آخر تحديث: 4 مارس 2025 - 11:02 صبقلم : فاروق يوسف حين اندلعت الاحتجاجات في العراق عام 2019 سقطت حكومة عادل عبدالمهدي بعد أن تسببت بمقتل أكثر من 700 شاب من بين المحتجين. لم يجد النظام يومها بداً من الرضوخ لوصفة أميركية جاهزة، عنوانها مصطفى الكاظمي. الرجل الذي سبق له أن شغل منصب رئيس جهاز المخابرات العامة وقد اعتبرته الأحزاب والميليشيات متورطا في عملية اغتيال قاسم سليماني وأبومهدي المهندس عام 2020 كما أن اسمه كان مدرجا ضمن المتهمين بما سُمّي بسرقة القرن.

كانت الوصفة ناجحة نسبيا بعد أن نجح النظام في الإفلات من المساءلة الدولية بسبب ما ارتكبه من جرائم في حق المتظاهرين السلميين. وعلى الرغم من أن وجود الكاظمي على رأس حكومة جديدة كان أشبه بحبة دواء مهدئة جنبت النظام السقوط أو التورط في ارتكاب مجازر فإن الميليشيات لم تكن تنظر بارتياح إليه بحيث قامت واحدة منها بقصف منزله في المنطقة الخضراء. أما على مستوى الإجراءات الإصلاحية التي كان الكاظمي ينوي القيام بها فقد تم إفشالها، بل وتمّت السخرية منها على نطاق واسع. كان واضحا أن الكاظمي قُدّم باعتباره بضاعة معلبة جاهزة، كانت الخديعة هي الهدف الوحيد لاستعمالها. أما حين استقرت الأمور ولم يعد النظام يشعر بالتهديد الشعبي فقد تم لفظ الكاظمي بعيدا عن العملية السياسية وقد كان يأمل بأن يحصل على ولاية شرعية لأربع سنوات قادمة. غادر الرجل العراق خائفا وقد لاحقته الاتهامات والشبهات التي أطلقت من أجل الاستهلاك المحلي كونها وجبة دعائية مثيرة لتشتيت الأنظار عن عمليات الفساد الكبرى التي هي المادة العضوية الوحيدة التي يستمد النظام منها شعبيته الملتبسة. لقد حاول الكاظمي يوم كان رئيسا للحكومة أن ينهي العمل بالقوانين الاستثنائية التي أصدرها نوري المالكي وقد كان رئيسا للحكومة ما بين 2006 و2014. وهي قوانين صارت من خلالها فئات كثيرة تتمتع بامتيازات مالية من غير أيّ حق وهو ما يعد نوعا من السرقة للمال العام وما يثقل الميزانية العراقية بأعباء غير قانونية. في مقدمة تلك الفئات يقف الهاربون إلى رفحاء السعودية عام 1991 وجهاديو حزب الدعوة ورجال الدين والسجناء السياسيون والشهداء وأصحاب الرواتب المتعددة والفضائيون الذين لا وجود واقعيا لهم. وكلها عناوين للفساد الذي صنع مجد دولة المالكي الذي كاد بريقه يأفل حين احتل تنظيم داعش ثلثي الأراضي العراقية عام 2014 لولا تدخل إيران لحمايته. كان متوقعا أن يقف مقتدى الصدر إلى جانب مصطفى الكاظمي في انتخابات عام 2021. ذلك لم يحصل. فالصدر هو جزء من النظام الذي اضطر لجلب الكاظمي منقذا غير أنه لم يعد في حاجة إليه بعد أن استعاد شرعيته من خلال الانتخابات. صحيح أن الأحزاب التي رفضها الشعب حين قامت الاحتجاجات كانت قد هُزمت في تلك الانتخابات غير أن الصحيح أيضا أن ما خسرته تلك الأحزاب كانت قد استعادته حين تخلّى الصدر لحسابها عن انتصاره ووهبها أصوات الشعب. لم يتعرض الكاظمي وحده للخديعة إذ كان معه الشعب ضحية. ولكن الكاظمي ليس ضحية. فالرجل الذي عمل في صفوف المعارضة العراقية صحافيا يوم كان نظام صدام حسين قائما لم يكن يطمح إلى أن يكون رئيسا للحكومة وقبله رئيسا لجهاز المخابرات العامة غير أنه كان أفضل من أتباع إيران الحزبيين الذين كان الفساد ولا يزال هو برنامجهم الوحيد في الحكم. قد لا يكون الرجل فاسدا غير أن ما هو مؤكد أنه جزء من النظام. فهو مؤمن بالاحتلال وكل ما نتج عن ذلك الاحتلال من تجليات وتداعيات. لم ينقذ الكاظمي النظام إلا بسبب ارتباطه به. وقد يكون ذلك أسوأ أدواره. لقد أحبط لحظة تاريخية كان بإمكانها أن تغير تاريخ العراق المعاصر. اليوم تتجدد حاجة النظام السياسي في العراق إلى الكاظمي. حاجة تنطوي على خديعة من نوع مختلف. لا أدري هل سيكون لقب “رجل أميركا في العراق” صالحا لوصف الكاظمي غير أن الأحزاب والميليشيات الحاكمة في العراق تتعامل مع ذلك اللقب كما لو أنه حقيقة مطلقة. لقد تم استدعاء الكاظمي من الولايات المتحدة ليمنع وجوده ضربة إسرائيلية محتملة بعد أن أخذت إسرائيل الضوء الأخضر من مجلس الأمن. قيل الكثير عن علاقات الكاظمي المتشعبة بإدارة الرئيس ترامب. ولكنني لا أظن أن ما قيل كان صحيحا.هناك مسرحية تُدار بطريقة رثة في العراق، الغرض منها الهرب من دفع ثمن مستحق. فهل يستطيع الكاظمي أن يلعب هذه المرة دور المنقذ ثانية؟ أعتقد أنه أقل من أن يقوم بذلك.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: فی العراق بعد أن غیر أن

إقرأ أيضاً:

تفاصيل جديدة حول المقترح الذي تدرسه حماس

كشف التلفزيون العربي ، مساء الخميس 3 يوليو / تموز 2025 ، تفاصيل جديدة حول المقترح الذي تدرسه حركة حماس والذي يهدف للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة تبادل مع إسرائيل.

ونقل التلفزيون العربي عن مصادر قولها إن حركة حماس تدرس مقترح صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار ، مشيرة الي أن المقترح ينص على وقف لإطلاق النار مدة 60 يوما ومفاوضات جادة بشأن اتفاق نهائي.

وأوضحت المصادر أن الولايات المتحدة وقطر ومصر ستضمن إجراء مناقشات جادة بشأن ترتيبات الوقف الدائم لإطلاق النار.

وأشارت إلى أن الوسطاء سيضمنون استمرار المفاوضات الجادة بين حماس وإسرائيل لفترة إضافية إذا تطلب الأمر ذلك.

وقالت المصادر إن الاتفاق ينص على التزام ترامب باستمرار المفاوضات خلال 60 يوما بهدف إبرام وقف دائم لإطلاق النار(..) موضحة أن المفاوضات ستشمل الترتيبات الأمنية طويلة الأمد وترتيبات "اليوم التالي" في قطاع غزة .

وأضافت أن المقترح ينص على إفراج متزامن عن الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين دون استعراض عام(..) مشيرة إلى أن مسودة الاتفاق تنص على وصول المساعدات إلى غزة بكميات مناسبة وتوزيعها عبر قنوات متفق عليها.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين تفاصيل لقاء الشيخ مع وفد أوروبي لبحث وقف العدوان على غزة بالفيديو: 5 شهداء في قصف الاحتلال مدينة دير البلح وسط قطاع غزة إصابة مراسلة تلفزيون فلسطين إسلام الزعنون برصاص الاحتلال في غزة الأكثر قراءة الصحة العالمية تعلن إدخال أولى شحناتها الطبية إلى غزة وفد البرلمان العربي يزور معبر رفح غدا استطلاع : أغلبية إسرائيلية تعتقد أن حكم حماس في غزة سيستمر داخلية غزة : استشهاد 3 عناصر بقصف إسرائيلي جنوب القطاع عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • جسم غامض يخترق النظام الشمسي .. وعالم يرجّح أنه مركبة فضائية
  • شريهان تتصدر الترند بعد ظهورها في عرض مسرحية «يمين في أول شمال»
  • الحسان من كربلاء: الاستقرار الذي تحقق بالعراق لم يأتِ بالصدفة
  • حماس: نجري مشاورات مع الفصائل بشأن العرض الذي تسلمناه من الوسطاء
  • تامر عبدالمنعم وعصام كاريكا وأميرة فتحي أبرز حضور عرض مسرحية الملك وأنا
  • أسعار تذاكر وموعد عرض مسرحية «الملك لير» لـ يحيى الفخراني
  • تفاصيل جديدة حول المقترح الذي تدرسه حماس
  • بالصور .. أوتاكا مع عائلته في مسرحية يلا مسرح
  • السوداني: إسرائيل إنتهكت سيادة العراق
  • أكد أن انهيار النظام الإيراني يزعزع استقرار المنطقة.. السوداني: العراق يعزز قدراته الدفاعية لحماية أجوائه