يمانيون../
تقدم الولايات المتحدة كل يوم دليلًا إضافيًا على أنها بلد التناقضات؛ ففي الوقت التي تبرز كبلد حام لحرية التعبير وفق ادعاء تاريخي، تثبت واقعة اعتقال الناشط الفلسطيني الطلاب محمد خليل، أن الولايات المتحدة ليست سوى فقاعة من هذه القيم.

ترسم قضية اعتقال السلطات الأمريكية أحد قادة الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين في جامعة كولومبيا، صورة واضحة لحالة الحرية الأكاديمية المزعومة في الولايات المتحدة.

ففي سياق سياسة الترهيب، اعتقلت الشرطة الأميركية الطالب الفلسطيني محمود خليل، وألغت بطاقة إقامته الخضراء للدراسة، وقررت ترحيله، بزعم أنه أحد أبرز نشطاء الاحتجاجات في جامعة كولومبيا على المجازر الصهيونية في غزة.

ووفقاً لعائلته، فقد داهم ضباط من وزارة الأمن الداخلي الأمريكية المبنى السكني الذي يقطن فيه محمود خليل برفقة زوجته، قبل أن يعتقلوه أثناء دخوله إلى المبنى.

وأوضحت محامية الشاب محمود، إيمي جرير، أن عملية الاعتقال نُفّذت من قبل عناصر هيئة الهجرة والجمارك، الذين أبلغوها بأن الأمر صادر بإلغاء تأشيرته الدراسية، رغم أنه يحمل البطاقة الخضراء التي تمنحه الإقامة الدائمة.

وأضافت أن السلطات أبلغتها بعزمها إلغاء إقامته القانونية أيضاً. وتم نقل خليل إلى منشأة احتجاز المهاجرين في “إليزابيث” بولاية نيوجيرسي.

لا تفسير

ولم تقدم السلطات أي تفسير رسمي لزوجته حول أسباب اعتقاله. يأتي ذلك في أعقاب إصدار الرئيس دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا بترحيل الطلاب والناشطين الذين يقودون الاحتجاجات المناهضة للحرب على غزة، وهو القرار الذي أثار مخاوف كبيرة في الأوساط السياسية والحقوقية والأكاديمية، من استهداف ممنهج للطلاب على خلفية مواقفهم السياسية.

وفي هذا السياق، شهدت مدينة نيويورك، مظاهرات حاشدة شارك فيها آلاف المتظاهرين من مختلف الفئات، متحدين تهديدات الرئيس ترامب، للمطالبة بوقف ترحيل الناشط الفلسطيني محمود خليل وإطلاق سراحه.

ورفع المحتجون شعارات منددة بما وصفوه بـ “الملاحقات غير الدستورية”، مطالبين بتحقيق العدالة ووقف السياسات التعسفية التي تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان.

وشهدت الاحتجاجات مواجهات بين المتظاهرين وقوات الشرطة، حيث وثقت مقاطع فيديو اعتداءات واعتقالات طالت مشاركين في المسيرة، التي جاءت رفضًا لاحتجازه بسبب نشاطه في الحراك الطلابي المناصر لفلسطين.

حملة تضامن

وتزامنت المظاهرات مع انطلاق حملة تضامن واسعة جمعت توقيعات أكثر من مليون شخص، بينهم أكاديميون من كبرى المؤسسات التعليمية، ومحامون، ونشطاء حقوقيون، طالبوا السلطات الأميركية بوقف ما أسموه “التنكيل” بالناشط الفلسطيني.

وأكد الموقعون على العريضة أن محمود خليل يتعرض لاستهداف سياسي بسبب مواقفه المناهضة للاحتلال الصهيوني ودعمه للقضية الفلسطينية.

وأدان المتظاهرون موقف البيت الأبيض، الذي وصفوه بأنه منحاز بالكامل للضغوط الصهيونية، مؤكدين أن “شالوم” البيت الأبيض، في إشارة إلى اللوبي الداعم لـ “العدو الإسرائيلي” داخل الإدارة الأميركية، يسعى لإسكات الأصوات المدافعة عن الحقوق الفلسطينية عبر إجراءات تعسفية وغير قانونية.

من جهتها قالت المقررة الأممية لحقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية، أمس الثلاثاء، إن “الدفاع عن الطالب محمود خليل واجب مدني عالمي، واضطهاد معارضي الفصل العنصري هو فصل عنصري”.

من جانبها، وصفت المديرة التنفيذية لاتحاد الحريات المدنية في نيويورك، دونا ليبرمان، هذه الخطوة بأنها “محاولة غير دستورية من قبل الحكومة لإجبار الكليات والجامعات على فرض رقابة على الخطاب والنشاط الطلابي”.

انتهاك للحرية

وانتقد تقرير لموقع “إنترسبت” الإخباري في وقت سابق، سياسات القمع والتمييز التي تُمارس ضد الاحتجاجات الطلابية المناهضة للحرب الصهيونية على غزة، مشيرًا إلى اعتقال عدد من الطلبة سابقا، بتهم جنائية تتعلق باحتجاجهم على الدعم الأمريكي للاحتلال الصهيوني في حربه على غزة، وتم احتجازهم في ظروف غير إنسانية وسوء معاملة.

في هذه الأثناء، ومع إعلان اعتقال خليل اعتبر نواب في البرلمان الأمريكي ومنظمات مدنية ، هذا الاعتقال بأنه “انتهاك لحرية التعبير المكفولة في الدستور”.

ووصفت النائبة الديمقراطية رشيدة طليب، في بيان، اعتقال خليل بأنه “هجوم على حرية التعبير”، مطالبة بالإفراج عنه فورًا، مؤكدة أن اعتقاله يعد “انتهاكا” للمواد التي تنص على حرية التعبير في الدستور.

من جانبها، حذرت النائبة الديمقراطية ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز، في بيان، من أن هذا الاعتقال قد يشكل سابقة خطيرة. وهو ما وصفته صحيفة ” نيويورك تايمز ” ، بالتهديد الخطير لحرية التعبير.

وأكدت الصحيفة في مقال لها أن أمر الاعتقال جاء في إطار حملة يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب شنها على طلبة الجامعة الذين شاركوا في الاحتجاجات الجامعية المناصرة لغزة.

وأوضحت أنه لم توجه أي تهمة لخليل، وأن أحد أسس اعتقاله كان ملفا أعدته منظمة “كاناري ميشن”، وهي مجموعة يمينية تراقب النشطاء المناهضين للصهيونية في الجامعات الأميركية، احتوى تفاصيل مواقفه الداعية إلى مقاطعة “اسرائيل” وسحب الاستثمارات منها.

وأوردت الصحيفة وصف المحامي بريان هاوس -من الاتحاد الأميركي للحريات المدنية- ما حدث بأنه أحد أكبر التهديدات للتعديل الأول من الدستور منذ عقود.

وشدد مقال الصحيفة على أن تجاهل إدارة ترامب المتعمد للدستور خطر لا يشمل الطلاب والأساتذة الأجانب فقط، بل المجتمع الأميركي بأكمله.

معاداة السامية

وتعقيباً على ذلك، انتقد الكاتب والصحفي البريطاني أوين جونز في أحدث مقالاته حملة القمع غير المسبوقة التي تشنها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد حرية التعبير في الولايات المتحدة، مستخدمة شعار “مكافحة معاداة السامية” كذريعة لإسكات أي انتقاد لسياسات “إسرائيل”.

وفي رأي أوين جونز فإن ترامب، الذي يزعم أنه أعاد حرية التعبير إلى أمريكا، في الواقع يقود أكبر عملية تكميم للأفواه، مستهدفًا الطلاب والأكاديميين الذين يعارضون الحرب الصهيونية على غزة، ويطالبون بوقف الدعم الأمريكي للاحتلال.

وبحسب جونز، فإن المستهدف الحقيقي بهذه السياسة ليس سوى الحراك الطلابي الداعم للقضية الفلسطينية، حيث وصف ترامب المتظاهرين بأنهم “محرضون يجب سجنهم أو ترحيلهم”، متوعدًا بأن “الطلاب الأمريكيين سيتم طردهم أو اعتقالهم وفقًا للجريمة”.

وفي مقاله أردف جونز أن هذه السياسات تثبت أن إدارة ترامب لا تحمي حرية التعبير، بل تدمرها بالكامل، خاصة عندما يتعلق الأمر بفلسطين. فعندما يتعلق الأمر بهذه القضية، تختفي جميع الشعارات الأمريكية عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. وهنا يشير الكاتب إلى نائب الرئيس جي دي فانس، الذي صرح قبل أيام فقط بأنه “يجب الدفاع عن حرية التعبير، حتى لو لم نتفق مع ما يُقال”، لكن إدارته هي التي تقود الآن أكبر حملة قمع لحرية التعبير في التاريخ الحديث.

وفي ختام مقاله حذر جونز من أن “القمع الذي نشهده اليوم لن يتوقف عند استهداف المتضامنين مع فلسطين، بل قد يمتد إلى أي شخص يعارض إدارة ترامب. فالسوابق التي يتم وضعها اليوم يمكن أن تتكرر في المستقبل ضد أي صوت معارض”.

ما يتعرض له الناشط الطلابي الفلسطيني محمود خليل يؤكد بجلاء حقيقة الموقف الأمريكي المناهض للقضية الفلسطينية ، والشاهد هنا أن واشنطن تقف بشراسة وراء كل معارك وأد الحق الفلسطيني وكل محاولات تصفية القضية المركزية للأمة العربية والاسلامية.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الولایات المتحدة لحریة التعبیر حریة التعبیر محمود خلیل على غزة

إقرأ أيضاً:

المستشار الألماني: أوكرانيا سلمت الولايات المتحدة مقترحًا لخطة السلام

صرح المستشار الألماني فريدريش ميرز بأن مسودة خطة السلام الأخيرة لأوكرانيا قد قُدمت إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، متضمنةً مقترحًا بشأن التنازلات الإقليمية التي قد تكون كييف مستعدة لتقديمها.

خطة السلام في أوكرانيا

لكن ميرز أكد أن القضية الإقليمية "مسألة يجب أن يجيب عليها بالدرجة الأولى الرئيس الأوكراني والشعب الأوكراني"، بحسب ما أفادت به شبكة بي بي سي.

البيت الأبيض يحسم الجدل : لا قوات أمريكية في غزة مع الاستقرار الدوليةكوت ديفوار تطالب واشنطن بنشر طائرات تجسس للقضاء على الإرهاب

وأشار ميرز إلى أنهم "أوضحوا هذا الأمر للرئيس ترامب أيضًا".

وفي الأسابيع الأخيرة، عمل القادة الأوروبيون بشكل وثيق مع أوكرانيا للتوصل إلى نسخة جديدة من خطة السلام تُراعي مصالح كييف ومخاوفها.

السيادة على الأراضي الأوكرانية

ويبدو أن ترامب قد شعر بالإحباط من تعقيدات مسألة السيادة على الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا.

ونظرًا لأن فريقه التفاوضي عمل سابقًا بشكل وثيق مع موسكو، يخشى حلفاء كييف الأوروبيون أن يسعى الرئيس الأمريكي في نهاية المطاف إلى فرض حل تقوده روسيا على أوكرانيا.

إجبار أوكرانيا على السلام

قال ميرز في مؤتمر صحفي مشترك مع الأمين العام لحلف الناتو مارك روته: "سيكون من الخطأ إجبار الرئيس الأوكراني على قبول سلام لن يقبله شعبه بعد أربع سنوات من المعاناة والموت".

أونروا : الوضع في قطاع غزة مأساوي للغاية نتيجة المنخفضات الجويةألكسو تهنئ قطر والدول العربية لإدراج البشت على قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو

وأضاف أنه خلال المكالمة الهاتفية "البناءة" التي جرت يوم الأربعاء مع ترامب، أوضح هو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ضرورة الاستماع إلى مصالح الأوروبيين أيضاً.

من جانبه، قال ترامب إن المشاركين "ناقشوا أوكرانيا بعبارات قوية"، وأضاف أنه لم يقرر بعد ما إذا كان سيحضر اجتماعاً في أوروبا وقال: "لا نريد إضاعة الوقت".

طباعة شارك المستشار الألماني أوكرانيا خطة السلام خطة السلام في أوكرانيا فريدريش ميرز الرئيس الأمريكي ترامب

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة تعتزم تفتيش حسابات التواصل الاجتماعي للراغبين بدخولها
  • رويترز: الولايات المتحدة تستعد لاعتراض السفن التي تنقل النفط الفنزويلي
  • المستشار الألماني: أوكرانيا سلمت الولايات المتحدة مقترحًا لخطة السلام
  • ما الدول التي يفضل «ترامب» استقبال المهاجرين منها؟
  • ترامب يكشف عن الدول التي يفضل استقبال المهاجرين منها
  • فنزويلا: استيلاء الولايات المتحدة على ناقلة النفط سرقة سافرة
  • ترامب: الولايات المتحدة لا تريد هدر الوقت بشأن أوكرانيا
  • رئيس الوزراء: حريصون على حرية التعبير.. لكننا لن نصمت أمام حملات التشكيك
  • صفقة ترامب السرية.. الذي يخفيه بيع رقاقات إنفيديا للصين؟
  • استقالة سفيرة كندا لدى الولايات المتحدة.. فما الأسباب؟