الجزيرة:
2025-07-03@09:03:54 GMT

لماذا رفع ترامب العقوبات عن سوريا الآن؟

تاريخ النشر: 2nd, July 2025 GMT

لماذا رفع ترامب العقوبات عن سوريا الآن؟

"هي خطوة تدعم أهداف الأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية"، بهذه العبارة وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره التنفيذي الذي وقعه في اليوم الأخير من يونيو/ حزيران 2025، وقضى برفع العقوبات عن سوريا، مع الإشادة بحكومتها الجديدة، والتأكيد على دعم واشنطن لسوريا موحدة ومستقرة وتعيش في سلام مع نفسها وجيرانها.

يأتي القرار التنفيذي ليجسد الإعلان الذي أطلقه الرئيس الأميركي من العاصمة السعودية الرياض منتصف مايو/ أيار الماضي، حيث التقى حينها بالرئيس السوري أحمد الشرع، في مشهد يرسم إستراتيجية الولايات المتحدة الأميركية الجديدة حول سوريا التي تنتقل من المعسكر الشرقي، كما كانت فترة حكم حزب البعث، إلى المعسكر الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة وترسم حدوده الجديدة شرق البحر المتوسط.

واشنطن تدعم مصالح حلفائها

لم يعد من مصلحة واشنطن أن تبقى سوريا فضاء حيويًا لروسيا وإيران المتحالفتين ضد المصالح الغربية، والمتحالفتين مع الصين المنافسة الأبرز للولايات المتحدة على تفرد الأخيرة باحتكار قطبية أحادية تقود بها العالم.

إيران تحديدًا استخدمت الساحة السورية لتهديد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في منطقة الشرق الأوسط، هؤلاء الحلفاء الذين كان لهم الدور الأكبر في إقناع الولايات المتحدة الأميركية بأن تكمل دعمها للتغيير الجذري والكبير الذي حصل في سوريا، بدعم استقرار المشهد الجديد اقتصاديًا وسياسيًا، بتسريع عملية رفع العقوبات، والانفتاح السياسي على الرئيس الشرع وحكومته.

دون رفع العقوبات ستبقى احتمالية عودة الفوضى قائمة، الأمر الذي يعيد التهديد المباشر على حلفاء ترامب وأصدقائه. من هنا جاء الإعلان الأول للرئيس الأميركي حول رفع العقوبات من الرياض واجتماع وزيرَي الخارجية الأميركي والسوري للتنسيق في أنقرة، الأمر الذي يعكس وبوضوح دور العاصمتين وموقعهما في رسم معالم الشرق الأوسط الجديد.

إعلان دوافع الإدارة الأميركية وسياساتها الخارجية

تبنى ترامب وجزء كبير من إدارته في فترة رئاسته الأولى ثم الثانية مبدأ الواقعية القومية "America First" والتي لا تعنى بتصدير الديمقراطية والمبادئ وإرغام الدول على التزامها، وتركز بدلًا من ذلك على عقد الصفقات التي تعود بالمزيد من المكاسب على أميركا وحلفائها، وتأتي هذه النظرية لتنهي النسخة الراديكالية من مبدأ الفوضى الخلاقة "Creative Chaos" الذي يفكك الأنظمة ويعيد بناء المنطقة من خلال الاستثمار في الأزمات وإطالة أمدها.

مبدأ الإدارة الأميركية الجديد يظهر جليًا في موقف واشنطن وخطواتها تجاه التغيير الذي حصل في سوريا، حيث دعمت مساعي الحكم الجديد لإنهاء النزاع وإحلال الاستقرار، ثم تابعت برفع العقوبات استجابة لمصالح شركائها في المنطقة.

أعلنها الرئيس الأميركي أكثر من مرة، إنه يستجيب لرفع العقوبات عن سوريا بشكل سريع بناء على جهود وساطة إقليمية، مع صراحته بالتأكيد على أثر ذلك في دعم المصالح الأميركية في المنطقة إلى جانب دعم مصالح حلفاء واشنطن وأصدقائها على حساب منافسيها.

الاقتصاد والاستقرار

تدرك الولايات المتحدة أن تحريك عجلة الاقتصاد في سوريا من خلال رفع العقوبات هو الطريق الأقرب للتنمية والاستقرار، ليس في سوريا؛ وإنما في المنطقة التي سيتصل فيها النشاط الاقتصادي والازدهار في شبه الجزيرة العربية مع تركيا، وهو لا يمكن إلا باستقرار سوريا وإدماجها في هذا الفضاء الاقتصادي والتنموي الحيوي الحليف للولايات المتحدة الأميركية، والداعم لمصالح واشنطن في المنطقة.

"إعادة إدماج سوريا في الاقتصاد الإقليمي"، هو العنوان الذي تتفق عليه تركيا والسعودية مع رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، وهو بوابة تحقيق الاستقرار الإقليمي لحلفاء الولايات المتحدة، وبالتالي للمصالح الأميركية التي تريد توسيع نطاقها الحيوي على حساب منافسيها في العالم.

إن إنعاش الاقتصاد السوري هو جزء من عملية ضمان الاستقرار الأمني في المنطقة، فمع رفع العقوبات ستبدأ الاستثمارات بفتح أبواب الفرص أمام آلاف الشباب في سوريا، بعيدًا عن أتون الحرب التي جندتهم وكانت سببًا في استنزاف المنطقة، وستكون الفرص الاقتصادية والتنموية سببًا في إنهاء الفوضى وأدواتها، الأمر الذي ينهي أحلام إيران بالعودة إلى سوريا ولبنان.

وفضلًا عما سيحققه إنعاش الاقتصاد من فرص الاستقرار؛ فإن الاقتصاد السوري وموارده الحيوية سيتكاملان بعد رفع العقوبات مع اقتصادات المنطقة، وستشكل سوريا امتدادًا لمختلف القطاعات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية مع تركيا ودول الخليج شمالًا وجنوبًا.

حوافز ليست بالمجان

يأتي القرار التنفيذي اليوم بعد شهر ونصفٍ من الإعلان عن رفع العقوبات الأميركية عن سوريا ضمن عملية تحفيز تقوم بها واشنطن لإنجاح تجربة الانتقال السياسي في سوريا.

كانت إدارة ترامب صريحة في تحديد الضوابط والشروط التي تريدها من الحكم الجديد في سوريا، وكان الرئيس الشرع يدرك دائمًا أن نجاح مشروعه في سوريا يحتاج إلى التفاعل الإيجابي مع الغرب بشكل عام، ومع الولايات المتحدة على وجه الخصوص.

تتقاطع بعض الشروط الأميركية مع مشروع الرئيس الشرع وأهدافه، فلا خلاف مثلًا على مكافحة تنظيم الدولة وإنهاء وجوده في المنطقة، الأمر الذي يساعد الرئيس ترامب على تنفيذ وعوده بسحب القوات الأميركية من سوريا، ويساعده في تحقيق أهدافه في العراق وفي مقدمتها تفكيك الحشد الشعبي العراقي.

إعلان

بينما هناك بعض الشروط الأميركية التي يحتاج فيها الرئيس الشرع إلى المزيد من الوقت، أو أنه يحاول نقاشها مع الولايات المتحدة للوصول إلى تفاهمات حولها، فالموقف من إسرائيل معقد، وفيه الكثير من التفاصيل.

ومع ذلك كله؛ فإن الموقف الأميركي من دعم الحكومة السورية واضح، بالانفتاح السياسي والاعتراف ورفع العقوبات، وهذا الدعم وإن كان مشروطًا إلا أنه يحفز الرئيس الشرع وفريقه ويساعده في تحقيق الشروط والضوابط الأميركية.

في المقابل لا تخفي الإدارة الأميركية أنها تراقب من كثب، وأنها تختبر باستمرار أداء السلطة الخاضع للتقييم في كل خطوة تخطوها، وأن على السلطة في دمشق أن تعزز الحكم الشامل وتبتعد عن الإقصاء والتهميش، وأن تنهي التطرف وتحارب الجماعات المتطرفة، فضلًا عن إظهار موقف عملي وواضح من قضايا حساسة في مقدمتها موضوع المقاتلين الأجانب في سوريا.

تقول الإدارة الأميركية ما قالته دول الاتحاد الأوروبي قبلها: إن رفع العقوبات خاضع للتقييم المستمر، والعقوبات التي ترفع من الممكن أن يعاد فرضها مجددًا.

يعتقد أن رفع العقوبات بشكل سريع عن سوريا هو تحفيز وتشجيع ودعم، لكنه من جانب آخر يضع الكرة في ملعب السلطة السورية، فلسان حال الغرب الأوروبي والأميركي يقول: لقد أعطيت السلطة السورية الفرصة الكاملة لإنجاح عملية الانتقال السياسي في البلاد، ولا يمكنها أن تتذرع بأي عذر إذا ما أخفقت في أي خطوة تخطوها.

وعليه فإن رفع العقوبات سيكون فرصة ومسؤولية، وسيفتح الأبواب ويفرض الاستحقاقات، ولن تكون الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون فقط هم الداعمون والمراقبون والمُسائِلون، بل إن الشركاء الإقليميين سيكون لهم دور في ذلك، وفي مقدمتهم تركيا والسعودية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المتحدة الأمیرکیة الإدارة الأمیرکیة الولایات المتحدة رفع العقوبات الرئیس الشرع الأمر الذی فی المنطقة عن سوریا فی سوریا

إقرأ أيضاً:

الأردن يرحب بقرار الرئيس الأمريكي إنهاء العقوبات على سوريا

عمان-سانا

رحّبت وزارة الخارجية الأردنية اليوم بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القاضي بإنهاء العقوبات المفروضة على سوريا.

ونقلت وسائل إعلام أردنية عن الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير سفيان القضاة قوله: إن الأردن يرحب بقرار الرئيس الأمريكي، الذي يُسهِم في دعم جهود الحكومة السورية في إعادة البناء وتعزيز خطوات التعافي، وفتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي بين سوريا ودول العالم، وبما ينعكس على تحقيق الاستقرار والازدهار والنماء للشعب السوري.

وجدّد السفير القضاة التأكيد على موقف الأردن الثابت في دعم سوريا، ومساندة جهودها في عملية إعادة البناء على الأسس التي تضمن وحدة سوريا وأمنها واستقرارها وسلامة أراضيها ومواطنيها، وتخلصها من الإرهاب، وتحفظ حقوق السوريين كافة.

وكان ترامب وقع الليلة الماضية أمراً تنفيذياً يقضي بإنهاء برنامج العقوبات المفروض على سوريا.

وزارة الخارجية الأردنية 2025-07-01Belalسابق وزير الداخلية ومحافظ حماة يبحثان الواقع الأمني والخدمي في المحافظة انظر ايضاً الأردن: وزير الخارجية في زيارة إلى سوريا لإجراء محادثات موسّعة

عمّان-سانا أعلنت وزارة الخارجية الأردنية، أنّ نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين

آخر الأخبار 2025-07-01الأردن يرحب بقرار الرئيس الأمريكي إنهاء العقوبات على سوريا 2025-07-01وزير الداخلية ومحافظ حماة يبحثان الواقع الأمني والخدمي في المحافظة 2025-07-01الفرقة 76 في الجيش العربي السوري تنفذ عرضاً عسكرياً في الأكاديمية العسكرية بحلب 2025-07-01ورشة في وزارة النقل السورية لإعادة هندسة العمليات في المواصلات الطرقية 2025-07-01رضوض الكبد في محاضرة بمشفى حمص الجامعي 2025-07-01ملامح الاقتصاد السوري ضمن حلقة نقاشية في جامعة دمشق 2025-07-01بعد 46 عاماً… سوريا تتخلص من ثقل العقوبات الأمريكية 2025-07-01وزير الخارجية اللبناني: رفع العقوبات عن سوريا ينعكس إيجاباً على لبنان 2025-07-01الإعلان عن تأسيس شبكة الأعمال الأسترالية السورية 2025-07-01وزير الطاقة السوري يبحث سبل تعزيز الاستثمار الأمثل للثروات المعدنية

صور من سورية منوعات شركة صينية تطرح روبوتاً لإزالة الأعشاب الضارة بالليزر 2025-06-30تحذير علمي: ارتفاع الحرارة يؤثر في القدرات الإدراكية 2025-06-29
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • لماذا عجّل ترامب برفع العقوبات عن سوريا؟
  • الأردن يرحب بقرار الرئيس الأمريكي إنهاء العقوبات على سوريا
  • ترامب يوقع على رفع بعض العقوبات عن سوريا
  • رفع العقوبات والتطبيع وتصنيف الشرع.. ماذا احتوى أمر ترامب بشأن سوريا؟
  • ترامب ينهي العقوبات الأمريكية عن سوريا الجديدة
  • الخارجية السورية ترحب بقرار الولايات المتحدة رفع العقوبات عن دمشق
  • البيت الأبيض: الرئيس دونالد ترامب يوقع أمراً تنفيذياً يقضي بإنهاء العقوبات المفروضة على سوريا.
  • سوريا: إلغاء الجزء الأكبر من العقوبات الأميركية يدفع لمرحلة جديدة
  • ترامب يوقع أمرًا لتخفيف العقوبات عن سوريا