رمطان لعمامرة 17 شهر من الترويح الأممي

محمد عصمت يحيي

في نوفمبر عام 2023 عيَّن الأمين العام للأمم المتحدة الجزائري الجنسية الوزير والدبلوماسي السابق رمطان للعمامرة مبعوثاً خاصاً له في السودان كيما يعمل على وقف وإنهاء الحرب وحماية المدنيين ومعالجة الأوضاع الإنسانية، وهنا من المفيد أن نتطرق إلي سيرة ذاتية مقتضبة للعمامرة فهو كمبعوث خاص للأمين العام لحل النزاع في ليبيريا خلال الفترة من 2003 – 2007 لم يُوفق في مهمته، ويُذكر عنه أيضاً تدخُلَه في بداية الإضطرابات الليبية فبراير 2011 وقبل إغتيال معمر القذافي في أكتوبر من نفس العام ولكن وصفت أيضاً مهمته بالفشل أيضاً وهو أمر بائن في تداعيات الحالة الليبية حتي اليوم، يشير كثير من المتابعين إلي فشل ملازم للعمامرة حتي في المناصب والمهام الموكولة له داخل بلاده الجزائر ولعل أبرزها فشله كوزير للخارجية الجزائرية إذ لم يستمر في إدارتها لأكثر من شهرين فقط وذلك بسبب فشله في معالجة ملف الصحراء المغربية وغيرها من الملفات الأمر الذي أدي بالجزائر إلي ما يشبه عزلة إقليمية ودولية تمت معالجتها فيما بعد بجهود دبلوماسية ورئاسية مكثفة.

.
منذ تعيين للعمامرة مبعوثاً خاصاً للسودان ظل حريصاً علي توُدِدِه وقُربِه من سلطة بورتسودان وفي ذات الوقت ظل علي تباعُدِه وجَفوتِه للقوي السياسية والمدنية رغم موقفها الرافض للحرب وعدم إنحيازها لأيٍ من الطرفين وبالطبع لم يُخفِ موقفه غير المُحايد كوسيط أممي تجاه قوات الدعم السريع، تعددت زيارات للعمامرة لبورتسودان (4 زيارات) كما تعددت لقاءاته مع القوي السياسية المساندة والمناصرة بورتسودان في القاهرة واديس أبابا وغيرها من العواصم في مقابل لقاءات قصيرة المدي مع قوي الثورة والتغيير والقوي السياسية والمدنية ربما أخذت الطابع الشخصي أكثر من الطابع المُنظم،*لذا لم يكن مُستغرباً من للعمامرة أن يحتفي بما أطلق عليها خارطة طريق مقترحة من (الحكومة السودانية) وما بين القوسين يستحق الإنتباه، لم يتوقف للعمامرة عند الإحتفاء فقط بالوثيقة الدستورية الفاقدة لعذريتها الثورية بل توجه بالدعوة لكل السودانيين للمشاركة في إثراء الوثيقة بالنقاش والحوار حتي يمكن إعادة بناء دولة سودانية موحدة، *ثم أعلن وبصراحة لا تليق بوسيط أممي تَبنِيه لها ومُعلناً أن خطوتهم القادمة هى تطويرها رغم صعوبة المهمة التي تنتظره، ضارباً عرض الحائط بكل مباديء وقِيم الأمم المتحدة وقرارات الإتحاد الإفريقي وإدانته لإنقلاب 25 أكتوبر 2021 على حكومة ثورة ديسمبر المدنية بإعتباره تغييراً غير دستوري.
مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة (الجزائري) رمطان لعمامرة في تَبنيهِ لخارطة طريق حكومة بورتسودان يبدو أنه قد نَسِي مقررات الإتحاد الإفريقي ومنها المادة 30 من القانون التأسيسي للإتحاد الإفريقي التي تنص علي عدم السماح للحكومات التي تصل إلى السلطة بطرق غير دستورية بالمشاركة في أنشطة الإتحاد، وكذلك «إعلان لومي» الذي أقره الاتحاد الأفريقي، عام 2000، الذي يرفض التغييرات غير الدستورية للحكومات، وفي غمرة تماهي المبعوث الأممي (الجزائري الجنسية) مع سلطة بورتسودان نسِي «الميثاق الإفريقي للديمقراطية والإنتخابات والحكم»، الصادر سنة 2007 والذي نص علي أن التغييرات غير الدستورية تشكُل تهديداً خطيراً للسلم والأمن والتنمية، هل نسي المبعوث الأممي الجزائري الجنسية قرار قمة هراري (1997) الذي يدين الإنقلابات، إن نسِي المبعوث الأممي الجزائري الجنسية كل هذه المقررات فهل نسي إعلان قمة بلاده الجزائر (1999) الذي يحظر حضور مؤتمرات القمم على القادة الذين إستولوا على السلطة عن طريق الإنقلاب.
المبعوث الأممي الجزائري الجنسية ومنذ إستلامه مهامه كمبعوث خاص للسكرتير العام للأمم المتحدة وضع أكبر منظمة دولية معنية بحفظ السلام والأمن الدوليين في مربع الإتهام بعدم المصداقية والتناقض مع مبادئها وقِيّمها.
إعفاء هذا المبعوث الذي لم يلتزم بمباديء المؤسسة الدولية ولا يأبه بالإتحاد الإفريقي كأكبر مؤسسة إقليمية والذي تحول من وسيط إلي حليف أصبح إعفاؤه ضرورة واجبة وخطوة أولي في طريق الحل لحرب خلفت أسوأ كارثة إنسانية في هذا العصر..
3 مارس 2025

الوسومأديس أبابا رمضان لعماملاة سلطة بورتسودان محمد عصمت

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أديس أبابا سلطة بورتسودان محمد عصمت

إقرأ أيضاً:

هل تمهّد التطورات الاخيرة في إنهاء حرب السودان المنسية؟

حسب الرسول العوض ابراهيم

شهد السودان في الأيام القليلة الماضية تطورات متسارعة على المستويين الداخلي والخارجي، كان لها أثر مباشر على مسار الحرب المستمرة منذ 15 أبريل 2023، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. فرغم شدة هذه الحرب وما خلّفته من دمار ومعاناة إنسانية، تراجع الاهتمام بها تدريجياً، في ظل تطورات سياسية وأمنية فرضت نفسها على المشهد، ودفعت الحرب إلى خلفية الأحداث.

في الداخل، عاد الجدل بقوة حول تشكيل حكومة كامل إدريس، ما أدى إلى تصاعد التوترات داخل تحالف بورتسودان، الذي يضم الجيش وبعض حركات دارفور وقوى من النظام السابق. هذا التحالف، الذي تشكّل كواجهة للحكم، سرعان ما أصبح ساحة للصراعات والمصالح المتضاربة، ووصل الأمر إلى تبادل الاتهامات وتسريب الاجتماعات السرية، مما كشف عن هشاشته وضعف انسجام مكوّناته.

تشكيل الحكومة الجديدة أصبح أكبر عقبة أمام أي قرار سياسي حاسم، سواء باتجاه استمرار الحرب أو الذهاب نحو التفاوض. فقد دخلت على خط الصراع قوى ومليشيات وكتل سياسية جديدة، أبرزها ما يُعرف شعبياً بـ”تحالف الموز”، وهو التحالف الذي دعم انقلاب 25 أكتوبر ضد حكومة حمدوك. هذا التحالف، الذي شعر بالتهميش، رأى في ارتباك كامل إدريس فرصة للعودة إلى دائرة التأثير، مما زاد الضغوط عليه.

على الأرض، أحرزت قوات الدعم السريع تقدماً مقلقاً في المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا، وبعض المناطق المحيطة به، وسط أنباء عن انسحاب القوات المشتركة من تلك المنطقة، ما سمح لقوات الدعم السريع بالتمركز هناك. وترافقت هذه الخطوة مع تهديدات باجتياح الولاية الشمالية، وهو ما زاد من توتر المشهد، وأثار تكهنات بترتيبات جديدة قد تُغيّر موازين القوى.

بعض المراقبين تحدثوا عن فتح “طريق عودة” بين الدعم السريع وبعض حركات دارفور المتحالفة مع الجيش، خاصة بعد كلمات التودد التي أطلقها حميدتي في خطابه الأخير. ويرى آخرون أن هذه التطورات قد تكون وسيلة ضغط على سلطات بورتسودان، لتثنيها عن تقليص حصة تلك الحركات في الحكومة المقبلة.

كان لظهور حميدتي وسط حشد منظّم من قواته دلالات واضحة، أبرزها إظهار الجاهزية لمرحلة جديدة. في خطابه، دعا حركات دارفور إلى فك ارتباطها بتحالف الجيش والانضمام إلى قواته، كما قدم اعتذاراً مبطناً عن الانتهاكات التي ارتكبتها قواته في الخرطوم والجزيرة وسنار والنيل الأبيض. غير أن هذه الاعتذارات وبتلك الرسائل لا تكفي لتجاوز الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في المناطق التي كانت تسيطر عليها .

كما وجّه حميدتي رسائل طمأنة إلى مصر، في محاولة لتحييد موقفها من الصراع وهو يعلم انها من اكبر داعمي سلطة بورتسودان، إلا أن من المستبعد أن تُغير القاهرة موقفها الداعم لسلطة بورتسودان بمثل هذه الرسائل، نظراً لتشابك مصالحها الكبيرة مع تلك السلطة .

خارجياً، كان اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران الحدث الأبرز. هذا الصراع الإقليمي الكبير شتّت انتباه القوى الداعمة لأطراف الحرب في السودان، مما ساهم في خفوت صوت الحرب داخلياً. ورغم اعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل إلا أن نتائج الحرب أضعفت إيران بعد تعرضها لهزيمة قصمت ظهرها ، وهي أحد الداعمين المهمين لتحالف بورتسودان، ما قد يؤدي إلى إعادة النظر في بعض التحالفات داخل السودان.

الانشغال الدولي بالحرب في الشرق الأوسط قد يمنح السودان فرصة نادرة لتعديل المسار، وقد يدفع بعض الأطراف للتفكير بجدية في تسوية سياسية تحفظ ما تبقى من نفوذها ومصالحها.

في المجمل، يمكن القول إن هذه التطورات المتسارعة، وإن لم تُنهِ الحرب بشكل مباشر، إلا أنها ساهمت في تفكيك بعض ملامحها، وفتحت الباب أمام مشهد جديد. وقد تكون هذه المرحلة فرصة لإعادة تقييم الخيارات، والسعي نحو تسوية سياسية تُنهي هذا الصراع الطويل والمنسي، الذي دفع ثمنه الشعب السوداني من أمنه ولقمة عيشه ومستقبل أجياله.

ولعلّ القول المأثور ينطبق على هذا الحال:
“مصائب قوم عند قوم فوائد” فربما تُفضي نتائج الحرب الإقليمية إلى فرصة لسلام داخلي، يكون السودان فيه هو المستفيد الأكبر.

كاتب ومحلل سياسي

الوسومحسب الرسول العوض ابراهيم

مقالات مشابهة

  • اختبارات إلزامية وزيادة سنوات الإقامة.. البرتغال تشدد شروط الجنسية
  • ترامب يهاجم "سي إن إن" و"نيويورك تايمز": شوهوا الضربات الأمريكية لإيران رغم نجاحها التاريخي
  • باراك: أمريكا تؤيد تطلعات السوريين لمستقبل أفضل
  • هل تمهّد التطورات الاخيرة في إنهاء حرب السودان المنسية؟
  • إحاطة من رمطان العمامرة.. جلسة مفتوحة لمجلس الأمن بالجمعة عن السودان
  • إتصال هاتفي بين رئيس الوزراء والمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة رمطان العمامرة
  • كامل إدريس يودع رسائل عاجلة في بريد “الأمم المتحدة”
  • حقيقة شطب هند صبري وسحب الجنسية منها
  • سحب الجنسية الكويتية من 129 شخصاً وإسقاطها عن حالة
  • أبو الغيط يدين التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس بدمشق