علماء يحذرون: هل تشكل البكتيريا المرآتية تهديدا بفناء البشرية؟
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
قالت صحيفة لوموند إن مجموعة من العلماء، بينهم شخصيات بارزة وحاصلون على جائزة نوبل، أطلقوا دعوة عالمية لمناقشة المخاطر المحتملة للتجارب البحثية المتعلقة بالبكتيريا المرآتية لما يمكن أن يثيره استخدامها بشكل غير مسؤول أو دون رقابة من مخاطر القضاء على الحياة على وجه الأرض.
وتأتي هذه الدعوة -حسب تحقيق مطول بالصحيفة أعده ناتانيال هيرزبيرج وديفيد لاروسيري- بعد تسارع التقدم العلمي في مجال الكائنات الاصطناعية الدقيقة القادرة على القضاء على الحياة إذا تم تطويرها، مما أثار مخاوف من إمكانية استخدامها بشكل غير مسؤول.
وعرف التحقيق "البكتيريا المرآتية" بأنها فكرة علمية افتراضية تعتمد على عكس التركيب الجزيئي للكائنات الحية، إذ تتميز الجزيئات الحيوية مثل البروتينات والحمض النووي بوجود "شخصية يمينية أو يسارية"، في ظاهرة تسمى "الكيرالية"، وفي الطبيعة اختارت الحياة العمل مع شكل واحد فقط من هذه الجزيئات، ويتساءل العلماء الآن: ماذا سيحدث إذا تم إنشاء كائنات تستخدم الشكل المعاكس أو "المرآتي" لهذه الجزيئات؟
وقد تكون هذه الكائنات إذا أُنتجت -حسب التقرير- قادرة على البقاء في بيئة طبيعية دون أن يتم اكتشافها أو مقاومتها من قبل أنظمة المناعة، وبالتالي يمكن أن تتسبب في كوارث صحية وبيئية كبيرة.
إعلان سيناريو مرعبوفي سيناريو متخيل، يتصور العلماء أن يبدأ الأمر بمشكلة بسيطة وغير ملحوظة في بدلة واقية، يمرض الباحث الذي كان يستعملها ثم يمرض آخر فيعزلان، ولكن العدوى تنتشر بسرعة وتصبح وباءً، فتم التعرف على نوع البكتيريا، ولكن الأطباء يبقون عاجزين عن محاربته، إذ لا تؤثر فيه المضادات الحيوية، لتعلن منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ الصحية، ثم تصاب الحيوانات بالمرض نفسه، وتأخذ الحشرات على عاتقها نشر المرض الغامض أينما هبطت.
وفي هذا السياق، قام 38 عالما بقيادة فان كوبر وديفيد ريلمان بنشر مقال في مجلة "ساينس" يدعون فيه إلى ضرورة التفكير الجدي في أخطار هذه التكنولوجيا، وحذروا من أن القدرة على تصنيع هذه الكائنات قد تصبح ممكنة في غضون عقود قليلة، مما يضع البشرية أمام خطر لم يسبق له مثيل.
ويقول ريلمان "لقد درست المخاطر الصحية طوال مسيرتي، لكن لم يسبق لي أن واجهت مشكلة بهذا الحجم وبهذه الدرجة من الخطورة"، ويضيف كوبر "رغم أننا لا نعرف متى ستصبح هذه التكنولوجيا ممكنة، فإنه من الأفضل أن نتجنب تصنيعها بالكامل".
شهدت السنوات الأخيرة تقدما ملحوظا في البحث المتعلق بالبكتيريا المرآتية، إذ قام العالم الصيني تينغ زو بابتكار أدوات جزيئية مرآتية تُمكن العلماء من عكس الوظائف البيولوجية الطبيعية، وفي عام 2025 أعلنت فرق علمية في اليابان عن تطوير أول نسخة من "الريبوسوم"، وهو آلة داخل الخلية مسؤولة عن إنتاج البروتينات، مما يجعل الخطوة نحو تطوير كائنات مرآتية أقرب إلى الواقع.
ويحذر العلماء من وقوع سيناريوهات مرعبة إذا خرجت هذه التكنولوجيا عن السيطرة، لأن البكتيريا المرآتية، إذا أُطلقت في البيئة، قد تكون قادرة على التغلّب على أنظمة المناعة البشرية والحيوانية، وبالتالي قد تتسبب في انهيار النظام البيئي، كما أن الأدوية والمضادات الحيوية الحالية لن تكون قادرة على التعامل مع كائنات مرآتية جديدة، يقول العلماء إن هذه الكائنات قد تؤدي إلى أزمة عالمية تتجاوز التصور.
إعلان
مجال علمي واعد ولكن
ورغم أن العلماء يعترفون بأن الأبحاث في هذا المجال قد تؤدي إلى اكتشافات طبية ثورية، مثل تحسين فعالية الأدوية، فإنهم يطالبون بوضع قيود صارمة على التجارب التي تهدف إلى خلق كائنات قادرة على التكاثر ذاتيا، ويدعون لنقاش عالمي يشمل الباحثين وصناع القرار والمؤسسات الدولية لوضع إطار أخلاقي وقانوني لهذه التكنولوجيا.
من المتوقع أن يعقد أول مؤتمر دولي لمناقشة هذه القضية في يونيو/حزيران المقبل في "معهد باستور" في باريس بمشاركة علماء وسياسيين وخبراء قانونيين، وسوف يليه مؤتمران آخران في مانشستر وسنغافورة، وذلك من أجل الوصول إلى اتفاق عالمي على كيفية مراقبة وتوجيه هذه الأبحاث، ومنع استخدامها بشكل قد يؤدي إلى كوارث.
وخلصت الصحيفة إلى أن البكتيريا المرآتية رغم أنها تمثل مجالا علميا واعدا لفهم أصول الحياة وتطوير الأدوية، فإنها قد تضع البشرية في الوقت نفسه أمام تهديد وجودي لم يسبق له مثيل، ولذلك فالخيار الوحيد أمام المجتمع العلمي هو التحرك بحكمة وتنظيم لمواجهة المستقبل بحذر قبل أن تصبح هذه التكنولوجيا سلاحا ضد الإنسانية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان ترجمات هذه التکنولوجیا قادرة على
إقرأ أيضاً:
طائرة صينية تعمل بالهيدروجين تسجل رقما قياسيا بموسوعة غينيس
صرحت موسوعة غينيس للأرقام القياسية، خلال معرض تشجيانغ الدولي لصناعة النقل الذكي في مدينة هانغتشو عاصمة مقاطعة تشجيانغ بشرق الصين، بتسجيل طائرة صينية بدون طيار تعمل بالهيدروجين رقما قياسيا عالميا لأطول مسافة طيران بلغت 188,605 كم.
وختمت الطائرة، التي تحمل اسم "تيانموشان-1"، هذه الرحلة خلال أكثر من أربع ساعات يوم 16تشرين الأول/نوفمبر الماضي في هانغتشو، بحسب ما أعلنت جامعة بيهانغ، التي أكدت أن بيانات الطائرة وإنجازاتها استوفت معايير موسوعة غينيس للأرقام القياسية.
وأوضح مختبر تيانموشان التابع لجامعة بيهانغ أن هذا الإنجاز عُد خطوة رائدة في إطار ما يعرف باقتصاد الارتفاعات المنخفضة، مشيرا إلى أن الطائرة "تيانموشان-1" أكملت بنجاح رحلتها التجريبية الأولى في أغسطس/آب 2024، قبل أن تدخل مرحلة الإنتاج في أبريل/نيسان 2025.
وبحسب الجامعة، تتميز الطائرة بدون طيار، الخالية من الانبعاثات، بقاعدة عجلات يبلغ طولها 1600 مم، ووزن فارغ يصل إلى 19 كغ، مع قدرة على حمل حمولة تصل إلى 6 كغ.
وأضافت أن الطائرة قادرة على التحليق لفترات طويلة جدا تصل إلى 240 دقيقة دون حمولة، كما تعمل بكفاءة عالية في ظروف مناخية قاسية تتراوح درجات الحرارة فيها بين 40 درجة مئوية تحت الصفر و50 درجة مئوية.
وأشارت الجامعة إلى أن استخدامات "تيانموشان-1" تشمل تنفيذ دوريات إيكولوجية عالية السرعة، ومسح خطوط أنابيب النفط والغاز، وتشغيل وإدارة محطات الطاقة الجديدة، وإعادة إمداد الجزر، إضافة إلى إدارة حركة المرور في المدن ودعم عمليات الاستجابة للطوارئ.
ولفتت إلى أن الطائرة قادرة أيضا على العمل بشكل مستقل لمسافة تصل إلى 100 كم خارج نطاق الرؤية المرئية.