من ماجدولين* إلى المنفلوطي / د. مي بكليزي
تاريخ النشر: 27th, February 2025 GMT
من #ماجدولين* إلى #المنفلوطي
د. #مي_بكليزي
ما غرك بنا لتكتب عنا رحلة شقائنا؟
وهل نال منك الفضول لتحرك مشاعرنا الميتة حسرة والما على ما فاتنا من تحقيق الأحلام ونيل المرام؟
هو السراب إذا يعترضنا في كل مرة
نحاول فيها لملمة الأوجاع وسحقها تحت أقدامنا؛ لنبني منها جسرا أو سلما تغذوه محاولاتنا للنجاح.
أنت تعلم قوة الحب ووهج القلب عندما يعشق بصدق، يُعمي العيون عن الالتفات لغير المحبوب، لا يبصر حينها إلا لقلب المحب، ولا يسمع إلا لدقات قلبه الدالة عليه؟
هل ستكتب للأجيال عنا خيانتنا للصحبة والحبيب والعهود والمواثيق؟
وهل ستتجنب اتهامنا بالكفر والمعصية لأننا حكمنا على أنفسنا بالموت؟
أم ستشهر سيفك الحاد في عقول أبناء جلدتكم لإنكار هذا المصير الذي اختطه بؤسنا الناشز عن الواقع؟ والصراط القويم لا تأنس النفس إلا بمن يقاسمها عمق روحها، وبهاء جلوّها بلقاء من تحب فالأرواح قناديل معلقة في سماء النفوس، تستطيب وتلتفت لمن يُستطاب ويُلتفت لها.
باذلة في ذلك وسع الحاجة لتحقيق ذاتها وإمتاع نفسها بلقاء من تحب وتهوى
إيييه يا منفلوطي!
لقد نكأت جرحا غائرا أنى له الاندمال!
وسطوت على مشاعرَ كانت لو كتب لها الزهو لأمتعت وأينعت وأنبتت قصصا من الوفاء والإيثار والسعادة.
ليتك جئت تجمع معنا غلال الفرح وحصاد الوفاء! ليتك غنمت معنا مغانمنا؛ لقاسمناك إياها في أوّل بيدر للحصاد وأوّل ترنيمة للحب تسجّى في محاريب الرباط الوثيق.
إلا أنك جئت لتشهد جنائز لأناس قتلوا أنفسهم رغم كل تلك الآمال التي نسجوها لتتحقق في نهاية الطريق؛ الطريق الذي أرجسه من سمّوا أنفسهم أصدقاء وظلوا واقفين على قارعة الطريق يعرقلون صفاء النفس وغفوة الغثيان من الحب، فامتشقوا سيوف غدرهم وزرعوها في قلوب طاهرة كادت أن تحلق في معبد النقاء والصفاء لولا لوثة المال التي جُن بها سطحيو النظرة وقشريو الحقيقة لم يغزلوا على منوال الروح فلا منوال لهم ولم يعزفوا قيثارة خلود القلوب فلا قيثارة لديهم إلا قيثارة الشيطان يغني أهزوجة الفراق المميت
لعل حال لسانك يقول:
جئتَ متأخرا أيها الفرح
جئت بعد فوات الأوان
فخاتم شَعرِك يا استيفن استبدله صديقك الذي بذلت له دماءك خاتما حقيقيا في يد ماجدولين.
ماجدولين الشقية البائسة التي لم تدرك قيمة الحب إلا بعد فوات الفوت وانتقام الحقيقة من الزيف الماثل في عبادة المال!
من استيفن إلى المنفلوطي
هل ترى من المنصف لنا تقاسم دور البطولة أنا وماجدولين؟!
هل يستوي اللذين يخونون واللذين لا يخونون؟
تلك مأساة حقيقية؛ أن يسود الخائن على من كان صنوه في يوم من الأيام وكان له مرتعا للراحة والصفو والسلام.
هل تدرك معنى أن يخون الصديق صديقه؟
هل تعلم معنى أن تخون الحبيبة من كان يعليها على رأس القوم؟؟
ويبسط لها من راحة يديه دنيا تسعدها وتهنأ بها على حساب راحته وانبساطه
ياااه…
هل ذقت مرارة الفقد؟
واضطرام نيران الهجر في القلب كاشتعال النار في الهشيم.
لا تبقي ولا تذر سعادة ولا طاقة للحياة فيه.
أظنك تكاد ترى دموعي تنسكب عبر كلماتي
وأظنك تكاد تسمع حشرجة صوتي وأنا أتكلم الآن.
هل تدرك معنى انمحاق الضوء في العين؟ وذر التراب مكانه أفقا للنظر؟
لقد مللت من اعتلاء منبر المثل والأخلاق، الذي يقاسمني في صعودي نحوه الشيطان هاتفا بالمال تارة ومقسما به تارة أخرى.
ولكن قل لي بصدق، هل يسود المال فعلا علينا؟
نحن المتمسكون بالفضيلة!
أم إنها جولة تردفها جولات للحق والخير حتما سيكون منتصرا فيها وعليها؟
رأيتها وهي تبكي وتتوسل رجوعي لها
لا أخفيك لقد كانت كل ذرة في كياني تطلبها وترجوها وتناديها أن هيت لكِ
أن تعاليْ نعيد ماضيا فائتا ونحقق وعدا منجزا.
كل ما فيّ مقبل عليها هائمُ بها يناديها ويهلل لها.. لكن!
وعند لحظة الحقيقة
لحظة الربح والخسارة لاستيفن
اخترته…
نعم اخترت استيفن!
على من تركته!
وخانته!
وأهملته!
اخترت صوتي ليعلوَ على صوتها
وقلبي ليخفقَ مكان قلبها
لا صوت اليوم أعلى من صوت الجرح في داخلي
والخيبة في أعماقي.
لا نصير لاستيفن اليوم
إلا استيفن نفسه
ولا معين لقبضته المعتصرة قلبه على من يحب
لألا ينفد إلى روحه!
إلا قبضة استيفن نفسها
لكني أدركت بعد زهدي بها
وقرارها المهين إنهاء حياتها
أنها ما تزال هناك
قابعةً في ثنايا الروح أنّا لها الزوال
أدركت أنها عالقة في حشاشة القلب
هناك حيث اسمها ينطق عند كل نبضة.
وعند كل غفوة للعين وانفراجتها
هناك حيث تكمن الحقيقة
لا غش ولا مواراة لحقيقة الشعور.
*ماجدولين هي رواية من الأدب الرومانسي للكاتب ألفونس كار عرَّبها الأديب مصطفى لطفي المنفلوطي. وهي قصة تقرأ من صفحات الحياة المؤثرة نسجها ألفونس كار فأبدع تعريبها مصطفى المنفلوطي ليطلع القارئ العربي على هذا العمل الذي يجمع بين سمتي الأدب العالمي والأدب الغربي، والأدب العربي بعباراته ومعانيه المعبرة وذلك من خلال أسلوب المنفلوطي.
مقالات ذات صلةالمصدر: سواليف
كلمات دلالية: ماجدولين المنفلوطي على من
إقرأ أيضاً:
ما السلاح الذي قصفت به أميركا منشآت إيران النووية؟
جاء ذلك بعد تصريحات وردت في اليومين الماضيين عن أن ترامب سيتخذ قراره بشأن المنشآت النووية في غضون الأسبوعين القادمين. وتماما كما جرت الضربة الأولى التي شنتها طائرات جيش الكيان بصورة مباغته في قلب إيران، كذلك فعلت أميركا.
تتالت الأنباء لاحقا بأن الجيش الأميركي قام باستخدام القاذفة الأميركية "بي-2 سبيريت" (B-2 Spirit) التي تمتلك مواصفات تقنية تجعلها الوحيدة تقريبًا القادرة على تنفيذ مثل هذه المهمة المعقدة، فما هي هذه القاذفة؟
بي2- سبيريت
لفهم عمق الأمر، سنتعرف بداية إلى الطبيعة الخاصة جدا لهذه النوعية من الطائرات المسماة بي-2 سبيريت والتي كثر الحديث عنها مؤخرًا ورُبطت بمنشأة فوردو تحديدا.
فالقاذفات نوع من الطائرات المصممة خصيصًا لمهاجمة الأهداف البرية والبحرية بإسقاط القنابل أو إطلاق الصواريخ، وتتخصص بشكل أساسي في مهام القصف الإستراتيجي (ضمن مهام أخرى)، أي استهداف البنية التحتية، أو المراكز الصناعية، أو خطوط الإمداد، أو الأصول الأخرى ذات القيمة العالية بهدف إضعاف قوة الخصم وتقويض قدراته الأساسية.
وبشكل خاص، تمتاز "بي-2" بقدرتها على حمل أسلحة ضخمة مثل القنابل الخارقة للتحصينات (جي بي يو-57) والأسلحة النووية، وذلك ما يجعلها عنصرًا أساسيا في عمليات الردع الإستراتيجي. هذه العمليات تتطلب مهام طويلة المدى بعيدًا عن قواعد الانطلاق وبتخفٍّ تام عن رادارات الخصم.
ويفهم مما سبق أن هذه النوعية من العمليات غالبًا ما تنطوي على مهام بعيدة المدى في عمق أراضي الخصم المستهدف، ولتحقيق هذا الغرض يجب أن تكون هذه القاذفات قادرة على السفر لمسافات طويلة من دون رصدها تحت أي ظرف.
ورغم أن قاذفة إستراتيجية أخرى هي "بي ـ 52" قادرة على حمل مثل هذه القنابل الضخمة، فإنها ليست مؤهلة للقيام بالعمليات التشغيلية من هذا النوع، إذ إنها لا تتمكن من فرض التفوق الجوي والمناورة والتخفي من الرادارات، ولذلك فهي بحاجة لوجود طائرات أخرى للحماية.
في الحرب الباردة كانت القاذفات، مثل "بي-52″ الأميركية، جزءا رئيسيا من إستراتيجيات الردع النووي، إلا أن الولايات المتحدة احتاجت إلى قاذفة قادرة على اختراق الدفاعات الجوية السوفياتية من دون أن يتم كشفها بسبب التقدم الكبير في تقنيات الرادار، مما جعل القاذفات التقليدية أكثر عرضة للخطر.
بحلول منتصف السبعينيات، ابتكر مصممو الطائرات العسكرية طريقة جديدة لتجنب الصواريخ الاعتراضية، والمعروفة اليوم باسم "التخفي".
وفي عام 1974، طلبت وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة "داربا" معلومات من شركات الطيران الأميركية عن أكبر مقطع عرضي لطائرة تكون غير مرئية فعليا للرادارات.
وإثر ذلك، وفي عام 1979، أطلقت القوات الجوية الأميركية برنامجا لقاذفة متطورة تكنولوجيا يتركز على قدرات التخفي، وفي عام 1981 فازت شركتا نورثروب وبوينغ بعقد تطوير القاذفة الشبحية الجديدة بموجب "مشروع سي جي سينيور"، وبحلول عام 1988 كشف النقاب رسميا عن القاذفة "بي-2 سبيريت" للجمهور.
في الأصل، خططت الولايات المتحدة للحصول على 132 قاذفة من طراز "بي 2″، ولكن بسبب التكاليف المرتفعة تم تخفيض العدد إلى 21 طائرة فقط، حيث قُدِّرت التكلفة الإجمالية لكل طائرة -بما يشمل الصيانة والتطوير- بنحو 2.1 مليار دولار، مما يجعلها واحدة من أغلى الطائرات العسكرية التي بنيت على الإطلاق.
وفي 17 يوليو/تموز 1989 قامت قاذفة "بي-2 سبيريت" بأول رحلة لها من مصنع القوات الجوية 42 في كاليفورنيا، ومنذ ذلك الحين بات ينظر إلى القاذفة الشبحية الأميركية على أنها القاذفة الإستراتيجية الأكثر تقدمًا في العالم، بسبب قدرتها الفائقة على التخفي.
وتعزى هذه القدرة بالأساس إلى تصميم جناح الطائرة القادر على الإفلات من الرصد الراداري، فضلا عن كونها مطلية بمواد تمتص أشعة الرادار، وتمتلك قدرات على قمع الأشعة تحت الحمراء (بصمتُها الحرارية منخفضة)، كما تعمل أنظمة التشويش المتقدمة الخاصة بها على تعطيل رادار الخصم وأنظمة اتصالاته.
ووفقًا لسلاح الجو الأميركي، يوجد 19 قاذفة بي-2 عاملة، يمكنها أن تحلق بسرعات دون سرعة الصوت، لكنها قادرة على التزود بالوقود جوًا، وذلك ما يسمح لها بالطيران لمسافات طويلة للغاية.
وخلال حرب كوسوفو في أواخر التسعينيات، حلّقت طائرات بي-2 ذهابًا وإيابًا من قاعدتها في قاعدة وايتمان الجوية بولاية ميسوري لضرب أهداف، وفي عام 2017 حلّقت طائرتان من طراز بي-2 لمدة 34 ساعة للوصول إلى ليبيا، ويجري ذلك أيضا على عمليات في العراق (2003)، وأفغانستان (2001-2021)، وسوريا (2017)، وصولا إلى العمليات الأميركية الأخيرة في اليمن.
وهي الطائرة التي يعود الاهتمام بها اليوم بعد استهداف منشآت إيران النووية المحصنة.
تحصينات منشأة فوردو
إذا ما تحدثنا عن استهداف منشأة "فوردو" النووية الإيرانية، والتي تعد واحدة من أكثر المنشآت تحصينًا في العالم، فهي قد صُمّمت خصيصًا لتكون قادرة على الصمود أمام الضربات الجوية وحتى بعض الهجمات النووية التكتيكية، أي تلك التي تستخدم أسلحة نووية صغيرة ذات أثر محدود.
تقع "فوردو" على بُعد نحو 95 كيلومترا جنوب غرب العاصمة طهران، وقد شُيّدت داخل مجمع أنفاق تحت جبل يبعد حوالي 32 كيلومترا شمال شرق مدينة قُم، ويقدر أن عمق المنشأة عن سطح الأرض يصل إلى 80 أو 90 مترًا، بهدف واحد وهو حماية المنشأة من القنابل الخارقة للتحصينات.
المنشأة محاطة بطبقات من الصخور الجبلية الطبيعية والخرسانة المسلحة العالية الكثافة، مع جدران فولاذية أو دروع معدنية داخلية، وتصميم داخلي يمثل "متاهة"، ليعقّد الاختراق، ويحد من تأثير الانفجارات.
كذلك فإن هناك دفاعات جوية متعددة تحيط بالمنشأة، منها بطاريات صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى وأنظمة تشويش إلكتروني لمنع استهداف دقيق، مع كاميرات حرارية، وأجهزة استشعار، وحراسة دائمة.
وتتألف المنشأة، بحسب بيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من قاعتين مخصصتين لتخصيب اليورانيوم، وقد صممت لاستيعاب 16 سلسلة من أجهزة الطرد المركزي الغازي من طراز "آي آر-1" (IR-1)، موزعة بالتساوي بين وحدتين، بإجمالي يبلغ نحو 3 آلاف جهاز طرد مركزي.
قنبلة واحدة فقط
وحسب المعلومات المتاحة، لا توجد سوى قنبلة واحدة يحتمل أن تصل إلى هذا العمق قد تستخدمها إسرائيل لضرب منشآت مثل فوردو ونطنز النوويتين، وهي القنبلة الأميركية "جي بي يو-57 إيه بي".
وتُعرف هذه القنبلة أيضا باسم القنبلة الخارقة للدروع الضخمة (إم أو بي)، وهي قنبلة تقليدية موجهة بدقة لتدمير الأهداف المدفونة والمحصنة على عمق كبير، مثل المنشآت والمخابئ تحت الأرض، وهي تزن نحو 13-14 طنا، ويبلغ طولها 6 أمتار.
وفق التقديرات العسكرية، فإن هذه القنبلة قادرة على اختراق ما يصل إلى 61 مترا من الخرسانة المسلحة أو ما يصل إلى 12 مترا من الصخور الصلبة، ولا يمكن حملها بواسطة الطائرات المقاتلة الأميركية العادية، بل تحتاج لقاذفة الشبح الأميركية "بي 2 سبيريت" التي تشغَّل بواسطة القوات الجوية الأميركية.
ويتطلب الأمر، لتنفيذ مهمة كهذه، أن يحلّق عدد من طائرات بي-سبيريت، لتبدأ أولا حرب إلكترونية متخصصة، مهمتها تشويش أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية على نطاق واسع، وعزل المنطقة المستهدفة عن أي اتصالات خارجية.
ومع الوصول إلى منطقة الهدف فوق جبل فوردو، تبدأ أنظمة الاستهداف العالية الدقة على متن الطائرات بتحديد الموقع الدقيق للمنشأة تحت الأرض، ثم تطلق القنابل، لكن الأمر أعقد من مجرد الحاجة لقنبلة واحدة، إذ يتطلب ضربات متتالية على النقطة نفسها، ربما تبدأ بقنابل أخرى غير جي بي يو-57 إيه بي، لإحداث صدمة أولية أو لإزالة الطبقات السطحية من الصخور التي قد تعيق الاختراق الأعمق، أو حتى لاختبار استجابة الدفاعات المتبقية التي لم يتم تشويشها بالكامل، ثم تطلق القنابل الرئيسية بعد ذلك.
عند الاصطدام، تخترق كل قنبلة طبقات صلبة من الصخور والخرسانة المسلحة، معتمدة على طاقتها الحركية الهائلة. وقد يتم إطلاق قنابل متتالية على النقطة نفسها لتعميق الاختراق، أو على نقاط مختلفة لتوسيع دائرة التدمير. وبعد اختراق عشرات الأمتار في عمق الأرض، تنفجر الشحنة المتفجرة داخل القنبلة بقوة هائلة، مُحدثة موجة صدمية تدمر البنية الداخلية للمنشأة.
وفي هذه الحالة، فالهدف الإسرائيلي ليس تدمير المنشأة في العمق (لأن إمكانية تحقيق ذلك غير مؤكدة)، بل شلّ أنظمة الدعم الحيوية المحيطة الخاصة بها.
عائق أعمق
يفسر ما سبق إلحاح إسرائيل على التدخل الأميركي المباشر في هذه المواجهة، وحاجتها الشديدة للقاذفة الأميركية وقنبلتها الضخمة.
وبحسب صحيفة واشنطن بوست، فإن "المنشآت النووية الإيرانية لم تتعرض لأضرار لا يمكن إصلاحها في الموجتين الأوليين من الهجمات الإسرائيلية"، وبنت الصحيفة ذلك الاستنتاج على التصريحات الصادرة عن البلدين فضلًا عن مقاطع الفيديو والصور للمواقع المتضررة.
وتوضح الصحيفة أنه يبدو أن إسرائيل شنت هجومًا قرب فوردو، لكنها لم تُصب المنشأة تحت الأرض نفسها. وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية وخبراء في مجال حظر الانتشار النووي فإن الضربات على نطنز، موقع التخصيب الرئيسي الآخر في إيران، قد دمرت منشآت عدة وألحقت أضرارًا بالنظام الكهربائي.
وأوضح المحللون الذين اطلعوا على صور الأقمار الصناعية أن معدات التخصيب تحت الأرض في نطنز لم تتضرر على الرغم من وجود آثار مباشرة على قاعات التخصيب تحت الأرض.
ورغم أن إسرائيل استطاعت عبر العقود الماضية تنفيذ ما يُعرف "بعقيدة بيغن" التي تقوم على توجيه ضربات استباقية لمنع خصومها في المنطقة من امتلاك قدرات نووية، كما حدث عند تدمير مفاعل تموز العراقي عام 1981، ومنشأة الكبر السورية عام 2007، فإن الملف الإيراني يطرح تحديات من نوع مختلف تمامًا.
فالمنشآت المستهدفة من قبل كانت منفردة وظاهرة ولا تزال في مراحل مبكرة من التشييد، مما جعل ضربها ممكنًا وفعالًا.
لذلك يمثل استهداف منشأة فوردو تحديًا مختلفًا عما واجهته إسرائيل سابقًا. فالبرنامج النووي الإيراني موزع على مواقع متعددة ومحمي جيدًا تحت الأرض، كما أنه مدعوم بخبرات تقنية وعلمية راسخة، وذلك ما يجعل القضاء عليه بالكامل من خلال ضربات جوية أمرًا معقدًا للغاية.
في النهاية، يظل الملف النووي الإيراني أكثر تعقيدًا من مجرد استهداف منشآت مادية، إذ يتعلق الأمر بمنع دولة لديها المعرفة العلمية والإرادة السياسية من استئناف نشاطاتها، وذلك ما يجعل التعامل الناجح معه بعيدًا كل البعد عن مجرد حل عسكري سريع.
وعلى إثر الهجوم الأميركي، يبدو أن حسابات المواجهة ستتغير، فالرئيس الأميركي يقول إنه حان وقت السلام، بينما تنتظر إيران حساب الأضرار، والإعلان عن موقفها الرسمي الذي ربما يشعل المنطقة برمتها أو يوصل المواجهة العسكرية إلى نهايتها كما تريد أميركا وإسرائيل.
وكالات