عن المؤتمر الوطني وواجهاته
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
عن المؤتمر الوطني وواجهاته
خالد فضل
أفصح الدستور التأسيسي الذي أقرّته مجموعة من القوى السياسية السودانية المسلّحة منها والمدنية عن هوية البلد الذي يرومون تأسيسه، وسموه نصّا (علماني ديمقراطي فيدرالي)، لا يسمح فيه بتكوين منظومات سياسية على أسس الدين أو الهوية الثقافية أو العرقية أو الجهوية. وبالتالي تكون الدولة بمنأى عن أي تحيّز لواحدة أو كل الانتماءات السابقة وغيرها ما دون الوطنية والإنسانية، وتتأسس مؤسساتها العسكرية والأمنية والمدنية على ذات الأسس.
فيما جاءت كلمة د. عبد الله حمدوك؛ رئيس وزراء الفترة الانتقالية السابق، رئيس تحالف صمود حالياً، وفيها يخاطب الشعب السوداني والمجتمعين الإقليمي والدولي مناشداً ومقترحاً عقد اجتماع مشترك لمجلسي الأمن والسلم في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، يؤمه قائدا الجيش والدعم السريع ورئيسا الحركة الشعبية/ شمال قيادة الحلو، وحركة جيش تحرير السودان/ قيادة عبد الواحد، وتحالف القوى المدنية الديمقراطية لوقف الحرب وبناء دولة السلام والحرية والعدالة على أسس المواطنة بدون تمييز. وابتدار حوار سوداني سوداني يستثني المؤتمر الوطني وواجهاته.
ميثاق تأسيس ومن بعد دستوره المعلن يمضيان خطوة للأمام في طرح رؤية أصحابه، ففيه ليس هناك مجال في الأساس لتكوين تنظيم على أسس ما دون الوطنية (السودانوية)، بمعنى أوضح لا يعبّر أي تنظيم عن توجه عقائدي أو جهوي.. إلخ، وفي هذه الحالة يحظر المؤتمر الوطني وواجهاته تلقائياً، فهو يقوم على تأسيس دولة إسلامية (مية المية) غض الطرف عن وفائه بما يدّعي، أو وجود دولة إسلامية أساساً، ولكنه- كامتداد لجماعة الإخوان المسلمين- تتغير لافتاته مع ثبات فكرته الرئيسة، تمكّن بصورة كبيرة من حبس معظم المسلمين السودانيين تحت سقف رؤيته، وثبّت دعايته السياسية في أذهان كثيرين لدرجة تصور مطابقة فكرة الدولة العلمانية مع الخروج عن الدين الإسلامي، إنّهم بسطوا سيطرتهم على فضاء واسع دون شك، فهيمنت القشور على جوهر الدين، وبات الولاء للأطروحات والممارسات السياسية الصادرة عن التنظيم هي الإسلام البديل. وتعددت الواجهات بالطبع، وسادت أدبيات العنف والإرهاب الفكري والمادي، مبررة في الغالب بالذود عن حمى الإسلام. وتمّ تحشيد مئات الآلاف من الشباب، وأخوات نسيبة بداعي الجهاد في الجنوب- سابقاً- ضد الكفرة الفجرة الذين يرومون السودان للسودانيين جميعهم؛ دولة علمانية ديمقراطية لامركزية.
ورغم أنّ جمهوراً معقولاً كان يعرف خواء فكرة الجهاد، وأنها رافعة سياسية لمزيد من التحكم في السلطة والثروة، إلا أنّ الضرورات الملجئة دفعت بالكثيرين لمواكبة الموضة، طمعا أو رهبة، ومع الأسف كلما أحنى الناس رؤوسهم، غاب عنهم النظر الجلي، وغامت أمامهم الرؤية وباتوا أكثر استسلاماً للدعاية المركزة ضد العقلانية والتأمل والتفكير الحر. وهذا ما يصفه قادة المؤتمر الوطني بتغلغل وتجذّر حزبهم في التربة السودانية، وهم بهذا (مبسوطين أوي)، يقيسون الولاء بالهتاف، والإسلام بالانتماء لتنظيماتهم، لأن هذا يكفيهم لبسط السيطرة وفرد غطاء الهيمنة.
لقد جاءهم في ميثاق التأسيس ما يتحاشونه لعقود، عودة لمنصة التأسيس للدولة الوطنية التي همها كل همها حياة الناس في الدنيا كيف تكون، بمعيار صريح بدون لولوة، مصدره قوانين الأرض وليس روحانيات السماء؛ فتلك كدح الفرد وليس واجبات الحكم وشؤون الدولة. وقد خبر الناس في السودان الدولة العلمانية وعاشوا تحت كنفها لعقود طويلة على أيام الاستعمار وما بعده حتى عقد الثمانينات من القرن الماضي، فما نقص من إسلام المسلم مثقال ذرة. وعاشوا دولة الإسلام المزعومة منذ ذلك العقد البئيس، فذاقوا وعرفوا ميل الميزان كيف يكون، وعانوا الويلات، حتى زهد بعضهم في الإسلام جملة واحدة، فنقص المسلمون ولم يزيدوا.
هذه هي الوقائع والشواهد، فقد فشلت الدولة الإسلامية في حفظ حدود الأرض فانقسمت، وجغمت منها أطراف فصمتت، ويأتيك الآن من يدعو بها ويشعل الحريق في كل الديار. ويح الناس ألا يعقلون.
الوسومالأخوان المسلمون الاتحاد الأفريقي الاستعمار الدولة الإسلامية السودان خالد فضل د. عبد الله حمدوك منصة التأسيس ميثاق التأسيسالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الأخوان المسلمون الاتحاد الأفريقي الاستعمار الدولة الإسلامية السودان خالد فضل د عبد الله حمدوك منصة التأسيس ميثاق التأسيس المؤتمر الوطنی وواجهاته
إقرأ أيضاً:
جبر: مستشفى التأمين الصحي الشامل بالعاصمة الإدارية ترجمة حقيقية لاهتمام الدولة بصحة المواطن
أكد القبطان محمود جبر، نائب رئيس حزب المؤتمر، أن مشروع إنشاء مستشفى التأمين الصحي الشامل بالعاصمة الإدارية الجديدة يُعد ترجمة حقيقية وواقعية لاهتمام الدولة بصحة المواطن، ويعكس رؤية واضحة لبناء منظومة صحية حديثة تقوم على إتاحة خدمات طبية متكاملة بجودة عالية لجميع منتفعي التأمين الصحي الشامل، خاصة في العاصمة الإدارية والمدن الجديدة المحيطة بها.
وأوضح نائب رئيس حزب المؤتمر أن المستشفى يمثل إضافة نوعية لمنظومة الرعاية الصحية في مصر، حيث تم تصميمه وفق أحدث المعايير الطبية العالمية، بما يضمن تقديم خدمات تشخيصية وعلاجية متكاملة تسهم في تحسين جودة الخدمة الصحية المقدمة للمواطنين، وتدعم جهود الدولة في الارتقاء بالبنية التحتية للقطاع الصحي.
اهتمام الدولة بملف التأمين الصحي الشاملوأشار القبطان محمود جبر إلى أن اهتمام الدولة بملف التأمين الصحي الشامل يعكس إيمانها بأن الصحة حق أصيل لكل مواطن، مؤكدًا أن هذا المشروع يأتي ضمن خطة قومية تستهدف تعميم منظومة التأمين الصحي الشامل وتوفير مظلة حماية صحية شاملة ومستدامة، قادرة على تلبية احتياجات المواطنين الحالية والمستقبلية.
وأضاف أن المتابعة المستمرة من الحكومة لمشروعات القطاع الصحي تؤكد الجدية في التنفيذ، وتسهم في سرعة الانتهاء من المشروعات ودخولها الخدمة بما يحقق أقصى استفادة للمواطنين، مشددًا على أن هذه المشروعات تمثل استثمارًا حقيقيًا في الإنسان المصري.