ثمة فارق كبير بين التفاؤل الأمريكي والغضب الإسرائيلي بشأن المفاوضات المتعلقة باتفاق هدنة غزة، وهو فارق يوضح المسافة بين مصالح دولة عظمى كالولايات المتحدة من المؤكد أنها أكبر بكثير من مصالح شخص يحاول اختطاف «دولة» بكاملها وتوظيفها في خدمة منفعته الذاتية، كما هو الحال بالنسبة لنتنياهو.
لم يكن الدخول الأمريكي على خط التفاوض المباشر مع حركة «حماس» التي تصنفها الولايات المتحدة منظمة «إرهابية»، سوى التعبير الأوضح عن حالة الإحباط واليأس من المماطلة والألاعيب والمناورات التي يستخدمها نتانياهو، والتي طالت أكثر مما ينبغي، في التعامل مع ملف المفاوضات واتفاق هدنة غزة.كما أنه يأتي استجابة للنداءات التي يوجهها أهالي الرهائن المحتجزين في قطاع غزة ومعهم جزء كبير من المجتمع الإسرائيلي الذي لم يعد يثق بنتانياهو وبات يتوجه مباشرة إلى الإدارة الأمريكية والرئيس ترامب. وفوق هذا وذاك، يبعث إصرار نتانياهو على العودة للخيار العسكري واستئناف الحرب، رغم عدم جدواه، برسائل مقلقة للإدارة الأمريكية.
ثمة تحذيرات إسرائيلية كثيرة من استئناف الحرب، منها ما يتعلق بعدم استعداد الجيش ورغبته في استئنافها، ومنها ما يتعلق بأهداف الحرب نفسها التي لم تتحقق على مدار 15 شهراً، وما إذا كانت ستؤدي إلى تدمير القدرات الفلسطينية، أو إعادة من تبقى من الرهائن الأحياء. وبالتالي فقد تبلورت قناعة لدى معظم الإسرائيليين بأن الهدف الحقيقي من العودة للحرب هو إرضاء اليمين الإسرائيلي المتطرف للحفاظ على الائتلاف الحكومي لأطول فترة ممكنة. وبطبيعة الحال، لا يمكن إسقاط هدف تهجير الفلسطينيين، حتى ولو بذريعة تنفيذ خطة ترامب، لكنه خيار ثبت فشله، وزاد من تمسك الفلسطينيين بأرضهم ووطنهم، وهو يتناقض مع رغبة إدارة ترامب المعلنة في إخماد نيران الحروب.
ومن نافلة القول أن اللجوء إلى تهجير الفلسطينيين بالقوة، سواء إلى مصر أو الأردن أو أي مكان سيؤدي إلى اشتعال المنطقة وخلق حالة من الفوضى، وإلحاق الضرر بالمصالح الأمريكية. ومن هذا المنطلق، عندما تلجأ الإدارة الأمريكية إلى هذا النوع من التفاوض، فإنها ترغب في تجاوز الألاعيب والمناورات التي يستخدمها نتانياهو، والحفاظ على المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، وتستكشف، في الوقت نفسه، أساليب ووسائل جديدة لحل أزمة الرهائن وربما ما هو أبعد من ذلك. وتشير العروض «السخية» التي تلقتها الإدارة الأمريكية من نوع هدنة طويلة وصفقة تبادل شاملة وإمكانية نزع سلاح غزة في إطار مسار سياسي، وبغض النظر عن صحتها من عدمه، إلى إمكانية فتح الباب أمام الحوار من دون انتظار نتانياهو وفريقه التفاوضي.
وفي خضم هذه المغامرة التفاوضية، ربما يتجلى التفاؤل الأمريكي، ليس فقط في «أنسنة الأعداء»، وإنما في إمكانية إيجاد حل حقيقي لأزمة الرهائن في غضون أسابيع. لكنه بالمقابل يثير غضباً إسرائيلياً ومخاوف جدية من قفزة أمريكية فوق رأس نتانياهو والمفاوضين الإسرائيليين، قد تؤدي إلى التوصل لاتفاق لا يستطيعون معارضته.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل صناع الأمل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية اتفاق غزة
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تحثّ تايلاند وكمبوديا على احترام الهدنة
حثّت الأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، كمبوديا وتايلاند على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار على الحدود بينهما بالكامل، واتّخاذ تدابير سريعة لبناء الثقة والسلام.
وقال المفوّض الأممي السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، في بيان: "لا بدّ من احترام هذا الاتفاق الأساسي بالكامل وبنيّة حسنة من الطرفين، فيما تتواصل الجهود الدبلوماسية لمعالجة الأسباب الجذرية للنزاع".
وقد صمد وقف إطلاق النار بين البلدين، أمس الثلاثاء، بينما اجتمع قادة عسكريون من الجانبين لمناقشة إجراءات الحفاظ على استمرار الهدنة، في حين عاد بعض السكان على طول الحدود المتنازع عليها إلى ديارهم بعد قتال عنيف استمر خمسة أيام.
وكان زعيما تايلاند وكمبوديا قد اجتمعا في ماليزيا، يوم الاثنين الماضي، واتفقا على وقف أعنف مواجهة بين البلدين منذ أكثر من 10 أعوام، والتي أسفرت عن مقتل 43 شخصاً على الأقل، معظمهم من المدنيين، ونزوح أكثر من 300 ألف شخص في الجانبين.
ويدور خلاف بين كمبوديا وتايلاند، منذ زمن بعيد، حول ترسيم الحدود بينهما، التي تمتد على أكثر من 800 كيلومتر، وقد حُدِّدت بموجب اتفاقات أُبرمت أثناء الاستعمار الفرنسي للهند الصينية.