أوروبا على حافة الهاوية: الخلاف بين أمريكا وأوكرانيا يضع القارة العجوز في دائرة الضوء
تاريخ النشر: 2nd, March 2025 GMT
تواجه أوروبا تساؤلات وجودية حول مستقبلها الأمني في أعقاب الخلاف العلني الذي وقع في المكتب البيضاوي بين الرئيسين زيلينسكي وترامب. وستكون القمة التي تُعقد الأحد في لندن حاسمة.
يلتف القادة الأوروبيون حول زيلينسكي لإظهار دعمهم له، بعد خلافه في البيت الأبيض مع الرئيس الأمريكي ترامب، لكنهم يواجهون تحديات حاسمة لأن الخلاف جعلهم الداعم الرئيسي لأوكرانيا.
كان أحد الأسباب الرئيسية للمشادة في المكتب البيضاوي هو محاولة زيلينسكي الضغط للحصول على الضمانات الأمنية المرتبطة بأي اتفاق سلام. إذ أصرّ الرئيس ترامب على أن المشاركة التجارية الأمريكية ستشكل ضمانة في حد ذاتها، لكن القادة الأوروبيين وزيلينسكيي دفعوا باتجاه المزيد.
وقال زيلينسكي لترامب إن بوتين قد انتهك الاتفاقات من قبل، لذا هناك حاجة إلى ضمانات. وفي إحدى الملاحظات التي أغضبت تحديدا الرئيس الأمريكي، قال الرئيس الأوكراني : "لديك محيط جميل ولا تشعر به الآن، ولكنك ستشعر به في المستقبل"، في إشارة إلى احتمال استرضاء بوتين.
حينها ردّ ترامب بنبرة عالية: "لا تخبرنا بما سنشعر به. أنت لست في وضع يسمح لك بإملاء ذلك".
وقال له أيضا: "أنت لا تملك الأوراق الآن". "أنت تقامر بملايين الأرواح."
لا بدّ أن هذه المشادة قد أثار لقيت صدى في أروقة السلطة في أوروبا، حيث لا يمكن لأي "محيط جميل" أن يكون بمنأى عن عدوان روسي محتمل وحيث الرغبة الأوروبية في الحصول على ضمانات أمنية أمريكية لا تقل قوة عن رغبة أوكرانيا.
ولطالما سعى الزعماء الأوروبيون لربط أوكرانيا بحلف الناتو على أمل أن يضع البلاد تحت الدرع الأمني الغربي الأوسع - بما في ذلك ما تمثله واشنطن بترسانتها النووية وقوتها العسكرية.
واليوم، فإن النزاع وجهود السلام غير المنظمة يهددان تماسك الناتو بل وجود الحلف نفسه ما يجعله في حالة سيئة. وأكبر دليل على ذلك هو قرار الأمم المتحدة حول أوكرانيا الأسبوع الماضي. حيث صوتت الولايات المتحدة إلى جانب الخصوم التقليديين للناتو متمثلين في روسيا وكوريا الشمالية.
وعلى منصة إكس وبعد المشادة مع ترامب، سارع كبار الساسة الأوروبيين للإعراب عن دعمهم غير المشروط لزيلينسكي وأوكرانيا، بما في ذلك ساسة فرنسا والمملكة المتحدة وبولندا وإسبانيا وإيرلندا وأيسلندا وألمانيا وليتوانيا ومولدوفا والسويد.
Relatedصدمة الأوروبيين من التصريحات الأمريكية بشأن أوكرانيا تدفعهم للتحرك ورصّ الصفوف برلماني أوروبي بارز: على الاتحاد الأوروبي أن يكون "أقوى وأجرأ" بشأن المعادن الأوكرانيةصدمة عالمية من مشادة ترامب وزيلينسكي.. وتضامن أوروبي مع الرئيس الأوكراني إلا أوربان"فشل سياسي لأوكرانيا".. هكذا علّقت روسيا على المشادة الكلامية بين ترامب وزيلينسكيفي مشهد غير مألوف: مشادة كلامية عنيفة بين ترامب وزيلينسكي أمام الإعلام... ولا توقيع لاتفاقية المعادنوصرحت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في منشور على منصة إيلون ماسك: "اليوم، أصبح من الواضح أن العالم الحر يحتاج إلى قائد جديد. والأمر متروك لنا، نحن الأوروبيين، لقبول هذا التحدي".
لكن الحقيقة، أن النشر على منصة X، حل أرخص من الإقدام على تعويض محل الولايات المتحدة كراعٍ رئيسي لأوكرانيا في معركتها ضد العدوان الروسي.
ومن المقرر أن يجتمع قادة الاتحاد الأوروبي يوم الخميس للاتفاق على سبل رصد الأموال لميزانياتهم الدفاعية التي تعاني من ضائقة مالية. ولكن العجز الدفاعي في القارة متجذر، ولا تزال أوروبا تعتمد بشكل مفرط على الولايات المتحدة. وهي مثل الطفل الذي يبلغ من العمر 40 عامًا وما زال لم يغادر منزل الأسرة، وها هو يستيقظ الآن ليكتشف أن الأب لم يعد سعيدًا بهذا الترتيب.
إن الأزمة حول الضمانات الأمنية المستقبلية لأوكرانيا هي أيضًا أزمة حول مستقبل الأمن في أوروبا. وسيحتاج القادة الأوروبيون الذين يجتمعون الأحد في لندن إلى إيجاد مخرج من هذه الأزمة من خلال جذب الولايات المتحدة نحو اتفاق ناجح.
ستحتاج أوروبا إلى القيادة للقيام بذلك، ولكنها بالتأكيد ستحتاجها أيضًا إذا لم تنجح في ذلك.
وقد أشارت "كالاس" إلى أن العالم الحر بحاجة إلى قائد جديد. ولكن التدخل كراعٍ مهيمن للدفاع عن أوكرانيا - في وقت تسحب فيه واشنطن دعمها على نطاق أوسع، سيكون جدّ مكلّف. ولن تذهب بعيدًا بما فيه الكفاية تلك التحسينات في الميزانية العمومية المدرجة على جدول أعمال مجلس الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل.
وكما قال عضو البرلمان الأوروبي الاشتراكي رافاييل جلوكسمان لإذاعة فرانس إنفو: "سنحتاج إلى أفعال من الآن فصاعدًا، وإيماءات قوية، وليس مجرد كلمات قوية".
وحث النائب الفرنسي الأصل الاتحاد الأوروبي على مصادرة أكثر من 200 مليار يورو من الأصول الروسية المجمدة لتمويل الدفاع عن أوكرانيا. قد تعود هذه القضية إلى جدول الأعمال في ظل الظروف الحالية الملحة.
وقد صرح مصدر في الاتحاد الأوروبي لـ Euronews أن "الجبهة التي تعارض فكرة مصادرة الأصول الروسية آخذة في الذوبان". وقال: "نأمل أن نرى بعض التحركات في هذا الشأن؛ بلجيكا وألمانيا هما أكبر المعارضين، ولكن في ظل حكم ميرتس، قد يتغير هذا الأمر. نأمل أن ترى بلجيكا أهمية اللحظة الراهنة".
قال أحد مصادر حزب الشعب الأوروبي لـ Euronews عن إلغاء تجميد الأصول - الذي روّج له رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك: "أعتقد أنه أمر صعب للغاية. وحتى لو نجح الأمر سيستغرق وقتًا طويلًا جدًا".
وتخشى العواصم الأوروبية من أن يؤدي استخدام هذه الأصول المصادرة إلى تقويض مصداقية أوروبا كمكان آمن للاستثمار. لكن المخاطر الآن أكبر. وكما قال أحد مصادر الاتحاد الأوروبي ليورونيوز: ”إذا نشبت حرب عالمية ثالثة، فستصبح أوروبا أيضا مكانًا أقل أمانًا للادخار“.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية إفطار وسط الركام.. الفلسطينيون في رفح يستقبلون أول أيام رمضان في مشهد استئنائي زيلينسكي يرفض الاعتذار لترامب ويقول: ما حدث لم يكن أمرا جيدا لكنني لم أخطئ "ميتا" تستعد لإصدار روبوت دردشة آلي منافس لـ "تشات جي بي تي" فولوديمير زيلينسكيدونالد ترامبأورسولا فون دير لايينحلف شمال الأطلسي- الناتوالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الحرب في أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي دونالد ترامب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل الحرب في أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي دونالد ترامب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل فولوديمير زيلينسكي دونالد ترامب أورسولا فون دير لايين حلف شمال الأطلسي الناتو الحرب في أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي دونالد ترامب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل روسيا قطاع غزة محادثات مفاوضات رجب طيب إردوغان صوم شهر رمضان إسبانيا بین ترامب وزیلینسکی الاتحاد الأوروبی الولایات المتحدة یعرض الآنNext فی مشهد
إقرأ أيضاً:
إيلون ماسك يدعو إلى تأسيس حزب سياسي جديد في أمريكا يمثل الوسط
قال الملياردير إيلون ماسك، مالك شركة "إكس" و"تسلا"، الجمعة، إن هناك حاجة ماسة إلى تأسيس حزب سياسي جديد في الولايات المتحدة، في خطوة تعكس تصاعد الخلاف السياسي بينه وبين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفتور العلاقات بين اثنين من أبرز الشخصيات تأثيرًا في السياسة والاقتصاد الأمريكي.
جاء تصريح ماسك في منشور على منصة "إكس"، بعد يوم من استفتاء أجراه لمتابعيه سألهم فيه: "هل هناك حاجة لحزب يمثل 80% من الناس الذين هم في الوسط؟"، في إشارة إلى غالبية الناخبين الأمريكيين الذين لا يجدون أنفسهم ممثلين في الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
وأضاف ماسك في تدوينته: "قال الناس كلمتهم. هناك حاجة إلى حزب سياسي جديد في أميركا لتمثيل الـ80 بالمئة الذين هم في الوسط!". وتابع ساخرًا: "تماما 80% من الناس وافقوا. هذه مصادفة... أو ربما قدر".
وكان التوتر قد بلغ ذروته بين الرجلين بعدما هاجم ترامب ماسك خلال اجتماع في المكتب البيضاوي، لتبدأ بعدها سلسلة من الهجمات المتبادلة عبر منصتي "تروث سوشيال" التابعة لترامب و"إكس" التي يمتلكها ماسك.
وقد عبّر ترامب عن "خيبة أمله الكبيرة" من ماسك بسبب رفض الأخير لمشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي أطلق عليه ترامب اسم "مشروع القانون الجميل الكبير". ورد ماسك بأن سياسات ترامب الاقتصادية قد تقود البلاد إلى ركود، واتهمه بشكل غير مباشر بالارتباط بجيفري إبستين، المتحرش بالأطفال المدان.
وأثار تهديد ترامب بإلغاء العقود الحكومية الموقعة مع شركات ماسك، ردًا قويًا من الأخير، حيث ألمح إلى احتمال سحب مركبة "دراغون" الفضائية التي تستخدمها وكالة ناسا، قبل أن يتراجع عن الفكرة استجابة لدعوة أحد المتابعين لخفض التصعيد.
من جانبه، دعا الملياردير الأمريكي بيل أكرمان إلى "تحقيق السلام" بين الطرفين من أجل مصلحة البلاد، وهو ما تجاوب معه ماسك قائلًا: "أنت لست مخطئًا".
ونقل موقع "بوليتيكو" أن مساعدي ترامب تدخلوا لإقناعه بتخفيف نبرته تجاه ماسك، تحضيرًا لمحادثة هاتفية جمعت الطرفين لاحقًا يوم الجمعة. وقالت المصادر إن ترامب بدا "غير مكترث" بالخلاف عند سؤاله عنه، ورد قائلا: "أوه، لا بأس"، مضيفًا: "الأمور تسير على ما يرام، لم تكن أفضل من قبل أبدا".
وفي منشور لاحق على "تروث سوشيال"، اتخذ ترامب نبرة أقل تصادمية، وقال: "لا مانع لدي من أن ينقلب إيلون ضدي، لكنه كان يجب أن يفعل ذلك منذ شهور"، مشددًا على أن مشروع قانون الضرائب "من أعظم القوانين التي قدمت للكونغرس على الإطلاق".