تناولت وسائل إعلام إسرائيلية حالة الإحباط المتزايدة لدى الأوساط المختلفة في إسرائيل إزاء تعقيدات المواجهة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حيث أقر محللون ومسؤولون أمنيون سابقون بأن إسرائيل لم تفهم الحركة رغم مرور أكثر من 16 شهرا على الحرب بقطاع غزة، مشيرين إلى أن الرهانات على استسلام حماس ليست سوى أوهام.

وقال ألون بن دافيد، محلل الشؤون العسكرية في القناة 13، إن إسرائيل تتجه نحو تصعيد مدروس يزداد كثافته تدريجيا، لكن الاستخبارات الإسرائيلية لا ترى أي مؤشرات على تغيير في موقف حماس، رغم تصريحات وزير الدفاع يسرائيل كاتس التي تدعي العكس، مضيفا بأن المؤسسة الأمنية تدرك أن التأثير على الحركة لا يزال محدودا.

وفي السياق ذاته، أكد ليئور أكرمان، الضابط السابق في جهاز الشاباك، أن كاتس ربما يروج لهذه الادعاءات لأغراض حزبية، مشيرا إلى أن من يفهم عقيدة حماس يدرك أنها لن ترفع الراية البيضاء تحت أي ظرف.

من جهته، تساءل مذيع قناة "كان 11" عن جدوى العملية البرية في إعادة حماس إلى طاولة المفاوضات، ليجيبه الخبير في الشؤون الفلسطينية روني شاكيد بحدة قائلا: "نحن نتحدث عن إعادة المخطوفين وليس مفاوضات مع حماس"، مضيفا أن إسرائيل وبعد 16 شهرا من القتال لم تستوعب طبيعة الحركة، حيث ما زالت تناقش الأمور داخليا دون إدراك حقيقي لواقع المواجهة.

إعلان غياب رؤية سياسية

أما رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق عاموس يدلين، فشدد على ضرورة تحديد أهداف واضحة للحرب، وهي القضاء على حماس واستعادة الأسرى، لكنه أقر بأن تحقيق ذلك يتطلب إستراتيجية طويلة المدى وليس حلا فوريا، منتقدا غياب رؤية سياسية واضحة لدى القيادة الإسرائيلية بشأن ما بعد الحرب.

من جانبها، أعربت دانا فايس، محللة الشؤون السياسية في القناة 12، عن حيرتها إزاء عدم وضوح الهدف الإسرائيلي من استمرار الحرب، متسائلة: "هل نحن بصدد القضاء على حماس؟ أم فرض حكم عسكري؟ ما هي الخطة للمستقبل؟"، مؤكدة أن هذه الأسئلة لم تجد إجابات حتى الآن.

وفي السياق نفسه، حذر نمرود شيفر، الرئيس السابق لشعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي، من أن إسرائيل ستعود إلى نقطة البداية بعد كل هذه الحرب، لكن بثمن باهظ يشمل ارتفاع عدد القتلى والجرحى وتزايد رفض جنود الاحتياط للخدمة، فضلا عن تقلص فرص استعادة الأسرى أحياء.

أما رونين مانيليس، المتحدث السابق باسم الجيش الإسرائيلي، فأكد أن إسرائيل تراهن على أن الضغط المستمر سيدفع حماس إلى تقديم تنازلات، لكنه أقر بأن هذه الإستراتيجية لم تحقق أي نجاح منذ 16 شهرا، إذ لم تتمكن إسرائيل من القضاء على الحركة أو إجبارها على تغيير مواقفها.

من جانبه، سلط الصحفي مناحيم هوروفيتش من القناة 12 الضوء على قدرة حماس على شن هجمات رغم العمليات العسكرية المكثفة، مشيرا إلى أن إطلاق الصواريخ من غزة وتهديدات الحوثيين في البحر الأحمر أديا إلى إدخال ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ، مما يعكس فشل الرهان على تفكيك قدرات الحركة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان أن إسرائیل

إقرأ أيضاً:

إلى أين يتجه الصراع بين إسرائيل وغزة؟ محررون بواشنطن بوست يجيبون

في حوار سياسي وفكري معمّق، ناقش 3 من كتّاب صحيفة واشنطن بوست البارزين، وهم دامير ماروشيك، وماكس بوت، وشادي حميد، مآلات الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، وأسباب تعثر وقف إطلاق النار، وخيارات الخروج المتاحة من صراع بات يحمل طابع العبث والمأساة الطويلة.

واستهلت الصحيفة الأميركية تقريرها الذي تناول تفاصيل ما دار في الحوار بين الكُتّاب بالقول إن الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا تُظهر أي مؤشرات على قرب نهايتها، في وقت تؤكد فيه تقارير دولية حدوث مجاعة على نطاق واسع في القطاع المحاصر.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ليبراسيون: هذه حكاية محتال انتحل صفة وزير دفاع دولة نووية وسرق الملايينlist 2 of 2كاتب إيطالي: لماذا محادثات روسيا وأوكرانيا ليست مفاوضات حقيقية؟end of list

وأضافت أن تلك التقارير دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إصدار أمر بوقف القتال مؤقتا في بعض المناطق لإفساح المجال لوصول المساعدات.

لكن المتحاورين الثلاثة يرون أن هذا التراجع من قبل نتنياهو لا ينطوي على نية إسرائيلية حقيقة لإنهاء الحرب، بل يعكس محاولة للتهدئة أمام ضغط دولي متصاعد.

انهيار المسار السياسي وتفاقم الكارثة الإنسانية

ويؤكد شادي حميد -الذي يعمل أيضا أستاذا باحثا في الدراسات الإسلامية في كلية فولر اللاهوتية بولاية كاليفورنيا- أن دوافع استمرار الحرب لم تعد عسكرية، بل سياسية بحتة، حيث يقاتل نتنياهو من أجل بقائه في السلطة وحتى لا يفقد دعم حلفائه في اليمين المتطرف.

وينتقد حميد الدور الأميركي، معتبرا أن واشنطن -رغم امتلاكها النفوذ الأكبر على إسرائيل- ترفض استخدامه بفعالية. ويرى أن تعليق الرئيس دونالد ترامب على صور الأطفال الجائعين كان لافتا، لكن التعويل على تقلبات مزاجه غير المتوقع ليس إستراتيجية جادة.

لكن ماكس بوت -وهو زميل أول في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي- يقول إنه لا يشعر بالتفاؤل إزاء الصراع لأن ديناميكياته الجوهرية لم تتغير، ذلك أن نتنياهو يعتمد على وزراء متشددين للبقاء في السلطة، وهؤلاء يطالبون باستمرار الحرب في غزة دون رحمة، بغض النظر عن التكلفة البشرية.

إعلان

وأضاف أن معظم الإسرائيليين باتوا مستعدين لإبرام صفقة تنهي الحرب مقابل استعادة الرهائن المتبقين. لكن نتنياهو يرفض ذلك، سعيا وراء "هدف خيالي" يتمثل في القضاء التام على حركة حماس، دون تقديم أي خطة واقعية لما بعد الحرب.

ويُشبّه بوت هذا المسار بسياسات ترامب وأنصاره الجمهوريين في الولايات المتحدة، الذين يتبنون قرارات غير شعبية لترضية قواعدهم الانتخابية. كذلك يفعل نتنياهو، الذي يستمد بقاءه السياسي من دعم قاعدته اليمينية، رغم أن سياساته باتت محل رفض متزايد داخل المجتمع الإسرائيلي.

ويُعقِّب حميد على هذا الحديث بأن المشكلة لم تعد محصورة في الحكومة وحدها، مشيرا إلى نتائج استطلاعات حديثة تُظهر أن غالبية الإسرائيليين اليهود يؤيدون الطرد الجماعي للفلسطينيين من قطاع غزة، مما يعكس تحوّلا أكثر تشددا في الرأي العام.

محتجون في إسرائيل يطالبون بإنهاء الحرب وإطلاق الأسرى لدى حماس (رويترز)هل يستطيع نتنياهو إنهاء الحرب والبقاء في السلطة؟

يتساءل دامير ماروشيك، المحرر المسؤول عن تكليف الصحفيين بتغطيات إخبارية في قسم الآراء بواشنطن بوست، عما إذا كان هناك سيناريو يستطيع نتنياهو من خلاله إنهاء الحرب والبقاء بالسلطة في الوقت ذاته، معربا عن اعتقاده بأن ذلك هو أكثر الطرق ترجيحا لوضع حد للصراع في غزة.

ويرى أن السبيل الواقعي الوحيد لإنهاء الحرب هو أن يجد نتنياهو طريقة تُمكّنه من الحفاظ على موقعه السياسي دون الاعتماد على اليمين المتطرف.

بوت: الحكومة الإسرائيلية الحالية باتت حكومة أقلية بعد انسحاب حزبين دينيين منها، مما قد يفتح الباب أمام تحالف جديد مع الوسط ينهي الحرب دون المساس ببقاء نتنياهو في السلطة

ويلتقط بوت خيط الحوار مشيرا إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية باتت حكومة أقلية بعد انسحاب حزبين دينيين منها، مما قد يفتح الباب أمام تحالف جديد مع الوسط ينهي الحرب دون المساس ببقاء نتنياهو في السلطة.

لا استسلام من حماس.. ولا بديل جاهز

ويتفق المشاركون على أن الرهان على استسلام حماس أمر غير واقعي. فالحركة، كما يقول بوت، ذات طبيعة عقائدية لا تقبل الهزيمة، لكنها أيضا تستمد مشروعيتها من غياب البدائل السياسية، ومن تصاعد مشاعر الظلم والاضطهاد لدى الفلسطينيين.

ويعرض بوت تصورا لحل انتقالي يتمثل في نشر قوة حفظ سلام عربية، وتأسيس صندوق دولي لإعادة الإعمار، ومنح السلطة الفلسطينية دورا محدودا في إدارة قطاع غزة رغم ما تعانيه من ضعف وفساد. وهو حل لا يعد مثاليا، لكنه أفضل من استمرار الفوضى الحالية، من وجهة نظره.

دامير: حماس تبدو وكأنها نابعة من نسيج الحركة الوطنية الفلسطينية، وما تفعله إسرائيل لا يزيدها إلا شرعية بين الفلسطينيين

ومن جانبه، يقول دامير إن حماس تبدو وكأنها نابعة من نسيج الحركة الوطنية الفلسطينية، وما تفعله إسرائيل لا يزيدها إلا شرعية بين الفلسطينيين. ويصفها بوت بأنها قوة كبيرة في غزة، وأن من مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والعالم العربي، أن يعملوا على استحداث بديل لها، خصوصا بعد أن بدأت تفقد الدعم العربي، على حد زعمه.

إبادة جماعية وصمة أخلاقية دائمة

وفي أكثر فقرات الحوار إثارة للجدل، يصف شادي حميد النهج الإسرائيلي تجاه غزة بأنه يقترب من تعريف الإبادة الجماعية، قائلا إن القضاء على حماس كما يُصوَّر إسرائيليا يتطلب قتل كل من له أدنى صلة بالحركة، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون حرب مفتوحة بلا نهاية.

ويأمل حميد أن يدرك مؤيدو إسرائيل في الغرب أن ما يجري يُلحق وصمة أخلاقية دائمة بمشروع الدولة الإسرائيلية، ويطالبهم بإعادة النظر في مواقفهم قبل فوات الأوان.

إعلان

واتفق ماكس بوت مع حميد في هذا الرأي، إلا أنه -وهو المعروف بتأييده لإسرائيل- يعبّر عن "اشمئزازه" من أفعال دولة الاحتلال في غزة حاليا، معتبرا أنها تجاوزت حدود الأخلاق والقانون الدولي.

ويختم ماروشيك الحوار بنبرة واقعية، قائلا: "أكره أن أُنهي الحديث بهذا الشكل، لكنه يبدو مناسبا، فلا جدوى من اصطناع أمل أكبر مما تسمح به الوقائع "المأساوية" القائمة، فالمسار للخروج واضح منذ زمن، ولنأمل في أن يُسلك قريبا".

مقالات مشابهة

  • إعلام إسرائيلي: نتنياهو سيحدد مهلة لاتفاق قبل البدء في ضم مناطق بغزة
  • إعلام عبري: إسرائيل تمنح الوسطاء فرصة أخيرة لاتفاق في غزة
  • إلى أين يتجه الصراع بين إسرائيل وغزة؟ محررون بواشنطن بوست يجيبون
  • رئيس شعبة العمليات السابق في جيش الاحتلال: العالم يتوحد ضد “إسرائيل” وذاهبون لفشل مطلق
  • إعلام إسرائيلي: جندي أميركي مستقيل يفضح تفاصيل استهداف المجوعين في غزة
  • سيناتور أميركي: إسرائيل ستفعل في غزة ما فعلناه في طوكيو وبرلين
  • سيناتور أميركي: إسرائيل ستفعل في غزة ما فعلناه في طوكيو
  • إعلام إسرائيلي: 18500 جريح من الجيش والأمن منذ بدء حرب غزة
  • إعلام إسرائيلي: حرب غزة أوقفت ميناء إيلات وأضرت بالبحث العلمي
  • كاتب إسرائيلي: السنوار قد يهزم إسرائيل حتى من قبره ويجرنا للهزيمة