الدم يحنّ.. هل ملك بريطانيا مولع بالإسلام لأنه حفيد أميرة أندلسية؟
تاريخ النشر: 7th, March 2025 GMT
في منتصف القرن 19، اكتشف مخترع فرنسي طريقة للتصوير وطبع الصور على الورق. كانت الطريقة معقدة للغاية، تتضمن تغليف قماشة من القطن بمستخلص من بياض البيض، قبل غمرها في محلول نترات الفضة والماء، وتجفيفها في غياب الضوء، ثم تعريضها للأشعة فوق البنفسجية بطريقة محسوبة تحت "النيغاتيف". وبعد مراحل أخرى من المعالجة، تصبح الصور جاهزة للعرض.
كانت طريقة مكلفة ومعقدة تحتاج إلى خبرة وإمكانيات لم تُتح للعوام. لذلك، كان ملوك وأباطرة أوروبا يكلفون المصورين بتصوير أهم المعالم التي حملت أعمق المعاني وتركت أعظم الآثار.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الإمام شامل الداغستاني.. لماذا أشاد به رئيس أوكرانيا واعتبره مصدر إلهام؟list 2 of 2لماذا كُتبت "لا إله إلا الله" على دينار إنجليزي قبل ألف عام؟end of listفي تلك الفترة، كلفت ملكة بريطانيا، فيكتوريا (1819-1901) المصور البريطاني تشارلز كليفورد بالتقاط صور لقصر الحمراء في غرناطة الأندلسية، لتصبح صور أبواب القصر وجدرانه التي تحمل العبارة الأشهر "لا غالب إلا الله" من بين أوائل الصور التي طُبعت في التاريخ بهذه الطريقة. الآن، يحتفظ الملك تشارلز الثالث بهذه المجموعة من الصور، التي تظهر أدق التفاصيل للزخارف الإسلامية والكتابات، في دقة مثيرة للإعجاب بالنظر إلى أن الصور التُقطت في خمسينيات القرن 19.
فالملك تشارلز أحد أكثر الملوك الإنجليز معرفة بالإسلام؛ حضارة وثقافة وعُمرانا، حتى إنه أسس حدائق بعض قصوره الخاصة على النمط الأندلسي، مثل الذي يظهر في صور قصر الحمراء، وأصر فيها على غرس ثمار ورد ذكرها في القرآن الكريم مثل التين والزيتون.
هذا بخلاف إعجابه الظاهر برؤية الإسلام للعالم، وهو ما جعله يموّل مركزًا للدراسات الإسلامية في جامعة أوكسفورد. لكن تشارلز لم يرث الصور ولا الاهتمام بالإسلام عن جدته الملكة فيكتوريا، بل ربما يعود إلى جدة أخرى أقدم من زمن فيكتوريا بقرون.. هذه هي الأميرة زائدة الأندلسية.
إعلان زائدة الأندلسية وإرثها الباقي!لا يُعرف على وجه الدقة إن كانت زائدة من بيت مشهور من بيوتات الأندلس أم مجرد سرية من السراري والجواري التي كانت وقتئذ، ولكننا نعرف أنها عاشت حياتها في رفاهية داخل بلاط بني عباد في إشبيلية بعد زواجها من ابنه الأمير المأمون بن المعتمد الملقب بأبي الفتح، لتتوالى عليها الأحداث غير المتوقعة فيما بعد!
فقبيل منتصف القرن 11 الميلادي/القرن 5 الهجري، أصبح بنو عباد، الذين تعود أصولهم إلى شبه جزيرة سيناء وتحديدًا إلى العريش المصرية، أبرز ملوك الطوائف في الأندلس، متفوقين على حكام قرطبة من جيرانهم وذلك بعد سقوط دولة بني أمية وتشرذم الأندلس بين ملوك الطوائف، ولا شك أن هذا التحول كان نقطة فارقة لإشبيلية عاصمة بني عباد، فالمعتمد الذي كان والد زوجها المأمون، شهدت إشبيلية في عصره فترة ازدهار ثقافي وأدبي كبير، وجذبت العديد من الشعراء من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، كان من بينهم ابن حمديس الصقلي، إلى جانب المعتمد نفسه الذي كان شاعرا أيضا.
ولكن لم يدم الأمن طويلا، وعرضت في الأندلس عوارض السياسة وحوادثها، وكادت مدن الأندلس تسقط كلها في يد ألفونسو السادس لولا تدخل المرابطين عدة مرات، وفي الأخير قرر يوسف بن تاشفين التخلص من ملوك الطوائف وتوحيد الجزيرة، وكانت مدينة إشبيلية على رأس المدن التي قصدها ابن تاشفين بنفسه للقضاء على حكم بني عباد فيها، مما أدى إلى وقوع المعتمد في الأسر ونفيه إلى أغمات قرب مراكش في المغرب، حيث توفي هناك بعد فترة قصيرة وهو يندب خسارته في آخر قصائده قبل رحيله.
في تلك الحروب قُتل المأمون بن المعتمد خلال حصار المرابطين، عام 484هـ/1091م، وكانت زوجته زائدة في موقف شديد الصعوبة، لا سيما بعد أن تمكنت من الهرب بحثا عن مكان آمن شمال إشبيلية. لكن من سوء حظها، سقطت في أسر جنود ملك قشتالة، الذين أرسلوها إلى بلاط سيدهم في طُليطلة حيث أجبرت على العيش في ظروف مختلفة.
إعلانوالحق أن ألفونسو السادس، زوج زائدة المستقبلي، كان مصدر إزعاج كبير للمعتمد، خاصة حين سيطر على مدينة طليطلة وانتزعها من أصحابها من بني ذي النون عام 478هـ/1085م؛ إذ شكّل غزو ألفونسو لطليطلة ضربة قاصمة للمعتمد، كبير ملوك الطوائف.
وبحسب أستاذ التاريخ المختص بشبه القارة الإيبيرية في كلية لندن الجامعية، رودريغو غارسيا فاليسكو الذي نشر مقالًا سابقًا في معهد تابع لجامعة كامبريدج تناول فيه تلك الفترة التاريخية، لم تكن العلاقة بين زائدة وألفونسو السادس علامة على التسامح والتعايش، بقدر ما كانت تأكيدا على قوة وجبروت ألفونسو، على الأقل في طور العلاقة الأول.
كان ألفونسو السادس يحلم بأن يصبح الحاكم الأوحد لشبه الجزيرة الإيبيرية، بما فيها الأراضي الإسلامية، ووفقا للمؤرخ التونسي ابن الكردبوس التوزري في القرن 13، بدأ الحاكم القشتالي المغرور في تصوير نفسه على أنه "إمبراطور الديانتين"، أي الإسلام والمسيحية.
في تلك الأثناء وبدلا من إرسال الأميرة زائدة إلى أقاربها المنفيين في المغرب، قرر ألفونسو السادس أن يتخذها جارية له، في حين رجح بيلايو أسقف أوفييدو، بأن تكون زوجته.
وإذا كان وجود الأميرة المسلمة في البلاط المسيحي يمثل موضوعا حساسا في حد ذاته، فإن قرار ألفونسو السادس بجعل زائدة الأميرة المسلمة زوجته الشرعية لا بد أنه ترك الكثيرين حوله في حيرة ودهشة! إذ سرعان ما حملت زائدة وأنجبت سانشو، الابن الوحيد لألفونسو السادس، ويقال إنها تنصّرت واتخذت اسم "إيزابيل"، وقد توفيت بعد سنوات أثناء ولادتها ابنها الثاني لألفونسو.
كان من اللافت أن وصلت سلالة زائدة إلى إنجلترا بعد ارتباطها بألفونسو السادس ملك قشتالة وليون، فمن نسلها نشأت إيزابيل بيريز أميرة قشتالة، التي أُرسلت في القرن 14 إلى إنجلترا للزواج من إِيرل كامبريدج، ريتشارد كونسيرج.
إعلانثم قاد ابنهما ريتشارد دوق يورك تمردا ضد الملك هنري السادس، وهو التمرد الذي تطور لاحقا ليصبح ما يعرف "بحروب الورود"، التي استمرت لعقود قبل أن يتولى إدوارد الثاني ابن ريتشارد، العرش في عام 1461، وبذلك، وصل إرث الأندلس، إسبانيا الإسلامية، إلى البلاط الملكي لسلالة بلانتاجانت الحاكمة في بريطانيا، فلعل ولع تشارلز الثالث بالإسلام وحضارته يرجع إلى ما يجري في عروقه من إرث كامن لهذا الدين العظيم ولو من جهة التاريخ.
تشارلز والحضارة الإسلاميةفي عام 2015 زار ولي عهد بريطانيا وأمير ويلز وقتها الملك تشارلز الدوحة عاصمة قطر، وقد اقتضى البروتوكول أن يصحبه رئيس مكتبة قطر الوطنية ووزير الدولة حمد الكواري الذي لاحظ اهتمام تشارلز بالإسلام وتراثه وحضارته، حتى إن الكواري نقل عن تشارلز أن لديه انطباعا بإهمال العرب لحضارتهم وعدم قيامهم بدورهم المطلوب في تعريف العالم بهذه الحضارة، والغريب أنه في معظم حديثه كان يشير إلى الحضارة والتراث، ولا يستعمل كثيراً لفظ الثقافة إلا قليلا.
ويضيف الدكتور حمد عبد العزيز الكواري: "من قراءاتي عنه وجدت أنه يُتقن قراءة الخط العربي، ومن أقواله التي قرأتها له: العالم الإسلامي هو القيِّم على واحد من أعظم كنوز الحكمة والمعرفة الروحية المتراكمة المتاحة للبشرية".
يبدو اهتمام ملك بريطانيا بالإسلام وتراثه وحضارته، وقراءته الجيدة عنه، أمرا لافتا وقديما؛ مقارنة بمن سبقوه من ملوك وملكات بريطانيا، وفي ظل دولة عُرفت بتاريخها الإمبريالي الضخم في المنطقة العربية والإسلامية، بل قبل عدة عقود، عبّر الملك تشارلز الثالث عن رفضه لنظرية "صراع الحضارات"، التي تدعي وجود صراع بين الإسلام والغرب.
في عام 1993، تولى تشارلز رعاية مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية، حيث ألقى خطابا مشهورا لا يزال متداولا حتى يومنا هذا بعنوان "الإسلام والغرب"، هذا الخطاب الذي لم يكن تقليديا أو متوقعا من أحد أفراد العائلة المالكة أو السياسيين الإنجليز البارزين، تناول فيه الدور الحيوي الذي لعبته الحضارة الإسلامية في تشكيل التاريخ الأوروبي، وأكد حينها أن الإسلام "عنصر أساسي في ماضينا وحاضرنا، وقد أسهم بشكل كبير في بناء أوروبا الحديثة. إنه جزء لا يتجزأ من تراثنا". كما دعا الغربيين إلى إعادة النظر في تصوراتهم المشوهة حول الإسلام، مشيرا إلى أن الشريعة الإسلامية في جوهرها تقوم على "العدالة والرحمة"، وفقا لما جاء في القرآن الكريم.
إعلانكما أكد تشارلز الثالث أن الإسلام منح المرأة حقوق الميراث والملكية، سابقا بذلك غيره منذ 1400 عام، مشيدا بروح التسامح التي ميّزت الحضارة الإسلامية في العصور الوسطى، كما أعرب عن أسفه لافتقار الغرب إلى الوعي بالفضل الكبير الذي تدين به الحضارة الأوروبية للإنجازات الإسلامية. واعتبر تشارلز المجتمعات المسلمة في بريطانيا جزءا أساسيا من النسيج الوطني، حيث وصفها بأنها "مصدر قوة" يسهم في إثراء التنوع الثقافي للبلاد.
وبدلا من الدعوات التي تطالب المسلمين بالتخلي عن هويتهم كشرط للاندماج، طرح تشارلز رؤية للتكامل تقوم على التفاهم المتبادل، حيث دعا المسلمين إلى التوفيق بين هويتهم الثقافية والدينية مع المشاركة الإيجابية في المجتمع البريطاني، وأكد في الوقت ذاته على أهمية احترام الممارسات الدينية الإسلامية والابتعاد عن السلوكيات التي قد تسبب إساءة.
هذا الخطاب كان بمثابة رسالة قوية من وريث العرش آنذاك إلى مسلمي بريطانيا، ومعظمهم من أصول مهاجرة، مفادها أن وجودهم في البلاد ليس مجرد أمر واقع مفروض، بل هو إضافة قيمة.
وبسبب هذه المواقف التي تحترم الإسلام وحضارته وتراثه، تعرض تشارلز لسخرية من معلقين مناهضين للإسلام بسبب اهتمامه بالحضارة الإسلامية، وكان من بين هؤلاء المعلق الأميركي المحافظ دانيال بايبس، الذي كتب مقالة بعنوان "هل اعتنق الأمير تشارلز الإسلام؟"، مستندًا إلى ما اعتبره "أدلة"، مثل مشاركة الأمير في إفطار رمضاني، وانتقاده لسلمان رشدي بسبب إهانة معتقدات المسلمين العميقة.
ولعل ذلك ما دفع مفتي قبرص من قبل، ناظم الحقاني في عام 1996 ليدلي بتصريح مثير للجدل ادّعى فيه أن تشارلز الثالث، ملك بريطانيا، وولي العهد وقتئذ قد اعتنق الإسلام سرا.
وقال الحقاني: "هل تعلم أن الأمير تشارلز أصبح مسلمًا؟ نعم، لقد حدث ذلك في تركيا. تحقّق من عدد زياراته إلى تركيا وسترى أن ملككم المستقبلي مسلم"، ولكن سرعان ما جاء رد قصر باكنغهام مختصرا وواضحا بأن هذا الكلام محض هراء، وذلك وفقا لتقرير نشرته "ميدل إيست آي" عشية تقلد تشارلز الثالث لعرش الملكية في بريطانيا، كاشفة فيه أبرز مواقفه تجاه الإسلام وحضارته.
وبحسب ما يرى هشام هيلير الباحث بمؤسسة كارنيغي للسلام في واشنطن، والزميل المشارك بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن وبالمركز الإسلامي بجامعة كامبردج، فإن اهتمام تشارلز بالحضارة والفكر الإسلامي، مرجعه أعمال المفكر الفرنسي رينيه جينو، الذي وُلد كاثوليكيا وتلقى تعليمه في جامعة السوربون أوائل القرن 20، والذي رأى أن الحداثة الغربية المبنية على أسس مادية، تمثل انحرافا عن المسار الطبيعي لتاريخ البشرية، الأمر الذي دفعه فيما بعد إلى اعتناق الإسلام وسمى نفسه عبد الواحد يحيى، ليطلِّق المقام في الغرب، ويقرر المكوث والزواج في القاهرة التي قضى نحبه فيها بعد حياة فكرية حافلة لصالح الإسلام وحضارته.
إعلانومما يؤكد وجود هذا التأثر الواضح من المفكر الفرنسي المسلم عبد الواحد يحيى، ما جاء في خطاب ألقاه تشارلز عام 2006، الذي قال فيه: "إذا دافع التقليديون عن الماضي، فذلك لأن الحضارات ما قبل الحداثة كانت تقوم على وجود المقدس"، واعتبر أن عصرنا الحديث يتسم "بالتفكك والانفصال والتفكيك".
وفي خطاب سابق أمام الجمعية العامة لكنيسة أسكتلندا عام 2000، حذر من أن عصرنا يواجه خطر فقدان المعرفة بالقيم الروحية والمقدسة، ومن ثم رأى تشارلز أن العالم الحديث، خاصة في الغرب، أصبح "استحواذيا واستغلاليا"، وأشار إلى إمكانية تعلم مفهوم "الوصاية على الطبيعة الروحية والسرية للعالم" من الإسلام.
لقد نظر رينيه جينو -أو عبد الواحد يحيى الذي تأثر به تشارلز- إلى الشرق كمصدر للإلهام الفكري، وكتب عدة مؤلفات عن الهندوسية والطاوية قبل أن يغادر باريس إلى القاهرة، حيث انضم إلى الطريقة الأحمدية الشاذلية الصوفية ودرس في الأزهر الشريف، وتوفي مسلمًا في القاهرة عام 1951.
في كتابه "الشرق والغرب" يفكك رينيه جينو أسس الحياة والتقدم المادي عند الغرب، ويعيب عليهم نقمتهم على الشرق وأفكاره وشرائعه لأنها في زعمهم ثابتة راكدة وهذا عكس مفهوم التقدم الذي يرونه، يقول ناقدا هذه الرؤية: "في رأينا، هذا الطابع يعني أن هذه الحضارات الشرقية تشترك في ثبات المبادئ التي تستند إليها، وهذا أحد الجوانب الأساسية في مفهوم العلم الرباني، وما كانت الحضارة الحديثة دائمة التغير إلا لأنها لا مبدأ لها تستند إليه".
دور رينيه جينو في تشكيل رؤية الملك تشارلز للعالم والحضارتين الغربية والإسلامية أثار دهشة العديد من المعلقين، وكان من بينهم المؤرخ العسكري ماكس هاستينغز، الذي عبّر عن انتقاده في مراجعة لكتاب تشارلز "الانسجام.. طريقة جديدة للنظر إلى عالمنا"، حيث كتب في صحيفة "ديلي ميل" يقول: "الخطر الأكبر الذي يواجه مؤسستنا الملكية في العقود المقبلة يكمن في رؤية تشارلز الصوفية ذات النوايا الحسنة والمضطربة"!
إعلان تشارلز وتقديره للعمران والبيئة والفنون الإسلاميةومهما يكن من أمر، فقد استغل تشارلز أثناء ولايته للعهد ترجمة أفكاره هذه إلى ممارسات واقعية، ففي عام 1993، أطلقت مؤسسته برنامجًا للفنون البصرية الإسلامية والفنون التقليدية، حيث تعلم الطلاب فنون المنمنمات المغولية والبلاط العثماني والخط العربي، وكان البرنامج يستضيف شخصيات بارزة مثل الفيلسوف سيد حسين نصر، والباحث مارتن لينغز، الذي ألف سيرة ذاتية مشهورة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأكد أنه تأثر بعمق عندما قرأ أعمال المفكر المسلم رينيه جينو للمرة الأولى، وفي عام 2004، تطور البرنامج ليصبح مدرسة الأمير التأسيسية للفنون التقليدية.
كما تتجلى علاقة تشارلز بالفن الإسلامي في تفاصيل حياته الشخصية أيضا، مثلما يظهر في حديقة "السجاد" المستوحاة من التصاميم الإسلامية في منزله، وقد شرح تشارلز فكرته قائلا: "زرعتُ أشجار التين والرمان والزيتون في الحديقة، وهي أشجار ورد ذكرها في القرآن الكريم".
وفي خطابه الذي ألقاه عام 1996 تحت عنوان "إحساس بالقداسة.. بناء جسور بين الإسلام والغرب"، أشار تشارلز إلى أن تبني وجهات النظر الإسلامية حول النظام الطبيعي والبيئي يمكن أن "يساعد الغرب على إعادة التفكير في كيفية تحسين الرعاية العملية للإنسان وبيئته".
وفي عام 2010، تناول تشارلز هذه الأفكار بتفصيل أكبر في خطاب ألقاه بمركز أكسفورد للدراسات الإسلامية، الذي كان راعيه منذ عام 1993، حيث قال في خطابه: "من خلال ما أعرفه من التعاليم الأساسية للإسلام، فإن مبدأ أساسيا يجب أن نأخذه بعين الاعتبار هو أن وفرة الطبيعة لها حدود، وهذه ليست حدودا اعتباطية، بل هي حدود يفرضها الله، وإذا كان فهمي للقرآن صحيحا، فإن المسلمين مأمورون بعدم تجاوز هذه الحدود".
وفي ذات الخطاب وصف تشارلز الإسلام بأنه يحمل "أحد أعظم كنوز الحكمة المتراكمة والمعرفة الروحية المتاحة للبشرية"، مشيرا إلى أن هذا التراث العظيم غالبًا ما طُمس بسبب هيمنة "المادية الغربية".
إعلانوأكد قائلا: "الحقيقة المؤلمة هي أننا نتشارك هذا الكوكب مع بقية المخلوقات لسبب بالغ الأهمية: لا يمكننا العيش بمعزل عن شبكة الحياة المتوازنة بشكل دقيق من حولنا. لقد أدرك الإسلام هذا الأمر دائمًا، وتجاهلُ هذا الدرس يعني التقصير في علاقتنا مع الخالق".
كما أشار إلى أمثلة من التخطيط الحضري الإسلامي عبر التاريخ، مثل أنظمة الري في الأندلس قبل 1200 عام، كنماذج على كيفية تطبيق "التعاليم النبوية" في إدارة الموارد طويلة الأمد، بدلا من التركيز على "مصالح اقتصادات المدى القصير".
تأثير الإسلام في الغربلم يقف تشارلز عند تقديره البالغ للجانبين الروحي والمادي في الإسلام وحضارته، بل تعداه إلى بعض شرائعه وقوانينه التي يمكن الاستفادة منها في عالمنا المعاصر، ففي خطاب ألقاه عام 2013 أمام المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي في لندن، أظهر إلماما كبيرا بالتمويل الإسلامي وفوائده المحتملة للأسواق المالية العالمية.
وقال: "من المؤكد أنه من المفيد استكشاف كيفية استفادة الأسواق من الروح المتأصلة في الاقتصاد الأخلاقي للإسلام، التي يمكن أن تساهم في تبني نهج عادل وأخلاقي لإدارة المخاطر النظامية في الاقتصاد والأعمال والتمويل. فعلى سبيل المثال، تعمل مشاركة المخاطر، التي تتضمن التعاون بين المقرضين والمقترضين، بشكل مختلف عن التمويل التقليدي، الذي ينقل المخاطر بسرعة وبشكل متكرر إلى طرف آخر، مما يحقق ربحًا أحادي الاتجاه".
وقد أشار تشارلز الثالث في عدة مناسبات إلى إسهامات المسلمين في مجالات العلوم والفنون والدراسات الأكاديمية المختلفة، ففي خطاب ألقاه بجامعة الأزهر عام 2006، قال: "يجب أن نتذكر في الغرب أننا مدينون لعلماء الإسلام، فقد حافظوا على كنوز المعرفة الكلاسيكية خلال العصور المظلمة في أوروبا".
كما أضاف في معهد ماركفيلد للتعليم العالي في ليسترشاير قبل عدة سنوات، معلقا على دور الإسلام في تطور الرياضيات: "على أي شخص يشك في مساهمة الإسلام والمسلمين في النهضة الأوروبية أن يجرب إجراء بعض العمليات الحسابية البسيطة باستخدام الأرقام الرومانية، يجب أن نقول الحمد لله على الأرقام العربية ومفهوم الصفر الذي قدمه علماء الرياضيات المسلمون إلى الفكر الأوروبي".
إعلانلعل وجود ملك يؤمن بالحوار بين الأديان، ويبحث عن الحكمة في القرآن وثقافة المسلمين خارج أوروبا التقليدية، يمثل نقطة ضوء وسط عالم تتصاعد فيه النعرات اليمينية، التي طالت تشارلز نفسه في بعض الأحيان. ولعل تأثر تشارلز بالإسلام يعكس رؤية أوسع وأكثر توافقًا، عبّر عنها حين قال إن "العالم الإسلامي ليس آخَرَ يمكن مقارنته بالغرب؛ إنه جزء من تراثنا المشترك ومستقبلنا المشترك".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان أبعاد الحضارة الإسلامیة القرآن الکریم تشارلز الثالث ملوک الطوائف الملک تشارلز الإسلامیة فی قصر الحمراء رینیه جینو فی القرآن فی الغرب کان من من بین فی عام إلى أن
إقرأ أيضاً:
ماذا نريد لأنفسنا عندما نريد الحلول لأزماتنا؟
تنظم بين الحين والآخر، في الوطن العربي، العديد من المؤتمرات والندوات والملتقيات في مختلف المواضيع التي تهم الوطن وتحدياته، وفيما ينبغي التخطيط له للمستقبل، في ظل الحملات المغرضة ضد العرب والمسلمين التي يخططها اللوبي الصهيوني. وللرد على الاتهامات الجاهزة المسبقة التي تبث عبر بعض أجهزة الإعلام، في الجوانب السياسية والفكرية والاجتماعية. وكيفية الخروج من وضعنا القائم والقاتم، في بعض البلدان العربية، خاصة في هذا الظرف الصعب، حيث نواجه أيضًا أزمات عديدة وصعبة.
وكلما تنتهي أزمة تظهر أزمة أخرى، لعل أهمها التخلف العلمي والتشرذم السياسي والتراجع التقني والاقتتال الأهلي، في بعض البلدان العربية. وما تزال هذه البلاد تعاني، مثل هذه التوترات والصراعات، كما يجري الآن من الحرب الداخلية في السودان بين الفرقاء السياسيين المتنافسين على تقاسم الحكم والنفوذ، والتي تسببت بتدمير السودان الذي يعاني في الأصل من أزمات سابقة لحروب منها حرب التي تلت انفصال الجنوب عن الشمال، وأدت إلى هجرات إلى بعض الدول المجاورة، وخروج الكثير من السودانيين إلى بلدان أخرى من أجل العمل والبعد عن الحرب القائمة.
أيضًا ما تعانيه غزة المنكوبة الآن من حرب إبادة جماعية من النظام الصهيوني العنصري، وهو اليمين المتطرف الحاكم في إسرائيل، الذي لم يكتف بما فعله في تدمير البنية التحتية لغزة وسحق كل مقومات هذه المدينة ومزارعها وممتلكاتها، ولكل مقومات الحياة فيها، وتدمير المستشفيات، ومنع دخول المواد الغذائية والطبية، لكن نتنياهو مصمم على إنهاء كل ما يمت صلة بغزة ومن فيها بصفة معدة ومخططة، من أجل التهجير إن استطاع.. لكنه لا يستطيع أن يفرض ذلك على شعب قوي الإرادة في البقاء في أرضه، لكن تحت مسمى القضاء على حركة حماس، وحماس فكرة لن تزول إلا بزوال الاحتلال.
فالأمة تعيش بالغ الصعوبة في مسائل، تحتاج منها إلى مراجعة ذاتها وظروفها وسياساتها القائمة في قضايا ومرئيات عديدة، وكيفية العمل الجاد للخروج من هذه الأزمات بمقاربات واقعية واعية بالواقع والظروف الراهنة، دون الهروب إلى آراء بعيدة عما تعانيه من مشكلات تزداد أزماتها من اختفائها، بدلًا من الحلول الإيجابية لهذه الأزمات. وهي تحتاج إلى خطوات فاعلة واتفاق الأمة على رؤى إيجابية وثاقبة، دون أن نرمي مشاكلنا على المؤامرات الخارجية ولا نراجع ما واجهناه من سياسات خاطئة، وهي الجدار القصير للهروب من المراجعة، حتى لا نحاسب أنفسنا على سلبيات نحن فعلناها، وليست نتيجة من مؤامرات من أعدائنا كما يقال.
كل هذه الأسباب تجعل واقعنا أليما إذا ما ظلت الظروف والمفاهيم التي نعيشها بعيدة عن الإسلام الذي لا نختلف على مبادئه الصافية وحقائقه الثابتة وسننه التي لا يتجاوزها الزمن. فأي وجهة نريدها نحن كعرب ومسلمين في هذا الظرف الراهن؟ لا شك أن الأمم مثلها مثل الفرد قد تصاب بالأمراض وقد يعتريها الضعف والوهن، لكن الدواء الذي يجب أن تتجرعه لإصلاح ذاتها هو مبادئها واستلهام سنن التطور من ثوابتها؛ فالإسلام يؤمن بثبات الأصول العامة والقيم العليا ويؤمن كذلك بالمتغيرات في التفاصيل والجزئيات والفروع، وهو مفهوم يقوم على التوازن وعلى الربط بين الثابت في مجال الأصول والمتغير في مجال الفروع.
وهذا هو منهج الإسلام الذي كان يجب أن تسير عليه الأمة وتستقيم على هداه.. فالبناء في الحاضر والمستقبل لا يمكن أن يقوم ويقوى إلا على أسس قوية ثابتة في الأعماق. فإذا فقدت الأمة الثقة في قيمها ومبادئها فقد أذنت بتدمير نفسها بنفسها ومن ثم التبعية لغيرها.. وهذا ما عبر عنه أصدق تعبير العالم المسلم محمد أسد في كتابه: (على مفترق الطرق): «نحن لا نحتاج إلى فرض إصلاح على الإسلام، كما يظن بعض المسلمين؛ لأن الإسلام كامل بنفسه من قبل، أما الذي نحتاج إليه فعلا فإنما هو إصلاح موقفنا من الدين، بمعالجة كسلنا وغرورنا وقصر نظرنا، وبكلمة واحدة معالجة مساوئنا نحن لا المساوئ المزعومة في الإسلام، ولكي نصل إلى إحياء إسلامي، فإننا لا نحتاج إلى إن نبحث عن مبادئ جديدة في السلوك نأتي بها من الخارج، إننا نحتاج فقط إلى أن نرجع إلى تلك المبادئ المهجورة فنطبقها من جديد».
وهذه المبادئ ليست غامضة ولا محتكرة لأية أمة من الأمم، بل لا توجد وصاية لأحد على هذا الدين القويم، لكن من يود أن يضطلع بمهمة الاجتهاد ومشروعية التجديد يجب أن يكون مؤهلا وقادرا على الاستنباط الصحيح والسليم، لا أن يجتزئ وينتقي من المبادئ والآراء، ما يوافق رغباته وميوله واتجاهاته وينسبها إلى الإسلام، وقد تكون مخالفة صريحة وتأتي بأخطاء ومخالفات ربما تجر الويلات والمشكلات مع التفريق بين تجاوز النصوص الصريحة القاطعة.
القضية الأخرى الساخنة في الظرف الراهن ما عرف على تسميتها بـقضية الإسلام والغرب و«الخوف من الإسلام» و«ظاهرة الإرهاب والتطرف والغلو» وغيرها من القضايا التي كانت مدار الحوارات والنقاشات في الندوات والمراكز البحثية من أواخر القرن الماضي وحتى الآن، فإن هذه القضية التي يروج لها الغرب نعتقد أنها مفتعلة رغم أننا نتأثر بكل ما يطرحه الغرب ويتحدث عنه تجاه ما يصدر عنا نحن المسلمين، سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا وفق مفهومه وتفسيره.
فتهمة الإرهاب مثلا صفة لصيقة بالإسلام والمسلمين على الرغم أن الإرهاب ظاهرة عالمية، والشواهد والقرائن كثيرة ومتوافرة، فإذا ما صدر عن بعض المسلمين أعمال إرهابية أو عنف تأتي التهمة للإسلام مباشرة، وإذا جاءت من مسيحيين أو يهود أو غيرهم ينسب إليهم بصفتهم أفرادا ينتمون إلى دولة معينة وليس لدين أو عقيدة. وعندما جاءت محنة البوسنة والهرسك في التسعينات من القرن الماضي، والظلم الذي لحق بالبوسنيين آنذاك، لم تتهم المسيحية بهذه المذابح والمجازر، وإنما جاء الاتهام إلى «كاراديتش» وميليشياته (صرب البوسنة)، وعندما قامت الهند بتفجيراتها النووية لم تنسب التفجيرات إلى الديانة الهندوسية، لكن عندما قامت باكستان بتفجيراتها النووية، كرد دفاعي فقط على تفجيرات الهند، قامت قيامة الغرب ولم تقعد، وتحدثت المحطات الفضائية مثل (CNN) وكبريات الصحافة العالمية، عما أسمته بـالقنبلة الإسلامية» والآن بدأت نغمة المفاعل النووي الإيراني (الإسلامي) وخطره المقبل على الاعتدال والحضارة الإنسانية لكن السلاح النووي الإسرائيلي ـ كما يرون ـ لا يمس ولا يذكر مخاطره على الحقوق العربية السليبة ويرفض ذكره ومناقشته ومساواته بالمفاعل النووي الإيراني والباكستاني!
والغريب أننا نسمع بين الحين والآخر صيحات بعض الكتّاب والمثقفين العرب والمسلمين فيما يسمونه (تصحيح صورة الإسلام)، أي تصحيح للإسلام كما يطلبون منه وهم يكررون أقوال بعض اللوبي في الإعلام الغربي؟ فإذا ما قامت أفراد أو جماعات معينة بتجاوزات أو أخطاء، هل يعد هذا هو الإسلام؟ لماذا لم نسمع في الغرب سواء من كتّاب أو مفكرين بعد مظالم الصرب ومجازرهم التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا، والمجازر في العراق وفلسطين من يدعو إلى «تصحيح صورة المسيحية واليهودية» أي عدل في هذه الأحكام؟ إن الإسلام بريء من تجاوزات بعض المسلمين، وهي قليلة بالمقارنة بما فعلته وتفعله الآن إسرائيل في فلسطين خاصة في غزة، وما فعله غزو العراق ؟ وما يفعل الآن بالمسلمين في كثير من بقاع العالم! صحيح أن المسيحية واليهودية بريئتان من فعلة الصرب ومجازر اليهود، ومن معايير الغرب المزدوجة ومقاييسه الظالمة، لكننا للأسف نضعف عندما يتحدث الغرب عن أخطاء بعضنا وتهمته لنا بالأصولية، ويتمنى بعضنا أن يكون في حفلة تنكرية طول حياته حتى يتوارى عن الأنظار خجلًا ما يفعله بعض أبناء جنسه، مع أن أحداث البوسنة مرت على الغرب كأي قضية مع بشاعتها، بل إن بعض المفكرين البارزين، وهو «صمويل هنتنغتون» صاحب أطروحة (صدام الحضارات)، الشهيرة التمس الأعذار للصرب عندما قال صراحة: «إن المسلمين يدّعون أن الغرب يكيل بمكيالين (في إشارة تقاعس الغرب عن حماية البوسنيين ودعم إسرائيل ـ بيد أن من المحتم أن يكون عالم الحضارات المتصارعة هو عالم الكيل بمكيالين، فالناس ـ كما يقول ـ يكيلون بمكيالين للبلدان التي تمت إليهم بقرابة وبمكيال مختلف للآخرين». فلماذا ينسب للإسلام كل ما يفعله بعض المسلمين لا ينسب لغيره من الأديان عند أفعال أتباعهم بنفس المعايير؟
القضية إذا واضحة لا تحتاج إلى كثير من الجهد أو العناء للبحث عن مقاييس الغرب التي أصبحت ملء السمع والبصر في عالمنا المعاصر، وتزداد مع الوقت وكأنها بديهية من البديهيات. صحيح نحن لا ننتظر من الغرب أن يكون معنا عادلا ومنصفا لقضايانا، لكن من الصعب أن نتفهم هذه المجاهرة بالعداوة وفي الوقت نفسه يطالبنا أن نطبق أفكاره في مجتمعاتنا ويعتبر أن تميزنا عنه فكريا انحراف عن الجادة حسب فهمه لأنهم ـ أي المسلمين ـ لهم شخصيتهم الحضارية ولهم نظرة مغايرة للنموذج الغربي، وما دام المسلمون مستقلين فكريًا عن الغرب فإن هذه النظرة الاستقلالية في نظره خطر عليه سيما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001 التي أعادت الأحكام السابقة للعرب والمسلمين.
النقطة الأساسية التي تشغلنا في راهننا هي: أي وجهة للإصلاح نريد؟ تلك هي القضية الأهم بغض النظر عن مفاهيم الصراع ومقولات الصدام التي يطرحها الغرب؛ لأن الأمر يحتاج إلى طرح مثل هذه التساؤلات في ظل عالم اليوم الذي ـ كما قلنا ـ أصبح متداخلًا ومتشابكًا ولا مجال للهرب أو التقوقع ومن هذه المنطلقات أصبح هذا الأمر ملحًا وضروريًا لطرحه ومناقشته.
قد يقول قائل إن الوجهة التي نريدها ليست في أيدينا ولا نملك زمام التحرّك والانطلاق في ظل ضعفنا وتراجعنا الحضاري وتأزمنا السياسي، لكن هذا القول تنقصه الكثير من الوقائع والمدركات وخصائص الأمم، فالتاريخ شأن متحرك ولا يمكن أن يتوقف عند أمة من الأمم، ولذلك فإن ضبط التاريخ عند حضارة الغرب كما قال به بعض الباحثين ضرب من الوهم، والذي يريد الإصلاح عليه أن ينطلق من الواقع الذي يعيش فيه ولا يستورد الأفكار والنظريات المعلبة ويطبقها على الواقع العربي، فهذا ليس إصلاحًا بل تخريبًا من الداخل، وزيادة في المشكلات وليس حلها، وهذه هي سنن الحضارات والثقافات عبر التاريخ، ولا يمكن أن ننجح في الإصلاح الذاتي والتفكير المستقبلي لأمتنا في الاتجاه السليم، إلا من خلال الرجوع إلى ثقافتنا وهويتنا وتاريخنا، ونستمد منهما العبر والتجارب الإصلاح المنشود والتفاعل مع العصر ومقتضياته المتفاعلة في عصرنا الراهن.