كما أن التمييز الذي تعرض له بعض السودانيين بسبب خلفياتهم العرقية أو مناطقهم الجغرافية يعد مثالًا واضحًا على إشكاليات المواطنة في البلاد.
نحو تعزيز المواطنة في السودان
لإعادة بناء مفهوم المواطنة بعد الحرب، لا بد من:
1. تطوير إطار قانوني واضح: يجب أن تضمن القوانين حقوق المواطنة المتساوية دون تمييز، مع آليات واضحة للتطبيق والمساءلة.
2. تعزيز التوعية الوطنية: من خلال التعليم والإعلام، لتعريف المواطنين بحقوقهم وواجباتهم، وتعزيز قيم الانتماء والعدالة.
3. تمكين المجتمع المدني: حيث تلعب منظمات المجتمع المدني دورًا رئيسيًا في نشر ثقافة المواطنة وبناء الثقة بين المواطنين والدولة.
4. تحقيق العدالة والمساواة: عبر سياسات اقتصادية واجتماعية عادلة تضمن مشاركة جميع الفئات في بناء الدولة.
ختامًا
إعادة بناء السودان بعد الحرب لا تقتصر على إعادة الإعمار المادي، بل تشمل أيضًا إعادة بناء العقد الاجتماعي على أسس المواطنة العادلة والشاملة. إن تحقيق هذا الهدف يتطلب إرادة سياسية جادة وجهودًا مجتمعية متضافرة، لضمان أن يشعر كل سوداني بأنه جزء من هذا الوطن، يتمتع بحقوقه كاملة ويلتزم بواجباته على قدم المساواة.
عثمان يوسف خليل
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: مفهوم المواطنة المواطنة فی فی السودان مفهوم ا
إقرأ أيضاً:
رؤية مشتركة لمستقبل الشباب المصري: الأكاديمية الوطنية تستضيف وزير الشباب والرياضة
في سياق تحركاتها المؤسسية لتعزيز التعاون الوطني وفتح مسارات استراتيجية جديدة، استقبلت الأكاديمية الوطنيةللتدريب اليوم، الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، في أول زيارة رسمية له بعد تولي كل من الدكتورةسلافه جويلي منصب المدير التنفيذي للأكاديمية، والدكتور طاهر نصر نائب المدير التنفيذي.
جاءت هذه الزيارة تأكيدًا على ما توليه الدولة من اهتمام استراتيجي بتعزيز التنسيق والتكامل بين المؤسساتالوطنية المعنية بتمكين الشباب، وفي مقدمتها الأكاديمية الوطنية للتدريب ووزارة الشباب والرياضة، باعتبارهماركيزتين أساسيتين في بناء جيل قادر على قيادة المستقبل.
شهد اللقاء جلسة عمل موسعة استعرضت خلالها القيادة التنفيذية للأكاديمية ملامح رؤيتها الاستراتيجية للمرحلةالقادمة، والتي ترتكز على تطوير المحتوى التدريبي وتعزيز الابتكار في تصميم البرامج الموجهة لفئة الشباب، بمايتسق مع أولويات الدولة المصرية في الاستثمار في الإنسان وبناء كوادر وطنية قادرة على القيادة والتغيير.
وأكدت الدكتورة سلافه جويلي، أن هذه الزيارة تُجسد بوضوح حرص الدولة على ترسيخ شراكات استراتيجية بينمؤسساتها الوطنية المعنية بتمكين الشباب، مشيرةً إلى أن الاستثمار الحقيقي في الشباب يبدأ من تبنّي سياساتتدريبية مرنة، تقوم على فهم عميق لاحتياجات الواقع وتحدياته، ومن هنا تنبع أهمية التعاون المؤسسي القائم على التكامل والتخصص، لصياغة برامج نوعية تُحدث أثرًا ملموسًا وتُعدّ جيلًا قادرًا على البناء والقيادة.
بينما، ثمّن الدكتور أشرف صبحي الدور المحوري الذي تقوم به الأكاديمية منذ تأسيسها، مؤكدًا ثقته في أن القيادةالجديدة ستحدث نقلة نوعية في طبيعة الشراكات ومجالات التعاون، لا سيما فيما يخص تأهيل الشباب وتطويرالقيادات الوسطى على أسس علمية وتطبيقية متقدمة.
كما ناقش الجانبان عددًا من البرامج والمبادرات المشتركة التي سيتم أطلقها في المستقبل القريب وتستهدفتوسيع قاعدة المستفيدين من برامج التدريب والتأهيل، مع التركيز على الدمج المؤسسي بين السياسات التدريبيةالوطنية واحتياجات قطاع الشباب والنشء.
وتُعد هذه الزيارة بمثابة إعلان انطلاق لمرحلة جديدة من التنسيق الفعّال بين الأكاديمية والوزارة، تعكس التزامالجانبين بتوحيد الرؤى وتكثيف الجهود في سبيل بناء أجيال مؤهلة تمتلك أدوات المستقبل، وتتمتع بدرجة عاليةمن الوعي والانتماء والجاهزية للمساهمة في مسيرة التنمية الوطنية.
وتأسست الأكاديمية الوطنية للتدريب بموجب قرار جمهوري أصدره السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في أغسطس2017؛ لتكون قبلة التطوير والتعلّم في مصر، ومنارة التنمية وقاطرة بناء الإنسان ونهضته بالعلم والمعرفة، علىالمستويات المحلية والإقليمية والدولية.