في أثر حسن أحمد إبراهيم: حافظ خير يزكي كتابي “الصراع بين المهدي والعلماء” لمنهاج تاريخ السودان بالمدرسة الثانوية
تاريخ النشر: 20th, March 2025 GMT
لا أعرف منة كمنة الزميل المؤرخ حسن أحمد إبراهيم، الذي غادرنا إلى الرحاب العلية في الأسبوع الماضي، عليّ مثل تزكيته كتابي "الصراع بين المهدي والعلماء" للاطلاع الحر للطلاب عن المهدية في منهاج تاريخ السودان الذي كان وضعه لطلاب المدرسة الثانوية. فلو لم تعرفني تلك التزكية بالشاعر حافظ خير لما تركت ولا أبقت.
من أجل اضافة نوعية لمنهج التاريخ بالمدارس الثانوية
الصراع بين المهدي والعلماء
للأستاذ عبد الله علي ابراهيم كتاب على شاكلة مختلفة
إذا اجاز لنا أن نعتبر كتابات الفراعنة ونقوشاتهم على جدران المعابد والاضرحة والمقابر الملكية أول كتاب يكتبه الانسان منذ ميلاد الإنسانية فانه ليس من باب الصدفة أن يكون أول كتاب يكتبه الانسان هو كتاب تاريخي محض لتدوين وتسجيل حياة الانسان بمناحيها المختلفة وجوانبها المتعددة.
إذ أن التاريخ كسجل شامل لجهود وتجارب إنسانية واسعة يكتسب أهميته من كون الحاضر والمستقبل يتكونان ويتشكلان من خلاله سواء كان ذلك بتشكيلهما امتداداً واعتماداً على معطيات الماضي، أو بتبنيهما خطاً جديداً يعتمد أساساً على مخالفته تلك المعطيات وذلك الأرث. وبهذه القناعة بأهمية دراسة التاريخ، وفهم حركته ودور ذلك في بناء الحاضر واستشراف المستقبل، أسعى في هذا المقال لتقديم مساهمة – اعتقد في أهميتها- لإثراء منهج في المدارس الثانوية (باعتبار أن الإضافة النوعية وليس الكمية هي المعنية بكلمة إثراء).
والاقتراح يتمثل في إضافة كتاب مختلف شكلاً ومضموناً وتناولاً إلى منهج التاريخ بالمدارس الثانوية. وقد وقع اختياري على كتاب للكاتب السوداني الفذ عبد الله على ابراهيم بعنوان (الصراع بين المهدي والعلماء) إذ أنه يستوفي مواصفات الاضافة في جانبين على قدر كبير من الأهمية والفاعلية:
1) الجانب الأول: هو أن الكتاب يساهم (نسبياً) في سد ثغرة كبيرة في منهج ووسائل مادة التاريخ بالمراحل الدراسية المختلفة والمرحلة الثانوية على وجه الخصوص. تلك الثغرة التي ألحظها في الغياب النسبي للدراسة التحليلية العملية للنصوص التاريخية عن الكتاب المدرسي. وفي الجانب الآخر تغول عنصر السرد والتسجيل على مساحات كبيرة من مخصصات تلك الدراسة لتصبح دراسة التاريخ بذلك مجرد عملية تلقينية تساهم في تكريس رؤية متخلفة لفهم التاريخ باعتباره مجرد أحداث ومعارك حربية وصراعات سياسية الخ دون روابط منطقية بين الأحداث، ودون أن يمتلك الدارس المتلقي أي رؤية تفسيرية لحركة التاريخ. كما أنها (هذه العملية التلقينية) تنأى عن الولوج إلى جوانب مهمة أخرى من حركة التاريخ غير المرئية. فتكون الصراعات المذهبية والعقائدية بتطوراتها وتحولاتها (مثلا) في إطار هذه الرؤية المتخلفة مجرد هوامش متباعدة لا أهمية قصوى لها. رغم أنها، وبمنطلق التاريخ نفسه، هي المحرك الاساسي لكل تلك الحوادث والمعارك والتحولات. ومؤكد أن تكريس مثل هذه الرؤية المتخلفة الركيكة وتأصيلها في أذهان الدارسين والطلاب بالمدارس له عواقب وخيمة في المستقبل القريب والبعيد.
2) الجانب الآخر: هو جانب لا يقل أهمية ذلك أن موضوع الكتاب المقترح نفسه موضوع جدير بالاهتمام والدراسة نسبة لقلة وندرة البحوث التاريخية التي تناولت الجوانب الفكرية والعقائدية في الثورة المهدية. وفي هذا الخصوص علق البروفسير مكي شبيكة في تصوير الكتاب المعني قائلا ً "هذا بحث مبتكر قام به الاستاذ عبد الله على إبراهيم. وقد وجدت فيه مسلكاً علمياً وتحليلياً بلغ درجة قصوى من الاتقان. إذ اقتصر الباحثون قبله في تاريخ المهدية على الناحية السياسية من سرد لتطور الاحداث وصراع المهدية مع الحكم التركي في السودان ومن أيدوه وعاونوه ولكنهم أهملوا، أو اشاروا اشارات عابرة للناحية العقائدية".
ونحن أذ نطرح هذا الاقتراح لتضمين كتاب الصراع بين المهدي والعلماء في المنهج التاريخي المدرسي نواجه باعتراضات (موضوعية) تفرضها وقائع الأحوال. وإحدى مهام هذا المقال تفسيرها بالموضوعية ذاتها وايجاد حلول حسنة تضمن لمثيريها الاقتناع. ومن هذه الاعتراضات:
· اعتراض أول: إن كتاب (تاريخ السودان الحديث 1821-1956) المقرر على الصف الثالث الثانوي يتناول في صفحة 71 في بابه الثاني (الثورة والدولة المهدية) نفس موضوع الكتاب وتحت عنوان (الصراع بين المهدي والعلماء). وفي مواجهة هذا الاعتراض نورد الحقائق والتعديلات الاتية:
يلخص مؤلف كتاب التاريخ السودان الحديث موضوع الصراع بين المهدي والعلماء في الصفحة المشار اليها في حوالي (ال 22 سطراً فقط). يبدو أنه استمد نقاطها من نفس الكتاب موضوع الاقتراح. فقد أشار في صفحتي 70و71 الى عدم توفر الدراسات "حتى وقت قريب" حول الصراع الفكري العنيف الذي أثارته المهدية في السودان والمتمثل في الصراع بين العلماء والمهدى حول أحقية الاخير بالمهدية. ثم قال: "وقد التفت المؤرخون الى الجانب الفكري في المهدي حديثاً فأعدوا دراسات فيه نذكر منها كتابيّ المؤرخين السودانيين الدكتور محمد ابراهيم أبو سليم "الحركة الفكرية في المهدية" أو الاستاذ عبد الله على إبراهيم "الصراع بين المهدي والعلماء" انتهى ص 70.
رغم ذلك فقد جاء تناول الكتاب المدرسي للموضوع مختصراً ومقتضباُ. وأظن أن ذلك كان متوقعاً لكتاب يحاول تغطية تاريخ السودان الحديث في الفترة ما بين 1821-1956. إلا أن هذا الاختصار أضر كثيرأ بطرح هذا الموضوع وتوضيح جوانب الصراع بصورة متوازنة على الأقل وتمثل ذلك في الآتي:
- طرحت (مساحة الاثنين وعشرين سطراً)، والتى حملت على عاتقها مهمة تبيان الصراع الهائل العميق الجذور بين المهدي والعلماء، طرحت رئيسين لمعارضة العلماء لمحمد أحمد علاوة على أنها أوردت داخلهما جزءاً من فتاويهم الدينية في أمر مهديته، وجزء آخر من دوافعهم لاصدار هذه الفتاوي ولمعارضته. بينما اكتفى بالاشارة الى أن المهدي أصدر منشورات مضادة حول أحقيته بالمهدية ولم يوضح فحواها ولا مضمونها، أو على الأقل النقاط الأساسية التى يعتمد عليها في دفوعاته هذه. وفي الملحق الخاص بالوثائق في الصفحات الأخيرة من الكتاب في صفحة 151-164 توجد وثيقتان فقط تختصان بأمر الدولة والثورة المهدية في الصفحات 35- 54، 155. الأولى بخصوص أسس البيعة، والثانية عن تخفيض نفقات الزواج. أي أنهما لا علاقة لهما بموضوع الصراع بين العلماء وكان الأجدر الاهتمام بتضمين الوثائق المتبادلة بين المهدي والعلماء خصوصاً وأنه اكتفى فقط بالإشارة (بعد طرح المنشورين وما حوياه) إلى أن المهدي قال في منشوراته المضادة تلك حول أحقيته بالمهدية " إنها رسالة كلفه بها الله والرسول واستبدلت القوانين الوضيعة باحكام القرآن ولذلك فإن كل من أنكر مهديته يعتبر كافراً) انتهى ص 71.
مؤكد أن طرح الموضوع في هذه المساحة وبهذا الايجاز المضر أسهم في عدم تبيان الصراع بصورة مرضية ومنطقية.
ب)رغم إشارة الكتاب إلى تاريخ رجال الحركة الصوفية في السودان في ص 71 المشار إليها بقوله إنهم كانوا يتمتعون بمكانة ممتازة ونفوذ قوى على الملوك و عامة الناس، ورغم إشارته الى سعى الحكومة التركية لاضعاف هذه الطبقة واهتمامه في الجانب الآخر بالعلماء الذين تلقوا تعليماً سنياً فقهياً، إلا ان ذلك لم يكن كافياً لتوضيح أن الصراع بين المهدي والعلماء السنيين الفقهيين كان في جوانبه يمثل صراعاً قديماً تليداً في الفكر الإسلامي بين الفكر السني التقليدي (والذي غالباً ما ترعاه أحهزة الدولة ودواوينها) وبين حركة فكرية وأخرى غير رسمية، شيعية كانت أم صوفية. ومثل هذه الحركة غالباً ما تنشأ بمعزل عن هيكل الدولة (راجع مقدمة كتاب عبد الله على إبراهيم في المعني)
ولو أن نقطة كهذه وضحت في الكتاب لأصبح من السهل لدارسي التاريخ في المدارس الثانوية استيعاب أصول أشكال الصراع المطروحة على الساحة السياسية منذ الاستقلال وحتى الان على طول تاريخ السودان الحديث والذي تمثل فيه هذه النقطة حجر زاوية هام نسبة لجذورها الضاربة في اعماق الفكر الاسلامي والثقافة الاسلامية في السودان.
ولعله من الإنصاف ان نشير، بعد تفنيد الاعتراض الأول، إلى التنبيه الذي قدمه مؤلف الكتاب عن ضرورة الاطلاع على الدراسات العلمية الجيدة التى أٌعدت مؤخرا في مختلف الموضوعات فقال "وقد حاولت أن أضمن هذا الكتاب بعض النتائج لتلك الدراسات القيمة غير أنه لا بد للدارسين لتاريخ السودان الحديث أن يطلعوا عليها حتى تعم الفائدة) المقدمة صفحة 3
**اعتراض ثان: ويتناول هذا الاعتراض إمكانية استيعاب الكتاب المقترح في المنهج الحالي:
أ) اولا هل يتناسب الكتاب مع سن طلاب المدارس الثانوية وما تفرضه هذه من مقدرات طبيعية على الفهم والاستيعاب؟ وفي هذا يجب توضيح الآتي:
يقع بحث الاستاذ عبد الله على ابراهيم في حوالي 46 صفحة مضافاً اليها ورقتين ملحقتين بمادة البحث التي تطرح من خلال ثلاثة فصول قصيرة ومقدمة مهمة توضح خطة البحث واتجاهه. يحدد الفصل الأول جذور طائفة العلماء في السودان ويتحدث الثاني عن العلماء والنشاط المعادي للثورة المهدية. وفي الثالث يستعرض المناظرة الفكرية بقطبيها (المهدي والعلماء). وبهذه الطريقة فان البحث كما أشار كاتبه لا يستوعب امتداد الصراع بين المهدي والعلماء بعد انتصار الثورة، ولا رفع المهدي للمذاهب الاربعة ورفضه لكل الاتجاهات الصوفية الأخرى. كما أنه تجنب تناول موقف العلماء البعيدين عن جهاز طائفة العلماء الحكومي الا ما اضطره في توضيح أثر المنابع الثقافية إزاء تصور (المهدي) ومنهاج الكشف الصوفي. ومن هذا يتضح أن الكتاب بهذه المحدودية يمكن أن يكون مادة سهلة الاستيعاب ومفيدة حتى في رفع درجة الفهم ومقدرات الاستنباط والتحليل لطالب المرحلة الثانوية ودون أن يكون ذلك عبئاً ثقيلاً على مستواه ومقدراته الطبيعية.
ب) إضافة هذا الكتاب ووضعه بين كتب التاريخ الأخرى في جدولة المنهج: هل يكون كتاباً اختيارياً مع بقية الكتب، أم يكون مادة تدرس في الصف الثاني مثلاً ولا تضمن داخل امتحانات الشهادة السودانية؟
مؤكد ان أي اتجاه لوضعه ككتاب اختياري مع أي من الكتابين المقررين على طلاب الشهادة السودانية (تاريخ العالم العربي وتاريخ السودان الحديث) غير موضوعي إذ أن الكتابين يتناولان موضوعات عديدة وطويلة. فالاول يدرس تاريخ الوطن العربي من جوانب متعددة، والآخر يدرس تطورات الاحداث في السودان منذ الغزو التركي المصري 1821م وحتى استقلال السودان 1956م. ولكن ماذا عن ال Additional history))؟ من الممكن أن نتعامل معه ككتاب إضافي تماماً كما نفعل مع مادة الرياضيات الاضافية (Additional Math). بهذه الطريقة نضمن ربط طالب الشهادة السودانية بإسلوب الدراسة في الجامعات والمعاهد العليا كإعداد البحوث وطرح الدراسات العلمية الجادة ...الخ
ختاماً أرجو أن يكون هذا الاقتراح مدخلاً مناسباً لإثراء المكتبة التعليمية المدرسية ومنهج التاريخ بالتحديد. وذلك عن طريق إضافة نوعية له حتى لا تطغى السمة السردية التلقينية في تدريس المناهج التعليمية التربوية. والكتاب المقترح رغم صدوره في نهاية الستينات الا أنه بحق يعتبر كتاب على شاكلة جديدة ومنحى مختلف قادر على إضافة الجديد والمفيد.
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: تاریخ السودان الحدیث عبد الله على فی السودان أن یکون
إقرأ أيضاً:
هل قتلت قوات الدعم السريع الصحفي السوداني معمر إبراهيم؟
انتشرت أخبار مكثفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بوفاة الصحفي السوداني المعتقل لدى قوات الدعم السريع معمر إبراهيم، داخل مكان احتجازه في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور.
وفي إفادة للجزيرة نت، أكد محمد إبراهيم، الشقيق الأكبر للصحفي المعتقل منذ أكتوبر/تشرين الأول أن مصدر الإشاعة التي نفى صحتها ما زال مجهولا، وأن معمر بخير ولم يتعرض لأي أذى، مشيرا إلى أنه استطاع الاطمئنان عليه عقب ورود إشاعة وفاته مساء أمس الأربعاء.
وأضاف شقيق الصحفي الذي عمل مراسلا لدى قناة الجزيرة مباشر أن آخر تواصل مباشر معه كان عقب ظهوره إلى جانب المتحدث باسم الدعم السريع الفاتح قرشي مطلع الشهر الماضي، غير أن ثمة تواصلا غير مباشر يسعون عبره إلى الاطمئنان على معمر وتأمين احتياجاته.
وأكد المتحدث باسم تحالف السودان التأسيسي -الذي يقوده الدعم السريع- علاء الدين نقد في تصريح للجزيرة مباشر أن الصحفي معمر بـ"أمن وأمان"، وفق تعبيره.
ما مصير الصحفي معمر إبراهيم؟
الناطق باسم تحالف السودان التأسيسي يجيب #الجزيرة_مباشر #السودان #الفاشر pic.twitter.com/JpygwAP36v
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) November 16, 2025
مطالبات بظهور الصحفيوتعليقا على تصريح نقد، دعا الصحفي السوداني مزمل أبو القاسم إلى السماح لزميله معمر بالظهور على شاشة قناة الجزيرة مباشر للتأكد من سلامته، وكتب عبر حسابه على فيسبوك بأن معمر تعرض لإخفاء قسري واحتجاز غير مشروع وإهانة وضرب وتعذيب ظهرت بجلاء في مقاطع فيديو عقب سقوط مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور.
لكنّ الإشاعة حفّزت حالة القلق على سلامة معمر وعدد غير معلوم من الصحفيين المعتقلين والمختفين قسريا في السودان، ورغم نفي الأمر، يبدي نقيب الصحفيين السودانيين عبد المنعم أبو إدريس قلقه بشأن سلامة الصحفي معمر، مطالبا بإطلاق سراحه على الفور.
إعلانويقول أبو إدريس للجزيرة نت "معمر كان يؤدي مهنته كصحفي وهي ليست جريمة حتى يُحتجز بسببها، وما يمرّ به يُعد خرقا للقوانين الدولية والإنسانية"، مناشدا المنظمات المهتمة بحرية الصحافة للتضامن مع معمر وسائر الصحفيين السودانيين في ما يقاسونه من تحديات وتهديدات جراء الحرب.
سي بي جيه: صحة معمر متدهورة ونريد دليلا على حياتهوفي تصريح لها مساء الأربعاء، أعربت لجنة حماية الصحفيين "سي بي جيه" (CPJ) عن قلقها إزاء تقارير تفيد بأن الحالة الصحية للصحفي معمر قد تدهورت بشكل خطير أثناء احتجازه، داعية إلى الإفراج الفوري عنه لتمكينه من تلقي الرعاية اللازمة.
#السودان: "نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي تفيد بأن الحالة الصحية للصحفي السوداني معمر إبراهيم، المحتجز لدى قوات الدعم السريع، قد تدهورت بشكل خطير أثناء احتجازه. إذ أصبح طريح الفراش ويعاني من آلام شديدة، في وقت ترفض فيه قوات الدعم السريع نقله إلى المستشفى أو الإفراج عنه. وتدعو… pic.twitter.com/Sx0zRTfVMq
— CPJ MENA (@CPJMENA) December 10, 2025
وقالت المديرة الإقليمية للّجنة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا سارة القضاة إن معمر أصبح طريح الفراش ويعاني من آلام شديدة، في وقت ترفض فيه قوات الدعم السريع نقله إلى المستشفى أو الإفراج عنه.
لكنْ في اليوم التالي، الخميس، صدر تصريح آخر للّجنة الدولية، يفيد بأنها راسلت قوات الدعم السريع مطالِبة بتقديم أي دليل على أن الصحفي معمر إبراهيم على قيد الحياة، وذلك بعد ورود تقارير تفيد بأنه قُتل أثناء احتجازه، في حين لم تجزم اللجنة بنفي الأخبار المتداولة.
تؤكد لجنة حماية الصحفيين أنها راسلت قوات الدعم السريع مطالِبةً بتقديم أي دليل على أن الصحفي السوداني معمر إبراهيم على قيد الحياة، وذلك بعد ورود تقارير تفيد بأنه قُتل أثناء احتجازه لدى قوات الدعم حيث يقول زملاؤه إنها مزاعم غير مؤكدة حتى الآن." سارة القضاة. pic.twitter.com/HZujvEmIel
— CPJ MENA (@CPJMENA) December 11, 2025
وكانت شبكة الصحفيين السودانيين في الـ18 من الشهر الماضي أعربت عن قلقها البالغ على مصير الصحفي، عقب تصريحات لوزير الصحة في حكومة التأسيس علاء نقد خلال لقاء له عبر قناة الجزيرة، ذكر فيها جملة من التهم الموجهة للصحفي، وقال إنه كان سببا في تأجيج الحرب.
وقالت الشبكة في بيان آنذاك إن "سيل الاتهامات التي أطلقها نقد في حق معمر تجعلنا في قلق شديد من المصير الذي ينتظره".
الصحفي بوصفه مدني بموجب القانون الدولي الإنساني يجب حمايته من أطراف النزاع ويحظر احتجازه أو معاملته بقسوة أو الاعتداء عليه.
ندعو @ICRC للعمل على ضمان سلامة الزميل الصحفي معمر إبراهيم @MUAMMAR_SUD الذي ظهر محتجزا ويعامل بقسوة من قبل عناصر الدعم السريع وفقا للمقطع أدناه. pic.twitter.com/fw1WsD4j1S
— Mojahed Taha (@mojahedashw2k) October 26, 2025
وظهر معمر إبراهيم اليوم الثاني لسيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر 26 أكتوبر/تشرين الأول، في مقطع فيديو صُوّر ليلًا مع مجموعة من المسلحين، وقال فيه إنه حاول الخروج من المدينة، وقد قُبض عليه قبل أن يتمكن من ذلك.
إعلانوفي الرابع من شهر نوفمبر/تشرين الثاني، بثت قوات الدعم السريع مقطعا مصورا ظهر فيه إبراهيم إلى جانب الفاتح قرشي، الذي قال إن الصحفي يواجه تهمة الإساءة لقوات الدعم السريع بسبب استخدامه كلمتي "مليشيا وجنجويد" توصيفا للدعم السريع، معتبرا الوصفين إخلالا بالحيادية المطلوبة لدى الصحفيين.
وقبل نحو أسبوعين، اغتالت قوات الدعم السريع الصحفي تاج السر محمد سليمان، مدير مكتب وكالة السودان للأنباء (سونا) في منزله مع شقيقه بحي الدرجة في مدينة الفاشر.
وأشار وزير الإعلام السوداني خالد الإعيسر في بيان نعيه الصحفي سليمان، إلى أن قوات الدعم السريع اعتقلت عددا من الصحفيين السودانيين العاملين لدى وسائل إعلام مختلفة، ونقلتهم من الفاشر إلى مدينة نيالا في جنوب دارفور غربي السودان.
وناشد الإعيسر المنظمات الدولية المعنية بحماية الصحفيين الاضطلاع بدورها في متابعة الصحفيين المعتقلين والعمل على ضمان سلامتهم.
وغطى إبراهيم أخبار الحرب في دارفور على مدى العامين الماضيين، ويُعدّ من بين الصحفيين القلائل الذين بقوا لتوثيق التطورات في الفاشر رغم الغارات الجوية المستمرة وانقطاع الاتصالات والأزمة الإنسانية الحادة.