معًا نتقدم .. منصة وطنية جامعة
تاريخ النشر: 8th, March 2025 GMT
يشكلُ ملتقى (معًا نتقدم) منصة وطنية جامعة للتفاعلِ بين الحكومةِ والمجتمع، ونركز هنا على مصطلح (التفاعل) كمصطلحٍ أوسع من (الحوار)؛ لأنه مع توالي نُسخِ عقد الملتقى تضافُ بعض الأحداث الموازية على هامش الحوار عن السياسات العامة والإجراءات والنسق الحكومي؛ ففي نسخة هذا العام (فبراير 2025) تم الإعلان عن إطلاق بعض المنصات الوطنية، وهي: المنظومة الوطنية للتخطيط والتقييم ومتابعة الأداء، والمنصة الوطنية للمقترحات والشكاوى والبلاغات (تجاوب)، والبوابة الوطنية الموحدة للخدمات الإلكترونية، عوضًا عن إقامة بعض الأركان التفاعلية المصاحبة، هذا غير أن نمط الحوار كان مرتكزًا إلى الاستجابة الفورية فيما يطرح من بعض القضايا، وخاصة تلك التي تعنى ببعض الحالات الاستثنائية والفردية، سواء في قضايا الشباب، أو ريادة الأعمال، أو الحماية الاجتماعية ومنظومات التقاعد، كما أن هناك سردية غلبت على حديث المسؤولين الحكوميين بتضمين بعض استجاباتهم لقصص نجاح عايشوها في سياق المجتمع، وتحديدًا في قطاع الأعمال الريادية.
نحاول في هذه المقالة تقديم بعض الأفكار التي في تقديرنا من شأنها أن تضيف إلى هذا الحدث السنوي المهم، ويمكن أن نبدأ من فكرة أن تكون هذه المنصة حدثًا وطنيًّا للإعلان عن المشاريع الوطنية الكبرى في القطاعات المختلفة؛ سواء كانت في قطاعات الهياكل الأساسية والخدمات الاجتماعية، أو في القطاعات الاقتصادية الكبرى، أو المشروعات في قطاع تطوير العقار والعُمران. ما يحدث اليوم هو أن هناك مشروعات متعددة ومتوالية يتم الإعلان عنها على مدار العام؛ ولكن ذلك يتم بطريقة مجزأة؛ فتأخذ بعض المشروعات حيزها الكافي من التناول والانتشار والمناقشة وفهم أبعاد الأهمية الاستراتيجية، فيما بعضها الآخر يأخذ حيزًا محدودًا من ذلك وربما يغيب وسط مجموعة من الأحداث وإعلانات المشروعات الأخرى. إن اتخاذ منصة مثل هذا الملتقى للإعلان وإعطاء (الزخم التنموي) للمشروعات الوطنية الاستراتيجية، واتخاذ الملتقى كمنصة لمتابعة مراحل الإنجاز والتقدم فيها لاحقًا بشكل سنوي من شأنه أن يحقق معادلة (الزخم التنموي) المنشود لبعض المشروعات. مع أهمية التركيز على المشروعات الخدمية التي تخدم جوانب الصحة والتعليم والتنقل والإسكان، كونها تتماس بشكل مباشر مع الاحتياج الاجتماعي والضرورات التي ينشدها المجتمع. ونعتقد كذلك أنه من الجيد أن تخصص لهذا الملتقى منصة إلكترونية دائمة، تكون مزودة بالتقارير والتحديثات والبيانات والمعلومات حول ما يتمخض عنه، سواء كان من إجراءات حكومية استحدثت على إثر النقاشات الموسعة فيه، أو مشروعات تم الإعلان عنها خلال أحداثه، أو تحسينات في الخدمات تم البدء فيها على وقع مناقشاته. وهذا ما يكسب الملتقى في تقديرنا متابعة أوسع، ويجعله أكثر من فرصة موسمية سنوية للتفاعل مع الحكومة إلى منصة جامعة يستطيع المواطن من خلالها التعرف على الأحداث/ المشروعات/ السياسات العامة بشكل مستمر وبتفاصيلها المبسطة والقريبة من الفهم العام.
ويمكن للقيمين على الملتقى كذلك مناقشة إمكانية إقامة بعض النسخ القادمة منه خارج مسقط، وهو ما سيدعم التركيز على ملامح النمو الاقتصادي لا مركزيًّا، وأن يشهد المشاركون مسارات التنمية المحلية في المحافظات عبر مشروعاتها الاستراتيجية ومرافقها الخدمية، كما سيمكن من اقتراب الملتقى من خارج المركز، وهو ما يتناغم من دعم جهود التنمية المحلية من ناحية، ويتيح الفرص للساكنة خارج المركز للاقتراب من مشهد السياسات العامة -مع إدراكنا أن عملية اختيار المشاركين تأخذ في الاعتبار تنوع ساكنيتهم عبر المحافظات المختلفة- ولكنها التحرك المكاني نعتقد أنه قد يوسع فكرة التفاعل مع الحدث خلال النسخ القادمة. ومن بين الأفكار التي ننشدها توسيع نطاق التفاعل بإشراك القطاع الخاص لإيجاد وتقديم التحديثات حول المشروعات الكبرى التي يقودها جنبًا إلى جنب مع الحكومة، وتقديم رؤيته ومقاربته الاقتصادية لمشهد التنمية والاقتصاد الجديد الصاعد، والتفاعل المباشر مع المواطنين عبر تقديم تلك الرؤية بما يعتريها من تحديات وتسهيلات. ويمكن له كذلك أن يستثمر في هذه المنصة للإعلان عن مشروعات الاستثمار الاجتماعي الكبرى التي تقودها شركاته ومؤسساته العاملة في مختلف القطاعات وعلى امتداد الجغرافيا.
ومن بين الأفكار التي نركز عليها كذلك إمكانية إضافة جلسة موازية تعنى سنويًّا بتسليط الضوء على متغيرات ومستقبل عمل الحكومات، والكيفية التي تواكب من خلالها مؤسسات الدولة تلك المتغيرات ومحكات المستقبل، ويمكن خلالها استضافة المتحدثين الدوليين المختصين في مثل هذه الجوانب، ويتم خلالها سنويًّا العمل على إعلان السياسات/ المنصات/ الإجراءات المواكبة لتلك المتغيرات، بما فيها مشروعات التحول الرقمي والحكومة الإلكترونية، أو التشريعات التي من شأنها أن تجود العلاقة بين الحكومة والمتعاملين باختلافهم. تتوقع التحليلات أنه بحلول عام 2030 فإن 80-90% من التفاعلات بين الحكومات والمستفيدين ستكون عبر الإنترنت، في الوقت الذي يعظم فيه الذكاء الاصطناعي أهمية وجود مهارات جديدة لدى الموظفين الحكوميين، وتتعاظم فيه ضرورات استثمار الحكومات في الأمن السيبراني لتعزيز منظومة خدماتها الحكومية، كل هذه المتغيرات الناشئة وأكثر من الجيد أن تُفرَد لها نقاشات حول المتغير العالمي فيه وكيفية الاستجابة له في السياق المحلي. وفي العموم تشكل تجربة (معًا نتقدم) أداة مهمة لتعزيز الوعي بالسياسات العمومية، وتمكين المسؤولين الحكوميين من فهم (رجع الصدى) على بعض السياسات والإجراءات القائمة، وتقريب المحددات الحكومية من فهم الحاجيات الاجتماعية القصوى في قطاعات التنمية المختلفة.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
اللكمة التي أشعلت حرب ترامب على الجامعات الأميركية
في تقرير مطول، أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" بأن التهديدات التي يطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومعاونوه بحجب مليارات الدولارات من أموال الحكومة الفدرالية عن الجامعات لم تكن وليدة اللحظة، بل تعود إلى ولايته الأولى.
وقالت إن إدارة ترامب تلاحق الجامعات التي يُزعم أنها ظلت تتسامح مع تنامي ظاهرة معاداة السامية في أروقتها، وتتوعد جامعة هارفارد وغيرها من الجامعات الأميركية المرموقة بحرمانها من التمويل الفدرالي للأبحاث التي تجريها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غارديان: أكاذيب وسائل التواصل الاجتماعي غذت اندفاع الهند وباكستان نحو الحربlist 2 of 2برلماني سابق: هؤلاء هم "الإخوان" الحقيقيون في فرنساend of listوقد اتهم البيت الأبيض الجامعات بالفشل في حماية الطلاب اليهود خلال الاحتجاجات في الحرم الجامعي ضد إسرائيل بسبب حربها على قطاع غزة التي بدأت في عام 2023.
ومع ذلك، فإن الصحيفة تشير إلى أن فكرة استهداف جامعات وكليات النخبة بحجب التمويل عنها برزت قبل سنوات، مضيفة أن العديد من المحافظين لطالما كانوا يبحثون في طرق لمكافحة ما يعتبرونها عللا ليبرالية معادية للغرب في مؤسسات التعليم العالي الأميركي، حتى إن البعض منهم الذين يحتلون مواقع في إدارة ترامب الحالية يضغطون من أجل إحداث تغيير.
ونقلت وول ستريت جورنال في تقريرها عن مسؤولين في الإدارة أن هاجس ترامب بما يدور في الجامعات بدأ منذ عام 2018، وأصبح الآن منشغلا بحملة البيت الأبيض -التي يقودها ستيفن ميلر كبير مستشاريه للسياسة الداخلية- للتأثير على الجامعات الأميركية، وخاصة هارفارد.
إعلانوقد رفعت جامعة هارفارد دعوى قضائية ضد قرار إدارة ترامب منعها من قبول الطلاب الأجانب.
ويتهم كبار الموالين لترامب الجامعات بأنها غارقة في الأفكار التقدمية لدرجة أن التغييرات التدريجية الصغيرة لن تكون كافية، وأن على الحكومة الفدرالية فرض تحول ثقافي كبير.
كبار الموالين لترامب يتهمون الجامعات بأنها غارقة في الأفكار التقدمية لدرجة أن التغييرات التدريجية الصغيرة لن تكون كافية، وأن على الحكومة الفدرالية فرض تحول ثقافي كبير.
لكن الصحيفة تقول إن الحاجة إلى ثقافة جديدة في الجامعات كانت فكرة لم تجد صدى، حتى أثارت لكمة في الوجه انتباه ترامب. ففي فبراير/شباط 2019، أقام ناشط محافظ يدعى هايدن وليامز منبرا في جامعة كاليفورنيا في مدينة بيركلي، لإقناع الطلاب بالانضمام إلى مجموعة "تيرنينغ بوينت أميركا" التي أسسها ناشط محافظ آخر اسمه تشارلي كيرك.
وانتشر مقطع فيديو يظهر رجلا مجهول الهوية يسخر من وليامز -أثناء نقاش حاد- قبل أن يوجِّه إليه لكمة قوية. وظهر بعدها وليامز على قناة فوكس نيوز بعين سوداء. ولم يكن المهاجم، الذي أُلقي القبض عليه لاحقا، ولا وليامز نفسه يدرسون في الجامعة.
وأشار تشارلي كيرك إلى أنه قال لترامب إن هذه الحادثة فرصة عليه أن يغتنمها للدفاع عن الطلاب المحافظين، وأنهما تحدثا عن حجب التمويل الفدرالي عن المؤسسات التعليمية التي تنتهك حرية التعبير. وكشفت وول ستريت في تقريرها أن دونالد ترامب الابن نسب الفضل إلى كيرك في دفع هذه الإستراتيجية.
وبعد حوالي أسبوعين من الواقعة، صرح ترامب بأنه يعتزم التوقيع على أمر تنفيذي يلزم الكليات والجامعات بدعم حرية التعبير إذا ما أرادت الحصول على أموال البحوث من الحكومة الاتحادية.
وبعد مدة وجيزة، وقّع ترامب على الأمر التنفيذي، إلا أنه تم تعطيله من قبل المعارضين الذين كان من بينهم جمهوريون في الكونغرس وبعض مسؤولي البيت الأبيض.
إدارة ترامب في الولاية الرئاسية الأولى الأساس القانوني للمعركة الحالية التي تدور رحاها بينها وبين الجامعات الأميركية.
ورغم ذلك، وضعت إدارة ترامب في الولاية الرئاسية الأولى الأساس القانوني للمعركة الحالية التي تدور رحاها بينها وبين الجامعات الأميركية.
إعلانوخلال السنوات الأربع التي تفصل بين ولايتي ترامب الأولى والثانية، بدأ بعض مسؤولي إدارته السابقة في التخطيط لكبح جماح مؤسسات التعليم العالي مرة أخرى.
وقد وضع صانعو سياسات التعليم العالي المحافظون خريطة لكيفية استخدام السلطة التنفيذية، متوقعين، في ذلك الحين، أن الجمهوريين قد لا يملكون 60 صوتا اللازمة للتغلب على تعطيل مجلس الشيوخ.
ووفق تقرير الصحفية، فقد شكلت المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين -التي عمّت الجامعات في الولايات المتحدة في أعقاب هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والحرب اللاحقة في غزة- دافعا مفاجئا للإدارة الأميركية لتنفيذ تهديداتها.
ففي جلسة استماع في الكونغرس في ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام استجوب أعضاء مجلس النواب رؤساء 3 جامعات كبرى حول تقارير معاداة السامية.
واغتنمت مراكز الدراسات المحافظة، التي تعج بأنصار ترامب، هذه الفرصة للدفع بأجندتها. ففي يناير/كانون الثاني 2024، عقدت مؤسسة "هيريتيدج" فعالية لإطلاق فرقة عمل وطنية لمكافحة معاداة السامية. وانضم عدد من مسؤولي ترامب في ولايته الأولى، بمن فيهم ديفيد فريدمان، السفير السابق لدى إسرائيل.
وكان أن تشجّع فريق ترامب بفوزه بانتخابات الرئاسة 2024 وحصوله على دعم كافة الشرائح الديمغرافية تقريبا. وعقب تنصيبه بأسبوعين، أعلنت وزارة العدل عن تشكيل فرقة عمل جديدة لمكافحة معاداة السامية، وأصدرت في وقت لاحق قائمة بـ10 جامعات مستهدفة شملت جامعات هارفارد وكولومبيا وديوك ونيويورك، بالإضافة إلى جامعة بنسلفانيا وجامعة كاليفورنيا في إيرفين.
غير أن استطلاعات الرأي الأخيرة، من بينها واحد أجرته صحيفة وول ستريت جورنال، أظهرت أن الأميركيين يعارضون بأغلبية ساحقة قطع تمويل الجامعات للأبحاث الطبية.
إعلانكما أعربت مؤسسة الحقوق الفردية والتعبير في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا -وهي من أبرز منتقدي الجامعات التي تزعم أنها تقمع وجهات النظر المحافظة- عن معارضتها لتكتيكات ترامب، بما في ذلك التهديد بقطع تمويل الأبحاث في جامعة هارفارد.