للمرة الأولى في التاريخ، تخطت أسعار الذهب حاجز 3000 دولار للأونصة، في قفزة غير مسبوقة تعكس حالة التوتر والاضطراب التي تعيشها الأسواق العالمية.

لم يكن هذا الصعود مفاجئا إذ إن سلسلة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية والاجتماعية مهدت الطريق لهذه المستويات القياسية، وجاء صعود الذهب القوي مدفوعاً بحالة الضبابية المرتبطة بقرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع الرسوم الجمركية ما شكل مخاوف من تلك التوترات التجارية.



ومن المتوقع أن تؤدي أزمة الرسوم الجمركية إلى تأجيج التضخم وعدم اليقين الاقتصادي، وقد دفعت الذهب للوصول إلى مستويات قياسية متعددة في عام 2025. وتنتظر الأسواق اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياط يوم الأربعاء المقبل. ومن المتوقع أن يبقي البنك المركزي على سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة في نطاق 4.25 بالمئة إلى 4.50 بالمئة.


الذهب.. ملاذ الأزمات ومرآة المخاوف
ولطالما اعتُبر الذهب ملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات، وملجأ للمستثمرين عندما تهتز الثقة في الأسواق المالية، غير أن الارتفاع الأخير جاء مدفوعًا بمجموعة من التطورات التي زادت من إقبال الأفراد والمؤسسات وحتى البنوك المركزية على شراء الذهب بوتيرة غير مسبوقة.

ومنذ بداية العام الجاري، ارتفع الطلب على الذهب بشكل ملحوظ، سواء من قبل المستثمرين الأفراد الباحثين عن ملاذ آمن وسط التقلبات الاقتصادية، أو من قبل الحكومات التي تسعى لتنويع احتياطاتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي.

وبحسب رويترز قال محلل السوق في "آي جي" ييب جون رونغ إن "موقف السوق يعكس توقعات المستثمرين بأن التوترات التجارية من المرجح أن تتفاقم قبل أن تهدأ.

وتابع قائلاً: "أصبح المستوى النفسي ثلاثة آلاف دولار الآن في الأفق بالنسبة لأسعار الذهب، ومع اقترابنا من الربع الثاني، حيث يمكن أن تؤدي الرسوم الجمركية المتبادلة إلى موجة أخرى من الاضطرابات في السوق، يظل الذهب أصلاً آمناً مقنعاً في بيئة حيث البدائل نادرة".

أسباب الارتفاع.. لماذا قفز الذهب بهذا الشكل؟

الصعود التاريخي لأسعار الذهب لم يكن وليد اللحظة، بل جاء نتيجة تراكم عدة عوامل خلال الأشهر الماضية، أبرزها:

التوترات الجيوسياسية وتصاعد الأزمات العالمية
الحرب في أوكرانيا، التصعيد المستمر في الشرق الأوسط، والتوترات المتزايدة بين الصين والولايات المتحدة وقرارات الرئيس الأمريكي بزيادة الرسوم الجمركية لعدد من الدول الحلفاء والمتنافسين، كلها عوامل جعلت الأسواق أكثر اضطرابًا، ودفع المستثمرين إلى البحث عن أصول آمنة، وفي مقدمتها الذهب.

كلما زادت المخاوف بشأن استقرار النظام العالمي، ارتفع الطلب على الذهب باعتباره أحد الأصول القليلة التي لا تتأثر بشكل مباشر بالتقلبات السياسية والاقتصادية.

سياسات البنوك المركزية وتزايد الطلب الحكومي
العديد من البنوك المركزية حول العالم، وخاصة في الصين وروسيا، ضاعفت مشترياتها من الذهب في محاولة للحد من اعتمادها على الدولار الأمريكي، وهو ما أدى إلى زيادة الطلب على المعدن النفيس بشكل كبير.


وتشير التقارير إلى أن البنك المركزي الصيني اشترى مئات الأطنان من الذهب خلال الأشهر الماضية، وهو ما ساهم في دعم الأسعار ودفعها نحو مستويات قياسية.

توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية
مع تزايد التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيخفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، بدأ المستثمرون في الابتعاد عن الأصول ذات العوائد المرتفعة مثل السندات، والتوجه نحو الذهب.

وتعد العلاقة العكسية بين أسعار الفائدة والذهب معروفة، فكلما انخفضت الفائدة، زادت جاذبية المعدن النفيس كأداة استثمارية لا تفقد قيمتها بمرور الوقت.

التضخم العالمي والقلق من الركود

على الرغم من محاولات الحكومات السيطرة على التضخم، فإن الأسعار لا تزال مرتفعة في العديد من الدول، ما عزز المخاوف من استمرار فقدان العملات الورقية لقيمتها، وينظر للذهب دائمًا على أنه وسيلة تحوط ضد التضخم، ومع تزايد القلق من دخول الاقتصادات الكبرى في حالة ركود، ازداد الإقبال على المعدن الأصفر كوسيلة لحماية الثروات.

الأزمات المصرفية وانعدام الثقة في النظام المالي
تكرار الأزمات المصرفية، مثل الانهيار الذي شهدته بعض البنوك الكبرى خلال العام الماضي، زاد من شكوك المستثمرين في استقرار النظام المالي. هذا الأمر دفع الكثيرين إلى البحث عن بدائل آمنة، ومع فقدان الثقة في العملات الرقمية التي شهدت تقلبات حادة، عاد الذهب ليصبح الخيار الأول للحفاظ على القيمة والاستثمار طويل الأجل.


هل يستمر الارتفاع أم أننا أمام فقاعة سعرية؟
مع تجاوز الذهب حاجز 3000 دولار للأونصة، يتساءل الكثيرون عن مستقبل الأسعار وما إذا كان المعدن النفيس في طريقه لمزيد من الصعود، أم أن الأسواق ستشهد تصحيحًا قريبًا. التوقعات الحالية تشير إلى عدة سيناريوهات محتملة:

إذا استمرت البنوك المركزية في شراء الذهب، وواصل المستثمرون ضخه في محافظهم الاستثمارية كتحوط ضد الأزمات، فقد نرى مستويات قياسية جديدة تصل إلى 3500 دولار للأونصة أو حتى أكثر خلال العام المقبل.

في المقابل، إذا نجحت الحكومات في احتواء التضخم، وتحسنت مؤشرات الاقتصاد العالمي، وبدأت أسواق الأسهم والسندات في استعادة جاذبيتها، فقد نشهد موجة تصحيحية تدفع الأسعار إلى مستويات أقل من 2500 دولار.

عامل آخر قد يؤثر في مسار الأسعار هو سياسات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، فإذا فاجأ الأسواق برفع جديد في أسعار الفائدة بدلاً من خفضها، فقد يؤدي ذلك إلى انخفاض أسعار الذهب بشكل حاد.

وقال المحلل ماركوس غارفي في مذكرة إن متوسط سعر السبائك قد يبلغ 3150 دولارا للأوقية خلال تلك الفترة، مضيفا أن المعدن النفيس -الذي كان يُتداول عند نحو 2947.50 دولارا للأوقية في أحدث تعاملات- سيتلقى مزيدا من الدعم من المخاوف بشأن عجز الموازنة الأميركي المتزايد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي الذهب أسعار الذهب امريكا الذهب أسعار الذهب المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرسوم الجمرکیة البنوک المرکزیة المعدن النفیس أسعار الفائدة أسعار الذهب

إقرأ أيضاً:

حقيقة الذهب المغشوش في الأسواق .. الشعبة توضح

شهدت الأيام الماضية تداول شائعات واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشأن انتشار سبائك وجنيهات ذهبية مغشوشة داخل الأسواق المصرية.

سعر الذهب مساء اليوم الجمعة 12-12-2025.. عيار21 يرتفعالجرام زاد 130 جنيها في 24 ساعة.. سعر الذهب الان في مصر

 هذه الأنباء أثارت قلقًا بين المستهلكين، خصوصًا مع ارتفاع أسعار الذهب عالميًا ومحليًا. 

وفي هذا السياق، خرج المهندس هاني ميلاد، رئيس شعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية، ليوضح حقيقة الموقف ويطمئن المواطنين.

نفي قاطع لوجود ذهب مغشوش في السوق المصري

أكد رئيس شعبة الذهب خلال تصريحات تلفزيونية أن كل ما يروج حول وجود سبائك أو جنيهات غير مطابقة أو مغشوشة مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة، موضحًا أن الهدف من نشرها هو «تشويه سمعة المنتج المصري» وإثارة البلبلة بين الجمهور.

وأوضح ميلاد أن السبائك والجنيهات المتداولة في الأسواق يتم دمغها رسميًا داخل مصلحة الدمغة والموازين، وهي الجهة المسؤولة عن ضمان العيار والمطابقة للمواصفات، كما أن معظم الشركات تعتمد على تغليف محكم يحمي المنتج من التلاعب.

كيف يتأكد المستهلك من سلامة الذهب قبل الشراء؟

وجّه ميلاد عددًا من النصائح المهمة للمواطنين لضمان الحصول على ذهب مضمون، أبرزها:

1. الشراء من محلات موثوقة

اختيار محل معروف أو علامة تجارية معتمدة يقلل بشكل كبير من مخاطر التعرض لعمليات الغش.

2. الحصول على فاتورة كاملة البيانات

يجب أن تتضمن الفاتورة:

وزن المشغول

عياره

سعر المصنعية

ختم المحل

تاريخ الشراء

وأشار إلى أن هذه الفاتورة هي «الضمانة الحقيقية» للمستهلك في أي وقت.

 تأثير قرارات الفيدرالي الأمريكي على أسعار الذهب

تطرّق رئيس شعبة الذهب إلى قرار الفيدرالي الأمريكي بخفض سعر الفائدة، مؤكدًا أن هذا القرار كان له تأثير مباشر على الذهب، حيث شهدت الأسعار ارتفاعًا نسبيًا عقب الإعلان.

وأوضح أن الذهب كملاذ آمن عادة ما يرتفع عالميًا في حالات خفض الفائدة، لأن تكلفة الاحتفاظ بالأصول تصبح أقل، ما يدفع المستثمرين نحو المعدن الأصفر.

توقعات أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة

توقع ميلاد أن تشهد الأسواق حالة من الاستقرار النسبي خلال الفترة القادمة، خصوصًا مع دخول البورصات العالمية في عطلة أعياد الكريسماس.

كما رجّح أنه مع بداية العام الجديد وخلال الربع الأول تحديدًا قد نشهد موجة ارتفاعات جديدة في الأسعار مع عودة حركة التداول في الأسواق العالمية.

طمأنة للمواطنين ونصائح للاستثمار الآمن

اختتم ميلاد حديثه بضرورة توخّي الحذر من الشائعات المنتشرة، والاعتماد على المصادر الرسمية عند متابعة أخبار أسعار الذهب.

كما دعا المواطنين الراغبين في الاستثمار إلى الشراء من مصادر موثوقة والحفاظ على الفواتير والعبوات الأصلية، لضمان سلامة معاملاتهم في المستقبل.

طباعة شارك الذهب المغشوش الذهب الأصلي شعبة الذهب

مقالات مشابهة

  • قفزة حادة وغير مسبوقة.. الذهب يسجل أكبر ارتفاع خلال ديسمبر وعيار 21 مفاجأة
  • جولد بيليون تكشف أسباب قفزة الذهب وتوقعات الأسعار
  • حقيقة الذهب المغشوش في الأسواق .. الشعبة توضح
  • الذهب يستقر قرب أعلى مستوى في سبعة أسابيع بدعم توقعات خفض الفائدة
  • مجلس الذهب العالمى: ارتفاع أسعار الذهب لأكثر من 60% فى عام 2026
  • قفزة تاريخية للفضة بدعم خفض الفائدة وتقلص المعروض العالمي
  • قفزة تاريخية في أسعار الفضة مع خفض الفائدة وتراجع المعروض العالمي
  • الذهب والنفط يتراجعان لهذه الأسباب
  • سعر الذهب اليوم الأربعاء 10 ديسمبر 2025.. هل يواصل المعدن الأصفر مكاسبه؟
  • انخفاض طفيف للذهب مع ارتفاع الدولار