رغم إعلانه حل نفسه.. لماذا تستهدف واشنطن تنظيم حراس الدين بسوريا؟
تاريخ النشر: 27th, February 2025 GMT
كثّف التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضرباته الجوية في سوريا مستهدفا قادة في تنظيم "حراس الدين" بعد أيام من إعلان التنظيم حلّ نفسه، مما يثير تساؤلات عن هدف واشنطن من هذه العمليات، وطبيعة التنسيق المفترض مع الإدارة السورية الجديدة في هذا الصدد.
كان آخر هذه الهجمات يوم الثلاثاء 25 فبراير/شباط الجاري، حيث استهدفت طائرة تابعة للتحالف الدولي قياديا في التنظيم يدعى أبو أحمد الشامي في مدينة جرابلس شرقي حلب، بحسب منظمات حقوقية أكدت أيضا استهداف التحالف قياديا آخر في التنظيم يدعى جعفر التركي شمالي إدلب.
وبذلك يبلغ عدد الاستهدافات لقياديي حراس الدين 4 مرات خلال هذا الشهر، بدأت بتبني التحالف الدولي اغتيال مسؤول الشؤون المالية واللوجيستية للتنظيم يوم 16 فبراير/شباط الجاري، لتعلن بعدها القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) اغتيال القيادي الكبير في التنظيم وسيم تحسين بيرقدار بضربة جوية استهدفت مكان وجوده في مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي.
ورغم أن هذه الاستهدافات لتنظيم حراس الدين لا تعد جديدة على التحالف الدولي، فإن السؤال هو عن سبب ارتفاع وتيرتها وتوقيتها بعد إعلان التنظيم حلّ نفسه، وهل ما زال يشكل خطرا على مصالح الولايات المتحدة وحلفائها، أم إن هناك رسائل أخرى تريد واشنطن إيصالها؟
تشكّل تنظيم حراس الدين بصفته فرعا لتنظيم القاعدة في سوريا، وأعلن عن تأسيسه رسميا يوم 27 فبراير/شباط 2018، ووصف نفسه على صفحاته الرسمية وقتها بأنه "تنظيم إسلامي من رحم الثورة السورية المباركة يسعى لنصرة المظلومين وبسط العدل بين المسلمين، والإسلام هو مصدر التشريع".
إعلانوتبنى التنظيم أيديولوجية القاعدة السلفية الجهادية، التي تدعو لمهاجمة الغرب وإسرائيل بهدف طرد النفوذ الأجنبي من الأراضي الإسلامية، على حد وصفه.
ولد تنظيم حراس الدين من رحم جبهة النصرة عقب قرارها فك ارتباطها بتنظيم القاعدة عام 2016، حين رفضت مجموعة من القيادات والعناصر هذا الانفصال، متمسكة بولائها للقاعدة، وبعد إعلان تأسيسه توالت الانضمامات إلى صفوف التنظيم على مدى الأشهر القليلة.
وأعلنت 16 مجموعة وفصيلا انضمامها إلى التنظيم الجديد، معظمها مجموعات وكتائب وسرايا منشقة عن هيئة تحرير الشام، من أبرزها جيش البادية وجيش الساحل وسرية كابل وسرايا الساحل وجيش الملاحم وجند الشريعة، ليتحول بذلك الفصيل إلى تنظيم لا يُستهان به في محافظة إدلب والمناطق المحيطة بحماة وحلب واللاذقية.
وصنفت الولايات المتحدة التنظيم "كيانا إرهابيا عالميا" في سبتمبر/أيلول 2019، في حين أدرجه الاتحاد الأوروبي في قائمته للمنظمات الإرهابية في مايو/أيار 2022.
ومنذ بداية التصنيف، تعرض التنظيم لضربات قوية أفقدته معظم قدراته العسكرية وقياداته البارزة، كما قضت سلسلة غارات جوية أميركية على أهم عناصره، وأفقدته موجات من المواجهات مع هيئة تحرير الشام نفوذه في تلك المناطق التي لم يسيطر فيها على بقعة جغرافية محددة، وإنما كان يتنقل وينفذ عملياته على شكل مجموعات صغيرة.
وفي 28 يناير/كانون الثاني 2024، أعلنت قيادة حراس الدين حلّ التنظيم، موضحة أن المهمة انتهت في سوريا بعد "تحرير أرض الشام من الطاغية وانكسار جيشه وفراره".
وقالت قيادة التنظيم، في بيان رسمي نشرته على تليغرام، "نظرا للتطورات على الساحة الشامية وبقرار أميري من القيادة العامة لتنظيم قاعدة الجهاد، نعلن لأمتنا المسلمة ولأهل السنة في الشام حلّ تنظيم حراس الدين".
منذ بداية العام الحالي تعرض التنظيم لست ضربات جوية من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، استهدفت كبار قياداته العسكرية والمالية، ويرى محللون أن هذا التصعيد قد يرتبط برغبة أميركية في تصفية بنك أهدافها قبل الشروع في مرحلة جديدة من العلاقات مع السلطات السورية الجديدة، في حين يراه مختصون في الحركات الإسلامية أنه يعود إلى وجود مخاوف أميركية من نشاط هذا النوع من التنظيمات الأيديولوجية العابرة للحدود، على الرغم من إعلانه حل نفسه.
إعلانوتعليقا على هذه المخاوف، يرى الباحث في الشؤون العسكرية وجماعات ما دون الدولة عمار فرهود أن الاستهدافات الأميركية المتواصلة لشخصيات من "حراس الدين" رغم إعلان التنظيم حلّ نفسه، وغياب نشاطه العلني على مدى سنوات سبقت هذا الحل، مرتبط باحتمال أن تشكل هذه الشخصيات خطرًا مستقبليا حسب وجهة النظر الأميركية.
وعن هذه المخاطر، يشير فرهود، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن الولايات المتحدة تدرك أن الهوامش التي توفرت في سوريا لتنظيم حراس الدين وغيرها من الجماعات المصنفة على قوائم الإرهاب بعد سقوط نظام الأسد على مستوى حرية الحركة وتأمين السلاح وأوراق السفر، أصبحت كبيرة.
ويضيف فرهود أن هذا الواقع يرفع حالة التأهب لدى الولايات المتحدة، مما يدفع لاستهداف شخصيات كانت فاعلة ثم خرجت من التنظيم، ومن الممكن أن تساعد حراس الدين في بعض نشاطاته من خلال هذه الهوامش ولذلك تم استهدافها، وإلا فلماذا استهدفت هذه الشخصيات اليوم ولم تُستهدف بهذا الحجم عندما كانت فاعلة؟ يتساءل الباحث.
وتؤكد القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) بشكل دائم في تقييماتها أن حراس الدين يمثل امتدادا لتنظيم القاعدة في سوريا، ويشاركه رؤيته في استهداف المصالح الأميركية والغربية على المستوى العالمي.
إجراء شكلييبدو واضحا من خلال تكرار الاستهداف الأميركي لقيادات التنظيم في الآونة الأخيرة أن الولايات المتحدة تتعامل معه على أنه تنظيم نشط ولن يحلّ نفسه عمليا، وما يدعم هذا الاحتمال هو عدم وجود تقارير تشير إلى تفكيك التنظيم معسكراته، وتسليم أسلحته إلى الإدارة السورية الجديدة، مما يعني -بحسب باحثين في الجماعات الجهادية- أن قرار الحل كان إجراءً وقائيا لتخفيف الضغط العسكري والاستخباراتي عليه، وليس إنهاء حقيقيا لوجوده.
وفي هذا السياق، حمل البيان الذي تضمن إعلان التنظيم حل نفسه، إشارات إلى إمكانية إعادة تنظيم صفوفه إذا ما دعت الظروف لذلك، إذ أكد البيان أن "أتباع التنظيم يعدون الأمة بأنهم سيبقون من جنودها المستجيبين لأي نداء نصرة واستغاثة في أي بقعة من ديار المسلمين".
إعلانمن ناحيته، يوضح الباحث في الجماعات الجهادية حسن أبو هنية أن إعلان حراس الدين حل نفسه لا يفهم منه مطلقا التخلي عن أيديولوجيته المعروفة، لا سيما أيديولوجيته الجهادية في مواجهة أميركا وإسرائيل، وبالتالي فإن هذا البيان شكلي لنزع أي مبررات لاستهدافه سواء من الإدارة الجديدة أو التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
ويوضح أبو هنية، في حديثه للجزيرة نت، أنه على الرغم من حالة الضعف والتراجع التي عانى منها التنظيم بشكل كبير في السنوات الأخيرة، فإنه بقي موجودا لأنه منذ تأسيس تنظيم القاعدة في خراسان يعتبر أن فلسطين قضية مركزية، وأن المدخل لفلسطين هو بلاد الشام "درة تاج القاعدة"، والتي تخلق ملاذات آمنة للقاعدة في محيط فلسطين، كما يركز على أن الشام أيضًا أرض الملاحم آخر الزمان للمواجهة الحتمية ضد إسرائيل.
وبناءً عليه، فإن تنظيم القاعدة لن يتخلى عن محاولة إعادة تنظيم صفوف "حراس الدين"، مستغلاً حالة الفوضى في سوريا بعد سقوط النظام، وهذا ما يخيف الولايات المتحدة، ويدفعها لاستمرار استهداف قياداته وتقويض تحركاته، بحسب الباحث أبو هنية.
وكان التنظيم قد أقر رسميا وللمرة الأولى في بيان حل نفسه ارتباطه بالقاعدة، مؤكدا على رمزية بلاد الشام بقوله "ننصح أهل السنة في الشام بعدم ترك السلاح وتجهيز أنفسهم للمراحل القادمة التي أخبرنا بها نبينا محمد، فأرض الشام أرض الملاحم الكبرى، ومقبرة للطغاة والمستعمرين، وفسطاط للمسلمين في قتالهم لليهود ومن يلونهم من أعداء الدين".
تنظيم "حراس الدين" – فرع القاعدة في سوريا يعلن حلّ نفسه pic.twitter.com/qxWTWLCU0p
— مُضَر | Modar (@ivarmm) January 28, 2025
رسائل للداخل الأميركيإضافة للأهداف الأمنية والعسكرية التي تعلن عنها الولايات المتحدة من خلال استهداف تنظيم حراس الدين أو غيره من التنظيمات المصنفة على قوائم الإرهاب الأميركية في سوريا، تحمل هذه العمليات أيضا رسائل تهدئة إلى الداخل الأميركي، وذلك بعد حالة الجدل التي أثارها الانسحاب الأميركي من أفغانستان عام 2021، حيث اتهمت اتجاهات عديدة الإدارة الأميركية بـ"التهور" في عملية الانسحاب.
وكان العديد من المسؤولين الأميركيين حذروا من قرار الانسحاب من أفغانستان، مبررين ذلك بأن "القاعدة" ستعيد تنظيم صفوفها في هذا البلد، ومن أبرز هؤلاء المسؤولين ديفيد كوهين نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية خلال كلمته في "قمة الاستخبارات 2021" التي عُقدت في واشنطن، حيث قال إن "تنظيم القاعدة يمكن أن يشكل تهديدا للولايات المتحدة الأميركية في غضون عام أو عامين بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان"، وأعرب عن توقعاته بأن "القاعدة ستقوى مجددا في أفغانستان".
إعلانوبناءً على هذه القراءة، يوضح الباحث أبو هنية أن بيان حل "حراس الدين" نفسه يشابه ويتناسب مع التحولات التي طرأت على تنظيم القاعدة عندما أخفى وجوده أيضا بعد سيطرة طالبان على أفغانستان، ومقتل الظواهري، وتولي سيف العدل قيادة تنظيم القاعدة.
يشار إلى أن أهمية العمليات ضد "حراس الدين" استدعت تعليقًا من الرئيس الأميركي دونالد ترامب في خروج عن سياق التعليقات التي كانت تصدر عن الإدارة الأميركية عند مقتل قيادات ذات ثقل تنظيمي كبير مثل قادة تنظيم الدولة الإسلامية، إذ كتب ترامب يوم 18 فبراير/شباط الجاري، عبر منصة "تروث سوشيال"، أن الولايات المتحدة نفذت غارة جوية دقيقة ضد "أحد أعضاء تنظيم القاعدة في سوريا، حيث كان الزعيم الإرهابي يعمل مع تنظيم القاعدة بجميع أنحاء المنطقة".
وأشاد الرئيس الأميركي بقوات السنتكوم التي نفّذت العملية بالقول "تهانينا لقائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا والمقاتلين الأميركيين الذين حققوا العدالة لجهادي آخر يهدد أميركا وحلفاءنا وشركاءنا".
#عاجـــــــــــــــــــــــل
الأنباء الأولية تقول أن المستهدف بطيران #التحالف هو طلحة أبو عمران الشامي مسؤول الأمن الداخلي في تنظيم حراس الدين سابقاً وصاحب مطعم الريحان
يتبع… pic.twitter.com/4C3LIB5zMV
— مزمجر الثورة السورية (@mzmgr941) February 21, 2025
ما دور الإدارة السورية الجديدة؟اتسمت العلاقة بين تنظيم حراس الدين وهيئة تحرير الشام، التي كانت تحت قيادة أحمد الشرع، بالتوتر المستمر، ويرجع ذلك أساسا إلى الخلاف الجذري بشأن قرار فك الارتباط بتنظيم القاعدة.
وكان الشرع قد لاحق العديد من قيادات حراس الدين بعد إعلانهم تأسيس التنظيم، واعتقل العديد من كوادره وقياداته حتى استطاع تقريبا تفكيك التنظيم بحلول عام 2020.
وحول دور الإدارة الجديدة في هذا الموضوع، يعتقد الباحث أبو هنية أنه في المفاوضات بعد سقوط النظام كانت هناك اتصالات بين الإدارة الجديدة والولايات المتحدة تتحدث عن تعاون أمني في قضية ما يسمى محاربة الإرهاب، وهناك نوع من الاتفاق.
إعلانلكن الباحث عمار فرهود ينفي وجود تعاون بهذا المستوى بين الإدارة الجديدة وواشنطن، ويرجح استمرار هذه الاستهدافات في ظل وجود سلطة حالية في سوريا غير قادرة على ضبط المشهد الأمني من وجهة نظر واشنطن، التي لم تعتبر أن ملف هذه الجماعات لا يزال تحت سيطرتها وليس منوطًا بالإدارة السورية الجديدة، مما يعني أن الولايات المتحدة ستحافظ على أمنها بيدها من خلال هذه الضربات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الإدارة السوریة الجدیدة أن الولایات المتحدة المرکزیة الأمیرکیة تنظیم القاعدة فی تنظیم حراس الدین القاعدة فی سوریا الإدارة الجدیدة التحالف الدولی فبرایر شباط أبو هنیة من خلال حل نفسه فی هذا
إقرأ أيضاً:
حفلات بلا كحول: لماذا يتجه الناس نحو السهر الصافي في وضح النهار؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- داخل نادي Fire وLightbox في فوكسهول جنوب لندن، انطلقت مقطوعة موسيقية قوية الإيقاع من مكبرات الصوت. وتومض أضواء الستروب فوق رؤوس الحشد الراقص المتعرّق، والمكسو بالأزياء الغريبة واللامعة. يبدو المشهد كأي ليلة نادٍ أخرى، لكن المفاجأة أنّها في منتصف النهار، والجميع هنا لا يشرب الكحول.
تأسّس نادي House of Happiness في العام 2022، ويقدّم نفسه على أنّه "أقصى تجربة للنادي الخالي من الكحول في لندن. وهو واحد من عدد متزايد من الأحداث الهادفة إلى توفير مساحة بأسلوب الحياة الليلية لأولئك الذين لا يرغبون بالشرب لكنهم يحبون الحفلات.
وفي سنغافورة، ازدادت شعبية الحفلات الخالية من الكحول التي تعتمد على شاي الماتشا، بينما في مدن الولايات المتحدة، بدأت الحانات باعتماد مفهوم "النوادي الخفيفة"، وفق تقرير منصة الأحداث الإلكترونية Eventbrite أفاد أن هناك زيادة بنسبة 92% في تجمعات الراغبين بتجربة النوادي من دون كحول، في العام 2024.
وفي أوروبا، أُقيمت فعاليات موسيقى إلكترونية خالية من الكحول في باريس وبرلين، وفي المملكة المتحدة أعلن النادي الكبير Ministry of Sound في وقت سابق من هذا العام عن سلسلة حفلاته الصباحية الأولى الخالية من الكحول.
يصف نيل هادسون-باسينغ (43 عامًا)، المؤسس المشارك لنادي House of Happiness، جمهورهم الأساسي بأن أعماره تتراوح بين أواخر العشرينات ومنتصف الأربعينات، لكنه يشير إلى أنّ أشخاصًا يبلغون من العمر 80 عامًا قد شاركوا بفعالياتهم.
ويتابع: "الاحتفال والرقص والموسيقى للجميع. أردنا أمرًا ساحرًا وجريئًا وقليلًا من الجنون.. يجمع كل عناصر فعاليات النوادي، لكن بلا مخدرات أو كحول".
ويضيف أنّه قرر التوقف عن المخدرات والكحول قبل ست سنوات، مدفوعًا جزئيًا بـ"الشرب وتعاطي المخدرات المسبب للمشاكل"، لكنه لم يرغب بالتخلي عن الاحتفال.
وبمساعدة صديقين أصبحا خاليين من المخدرات أيضًا، أطلق هادسون-باسينغ نادي House of Happiness استجابةً لما اعتبره نقصًا في "تجربة النوادي الحقيقية" للأشخاص الصافيين في المملكة المتحدة، حيث غالبًا ما يكون استهلاك الكحول والمخدرات، والإفراط فيهما، جزءًا متأصلًا من ثقافة الحياة الليلية.
ويُشير إلى حدث Morning Gloryville، الموجود أيضًا في لندن الذي ينظّم حفلات رقص خالية من الكحول شهريًا، باعتباره أحد روّاد حركة الحفلات الخالية من الكحول. لكنه يصف فعالياتهم بأنّها "تركز كثيرًا على اليقظة الذهنية أو الرفاهية"، ويشرح أنّه أراد أن يقدّم للأشخاص الخاليين شيئًا يتمحور بالكامل حول"روح الاستمتاع بالوقت".
تقرّ روكسي دينيز أوزالب، الرئيسة التنفيذية لعمليات Morning Gloryville، بأنّ الرفاهية تُشكّل جزءًا أساسيًا من فلسفتهم. فبالإضافة إلى "حلبة رقص نابضة وطاقم دي جي"، تقدّم حفلاتهم الصباحية وخلال النهار جلسات يوغا، وتأمّل، وتقنيات التنفس.
وتقول: "نحن نحاول فقط تعزيز الإيجابية في العالم. نمنح الناس المساحة والرحمة، ليكونوا لطيفين مع ذواتهم.. ليرقصوا بطريقة سخيفة، وطفولية، ومحرّرة، وحرّة على حلبة الرقص".
وتعتقد أنّ الرقص، لا سيّما في الأوساط الاجتماعية، له أثر إيجابي على الصحة النفسية والرفاهية، كما أظهرت الدراسات أنّه يشجع على الترابط الاجتماعي. وقد ذكرت جمعية صناعات الحياة الليلية في المملكة المتحدة أنّ 80% من الحاضرين في فعاليات الموسيقى الإلكترونية شعروا بأنهم استفادوا نفسيًا وعاطفيًا من التجربة.
لكن دينيز أوزالب تقول إنّ الاستخدام الشائع للمخدرات والكحول في هذه الأوساط يمكن أن يؤثر سلبًا على الصحة النفسية والبدنية للعديد من الأشخاص. وتشير إلى أنّ إطلاق Morning Gloryville جاء جزئيًا بدافع رغبة بجعل أماكن الموسيقى الإلكترونية مساحات أكثر أمانًا، نظرًا لانتشار الوفيات المرتبطة بالمخدرات والكحول في مجتمع موسيقى الرقص.
ومنذ انطلاقها في لندن العام 2013، توسّعت حفلات Morning Gloryville لتشمل 25 مدينة حول العالم، بينها برلين وسيدني، حيث تُقام حفلات رقص خالية من الكحول في أماكن أيقونية مثل برج شارد في لندن، وتستضيف أساطير موسيقى الرقص مثل Fatboy Slim وBasement Jaxx.
على الضفة الأخرى من الأطلسي، بنيويورك العام 2013، كانت رادها أغراوال، مؤسسة Daybreaker، تتناول الفلافل بعد النادي مع صديقة وتتأمل بفكرة إقامة حفلات رقص خالية من الكحول عند الفجر.
وتقول: "كنت مستثمرة في أحد النوادي الليلية بنيويورك، وأقصده كل عطلة نهاية أسبوع، وأنظر حولي وأرى الجميع كأنهم زومبي. كنت أدرك أنّ الذهاب لتناول الفلافل عند الساعة الثالثة صباحًا، مع مكياج ومسكرة تسيل على وجهي، والشعور بالإرهاق لمدة يومين بعد ذلك، أمر لم أعد أرغب بفعله".
تقول أغراوال إنها فوجئت باكتشاف أنّ العديد من الأشخاص يشعرون بالمثل. فقد جذبت أول حفلة رقص خالية من الكحول عند شروق الشمس، في نيويورك في ديسمبر/كانون الأول 2013، 180 شخصًا. وتضيف أنّ فعاليات Daybreaker تجذب الآن حد 2,000 شخص، وبحلول نهاية 2025، ستكون قد نظمت أكثر من 1,000 حفلة خالية من الكحول حول العالم، من طوكيو وبوينس آيرس إلى سان فرانسيسكو وأمستردام.
وتشرح أنّ تعزيز التواصل يشكّل عنصرًا أساسيًا في مهمة Daybreaker، مستشهدةً بإعلان الجراح العام الأمريكي لعام 2023، حول وباء الوحدة في الولايات المتحدة. فمنذ العام 1990، تضاعف عدد البالغين الأمريكيين الذين يقرّون بعدم وجود أصدقاء مقربين حد 12%، بينما انخفضت نسبة من لديهم عشرة أصدقاء مقربين أو أكثر بنحو ثلاثة أضعاف تقريبًا.
وتقول أغراوال: "إذا كنت تشرب الكحول، فأنت لست على طبيعتك بالكامل"، موضحةً أنّ هذا يجعل تكوين علاقات أصيلة أمرًا صعبًا. أعتقد أنّ الناس يدركون أنّهم عندما يشربون، يكونون أكثر شعورًا بالوحدة".
وفيما لا توجد أدلة قوية تشير إلى انخفاض تعاطي المخدرات، إلا أنّ استهلاك الكحول يتراجع حول العالم، لا سيما بين الشباب في الدول ذات الدخل المرتفع. ففي الولايات المتحدة، يقول 18-20% فقط من البالغين دون 28 عامًا ممن لديهم السن القانوني للشرب إنهم يشربون بانتظام البيرة أو النبيذ أو المشروبات الروحية، بينما في المملكة المتحدة، يبلغ معدل الذين لا يشربون على الإطلاق بين 18و24 عامًا 39%.
في حين قد يشعر العديد من عشاق النوادي بالرعب من فكرة الرقص من دون كحول، تقول دينيز أوزالب: "الناس يشعرون بنشوة كبيرة" في فعاليات Morning Gloryville، "بسبب الطاقة المرتفعة وهذا الشعور بالنشوة والإكستاسي مؤمّن فقط من خلال.. الرقص والموسيقى".
ويقول هادسون-باسينغ إنه يلاحظ أنّ الناس في حفلات House of Happiness الخالية من الكحول أكثر استرخاءً مقارنة بالنوادي التقليدية. ويضيف: "الناس يندفعون للرقص في وقت أبكر من اليوم، لأنهم لا ينتظرون تأثير مادة استهلكوها. الأمر مذهل".
وفي حين لا يعتقد أنّ الحفلات الخالية من الكحول ستستبدل ثقافة الشرب والمخدرات في أماكن الحياة الليلية أبدًا، يأمل هادسون-باسينغ أن تقدّم بدائل أكثر صحة للناس مع الحفاظ على المتعة. ويخلص إلى القول: "الخالية من الكحول لا تعني بالضرورة الحفلات المملّة".
أدوية وعلاجالرقصالموسيقىصحة نفسيةمشروبات روحيةنشر الخميس، 11 ديسمبر / كانون الأول 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.