شدّد الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع الثلاثاء على وحدة سوريا و”احتكار” السلاح بيد الدولة، في افتتاح مؤتمر الحوار الوطني الذي أطلقته السلطات الجديدة في إطار مساعيها لإدارة المرحلة الانتقالية.

 

وأكد الشرع كذلك العمل على تشكيل هيئة لتحقيق العدالة الانتقالية في البلاد.

 

وقال الشرع في كلمة من قصر الشعب أمام المئات من المشاركين في المؤتمر “وحدة السلاح واحتكاره بيد الدولة ليس رفاهية بل هو واجب وفرض”، مشددا على أن “سوريا لا تقبل القسمة فهي كلّ متكامل وقوتها في وحدتها”.

 

وكان حكام سوريا الجدد حثوا كل الفصائل المسلحة ومن بينها قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل الأكراد عمادها، على تسليم أسلحتها ورفضوا فكرة الحكم الذاتي الكردي.

 

وتسيطر الإدارة الكردية على جزء كبير من شمال شرق البلاد الغني بالنفط، حيث تقيم إدارة ذاتية بحكم الأمر الواقع.

 

وتشن فصائل سورية مدعومة من تركيا هجمات على مواقع قوات سوريا الديمقراطية في شمال سوريا منذ تشرين الثاني/ نوفمبر، في غياب أي مؤشرات إلى تراجعها.

 

ويشارك في المؤتمر ممثلون عن المجتمع المدني وعن الطوائف وشخصيات معارضة وفنانون. ولم تتلق الإدارة الذاتية الكردية وذراعها العسكرية قوات سوريا الديمقراطية دعوة للمشاركة في المؤتمر، وفق ما أعلن المنظمون في وقت سابق، باعتبار انه لم تتم دعوة أي كيانات أو تشكيلات عسكرية ما زالت تحتفظ بسلاحها.

 

وانتقدت أحزاب من الإدارة الذاتية الكردية التمثيل “الشكلي” في مؤتمر الحوار الوطني السوري معتبرة أنه لا يمثل “حقيقة المكونات السورية”.

 

وجاء في بيان وقّعه 35 حزبا كرديا أن “مؤتمر الحوار الوطني الحقيقي يجب أن يكون شاملا (…). أما المؤتمرات التي تُعقد بتمثيل شكلي لأفراد لا يعكسون حقيقة المكونات السورية، فلا معنى ولا قيمة لمخرجاته (…) ولن تسهم في إيجاد حلول فعلية للأزمة التي تعاني منها البلاد”.

 

وعلى صعيد العدالة الانتقالية، أكد الشرع “عملنا خلال الشهرين الماضيين على ملاحقة مرتكبي الجرائم بحق السوريين وسنعمل على تشكيل هيئة للعدالة الانتقالية ترد الحقوق للناس وتنصف إن شاء الله وتقدم المجرمين للعدالة”.

 

فور سقوط حكم بشار الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر، خرج الآلاف من السجون، لكن مصير عشرات آلاف آخرين ما زال مجهولا وتبحث عائلاتهم عن أي أثر لهم.

 

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، لقي أكثر من 100 ألف شخص حتفهم في السجون ومراكز الاعتقال السورية منذ بدء النزاع في العام 2011.

 

وأشار الشرع في كلمته إلى أن “السلم الأهلي واجب على أبناء الوطن جميعا وإن الدعوات المشبوهة التي تستدعي حالة الخطر لطوائف ما وتعرض نفسها الحامية والمنقذة دعوات فارغة لا تنطلي على الوعي السوري”.

   

“مشاركة واسعة”

وكانت السلطة الجديدة أعلنت منذ وصولها إلى دمشق عزمها تنظيم مؤتمر الحوار الوطني. وقد حضّها المجتمع الدولي مرارا خلال الأسابيع الماضية على ضرورة أن يتضمن تمثيلا لجميع أطياف السوريين.

 

وشكلت السلطات خلال الشهر الحالي لجنة تحضيرية للمؤتمر من سبعة أعضاء بينهم سيدتان، جالت خلال الأسبوع الماضي في محافظات عدة، والتقت بأكثر من أربعة آلاف شخص من رجال ونساء، وفق ما اعلنت اللجنة الأحد.

 

وبعد لقاء ترحيب وعشاء تعارف الاثنين، بدأت أعمال المؤتمر من نقاشات وورش عمل الثلاثاء. ونشرت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) مقطع فيديو يظهر مئات المشاركين خلال توافدهم إلى قاعة كبرى داخل قصر الشعب تتوسطها منصة.

 

ويتضمّن برنامج العمل الذي نشرته سانا ورش عمل وجلسة ختامية، على أن ينتهي عند الخامسة بعد الظهر بالتوقيت المحلي ببيان ختامي وكلمة نهائية.

 

ونقلت الوكالة عن رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر ماهر علوش قوله الاثنين إن المؤتمر ينعقد “بمشاركة واسعة من جميع أطياف الشعب السوري، لوضع أسس المرحلة المقبلة، عبر نقاشات جادة ومسؤولة”.

 

وتعالج ورش العمل المتخصصة خلال المؤتمر، وفق اللجنة، القضايا التي استخلصتها خلال لقاءاتها في المحافظات، مشيرة الى التوافق على “قضايا العدالة الانتقالية، والبناء الدستوري، والإصلاح المؤسساتي والاقتصادي، ووحدة الأراضي السورية، وقضايا الحريات العامة والشخصية والحريات السياسية كأولويات أساسية”.

 

وستصدر عن المؤتمر توصيات “سيتم البناء عليها من أجل الإعلان الدستوري والهوية الاقتصادية وخطة إصلاح المؤسسات”، وفق اللجنة.

   

“طيف واحد”

واعتذر مدعوون مقيمون خارج سوريا عن الحضور نظرا لاستحالة ترتيب السفر بسبب ضيق المدة الفاصلة بين توجيه الدعوة التي بدأت الأحد، وموعد المؤتمر.

 

وفي منتصف الشهر الحالي، انتقد مجلس سوريا الديمقراطية، المنبثق عن الإدارة الذاتية الكردية، اللجنة التحضيرية التي قال إنها مشكلة من “طيف وتوجّه سياسي واحد، مما يخلّ بمبدأ التمثيل العادل والشامل لكافة مكونات الشعب السوري”.

 

وتعتزم الإدارة الجديدة تشكيل حكومة انتقالية مطلع الشهر المقبل، تعهّد وزير الخارجية أسعد الشيباني أن تكون “ممثلة للشعب السوري قدر الإمكان وتراعي تنوعه”.

 

وغداة إعلانه في 29 كانون الثاني/ يناير رئيسا انتقاليا للبلاد، تعهد الشرع إصدار “إعلان دستوري” للمرحلة الانتقالية بعد تشكيل “لجنة تحضيرية لاختيار مجلس تشريعي مصغّر” وحلّ مجلس الشعب.

 

وقال الشرع إن بلاده ستحتاج من أربع إلى خمس سنوات لتنظيم انتخابات.

 

منذ إطاحة الأسد، شكلت دمشق وجهة لوفود دبلوماسية عربية وغربية، أبدت دعمها للسلطات الجديدة وحثتها على إشراك كل المكونات السورية في إدارة المرحلة الانتقالية.

 

قال وزير الخارجية السوري من جهته في كلمته خلال المؤتمر إن سياسة سوريا الخارجية تقوم على “التوازن والانفتاح”، مضيفا أن دمشق حريصة على “تطوير علاقات متينة مع الدول التي احترمت سيادتنا دون أن نغلق باب الحوار مع أي طرف يرغب في إعادة بناء علاقاته معنا على أساس الاحترام المتبادل”.

 

وشدّد على عدم قبول دمشق “بأي مساس بسيادتنا أو استقرار قرارنا الوطني وسنبقى نعمل وفق سياسة تحفظ مصالح الشعب السوري بعيدا عن أي ضغوط أو إملاءات خارجية”

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

الشرع يحضّ السوريين على الوحدة لبناء دولة قوية

دمشق'أ ف ب": حضّ الرئيس أحمد الشرع اليوم السوريين على توحيد جهودهم من أجل بناء "سوريا قوية" وترسيخ استقرارها، بينما نزل عشرات الآلاف إلى الشوارع في المدن الكبرى بينها دمشق احتفالا بمرور عام على العهد الجديد وانتهاء حكم بشار الاسد.

ففي الثامن من ديسمبر، وصلت فصائل بقيادة الشرع إلى دمشق، بعد هجوم مباغت انطلق من معقلها آنذاك في شمال غرب البلاد، ونجح خلال أيام بالإطاحة بالأسد الذي حكمت عائلته البلاد لأكثر من خمسة عقود.

وبعيد أدائه صلاة الفجر في الجامع الأموي في دمشق، قال الشرع "المرحلة الراهنة تتطلب توحيد جهود أبناء الوطن كافة، لبناء سوريا قوية، وترسيخ استقرارها، وصون سيادتها، وتحقيق مستقبل يليق بتضحيات شعبها".

وشدد الشرع الذي ظهر ببزة عسكرية خضراء اللون ارتدى مثيلها عند وصوله دمشق قبل عام، على أن "صون هذا النصر والبناء عليه يشكل اليوم الواجب الأكبر الملقى على عاتق السوريين جميعا".

وأفاد مراسلون عن تدفّق الآلاف منذ ساعات الصباح الى الساحات الرئيسية في دمشق رافعين الأعلام السورية، وسط انتشار أمني كثيف. وعلا فجرا التكبير من مآذن دمشق القديمة.

وقال جراح العيون إياد برغل (44 سنة) بينما كان يصور بهاتفه شبانا يرفعون العلم السوري قرب المصرف المركزي "ما جرى خلال سنة يشبه المعجزة" معددا رفع العقوبات التي أرهقت سوريا خلال سنوات الحرب والاستقبال الحافل الذي حظي به الشرع من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشهر الماضي.

وسأل "من كان ليتخيل ذلك كله قبل عام؟".

لكنه على غرار سوريين كثر، ينتظر اليوم من السلطات الانتقالية توفير "الكهرباء وخفض الأسعار وزيادة الرواتب، ويبقى الاهم بالنسبة اليه (ترسيخ) السلم الأهلي" الذي عكّرته خلال الأشهر الماضية أعمال عنف على خلفية طائفية وانتهاكات .

وتحيي السلطات الانتقالية ذكرى وصولها الى دمشق بسلسلة احتفالات، بينها عرض عسكري جاب شوارع رئيسية، حضره الشرع مع عدد من وزرائه، وسارت فيه افواج عسكريين مدججين بجعبهم وأسلحتهم. وتقدّم آخرون على متن آليات ودراجات نارية.

وعمّت الاحتفالات والعروض العسكرية مدنا رئيسية أخرى في سوريا، لا سيما حلب (شمال) وحمص وحماة وإدلب، بحسب الإعلام الرسمي.ويوجّه الشرع لاحقا كلمة الى السوريين.

- "انتقال هش" -

ونجح الشرع، في كسر عزلة سوريا الدولية ورفع عقوبات اقتصادية خانقة عنها وشطب اسمه عن قوائم الارهاب الأمريكية وفي مجلس الأمن. ووقعت بلاده مذكرات وعقود استثمار بمليارات الدولارات من أجل ترميم البنى التحتية المتردية بسبب الحرب، وإتاحة عودة الملايين من اللاجئين.

ورغم عودة أكثر من 1,2 مليون لاجئ سوري الى بلدهم، لا يزال نحو 4,5 مليون آخرين في الدول المجاورة، وفق الأمم المتحدة.

وأمل غيث طربين (50 عاما)، وهو عامل في المجال الانساني في دمشق، أن "تصب اهتمامها على المسائل الداخليةوأن تعطي أولوية لموضوع السلم الأهلي".

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان ليل أمس الأحد إن "ما ينتظر سوريا يتجاوز بكثير مجرد انتقال سياسي، فهو فرصة لإعادة بناء المجتمعات المدمرة، ومداواة الانقسامات العميقة، ولبناء وطن يستطيع فيه كل سوري، بصرف النظر عن العرق، أو الدين، أو الجنس، أو الانتماء السياسي- أن يعيش بأمن ومساواة وكرامة".

وشددت منظمة العفو الدولية في بيان اليوم على "الضرورة الملحة" لأن تلتزم السلطات "تحقيق العدالة والحقيقة.. مع ضمان حقوق الإنسان للجميع".

واعتبرت أن "ردّ الحكومة الجديدة على الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت منذ توليها السلطة، بما في ذلك عمليات القتل الطائفية في مناطق الساحل وجنوب سوريا، سيعتبر اختبارا حقيقيا لالتزامها بملاحقة العدالة والمساءلة".

وعمّقت أعمال عنف تورطت فيها قوات الجيش والأمن الجديدة، وأودت بحياة أكثر من 1700 في الساحل في مارس، وأكثر من ألفي شخص بينهم 789 مدنيا في محافظة السويداء في يوليو، الانقسامات والمخاوف في المجتمع السوري، الذي أنهكته سنوات الحرب الطويلة موقعة أكثر من نصف مليون قتيل.

واعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش من جهتها اليوم أن السلطات اتخذت "خطوات إيجابية باتجاه العدالة والشفافية والحقوق، لكنها أخفقت في منع استمرار العنف والانتهاكات".

- "حوار جامع" -

وتُعدّ العدالة الانتقالية أحد أثقل ملفات مرحلة ما بعد الأسد، مع بقاء مصير عشرات آلاف المفقودين مجهولا. وتتصاعد انتقادات لإدارة الشرع بسبب التفلت الأمني وتنامي نفوذ فصائل مسلحة منضوية تحت سلطته، إلى جانب اتهامات بتهميش مكوّنات عرقية ودينية.

ورغم اتخاذه خطوات عدة لترسيخ حكمه، يواجه الشرع تحديا رئيسيا في الحفاظ على وحدة سوريا، مع ارتفاع أصوات في الجنوب وأخرى في الساحل الذي شهد مؤخرا تظاهرات غير مسبوقة احتجاجا على الوضع الأمني والمعيشي.

وتشكّل إسرائيل التي ترغب بدورها بتكريس منطقة خالية من السلاح تصل تخوم دمشق، وتتوغل قواتها بشكل يومي في عمق سوريا، تحدّيا آخر لسلطة الشرع.

وخاض الطرفان السوري والإسرائيلي جولات تفاوض مباشر على مستوى وزاري، لكن ذلك لم يوقف هجمات اسرائيل.

مقالات مشابهة

  • الشرع يتعهد بحقبة جديدة في سوريا قوامها العدل بعد عام من الإطاحة بالأسد
  • روبيو يشيد بالخطوات التي اتخذتها حكومة الشرع في سوريا
  • سوريا الانتقالية.. مكاسب دبلوماسية في الخارج وتحديات كبيرة في الداخل
  • الشرع: وضعنا رؤية لسوريا قوية وملتزمون بالعدالة الانتقالية
  • الرئيس السوري: علاقاتنا مع تركيا والسعودية وقطر والإمارات مثالية
  • الشرع يحضّ السوريين على الوحدة لبناء دولة قوية
  • الرئيس التركي يهنئ الشعب السوري بالذكرى الأولى لثورة الثامن من ديسمبر
  • نتنياهو يؤكد: إسرائيل تعتزم البقاء في منطقة عازلة جنوب سوريا
  • ‏الرئيس السوري أحمد الشرع: علاقة سوريا مع دولة الإمارات والسعودية وقطر وتركيا "مثالية"
  • أحمد الشرع: إسرائيل شنت على سوريا أكثر من 1000 غارة.. وهذا ما قاله عن المنطقة العازلة