في عالمٍ يتحرك بسرعة الضوء، حيث تتقلص المسافات وتندمج العوالم في فضاء رقمي واحد، تدرك الدول أن البقاء ليس لمن يراقب التغيير، بل لمن يصنعه. وفي قلب هذا التحول، تقف سلطنة عُمان، ليس كمتلقٍّ للتكنولوجيا، بل كصانعٍ لمستقبلٍ رقمي يتناغم مع هويتها وتطلعاتها التنموية.

منصات رقمية أفقٌ جديد للإدارة والحكم:

حين أعلنت عُمان تدشين ثلاث منصات وطنية، لم يكن ذلك مجرد خطوة تقنية، بل إعلانًا عن مرحلة جديدة، حيث تتحول العلاقة بين المواطن والحكومة من معاملة ورقية جامدة إلى تفاعلٍ ديناميكي مباشر.

منصة «تجاوب» ليست مجرد نظام لتلقي الشكاوى والمقترحات، بل هي جسرٌ يربط المواطن بصانعي القرار، حيث يصبح الصوت الفردي جزءًا من نسيج السياسات العامة. إنها فلسفةٌ جديدة في الحكم، حيث تتحول الحكومة من سلطة منفصلة إلى كيانٍ يسمع، ويستجيب، ويتفاعل.

أما «المنظومة الوطنية للتخطيط والتقييم»، فهي عقلٌ رقمي يُفكر، ويُحلل، ويُقيّم المسار نحو «رؤية عمان 2040». إنها ذاكرةٌ مؤسسية ذكية تحفظ الأداء، وتضع السياسات تحت مجهر التدقيق المستمر، فلا يُترك النجاح للصدفة، ولا يُسمح للفشل بالاستمرار.

وأخيرًا، تأتي «البوابة الوطنية الموحدة للخدمات الإلكترونية» بصفتها نافذة شاملة تُعيد تعريف مفهوم الخدمة الحكومية. لم يعد المواطن بحاجةٍ إلى أروقة البيروقراطية، بل بات بإمكانه إنجاز معاملاته بكبسة زر، في فضاءٍ رقمي يحاكي المستقبل. لقد أصبح من الممكن للمواطنين والمقيمين إنجاز العديد من الخدمات الحكومية في وقت قياسي، مما يعزز من مستوى الشفافية والفاعلية الإدارية.

بين الفلسفة والاقتصاد معًا نتقدم:

في قلب هذا التحول، يبرز ملتقى «معًا نتقدم»، حيث لا يكون المواطن مجرد متلقٍ للقرارات، بل شريكًا في صناعتها. إنه تحوّلٌ في الفلسفة السياسية، حيث لم تعد الدولة كيانًا يُصدر القوانين من برجٍ عاجي، بل فضاءً مفتوحًا للنقاش والحوار.

في هذا الملتقى، تُناقش الخطة الخمسية القادمة، ويُرسم مستقبل الوظائف والمهن، وتُدرس أوجه التنمية الاقتصادية. ليس الحديث هنا مجرد استعراضٍ للإنجازات، بل رحلةُ تفكير جماعي في اقتصاد الغد، حيث لا يُنظر إلى التحديات كمشاكل، بل كمشاريع تنتظر من يحوّلها إلى فرص.

الهوية الرقمية حين

يلتقي التراث بالمستقبل:

لكن السؤال الفلسفي العميق هنا: هل يمكن لدولةٍ أن تتحول رقميًا دون أن تفقد جوهرها؟ هل يمكن أن تعبر عُمان نحو المستقبل دون أن تُبدّد روحها التاريخية؟

الجواب يكمن في التفاصيل، وفي قدرة الدولة على بناء نظام رقمي لا يطمس هويتها، بل يعيد تعريفها في سياقٍ حديث.

فالتحول الرقمي في عُمان ليس انفصالًا عن الماضي، بل استمرارية له، حيث تلتقي الحكمة العُمانية العريقة بأدوات العصر الحديث.

إنه ليس مجرد «رقمنة» للخدمات، بل هو تجديد للفكر الإداري، حيث تصبح الحكومة كيانًا أكثر مرونة، وأكثر قربًا من نبض الشارع.

إن هذا النهج يثبت أن التقدم الرقمي لا يعني التخلي عن القيم الثقافية، بل يمكن استخدام التكنولوجيا لتعزيزها ونقلها إلى الأجيال القادمة.

المستقبل ليس وجهة بل رحلة مستمرة:

ما تفعله سلطنة عُمان اليوم ليس مجرد قفزةٍ تقنية، إنما هو رسمٌ لملامح دولةٍ لا تنتظر الغد، بل تسعى إليه. إنها تدرك أن التحول الرقمي ليس مجرد مشروع، إنما هو ثقافةٌ جديدة، عقليةٌ تُعيد التفكير في طريقة إدارة الموارد، وتوجيه الطاقات، وصياغة السياسات.

وهذا يعني أن عملية الرقمنة لا تعد تحولا لحظيا، بل رحلة مستمرة تتطلب الابتكار والتطوير الدائم لضمان تحقيق أقصى فائدة للمجتمع.

في النهاية، نحن لا نتحدث عن تقنيات جامدة، بل عن إعادة هندسة العلاقة بين المواطن والدولة. هذا هو جوهر العصر الرقمي: ليس أن تكون لديك منصات إلكترونية، بل أن تكون لديك رؤيةٌ تجعل هذه المنصات جسورًا حقيقيةً نحو مستقبلٍ أكثر ذكاءً، وأكثر إنسانية.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

اسم الأردن يسيطر على الفضاء الرقمي بعد تأهله إلى نهائيات كأس العالم

صراحة نيوز ـ سيطر اسم الأردن خلال الساعات الأخيرة على الفضاء الرَّقمي بعد أن تأهل إلى نهائيات كأس العالم 2026، بيد أنَّ هذا الإنجاز كان يقف خلفه دعم ملكي سامٍ عبر 25 عامًا من الرِّعاية والعمل وصل خلالها فريق النشامى لثاني آسيا واليوم يتحقق الحُلم ويحجز له مكانًا في أهم حدث رياضي عالمي.

وكتب مسؤولون وإعلاميون رياضيون منشورات على منصات التواصل الاجتماعي الرقمية تشيد بالأردن واهتمامه بالإنسان الأردني والذي حقَّق ما سعى للوصول إليه في هذه المرحلة التي ستنعكس نتائجها على كل مفاصل الحياة في الأردن بشكل إيجابي كبير.

وبرهن اهتمام منصات الإعلام الرقمية بالتأهل، على أنّ الإنجاز الأردني، صنعه الاهتمام والسعي والمثابرة التي أولاها جلالة الملك عبد الله الثاني طيلة 25 عامًا من قيادته للأردن ومتابعة سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، وسمو الأمير علي بن الحسين.

المحلل والإعلامي الرياضي في مجموعة قنوات بي إن سبورت الرياضية عثمان القريني، كتب عدة منشورات على منصاته الرقمية قال فيها: “تحيا الأردن فنحن في كأس العالم لأول مرة في تاريخنا ومنذ تأسيس الإتحاد الأردني لكرة القدم عام 1946”.

وأضاف: “لقد فزنا عن جدارة واستحقاق وأن الله لم يضيع جهودًا جبارة بٌذلت بأمانة وإخلاص من منظومة اللعبة ممثلة باتحاد كرة القدم برئاسة الأمير علي بن الحسين وبتشجيع ومتابعة وتواصل من جلالة الملك عبدالله الثاني، وحضور وتحفيز من ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني والذي كان بين جماهيرنا في مسقط ومعه سمو الأمير هاشم بن عبدالله الثاني وقبلها كان سمو ولي العهد متابعا وحاضرا ومحفزا للنشامى في تدريباتهم ومهتما بأدق التفاصيل وعارفا بما يجري ويحدث دون إغفال الدور الفعال والكبير الذي لعبه الجهاز التدريبي بقيادة إبن المغرب الكابتن جمال السلامي والكادر الطبي والإداري”.

وتابع: “ألف تريليون مبروك ل 11 مليون أردني التفوا حول النشامى كإسوارة من الألماس حول معصم اليد، فجاءت مكافأتهم بفوز وتأهل “بيستاهلوه” بعد تعب وجهد وصبر”.

لاعب منتخبنا الوطني السابق والمدرب عبد الله أبو زمع قال: “إلى كأس العالم يا أبطال” مرفقًا صورة لكأس العالم ملفوفا بالعلم الأردني.

كما قال رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني انفانتينو، في مقطع مصور انتشر على نطاق واسع على المنصات الرقمية: “من المثير أن نرحب بالأردن للمرة الأولى في نهائيات كأس العالم”، واصفًا النشامى بأنهم كانوا مذهلين خلال مشوارهم إلى نهائي كأس آسيا الأخيرة في قطر، ويستحقون بلا شك هذه الفرصة بكأس العالم في الصيف المقبل.

وقال: “أحسنتم، ونراكم قريبًا على الساحة العالمية، لقد صنعتم التاريخ، وأقدم لكم أحر التهاني على التصفيات الرائعة والناجحة وسيكون لكم مقعد في نهائيات كأس العالم 2026 والتي ستجري في كل من كندا والمكسيك والولايات المتحدة الأميركية”.

ونشر الاتحاد الدولي صورًا للاعبي المنتخب الأردني على منصاته الرقمية وقال فيها، “إنها لحظة تاريخية وحجز الأردن مقعده في نهائيات كأس العالم، مرحبا بالنشامى في كأس العالم”.

وكتب على صفحة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في “فيسبوك”، إن الأردن تأهل بإنجاز تاريخي لأول مرة إلى كأس العالم، وأتبعته بمنشور آخر لمقطع مصور للاعب علي علوان وتسجيله ثلاثة أهداف في المباراة التي جرت مع فريق سلطنة عمان، قائلة إن “الجليد في عروقه والأهداف في حذائه دليل على هدوئه عند تنفيذ ركلة الجزاء وتسجيل ثلاثية لن تنسى، ولمسة من الطراز الرفيع، سلس وحاد ولا يمكن إيقافه بعد الهدف الثاني”.

الإعلامي القطري ومذيع قنوات الكأس الرياضية خالد جاسم كتب على صفحته: “المنتخب الأردني يتأهل رسميا إلى كأس العالم 2026، ألف مبروك للشعب الأردني، مبروك يالنشامى”.

الصحفية في قناة المملكة هبه جوهر كتبت على صفحتها: “لا أحب الكرة، لكنني أحب المنتخب، ولم أقرأ الحسابات الرياضية واحتمالات التأهل من عدمها، لكن قرأت دعاء سمو الأمير الحسين بن عبدالله ولي العهد وهو يتمتم قبل تسديد علي علوان لركلة الجزاء أمام سلطنة عُمان ويحرز الهدف الأول وسمعتها بصوت أمي تقول يا رب”.

وأضافت أنّها “تحب ذلك الحلم الذي خرج من بين الصخور ونما أمام عيوننا وكبر في شوارعنا وزيّن مسيرتنا، وجعلنا نسمع أغنية “وعلا علم بلادي” بصوت يزن النعيمات ورفاقه”.

ولفتت إلى أنَّها “تُحب أن يطلب أطفالنا تي شيرت موسى التعمري بدلا من أي نجم عالمي، وأن نصنع أبطالنا ونجومنا بوجوه تُشبهنا، وأن تكون نماذجنا “بلدية”، صُنعت في الأردن تُحاكي جيلها، وتبني إرثا لأجيال ستأتي، وأحبَّت روح الفريق، وجدعنة الأصحاب، والتخلي عن الأنانية، وأن نحرز ثلاثية بتوقيع علي علوان تختصر كل شجاعة المنتخب وبسالة لاعبيه، وأنَّها تُحب ورود الأردن البلدية تلك التي نبتت من مفاصل الصخر”.

لاعب منتخبنا الوطني يزن العرب وصف على منصته الرقمية خفايا رحلة التأهل وقال “الحمد لله تأهلنا إلى كأس العالم، حلم كتبناه بالعَرق، وحقّقناه بالإصرار، وكثير منكم رأى الصورة النهائية، الفرحة، اللحظة، بس قليل يعرفون ماذا حدث قبل ذلك”.

ولفت إلى أنَّ شهورًا من الضغط مرَّت، “إصابات، ولحظات ألم، ومرات لم نستطع النوم من التعب، وسافرت آلاف الكيلومترات من كوريا الجنوبية، بين مباراة وأخرى، أقاتل مع النادي، وأرجع أقاتل للوطن، أقاتل حتى أحفظ مكاني”.
وأضاف: “فرق توقيت أنهكني، جسمي كان يلعب بساعته القديمة، أنام وأنا لازم أكون صاحي، وأصحى وأنا لازم أكون جاهز! بس كل مرة كنت ألبس شعار النشامى كنت أنسى التعب، لأن اللعب عشان الأردن ما بيعرف تعب، بيعرف شرف ومسؤولية ووطن ورانا!”.

وشكر يزن كل من دعمه بلحظة صعبة، وكل مدرب آمن به، ولكل زميل قاتل معه ولكل مشجع صرخ باسمه واسم النشامى.

وقال: “هذا التأهل ليس له وحده هو لكل أم أردنية دعت، ولكل طفل كان يحلم، هذا لبلدنا الأردن وجاهزون لنكتب التاريخ في كأس العالم”.

عمَّار علي كتب على صفحته على منصة فيسبوك: “بأخلاق الفرسان نقول مبارك للمنتخب الأردني الشقيق هذا الأداء الذي يستحق أن يكون ضمن الفرق المتأهلة لكأس العالم عن جدارة واستحقاق”.

لاعب منتخب النشامى نور الروابدة قال: “في لحظة صار الحلم واقعًا وفي ثانية تذكرت كل شي: البدايات، الإصابات، لحظات اليأس وكل تعبنا صار له معنى، تأهلنا لكأس العالم مش بس إنجاز، هو وعد قدمناه لوطنّا وحققناه، شكراً لكل قلب دَعَم، شكراً لكل صوت هتف، ولقلب الأردن النابض هذا الفوز إلكم اللهم لك الحمد”.

واستذكر المعلق الرياضي العُماني خليل البلوشي الإعلامي الرياضي الأردني محمد الكيالي والذي كانت أمنيته بأن يتأهل الأردن إلى كأس العالم لكنه رحل عن الدنيا وأمنيته تحققت وأن الأردن الآن في كأس العالم، مباركًا للنشامى التأهل التاريخي مرفقًا صورة للعلم الأردني إلى جوار كأس العالم.

الصحفي سهم العبادي قال: “يا سلام يا نشامى، يا نسل الأنباط ويا حُراس الحُلم ويا فزعة العَلَم لما يرفرف فوق الهامات، الأردن إلى المونديال”.

وأضاف: “مبروك لكل أم أردنية كانت تدعي، ولكل أب وهو يحبس أنفاسه، مبروك للي وقفوا خلف المنتخب باللي شافوا في الفريق صورة الوطن، هؤلاء نشامى الأردن مش لاعبين، هذول سفراء شعب”.

المعلق السعودي فهد العتيبي كتب منشورًا على منصته الرقمية وقال: “جنون في تصفيات آسيا تسبب في تأهل الأردن رسمياً إلى كأس العالم لأول مرة في تاريخهم، طالبًا مشاهدة هدف الأردن السينمائي الذي جعل المعلق عصام الشوالي يُعلن أنه هدف عالمي بسبب الطريقة الجنونية التي استخدمها لاعبو النشامى في هذا المشهد!!”

وأضاف أنَّ هذا الهدف الأردني يجب عرضه على شاشة ملعب مباراة افتتاح كأس العالم استقبالاً لمنتخب تاريخي سوف يكتب التاريخ في هذا المونديال.

وقال: “صمت رهيب في عمان بأكملها بعد هذه التحفة الفنية التي بدأها الفنان يزن النعيمات بلمسة ساحرة وانتهت بشكل خرافي من علي علوان في الشباك العمانية

مقالات مشابهة

  • ولي العهد: يجب إنهاء تداعيات العدوان الإسرائيلي الكارثية.. وإيجاد واقع جديد تنعم فيه فلسطين بالسلام
  • كم العدد المسموح لتناول البيض يوميا قبل أن يصبح ضاراً
  • اسم الأردن يسيطر على الفضاء الرقمي بعد تأهله إلى نهائيات كأس العالم
  • حوار ساخر عن “الموز” يحوّل مهرّجاً إلى نجم نقاش اقتصادي في أمريكا!.. فيديو
  • برلمانية تشيد بإطلاق خدمات الجيل الخامس: خطوة نحو عصر رقمي جديد
  • برلماني: الجيل الخامس خطوة استراتيجية نحو المستقبل الرقمي
  • المغرب يصبح أكبر مضيف لمراكز البيانات في أفريقيا
  • وزير الاتصالات يطلع على واقع العمل في الهيئة الوطنية لخدمات تقانة المعلومات
  • "ڤودافون مصر" تعتمد على خبرتها العالمية في دعم جهود التحول الرقمي وتطلق تكنولوجيا ال" 5G" بأوسع تغطية
  • مصر: اطلاق شبكة الجيل الخامس رسمياً