وتناولت حلقة "المرصد" بتاريخ (2025/3/3) هذا التحول العميق في السياسة الدولية، مستحضرة أجواء مؤتمر يالطا الذي تصادف هذه الأيام ذكرى مرور 80 عاما عليه، حيث تم رسم خرائط العالم بعد الحرب العالمية الثانية، وسط مؤشرات على بروز نسخة جديدة منه، لكن بتركيبة مختلفة من اللاعبين.

ففي فبراير 1945، اجتمع زعماء الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفياتي في يالطا بشبه جزيرة القرم، لرسم ملامح النظام العالمي الجديد آنذاك، فيما يرى مراقبون اليوم أن هناك إعادة تشكيل للعبة التحالفات، مع ميل واشنطن إلى نهج أكثر براغماتية يراعي مصالحها المباشرة، ولو على حساب شركائها الأوروبيين.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4الأوروبيون يسعون لتعزيز تسلحهم ويحاولون إقناع ترامب بمصالحهمlist 2 of 4حلفاء أوكرانيا يعقدون قمة مهمة في لندن بعد مشادة ترامب وزيلينسكيlist 3 of 4خطة بريطانية فرنسية حول أوكرانيا وإيطاليا تحذر من انقسام الغربlist 4 of 4ترامب: يجب القلق من الهجرة أكثر من بوتينend of list

وتجلى التحول الأميركي بوضوح في خطاب نائب رئيس الولايات المتحدة جيه دي فانس خلال مؤتمر ميونخ الأمني منتصف فبراير/شباط الماضي، حينما طالب الأوروبيين بتحمل مسؤولية أمنهم، معتبرا أن التهديد الرئيسي لأوروبا ليس روسيا أو الصين، بل تراجعها عن قيمها التقليدية.

وأحدثت تصريحاته هزة في العواصم الأوروبية، حيث رأت دول مثل فرنسا أن الولايات المتحدة لم تعد الضامن الرئيسي لأمن القارة العجوز.

وردا على هذا الموقف، جمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قادة أوروبيين في باريس لمناقشة مستقبل الأمن الأوروبي، في ظل ما وصفه بـ"الاستيقاظ الجيوسياسي"، مطالبا بإنشاء سياسة دفاعية مستقلة تقلل من الاعتماد على المظلة الأميركية.

إعلان انقسام أوروبي

لكن الانقسامات بين دول الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو ظهرت جلية، حيث رفضت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني تشكيل جبهة موحدة ضد واشنطن، واعتبرت أن التصور الأميركي الجديد يعكس تحديا يجب على أوروبا التكيف معه.

في المقابل، تسارعت وتيرة التواصل الأميركي الروسي، مع اتصالات متكررة بين الكرملين والبيت الأبيض، فضلا عن لقاءات رفيعة المستوى بين مسؤولي البلدين في الرياض، في مؤشر على مقاربة جديدة لإدارة الصراع الأوكراني.

واستغل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الانفتاح ليؤكد أن بلاده لم ترفض أبدا التفاوض، مشددا على أن الغرب هو من أقصى نفسه من أي محادثات جدية لإنهاء الحرب.

وفي كييف، كان وقع هذه التطورات صادما، حيث رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أي مفاوضات لا تشمل أوكرانيا وحلفاءها الأوروبيين، مطالبا بضمانات أمنية تضمن بقاء بلاده ضمن المعادلة الغربية.

لكنه واجه ردا صارما من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي اعتبر أن كييف فوتت فرصا عديدة للتسوية، وحذر زيلينسكي من مغبة رفض وقف إطلاق النار، مهددا بقطع الدعم الأميركي إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

ثروات إستراتيجية

وبات الملف الأوكراني أكثر تعقيدا مع دخول مسألة الموارد الطبيعية على خط المفاوضات، حيث طالبت واشنطن بنسبة من المعادن النادرة في أوكرانيا، مقابل استمرار دعمها العسكري، في حين عرضت موسكو شراكة مماثلة على الولايات المتحدة، ما يعكس تحول الحرب إلى صراع على الثروات الإستراتيجية.

ذروة هذه التوترات كانت خلال اللقاء المتوتر بين ترامب وزيلينسكي في البيت الأبيض، حيث هاجم الرئيس الأميركي نظيره الأوكراني، متّهما إياه بعدم الجدية في تحقيق السلام، في حين طالب زيلينسكي بضمانات ملموسة قبل الحديث عن أي وقف لإطلاق النار.

وانتهى اللقاء دون اتفاق، لكن تداعياته رسمت ملامح المشهد المقبل، حيث بدت واشنطن أقرب إلى صياغة تفاهمات مع موسكو، بينما وجدت أوروبا نفسها أمام معضلة أمنية جديدة.

إعلان

وبينما يرى البعض أن العالم مقبل على عصر جديد من التحالفات، يحذر آخرون من أن هذا التحول قد يؤدي إلى مزيد من الانقسامات والاضطرابات.

فكما شكّل مؤتمر يالطا النظام الدولي في القرن العشرين، قد يكون العالم اليوم أمام "يالطا جديدة"، لكن بقواعد مختلفة، وأطراف تحاول إعادة توزيع النفوذ وفق مصالحها الإستراتيجية.

4/3/2025

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

ترامب يثير شكوكا حيال التزام أميركا بالدفاع عن شركائها بالناتو

أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الثلاثاء، الشكوك حيال التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن شركائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مشيرا إلى وجود تفسيرات "متعددة" لبند الدفاع المشترك الذي يعد حجر الأساس في المعاهدة.

وكان ترامب يتحدث إلى الصحفيين في طريقه إلى قمة الحلف في هولندا، وهي قمة تستمر يومين وتهدف إلى توجيه رسالة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن الحلف متحد وعاقد العزم على تعزيز دفاعاته لردع أي هجوم من موسكو.

وسأل الصحفيون ترامب على متن طائرة الرئاسة الأميركية "إير فورس وان" عما إذا كان لا يزال ملتزما بالدفاع المشترك بين أعضاء الحلف وفقا للمادة الخامسة من ميثاق المعاهدة.

وأجاب ترامب بعد إلحاح من الصحفيين على السؤال "أنا ملتزم بإنقاذ الأرواح.. أنا ملتزم بالحياة والسلامة.. وسأعطيكم تعريفا دقيقا عندما أصل إلى هناك".

انتقاد إسبانيا

ونشر ترامب لقطة شاشة لرسالة تلقاها من الأمين العام لحلف الأطلسي مارك روته هنأه فيها على "تحركه الحاسم في إيران" ودعا خلالها أيضا جميع الأعضاء إلى زيادة الإنفاق الدفاعي.

وانتقد ترامب إسبانيا بشكل خاص بعد أن أعلن رئيس وزرائها الإسباني بيدرو سانشيز أن مدريد لا تحتاج إلى الالتزام بالهدف الجديد للإنفاق الدفاعي.

وستركز القمة وبيانها الختامي على الاستجابة لدعوة ترامب لإنفاق 5% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، وهي قفزة كبيرة من الهدف الحالي البالغ 2%.

ومن المقرر أن يتحقق ذلك من خلال زيادة الاستثمار في الإنفاق العسكري وغيره من أوجه الإنفاق المتعلقة بالأمن.

وتأسس حلف الأطلسي على يد 12 دولة غربية عام 1949 لمواجهة خطر الاتحاد السوفييتي السابق، ويضم حاليا 32 عضوا.

مقالات مشابهة

  • هاتف ترامب يتخلى عن جملة صنع في أميركا.. ما القصة؟
  • واشنطن تراقب تهديدات إيرانية.. ماذا يجري داخل الولايات المتحدة؟
  • ترامب يثير شكوكا حيال التزام أميركا بالدفاع عن شركائها بالناتو
  • حين يصبح القرار عبئا لا مفر منه.. خيارات أميركا الكارثية في إيران
  • مصر تُرحّب بإعلان الرئيس الأميركي وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل
  • عاجل | الرئيس الأميركي: لست راضيا عن إسرائيل ولا عن إيران
  • عاجل | الديوان الأميري القطري: أمير قطر تلقى اتصالا من الرئيس الأميركي يؤكد تضامنه وإدانته للهجوم على قاعدة العديد
  • لماذا يعارض مهندس أميركا أولا الحرب على إيران؟
  • دبلوماسى لبنانى سابق: إيران حاولت توجيه رسالة دون جر الولايات المتحدة إلى معركة شاملة
  • أميركا أطاحت بحكومة إيرانية من قبل.. هل يفعلها ترامب مجددا؟