الخليج الجديد:
2025-07-05@22:16:17 GMT

سوريا.. ما زال الشعب يريد إسقاط النظام

تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT

سوريا.. ما زال الشعب يريد إسقاط النظام

سوريا.. ما زال الشعب يريد إسقاط النظام

مهما عرفت البلاد من انحطاط لأوضاعها وأصابها من أنماط الردّة استبدادية أو حربية فإن الشعوب، عند أول فرصة سانحة، تعاود الانتفاض لا محال.

ستتواصل سيرورة الثورة، ما دامت قائمةً الأسباب البنيوية العميقة التي تسببت في انفجار البركان العربي بتفاعلها مع السياسات النيوليبرالية التي فاقمت نتائجها.

أوضاع اقتصادية ومعيشية لا تني تتدهور بينما تتوسع باستمرار الفجوة الهائلة القائمة بين الحكام العرب ومحاسيبهم من جهة، وسواد الشعب العامل في الجهة المقابلة.

الحرب الفتّاكة والمدمّرة أشعلها الذين فضّلوا «حرق البلد» على رحيل الأسد، وسعّرها بأموالهم من تعمّدوا حرف الثورة السورية عن مسارها الديمقراطي إلى حرب طائفية.

جاءت عودة النظام إلى حظيرة أنظمة الاستبداد العربية تكريساً لقبول تلك الأنظمة بما آلت إليه الأمور وتوقفها عن تمويل الجماعات التي تعيّشت بل واغتنت، من حالة الحرب.

منذ بداية «الربيع العربي» لم تكن الانتفاضة الكبرى التي عمّت المنطقة بالعربية منذ 2011 إلا بداية سيرورة ثورية طويلة لا بدّ أن تتواصل عبر الزمن مهما عرفت من انتكاسات.

* * *

استقرّت الأمور في الداخل السوري منذ بضع سنوات على قاعدة هيمنة نظام آل الأسد، مدعوماً من القوات الإيرانية وتوابعها ومن القوات الروسية، على نحو سبعين في المئة من أراضي البلاد.

وذلك بشبه تعايش سلمي مع سائر مناطقها: الجولان الواقع تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967؛ ومناطق الشمال الشرقي التي تسيّرها القوى الكُردية منذ أن بدأت الحرب الأهلية، وقد باتت مدعومة من قوات أمريكية منذ عام 2014؛ والمناطق الشمالية التي احتلها الجيش التركي بدءًا من عام 2016؛ ومنطقة إدلب الواقعة تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام» حصراً منذ عام 2017.

ولا شك في أن استقرار الأمور هذا، وإن كان دوامه مستحيلاً، إنما كان ويبقى أفضل بكثير من إعادة اشتعال الحرب الفتّاكة والمدمّرة التي تسبّب فيها أولئك الذين فضّلوا «حرق البلد» على رحيل الأسد، وسعّرها أولئك الذين بأموالهم تعمّدوا حرف الثورة السورية عن مسارها الديمقراطي الأصلي وتحويلها إلى حرب طائفية تحت رايات دينية، بحيث انتقلت من صراع ضد همجية السلطة إلى صدام بين الهمجيات في حالة قصوى من «حرب الجميع على الجميع» التي وصفها فيلسوف القرن السابع عشر الإنكليزي توماس هوبس، في كتابه الشهير «اللفياثان».

وقد جاءت عودة نظام بشار الأسد إلى حظيرة الأنظمة الاستبدادية العربية تكريساً لقبول سائر تلك الأنظمة بما آلت إليه الأمور وتوقفها عن تمويل شتى الجماعات التي تعيّشت، بل واغتنت، من حالة الحرب.

إن هذه التطورات، وقد أعادت النظام السوري إلى شيء من الحالة الطبيعية ولو بحدود جليّة، والمقصود هنا حالة تطغى فيها احتياجات الحياة الاقتصادية على مقتضيات تفادي الموت قتلاً، إنما أعادت البلاد في الوقت نفسه إلى دينامية الثورة الاجتماعية والديمقراطية التي قطعها انحطاط الثورة التدريجي منذ ما يناهز عشر سنوات.

هذا وما كللنا نؤكد منذ بداية ما عُرف باسم «الربيع العربي» أن الانتفاضة الكبرى التي عمّت أرجاء المنطقة الناطقة بالعربية منذ عام 2011، إنما لم تكن سوى بداية سيرورة ثورية طويلة الأمد، لا بدّ من أن تتواصل عبر الزمن مهما عرفت من انتكاسات وانتصارات مضادة للثورة، ما دامت قائمةً الأسباب البنيوية العميقة التي تسببت في انفجار البركان العربي بتفاعلها مع السياسات النيوليبرالية التي فاقمت نتائجها.

فها أن سوريا تقدّم لنا خير إثبات لديمومة السيرورة، وهو إثبات ينضاف إلى الموجة الثورية الثانية التي شهدتها المنطقة في عام 2019، بل يزيد عنها قوة من حيث إن سوريا هي البلد الذي بلغت فيه هزيمة الثورة حدّها الأقصى والأكثر مأسوية.

فنرى سوريا اليوم بالرغم من كل مآسيها تعود إلى سلوك الدرب الكلاسيكي للانفجار الثوري كما شهدته معظم ساحات الانتفاضات بدءًا من «الربيع العربي». ويقوم السيناريو الثوري الذي بات معهوداً لدينا على مبادرة النظام القائم بإشعال نار الغضب الشعبي متجاوزاً قدرة الشعب على التحمّل، من خلال تطبيق إجراءات تقشفية تهدف إلى تقليص دور الدولة الاجتماعي طبقاً للوصفات التي يرشد إليها صندوق النقد الدولي منذ عقود عدة.

ففي منتصف الشهر الجاري، أزال النظام السوري الدعم الحكومي عن أسعار الوقود بما أدّى إلى ارتفاعها إلى ما يقارب ثلاثة أضعاف ما كانت عليه، وقد ترافق الأمر بمزيد من انهيار العملة السورية وبالتالي مزيد من التهاب أسعار شتى المواد الغذائية، فضلاً عن الأدوية وغيرها من مستلزمات الحياة.

ولم يلطّف الأمر بتاتاً القرار الرئاسي برفع الحد الأدنى للأجور (الذي يبلغ أقل من 15 دولاراً بالشهر بسعر صرف السوق) ومضاعفة أجور موظفي الدولة (لاحظوا كيف أن القرارات البغيضة تصدر عن مجلس الوزراء والقرارات التي يعتقدون أنها ستملئ الناس غبطة وفرحاً تصدر عن الرئاسة). فقد فاق اشتعال الأسعار، وبكثير، الصدقة الرئاسية، التي جاء مفعولها عكسياً بالتالي إذ رأى فيها الرأي العام شتيمة واستجهالاً له.

فجاءت النتيجة على النحو المعهود: هبّة جماهيرية عمّت منطقة حوران، أي الجنوب السوري من تخوم الأردن إلى مشارف دمشق. فلم تنحصر الهبّة في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، كما حصل في مناسبات سابقة خلال الأعوام القليلة الماضية بما فسّره بعض الناس تفسيراً طائفياً بغية التقليل من شأنه، بل انتشرت إلى محافظة درعا بما فيها مدينة نوى التي وقفت إلى جانب مدينة درعا في طليعة الثورة في عام 2011، وقد دفعت المدينتان ثمناً باهظاً لتمرّدهما. لا بل امتد الحراك الجديد إلى جوار العاصمة وحتى إلى المنطقة الساحلية، بما فيها مدينتا اللاذقية وجربة.

وإذا لم تشهد سوريا حتى الآن تظاهرات عملاقة كالتي عمت معظم المدن السورية في عام 2011 (بالمناسبة، قال بشار الأسد لمحطة «سكاي نيوز عربية» أن عدد المتظاهرين في عام 2011 «لم يتجاوز مئة ألف ونيف في أحسن الأحوال وفي كل المحافظات»!) فإن الحراك الجديد يتضمن عصياناً مدنياً وإضراباً عاماً، في حوران على الأقل. وقد عادت شعارات عام 2011 إلى الصدارة، لاسيما هتاف «الشعب يريد إسقاط النظام» والمطالبة برحيل رأس الدولة.

أما العبرة مما يجري في سوريا اليوم فهي أنه مهما عرفت البلدان من انحطاط لأوضاعها ومهما أصابها من أنماط الردّة، سواء أكانت على نحو استبدادي أم حربي، فإن الشعوب، عند أول فرصة سانحة، تعاود الانتفاض لا محال إزاء أوضاع اقتصادية ومعيشية لا تني تتدهور بينما تتوسع باستمرار الفجوة الهائلة القائمة بين الحكام العرب ومحاسيبهم من جهة، وسواد الشعب العامل في الجهة المقابلة.

*د. جلبير الأشقر كاتب وأكاديمي من لبنان

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: سوريا ثورة الشعب السوري إسقاط النظام الربيع العربي القوات الروسية بشار الأسد الحكام العرب منذ عام عام 2011 فی عام

إقرأ أيضاً:

أردوغان: المرحلة التي وصلت إليها سوريا بارقة أمل للمنطقة

باكو-سانا

أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن المرحلة التي وصلت إليها سوريا بعد سنوات من النضال الشعبي تُعَد بارقة أمل للمنطقة.

ونقلت وكالة الأناضول عن أردوغان قوله في كلمة اليوم أمام القمة الـ 17 لمنظمة التعاون الاقتصادي بمدينة خانكندي في أذربيجان: “إن مواصلة المجتمع الدولي تقديم الدعم المالي وتطوير علاقاته مع الإدارة السورية الجديدة في هذه الفترة الحرجة أمرٌ بالغ الأهمية”.

من جهة أخرى أشار أردوغان إلى أن سياسات إسرائيل العدوانية وحربها على قطاع غزة وهجماتها على سوريا ولبنان تهدد السلام والاستقرار في المنطقة داعياً إلى التكاتف لإيقاف الفظائع في غزة.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان 2025-07-04SAMERسابق قائد الشرطة العسكرية في وزارة الدفاع لـ سانا: إننا إذ نعزي أهالي القتيل، فإننا نؤكد أن مثل هذه الحوادث لن تمر دون محاسبة وإنزال أشد العقوبات بحق المتسببين انظر ايضاً أردوغان: تركيا ستواصل دعم استقرار سوريا

لاهاي-سانا أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ستواصل دعم استقرار سوريا بالحفاظ على …

آخر الأخبار 2025-07-04أردوغان: المرحلة التي وصلت إليها سوريا بارقة أمل للمنطقة 2025-07-04الفاو تنتخب مصر لرئاسة مجلسها التنفيذي 2025-07-04قائد الشرطة العسكرية في وزارة الدفاع العميد علي الحسن لـ سانا: تلقينا نبأ وقوع حادثة قتل في منطقة البرجان بريف اللاذقية، أحد أطرافها من العاملين في إحدى فرق وزارة الدفاع، وعلى الفور توجهت إحدى دورياتنا إلى مكان الحادثة وتابعت التحقيقات مع قوى الأمن الداخلي 2025-07-04الفارس عدنان القصار: الفروسية تحتاج جهوداً مضاعفة ومدربين أكفياء 2025-07-04“سامز” تعقد مؤتمرها الطبي الدولي لأول مرة في سوريا 2025-07-04وزير الطوارئ لـ سانا: حرائق قسطل معاف بريف اللاذقية تشتد وأرسلنا تعزيزات عاجلة 2025-07-04فرق الإطفاء تعمل على إخماد حريق حراجي في منطقة بين مشروع دمر وقصر الشعب بدمشق-فيديو 2025-07-04إخماد حريق اندلع في المركز التجاري بمدينة حماة 2025-07-04انتخاب تركيا لعضوية مجلس منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة 2025-07-04دوجاريك: بعض الدول تنتهك ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي

صور من سورية منوعات دراسة تحذر: لا توجد “كمية آمنة” لتناول اللحوم المصنعة 2025-07-04 فريق بحثي ياباني ينجح بإنشاء عضيات عظم الفك من الخلايا الجذعية 2025-07-03
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • بريطانيا تعيد علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا.. لامي يزور دمشق (شاهد)
  • كيف صُمّم شعار سوريا الجديد وما هي دلالاته؟
  • اعتقال وزيرتين سابقتين في سوريا.. إحداهن أقالها الأسد بسبب احتضانها النمر
  • 50مسيرة جماهيرية في الجوف إسنادا للشعب الفلسطيني واستنفارا ضد العدو
  • أردوغان: المرحلة التي وصلت إليها سوريا بارقة أمل للمنطقة
  • سوريا تكشف عن هوية بصرية جديدة.. فما الرسائل التي تحملها؟
  • وزير الخارجية: سوريا التي نراها اليوم تشبه الشعب السوري
  • الرئيس الشرع: شعبنا العظيم إن الهوية التي نطلقها اليوم تعبر عن سوريا التي لا تقبل التجزئة ولا التقسيم، سوريا الواحدة الموحدة، وإن التنوع الثقافي والعرقي عامل إغناء وإثراء لا فرقة أو تنازع
  • وزير الخارجية: توجت جهودنا برفع العقوبات ورفع علم سوريا في مقر الأمم المتحدة، سوريا التي نراها اليوم تشبه الشعب السوري، والرمزية السورية اليوم أكثر انفتاحاً ترمز إلى الإنسان السوري وثقافته وأرضه
  • السيد القائد يدعو الشعب اليمني للخروج المليوني غداً جهاداً في سبيل الله ونصرة للشعب الفلسطيني